بازگشت

مصرع في سبيل الواجب


وازن الحسين (ع) بين الرغبة في البقاء، و بين الواجب، فرأي الطريق الواجب افسح الطريقين و ارضاهما عند الله و الناس...

و اشرف الي الأفق البعيد، فرأي العهد الزاهر يأخذ بالتلاشي والانحدار شيئا بعد شي ء ليفسح المجال لدنيا جديدة و حياة جديدة، و لم يبق سواه رمزا للماضي المثالي الاقدس فزاده استعارا...

هم قلة المؤمنون بقضيته، و لكن القلة المؤمنة التي تجاهد لله و في سبيله كثرة، و صوت الحق في معترك الباطل ارفع الصوتين...

اطل من علياء مكة التي هي رمز السماء في الارض و ينبوع المثل في الاسلام، الي الحياة [1] .



الجديدة التي تجيش فيها الشهوات، في زبعة يدير


رحاها داعية في الجانب الآخر الذي لا تطلع فيه الشمس، فرأي اكفهرارا و رأي تجهما استفزاه...

مشي الي الفوز او الي الموت، و الموت نصر صلبي في الجهاد، فن جاهد و مات فقد طرح اهاب الارض ليلبس حلة السماء حلة الخلود الضافية...

سار بقلته المؤمنة، و ثبت في معركة الحق و الباطل. و جعل بين ناظريه برهان ريه: «و قاتلوهم حتي لا تكون فتنة و يكون الدين كله لله».

و الفتنة في الآية ليست بمعني الاختلاف و التنازع، بل بمعني شيوع الفساد و الفسوق، فخروج الحسين (ع) ليس فتنة - كما اتهموا - بل لمكافحة الفتنة، فاية محاولة و ثورة علي الفساد في سبيل ان يكون الدين كله لله، نحن مأمورون بها، فالحسين بخروجه لم يجاوز برهان ربه...

سقط الامام صريعا بعد كفاح [2] رهيب، و بعد ان ارسل كلمة الحق في العراء، هذه الكلمة التي طوفت بالهياكل و عادت بنشيد الشهداء...

دم جري في التراب، لينبت أشواكا في طريق الظلم و الظالمين...

روح تحامله الهواء، ليظل اسباحا مرعبة و طيوفا بغيضة في أعين المعتدين...

وأنات زاهقة احتواها الغيب، ليرسلها وقرا في آذان المستبدين...

و ز فرات طويلة رعاها الليل، ليبعث بها جاجلة كصلصلة الاجراس يفجأ بها المستقوين...


و عيون ظلت مفتوحة، تسجل الخيانة في وجوه الخائنين...

و لحاظ ازورت جاحظة، لتبقي في هيكل العدل نكراء تطالع بها الغاوين...

و دموع اعتصرها الحق من التراب، ليرسلها سموما تلفح وجوه المنكلين...

و انفاس احتاطتها يد السماء، لتذكيها نارا تشوي بها جسوم المستخفين...



لا يغرنك يد ظالمة

ان للعدل وراء الظلم يد



استفاق الحسين (ع) علي صوت الضحايا في جوف الليل البهيم.

و أهاب به نداء الدم المطلول في منعرجات الاديم...

و أنشطه انطلاق الظلم و الباطل علي مثل انطلاق الظليم...

و مضي وحده يجاهد امة جمعها العدوان، و كذلك تكون ذاتية العظيم...

فسلام عليه يوم يموت و يوم يبعث حيا.

علمنا الحسين (ع) كيف نعتنق المبادي ء و كيف تحرسها.

و علمنا كيف نقدس العقيدة و كيف ندافع عنها...

و علمنا كيف نموت كما علمنا كيف نحن كراما بها...

و رسم طريق الخلود الادبي و القومي من طريقها...

سلام عليه يوم يموت و يوم يبعث حيا...


رسم الحسين (ع) خطته في كلمات خالدات، ستدور مع الفلك ثم تنتشر فيه لتبقي خطة الابطال المخلصين.

هيهات من الذلة، يأبي الله ذلك و رسوله و المؤمنون، و حجور طابت و بطون طهرت و انوف حميه و نفوس أبيه...

الا ترون ان الحق لا يعمل به، و الباطل لا يتناهي عنه. فلا أري الموت الاسعادة، و الحياة مع الظالمين الا برما...

فسلام عليه يوم يموت و يوم يبعث حيا.

تم



پاورقي

[1] تشبه هذه الحياة صورة رمزية عن (الحياة من ربي الخلد) في

روايتنا الرمزية الشعرية (رحلة الي الخلد):



ظلمة مادت و غشت ظلمة

بين موجيها شقاء الأبرياء



طغت الموجة تحدو أختها

في ظلام الدجن والدخ کساء



يطلع الشيطان من ءقطارها

نافثا في طيها کل بلاء



و تري الجنة فيها مرحا

مسرح الجنة أصداء الحواء



مرد جازوا علي أسوارها

شدق کل کخليج من دماء



يزفر المارد منهم زفرة

کهزيم الرعد في الأرض العراء



شرر النار علي أفواههم

قمة البرکان عند الصعداء



جمعت خبثا و لؤما و رياء

و قصاري کل ما فيها جفاء.

[2] ما ذهبت أصور المصرع الا فاض قلبي حسرات=

و ذهبت نفسي شعاعا و لعلي فاعل في کتاب مستقل.