بازگشت

رجم للشياطين


قال علي جلال الحسيني في كتابه الموسوم بالحسين الفه بالقاهره و فرغ من


تاليفه في يوم عاشورا من سنه 1345 و طبع بمصر ايضا و نسخته موجوده عندنا، و الظاهر ان مقصوده من تاليف الكتاب ليس الا تنزيه يزيد، و تطهيره من دم الحسين عليه السلام، و تصغير قصه الطف و تحقيرها، و تكذيب جل الاحاديث الوارده في البكاء عليه و اقامه العزاء، و تكذيب جل ما ورد عند شهادته عليه السلام من الاثار، و غير ذلك مما سياتي بعضها، و تبع في ذلك سقيفه ابن تيميه و صديقه الاخر ابن كثير في البدايه و النهايه و اخيه الاخر الغزالي في مكاشفه القلوب و غيرهم.

قال علي جلال الحسيني في ص 79 من كتابه في عنوان «الوقائع غير الصحيحه و الغلو و الاعاجيب». قال: ذكر بعض المورخين وقائع تثبت التالم لحدث؟ و اخطا بعضهم في وصف ما هو في الاصل صحيح. الي ان قال: و غلا شسيعه الحسين عليه السلام فوضعوا في اخبار مقتله احاديث و اعاجيب تبهر العقول لااصل لها يحسبون انهم يحسنون صنعا.

قال: و مما وضعته غلاتهم كثره الجيوش الوارده بكربلاء لمحاربه الحسين، قال ابن الصباغ في الفصول المهمه: و جند اليه العسار عشرين الف مقاتل، و في اللهوف عشرين الف فارس، و في عمده الطالب: لقيه الحر في الف فارس، فلما صار الي كربلا منعوه من السير و ارسلوا ثلاثين الفا عليهم عمر بن سعد بن ابي وقاص.

و قال الاسفرايني: ان جمله من ارسله ابن زياد لقتال الحسين اربعو الف فارس. و ذكر ان جواده الميمون كان يكظم بفمه علي الفارس فيقتله، و ان عمر بن سعد امر بحصر من قتل منهم في تلك المعركه فبلغوا ثلاثين الف فارس و راجل.

و قال ابومخنف: فورد علي الامام الطاهر جيش عدته خمسون الف فارس و راجل، و روي ان الحسين (لم يزل) يقاتل حتي قتل الف رجل و تسعمائه


و خمسين سوي المجروحين.

ثم قال: و الحق ان ابن زياد لم يرسل عشرين الف فارس و راجل، و لا اربعين الف فارس و راجل، و لم يقتل من اخصام الحسين الف و لا مائه، و لا نعرف للحسين جوادا اسمه ميمون، و لا كان الحسين في حاجه الي معاونه جواده برجله او ذنبه.و قد مر ان اكثر رواه ما ذكره من اعاظم العامه و كبرائهم و لا نعيد.

و لقد سلك في هذا المسلك من قال: ان عده اصحاب عمر بن سعد اربعمائه و المقتول منهم ثمانون و المقتول من اصحاب الحسين اثنان و سبعون. فما ذكره كذب واضح و غلط فاحش يظهر من مراجعه كتبهم و احاديثهم و تواريخهم، و ليس مقصودهم في ذلك الا تحقير قضيه الطف، و قد اثبتت تواريخهم و احاديثهم باكثر مما روي اصحابنا في كتبهم و احاديثهم، و قد مر شطر من ذلك. فراجع.

و قد ذكر علي جلال في كتابه في طي كلماته ما يكذبه، قال بعد ورقتين من كتابه: روي ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغه انه قبل لرجل شهد يوم الطف مع عمر بن سعد: ويحك اقتلتم ذريه رسول الله صلي الله عليه و آله؟ قال: عضضت بالجندل. انك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا، ثارت علينا عصابه ايديها في مقابض سيوفها كالاسود الضاريه تحطم الفرسان يمينا و شمالا و تلقي انفسها علي الموت، لا تقبل الامان و لا ترغب في المال و لا يحول حائل بينها و بين الورود علي حياض المنيه او الاستيلاء في الملك، فلو كففنا عنها رويدا لاتت علي نفوس العسكر بحذافره. فما كنا فاعلين لا ام لك. انتهي. [1] .

قال علي جلال الحسيني: و اما ما زعموه من الاعاجيب و خوارق العاده


فكثير، روي ابن جرير الطبري في تاريخ الامم و الملوك انه لما قتل الحسين عليه السلام و سرح عمر بن سعد براسه مع خولي بن يزيد اقبل به خولي فاراد القصر فوجد بابه مغلقا، فاتي به منزله فوضعه تحت اجانه في منزله، و غضبت امراه خولي لما اخبرها بانه جاء براس الحسين و تركته و قامت عن فراشها، قالت: فما زلت انظر الي نور ساطع مثل العمود يسطع من السماء الي الاجانه، و رايت طيرا بيضاء ترفرف حولها. [2] .

و عن محمد بن سيرين: لم تر هذه الحمره في السماء الا بعد قتل الحسين عليه السلام.

و روي المقريزي قال السري: لما قتل الحسين بن علي بكت السماء و بكاوها حمرتها.

و عن علي بن مسهر قال: حدثتني جدتي قالت: كنت ايام الحسين جاريه شابه فكانت السماء اياما كانها علقه.

و عن الزهري: بلغني انه لم يقلب حجر من احجار بيت المقدس يوم قتل الحسين الا وجد تحته دم عبيط. و يقال: ان الدنيا اظلمت يوم قتل الحسين ثلاثا. و روي ان السماء امطرت دما.

الي ان قال: لما خرج الحسين قاصدا الي الكوفه اتته افواج من الملائكه لينصروه، فقال لهم الحسين عليه السلام: لا حاجه لي بكم فانصرفوا، ثم اتته طائفه من مومني الجن و قالوا: يا اباعبدالله نحن من شيعتك و انصارك فلو امرتنا نقمع كل عدو لك و انت مكانك. فقال لهم: جزيتم خيرا، فلم ياذن لهم.

الي ان قال بعد ذكر قتله: زلزلت الارض، و اظلم المشرق و المغرب، و اخذ


الناس الصواعق، ثم نادي مناد: قد قتل الامام ابن الامام.

الي ان قال: في يناييع الموده عن كتاب جمع الفوائد عن ابي قيل: لما قتل الحسين انكسفت الشمس حتي بدت الكواكب.

و عن كتاب الصواعق عن سفيان: ان رجلا انقلب ورسه دما، و انهم نحروا ناقه فكانوا يرون في لحمها مثل الفيران. فطبخوها فصارت كالعقلم، و انكسفت الشمس حتي بدت الكواكب نصف النهار، و لم يرفع حجر الا روي تحته دم عبيط.

قال: و روي الحافظ ابن عساكر في التاريخ اقوالا كثيره من هذا المعني. فنقل عنه مثل ما في الصواعق. ثم قال: و من هذا القبيل ما رواه سبط ابن الجوزي في تذكره الخواص- فذكر مثل ما ذكره الحافظ ثم قال: و من ذلك ما رواه عبدالوهاب الشعراني في الطبقات، و روي انه لما قتل الحسين عليه السلام و اجتزوا راسه و قعدوا في اول مرحله يشربون الخمر، فخرج عليهم قلم من حديد من حائط فكتب:



اترجو امه قتلت حسينا

شفاعه جده يوم الحساب



و منه ما رواه في العقد الفريد عن يسار قال: انتهب عسكر الحسين فوجد فيه طيب فما تطيبت به امراه الا برصت.

قال: و ذكر البارري عن المنصور بن عمار انه راي رجلا بالشام و وجهه وجه خنزير. فساله فقال: انه حضر مع من قتل الحسين.

ثم نقل عن الزهري و عن ابن عساكر في تاريخه سماع ام سلمه نوح الجن.

الي ان قال: و قال ابن تيميه في منهاج السنه النبويه: كان كثير ممن قتل الحسين او اكثرهم يكرهون قتله و يرونه ذنبا عظيما، لكن قتلوه لغرضهم كما يقتل الناس بعضهم بعضا علي الملك.


و بهذا و غيره يتبين ان كثيرا مما روي في ذلك كذب، مثل كون السماء امطرت دما، فان هذا ما وقع قط في قتل احد، و مثل كون الحمره ظهرت في السماء يوم قتل الحسين و لم تظهر قبل ذلك، فان هذا من الترهات، فما رايت هذه الحمره تظهر و لها سبب طبيعي من جهه الشمس فهو بمنزله الشفق، و كذلك قول القائل انه ما رفع حجر في الدنيا الا و تحته دم عبيط، هو ايضا كذب بين.

قال ابن كثير في البدايه و النهايه: و لقد بالغ الشيعه في يوم عاشورا و وضعوا احاديث كثيره و كذبا فاحشا من كون الشمس كسفت. الي ان قال ابن كثير: و روي ابن لهيعه عن ابي قبيل العامري: ان الشمس كسفت، و ان راس الحسين لما ادخلوه قصر الاماره جعلت الحيطان تتسايل دما. الي ان قال: الي غير ذلك من الاحاديث الموضوعه التي لم يقع منها شي ء. انتهي ما ذكره علي جلال في كتاب الحسين ملخصا.

(اقول): قد عرفت مما ذكرنا ان الروايات الوارده في المقام تبلغ اربعين روايه اكثرها بل كلها عن كتبهم و تواريخهم رووها عن محدثيهم و موسسي مذهبهم و كلهم عدول و ثقات عندهم، و قد اخذوا عمده ما في مذهبهم و الاحكام و القضاء بل و قضائل الخلفاء بل اساس مذهبهم عن هولاء الاساطين، مثل البخاري و مسلم و الثعلبي و الترمذي و الخوارزمي و ابن حجر و جلال الدين السيوطي و اضراب هولاء ممن اخذوا عنه، بل قلما يوجد في احكامهم الفقهيه و فضائلهم و ما به اساس دينهم عن روايه خلت عن هولاء الرواه، بل و لم يكن في حكم من احكامهم الفقهيه او فضيله من الفضائل الذوقيه روايه واحده او اثنتين او ثلاث، فقد عرفت في الروايات التي وردت في المقام عنهم انها تبلغ اربعين روايه و ازيد، بل جمله مما رواه اصحابنا الاماميه ينتهي سنده اليهم ايضا.


و علي هذا فكيف يجتري ء احد ان ينسب الي هولاء الموثقين الكذب و الافتراء و الجعل، خصوصا فيما لا يرجع الي مذهبهم نفيا او اثباتا، فلو جوزنا او احتملنا لهولاء الاجله الكذب او الجعل لما بقي عود و لا عمود. ضروره انه ينبغي ان يقول: كل ما ورد عنهم من الاحاديث- و لو في كتبهم- كذب و افتراء، فبهذا ينهدم اساس دينهم و مذهبهم، و ليس لهم ان يقولوا: ان هذا كذب و ذلك صدق كما لا يخفي.

و ليت شعري ما المراد بقوله غلاه الشيعه و لم يرد من محدثي الشيعه حديثا في الباب، فهل المراد بغلاه الشيعه مسلم و البخاري او الثعلبي او الزهري او السيوطي او ابن حجر العسقلاني.

نعم، من اعمي قلبه اعمي بصره، فكانه لم يرجع الي التاريخ و الاحاديث، بل و لم يرجع في تاليفه الي هذا الكتاب الذي الفه بنفسه، فان فيه موارد يناقض ما ذكره هنا تركناها روما للاختصار.

و اعجب من ذلك انهم يقبلون من رجل مجهول امثال ذلك من العرفاء و الصوفيه و الدراويش و كتبهم مشحونه بذلك، و قد نقلوا بعض الكرامات و خوارق العادات عن الحلاج و الجنيد و ابن العربي و غير ذلك، فتلقوها بالقبول و لم ينسبوا ناقلها الي الكذب و الافتراء.

هذا، مع ان هذه الامور لو كانت كذبا لم تزد علي مذهبهم شيئا كما لا تنقص عن مذهب الشيعي شيئا.

و اما ما ذكره ابن تيميه في منهاج السنه من قوله: انهم انما قتلوه لغرضهم كما يقتل الناس بعضهم بعضا و بهذا يتبين ان كثيرا مما روي في ذلك كذب. هذا صريح بانه لو كان قتله لغرض ديني يمكن تصديق ما رووه، و قد مر في محله ان قتله عليه


السلام كان لغرض ديني، و به صرح جل المورخين و المحدثين من العامه و الخاصه، حتي ان علي جلال صرح بوجوب النهضه علي الحسين عليه السلام لصيانه الدين و كذا غيره علي ما مر.

نعم لا نضابق ان نقول: ان بعض من حضر بالطف كان غرضه الدنيا، و هذا لا ينافي كون غرضه عليه السلام الدين و انه قتل للدين.

و اما قوله: ان امطار السماء بالدم كذب، فانه ما وقع قط في قتل احد. ففيه: ان مثل هذا البرهان لم يصدر من اصاغر الطلبه فضلا من افاضلهم، فنقول: اولا انه لصدق ذلك و ان لم ينقل في قتل احد و انه قد وقع في قتل سيد شباب اهل الجنه و ريحانته. و ثانيا انه قد دل التاريخ و الحديث علي وقوع مثل ذلك في قتل يحيي بن زكريا كما مر، و قد عن جلال الدين السيوطي في عقود الجمان ان الشمس قد كسفت في يوم موت النبي صلي الله عليه و آله.

و اما قوله: فما زالت هذه الحمره تظهر و لها سبب طبيعي من جهه الشمس فهي بمنزله الشفق. ففيه مع انه اخص من المدعي: اولا ان المراد ازدياد الحمره كما ياتي بيانه في ترجمه الرضيع و قاله في البحار ايضا.

و ثانيا: لا نسلم ان لها سببا طبيعيا، و قد صرح الفخر الرازي في تفسيره ان كل ما في الفلكيات و السماوات من الخسوف و الكسوف او الشعاع و الحمره و تناثر النجوم و القوس و الشهب و امثال ذلك ليست من الامور الطبيعيه كما زعمه الفلاسفه و الحكماء و الرياضيون و المنجمون، بل انما هي باقدار الله تعالي و قدرته، و ما ذكروه تخرص و رجم بالغيب و براهينهم مدخوله.

و قد مر عن عقود الجمان للسيوطي انه قد قالوا لا تنكسف الشمس الا في الثامن و العشرين للمقارنه التي يزعمونها قاتلهم الله، فكسفت في يوم موت النبي صلي


الله عليه و اله.

هذا، مع ان جل الحكماء و العلماء تلقوها بالقبول و لم ينكر احد، بل صرحوا- كما في جل الروايات- انه لم تكن هذه الحمره قبل قتل الحسين عليه السلام. و علي ابن تيميه اثبات ان هذه الحمره من الامور الطبيعيه الفلكيه و انها كانت قبل قتل الحسين، و اني له و لامثاله بالاثبات. مع ان جمله من الامور الفلكيه لم تكن فكانت، كرد الشمس و انشقاق القمر و ذلك، فليكن هذا ايضا منه.نعم الانكار لا مونه له، فقد انكروا ما هو اوضح من هذا، كرد الشمس الذي نطق بوقوعه القرآن، فانكروه بهذه الشبهات الواهيه، و الله يهدي من يشاء الي سواء السبيل.



پاورقي

[1] انظر شرح نهج‏البلاغه 261:3.

[2] انظر تاريخ الطبري 455:5.