بازگشت

ماجريات يوم عاشوراء


(في يوم عاشوراء الي حين قتله)

قد مر ان في كتب المقاتل سيما في كتب المتاخرين سيما في الكتب فارسيه، امورا و وقائع ذكروها في يوم عاشوراء و لم يكن لها سند و لم تذكر في الكتب المعتمده، اعرضنا عنها لعدم الاعتداد بنقلها و لا الاعتماد بناقلها، و الذي ذكرنا هنا مما نعتمد بنقله و ناقله، و قد استخرجناه من الكتب المعتمده و التواريخ المعتبره.

و الكلام في لفظ «عاشوراء» و انه في اي شهر من شهور السنه، و اي يوم من ايام الاسبوع، و اي ساعه شرع في الحرب و اي ساعه قتل الحسين عليه السلام ياتي في ضمن فوائد.

و الكلام في لفظ «عاشوراء» و انه في اي شهر من شهور السنه، و اي يوم من ايام الاسبوع، و اي ساعه شرع في الحرب و اي ساعه قتل الحسين عليه السلام ياتي في ضمن فوائد.

و الكلام هنا فيما جري علي شخصه عليه السلام يوم عاشوراء، و سنذكر فيما بعد ما يتعلق بالاصحاب و الانصار و مقاتلهم رضوان الله عليهم.

في جل من الكتب و المقاتل و التواريخ: انه عليه السلام لما اصبح صلي باصحابه صلاه الفجر و رفع يديه و قال ما رواه ابومخنف عن بعض اصحابه، عن ابي خالد الكاهلي، و رواه الشيخ في الارشاد عن علي بن الحسين عليه السلام [1] : اللهم انت


ثقتي في كل كرب، و رجائي في كل شده، و انت لي في كل امر نزل بي ثقه و عده، كم من هم يضعف فيه الفواد، و تقل فيه الحيله، و يخذل فيه الصديق، و يشمت فيه العدو، و انزلته بك و شكوته اليك رغبه مني اليك عمن سواك، ففرجته و كشفته، فانت ولي كل نعمه و صاحب كل حسنه و منتهي كل رغبه.

(بيان):

الظاهر بل المصرح به في بعض الكتب ان الدعاء دعا به بعد صلاه الصبح رافعا يديه الي السماء.

و في الاقبال فيه زياده بعد قوله «و منتهي كل رغبه»: فلك الحمد كثيرا، و لك المن فاضلا، اللهم صل علي محمد و آل محمد، و سهل لي محنتي، و يسر لي ارادتي، و بلغني امنيتي و اوصلني الي بغيتي سريعا عاجلا، و اقض عني ديني يا ارحم الراحمين. [2]

ذكر هذه الزياده في ادعيه يوم عاشوراء، و الظاهر انها من زياداته كما هو دابه رضوان الله عليه، و ليس في النسخ و كتب المتقدمين لهذه الزياده عين و لا اثر. نعم في بعض النسخ «كم من هم» بدل «من كرب»، و في بعضها «يشمت به العدو» بدل «فيه»، و في بعضها «رغبه فيه» بدل «مني»، و في بعضها «ففرجته و كشفته» بدون لفظ «مني» و كفيته».

ثم الظاهر ان هذا الدعاء لا يختص بيوم عاشوراء، بل يقرا في كل زمان و مكان. ثم دعا عليه السلام بدعاء، و هو- علي ما رواه الكفعمي- آخر دعاء دعا به الحسين يوم الطف، و رواه الشيخ في المصباح و السيد في الاقبال في ادعيه يوم
الثالث من شعبان و قالا [3] :

ثم تدعو بدعاء الحسين عليه السلام و هو آخر دعاء دعا به في يوم الكوثر: اللهم انت عالي المكان، عظيم الجبروت، شديد المحال، عني عن الخلائق، عريض الكبرياء، قادر علي ما تشاء، قريب الرحمه، صادق الوعد، سابغ النعمه، و حسن البلاء، قريب اذا دعيت، محيط بما خلقت، قابل التوبه لمن تاب اليك، قادر علي ما اردت، مدرك ما طلبت و شكور اذا شكرت و ذاكر اذا ذكرت، ادعوك محتاجا و ارغب اليك فقيرا، و افزع اليك خائفا، و ابكي اليك مكروبا، و استعين بك ضعيفا. و اتوكل عليك كافيا، احكم بينا و بين قومنا فانهم غرونا و خذولنا و غدروا بنا و قتلونا، و نحن عتره نبيك و ولد حبيبك محمد بن عبدالله، الذي اصطفيته بالرساله و اتمنته علي وحيك، فاجعل لنا من امرنا فرجا و مخرجا، برحمتك يا ارحم الراحمين.

(بيان):

في حاشيه الاقبال: الظاهر انا اذا دعونا بهذا الدعا فلندعو بدل «فانهم غرونا»: غروا مولانا و خذوله و غدوره، و نحن شيعه عتره نبيك. او يترك الداعي هذه الفقرات و يقول بعد قوله «عليك كافيا»: فاجعل لنا من امرنا. الي آخر الدعاء.

و هذا وجه وجيه الا انه خلاف ظاهر ما ذكروه و اثبتوه، و له نظائر في الادعيه و الزيارات. و قد صححوه بوجوه اخر ليس هذا موضع ذكرها. و الظاهر انهم ارادوا بدعاء ما انشاه عليه السلام لا باشناء ما دعا به. فتدبر فانه دقيق.

ثم الظاهر ان هذا الدعاء ايضا لا يختص بوقت دون وقت، بل يدعي به في كل


زمان و مكان، و اختصاصه بيوم الثالث من شعبان لا وجه له بل بيوم عاشوراء انسب. و انما ذكروه في الثالث من شعبان لما روي عن ابن عياش قال: سمعت الحسين بن علي بن سفيان البزوفري ان اباعبدالله عليه السلام يدعو به في هذا اليوم، و قال: هو من ادعيه يوم الثالث من شعبان و هو مولد الحسين عليه السلام. [4] و لم يظهر منه اختصاصه به.

و لا ينافي ما ذكرنا من انه آخر دعاء دعا عليه السلام به في صبيحه يوم عاشوراء ما رواه الراوندي في كتاب الدعوات عن زين العابدين عليه السلام قال [5] : ضمني والدي الي صدره يوم قتل و الدماء تغلي و هو يقول: يا بني احفظ عني دعاء علمتنيه فاطمه عليهاالسلام و علمها رسول الله صلي الله عليه و آله و علمه جبرئيل في الحاجه و المهم و الهم و الغم و النازله اذا نزلت و الامر العظيم الفادح- لانه تعلم للدعاء و هو غير الدعاء- قال: ادع بحق يس و القرآن الحكيم، و بحق طه و القرآن العظيم، يا من يقدر علي حوائج السائلين، يا من يعلم ما في الضمير، يا منفس عن المكروبين، يا مفرج عن المغمومين، يا راحم الشيخ الكبير، يا رازق الطفل الصغير، يا من لا يحتاج الي الي التفسير، صلي علي محمد و آله و افعل بي كذا و كذا. [6] .

ثم قال عليه السلام لاصحابه علي ما رواه في اللهوف و غيره: ان الناس عبيد الدنيا و الدين لعق علي السنتهم، يحوطون به ما درت به معايشهم، فاذا محصوا بالبلاء قل الديانون. [7] .


(بيان):

ذكر جمع هذا الكلام مخاطبا لاصحابه عليه السلام في ليله عاشوراء، و في جمله من الكتب ذكروها في صبيحه يوم عاشوراء، و ظني انها ليست خطبه مستقله، و لهذا لم نذكرها في باب الخطب، و انما هي اما قطعه من خطبه الليل او جزء من خطب اليوم.

قوله «لعق» بفتح اللام و سكون العين مصدر لعق من باب سمع اي اللحس، من لعقت الشي ء بالكسر العقه لعقا اي لحسته، يتعدي الي التالي بالهمزه. و منه لعق الاصابع- قاله في المجمع و القاموس و غيرهما.

و قد يقرا بكسر العين ككتف، و هو غلط واضح، لان اللعق بالكسر بمعني الحرص علي ما صرح به في القاموس، و هو لا يناسب المقام.

و في المجمع من كلام علي عليه السلام في امور الخلافه و تاخرها عنه «و هل هي الا كلعقه الاكل و مذقه الشارب». قال بعض الشارحين: اللعقه بالضم اسم لما تاخذه الملعقه، استعاره للاقرار بالدين باللسان، و كني به عن ضعفه و قتله.

قوله «ما درت به» في المجمع: و في الدعاء «اجعل رزقي دارا» اي يتجدد شيئا فشيئا، من قولهم «در اللبن» اذا زاد و كثر جريانه.

قوله «محصوا» من التمحيص، و هو الاختبار و الامتحان. و في الجمع: في الحديث «لا بد للناس ان يمحصوا و يغربلوا» اي يبلوا و يختبروا ليعرف جيدهم من رديئهم. و في حديث علي عليه السلام و ذكر فتنه فقال: يمحص الناس فيها تمحيص ذهب المعدن من التراب، اي يختبرون فيها كما يختبر الذهب ليعرف الجيد من الردي ء، من التمحيص و هو الابتلاء و الاختبار.

قوله «الديانون» جمع الديان، و هو صيغه نسب، اي ذي دين كظلام في قوله


تعالي (و ما ربك بظلام للعبيد) [8] اي ذي ظلم، اذ لا وجه لكونه جمع ظالم، و لا معني لكونه صيغه مبالغه، اذ النفي بنفي القيد و هو الكثره، و هو غلط هنا. فتدبر.

ثم قال عليه السلام لاصحابه- علي ما ذكر في جمله من الكتب المعتبره و التواريخ المعتمده: اشهد انه قد اذن في قتلكم يا قوم فاتقوا الله و اصبروا. و في روايه: ان الله قد اذن في قتلكم فعليكم بالصبر، و في نسخه: في قتلي و قتلكم.

(بيان):

قوله «قد اذن لكم» الاذن هنا بمعني العلم و الاراده، لان صفاته جلت عظمته ترجع اليها، بل الي العلم فقط.

قال في مجمع البيان في قوله تعالي (و ما هم بضارين من احد الا باذن الله) [9] اي بعلمه [10] . و كذا في نظائره. و لتتميم الكلام في بيان المقام محل آخر.

و في جمله من الكتب: انه عليه السلام قال لاصحابه بعد قوله هذا: اعملوا انه لا ينجي احد منكم الا ولدي علي.

قال الشيخ و ابن نما و السيد و الطبري عن ابي مخنف و البحار و سائر المقاتل: و عبا الحسين عليه السلام اصحابه بعد صلاه الغداه، فجعل في ميمنه اصحابه زهير بن القين و في ميسره اصحابه حبيب بن مظاهر. و اعطي رايته العباس بن علي اخاه، و جعلوا البيوت في ظهورهم. [11] .

و في بعض التواريخ: ان مع زهير عشرون و مع حبيب عشرون.


و سياتي ذكر عدد اصحابه عليه السلام و الاختلاف فيه، كما ياتي عن الدينوري ان العباس ام راخوته ان يقدموا الحسين و التزموا به و يدورون منه حيثما دار، فكانوا حافظين له عليه السلام من جوانبه [12]

و في القمقام: و عند ذلك نودي من بطنان العرش: يا خيل الله اركبي. و في بعض الكتب: و ابشري بالجنه.

روي القطب الراوندي في الخرائج [13] عن ابي جعفر عليه السلام: قال: قال الحسين بن علي عليه السلام لاصحابه قبل ان يقتل: ان رسول الله صلي الله عليه و آله قال: يا بني انك ستساق الي العراق، و هي ارض قد التقي بها النبيون و اوصياء النبيين، و هي ارض تدعي عمورا، و انك تستشهد بها و يستشهد معك جماعه من اصحابك بك لا يجدون الم مس الحديد، و تلا (قلنا يا نار كوني بردا و سلاما علي ابراهيم) [14] يكون الحرب بردا و سلاما عليك و عليهم، فابشروا فوالله لئن قتلونا فانا نرد علي نبينا.

(بيان):

قوله «لا يجدون الم مس الحديد» الظاهر المستفاد من الروايه ان عدم مسهم الم الحديد ليس لامر طبيعي، بل انما هو بعنايه من الله تعالي، لما وطنو انفسهم علي لقاء الله و نصره سيدهم و اعلاء كلمه التوحيد باشق ما يمكن و يتصور من الاحوال، فرقع الله عنهم الم مس الحديد، كما من الله علي ابراهيم برفع الم النار فجعلنا بردا و سلاما بعنايه جلت عظمته. و يدل هذا علي جلاله شانهم و عظم خطرهم و نيلهم


اعلي منازل المقربين.

و يمكن ان يكون لامر طبيعي، اما لخوضهم في بحر شوق لقاء الله كما ورد في نبله اصاب عليا عليه السلام في صفين و اخرجوها حين كونه في الصلاه و حلف انه لم يحس ذلك اصلا، او لاجل كون العباره رحمه لديهم لعظم المقصد، او لانهم انكشف عنهم الغطاء و راوا ما راوا فلم يلتفتوا الي الم و غيره ابدا، او لانهم لما راوا وحده سيدهم و غربته و شاهدوا حال النسوه و الصبيه و ما هم فيه من البلايا و العطش حزنوا حزنا شديدا و اغتموا غما يصرفهم عن الالتفات لما ورد عليهم، فان الانسان كما يصير من فرط المحبه و العشق و مشاهده جمال المعشوق و اوصاف المحبوب محوا في معشوقه و لا يتلفت الي ما سواه- كما شاهدنا كثيرا- فكذلك يصير في فرط الحزن و الغم و شده الالم بحيث لا يلتفت الي ما يصيبه. و بالجمله معني عدم المس عدم الالتفات اليه مع وجدانه حقيقه، و هذا امر طبيعي. فليتدبر.

ثم ان عمر بن سعد عبا اصحابه.

قال الطبري [15] : قال ابومخنف: حدثني فضيل بن خديج الكندي، عن محمد ابن بشر، عن عمرو الحضرمي قال: لما خرج عمر بن سعد كان علي ربع اهل المدينه يومئذ عبدالله بن زهير بن سليم الازدي، و علي ربع مذحج و اسد عبدالرحمن بن ابي سبره الجعفي، و علي ربع ربيعه و كنده قيس بن الاشعث، و علي ربع تميم و همدان الحر بن زيد الرياحي.

قال: فشهد هولاء كلهم مقتل الحسين الا الحر، فانه عدل الي الحسين و قتل معه. قال: و جعل عمر علي ميمنته عمرو بن الحجاج الزبيدي، و علي مسيرته شمر ابن ذي الجوشن بن شرحبيل بن الاعور بن عمر بن معاويه- و هو الضباب بن


كلاب، و علي الخيل عزره بن قيس الاحمسي، و علي الرجال شبث بن ربعي اليربوعي، و اعطي الرايه ذويدا مولاه. [16]

اقول: هذه الرايه هي التي عقدها ابن زياد لابن سعد يوم خروجه من الكوفه، و لها حكايه عجيبه تاريخيه ذكرها الايتي في تاريخ يزد و سنذكرها انشاءالله تعالي في ترجمه دريد.

و اما سلاح اصحاب عمر بن سعد، فكان كلما يحتاج المحارب اليه علي قانون ذلك العصر من السيف و السنان و الرمح و النبل و الحجر و غير ذلك، بل كلما كانوا يحتاجون اليه كان مهيئا لهم.

و اما اصحاب الحسين عليه السلام فسلاحهم السيف و السنان، الا ان نافع بن هلال و هلال بن نافع كان معهما عده من النبال علي ما سيذكر.

و عند ذلك قامت الحرب علي الساق، و تلاقي العسكران الايمان كله مع الكفر كله.

و في الكافي، عن عبدالملك بن اعين، عن ابي جعفر عليه السلام قال: لما نزل النصر علي الحسين بن علي عليهماالسلام حتي كان بين السماء و الارض، ثم خير: النصر او لقاء الله، اختار لقاء الله. [17]

قال السيد في اللهوف [18] : فروي عن مولانا الصادق عليه السلام انه قال: سمعت ابي يقول: لما التقي الحسين عليه السلام و عمر بن سعد و قامت الحرب انزل


الله تعالي النصر حتي رفرف علي راس الحسين، ثم خير بين النصر علي اعدائه و بين لقاء الله فاختار لقاء الله. قال: رواه ابوطاهر محمد بن الحسين النرسي في كتاب معالم الدين.

و مثله في البحار و غيره، و في مقتل ابي اسحاق الاسفرايني قال: و روي عن الصادق عليه السلام انه قال- الي آخر ما مر.

(بيان):

قوله «رفرف» من رفرف الطائر اي حرك جناحه حول الشي ء يريد ان يقع عليه- قاله في المجمع، و هي كنايه بليغه.

قوله «ثم خير» يمكن ان يكون معني التخيير هنا كالتخيير فيما روي عن موسي ابن جعفر عليه السلام انه لما طغي شيعته و كثر عصيانهم اوحي الله و خير بين عذاب شيعته و حبسه مده، فاختار «ع» الحبس علي عذاب شيعته. فكان الحسين عليه السلام خير بين النصر علي اعدائه مع عدم النقص في مرتبته و جلاله و كماله مع ما هو عليه من عظم شانه و نباله قدره بحيث لا ينقص منه شيئا بما هو هو، الا انه لا يترتب عليه ما هو اثار نفس الشهاده من الشفاعه و العفو عن شيعته في الدنيا و الاخره، فاختار عليه السلام الشهاده و لقاء الله باشق الاحوال مراعاه لشيعته في الدنيا و الاخره مما يترتب علي الشهاده من الشفاعه و غيرها.

و بعباره اخري خير عليه السلام بين عذاب نفسه بالشهاده و ما يترتب عليها علي عذاب شيعته في الدنيا و الاخره مع عدم نقص في مرتبته لو اختار النصر، و يويد ذلك قوله صلي الله عليه و آله له: اخرج الي العراق فان لك درجه لا تنالها الا بالشهاده.

و يمكن ان يقال: انه عليه السلام لما وطن نفسه علي الشهاده و ما يترتب عليها


باشق الاحوال و اتي بتمام المقدمات، فكانه قد اتي بالشهاده علي الوجه الاكمل و الاتم. فقبل الله تعالي ذلك منه عليه السلام، و ترتب علي ذلك ما يترتب علي الشهاده، و اعطاه جميع اثارها من الشفاعه و غيرها باتيان تمام المقدمات، ثم خير بين لقاء الله تعالي مع النصر آجلا او لقائه مع الشهاده عاجلا، فاختار لقاء الله عاجلا علي لقائه مع النصر آجلا. و هذا نظير قوله تعالي عن ابراهيم عليه السلام عن ذبح الولد باتيان تمام المقدمات و ترتب اثار الذبح علي اتيان تمام المقدمات مع توطين نفسه عي الذبح و قال (قد صدقت الرويا انا كذلك نجزي المحسنين) [19] فافهم فانه دقيق.

و بالجمله فان الله تعالي مع انه قد شاء ان يراه شهيدا، جعل من فرط محبته و عنايته به عليه السلام امر البداء بيده. ففهم فانه ادق.

و في كتاب الجلاء للسيد عبدالله شبر علي ما حكي عنه قال: ان في ذلك الوقت حضرت طائفه من الجن لنصرته عليه السلام، فاستاذنوه للقتال فلم ياذن لهم، فاختار الشهاده الكريمه علي الحياه الذميمه.

ثم ان الحسين عليه السلام وقف بين الصفين و اتكا علي سيفه و خطب خطبه، ثم ركب دابته و ناقته و بيده القرآن و علا صوته و خطب خطبه، ثم نزل عن ناقته و اعتقله عقبه بن سمعان وراء الخيم و دعا بفرس رسول الله صلي الله عليه و آله المر تجز و ركب و خطب خطبه،. و قد مرت الخطب كلها مع شرحها في باب الخطب.

و لم توثر الخطب و المواعظ فيهم و تمت الحجه عليهم.

و في القمقام عن سعد بن عبيده قال: رايت الحسين عليه السلام في ذلك اليوم


راكبا علي ناقته و عليه جبه من برود يخطب الناس و يعظهم، فلما رجع رماه رجل من بني تميم اسمه عمر الطهوي و اصاب السهم بين كتفيه عليه السلام و علق في جبته. [20] .

و في البحار: و عن المناقب ثم قال الحسين عليه السلام: اين عمر بن سعد ادعوا لي عمر، فدعي له، و كان كارها لا يحب ان ياتيه، فقال عليه السلام: يا عمر اتقتلني تزعم ان يوليك الدعي ابن الدعي بلاد الري و جرجان، و الله لا تتهنا بذلك ابدا، عهدا معهودا، فاصنع ما انت صانع، فانك لا تفرح بعدي بدنيا و لا آخره، و لكاني براسك علي قصبه قد نصبت بالكوفه يتراماه الصبيان و يتخذونه غرضا بينهم. [21]

و في بعض المقاتل: اخيرك بين ثلاث: اما ارجع الي المكان الذي جئت منه، او الي ثغر من ثغور المسلمين، او الي يزيد فيري ما بيني و بينه. و لم يقبله. قال: فاغتاظ عمر من كلامه ثم صرف بوجهه عنه عليه السلام و نادي باصحابه: ما تنتظرون الرجل، احملوا باجمعكم، انما هي اكله واحده.

ثم امر الحسين عليه السلام باضرام النار بالحطب و القصب في الخندق الذي عملوه وراء البيوت.

قال ابومخنف: و اقبل القوم يجولون حول بيوت الحسين عليه السلام.

قال الطبري [22] : قال ابومخنف: فحدثني عبدالله بن عاصم، قال: حدثني الضحاك المشرقي قال: لما اقبلوا نحونا فنظروا الي النار تضطرم في الحطب و القصب


الذي كنا الهبنا فيه النار من ورائنا لئلا ياتونا من خلفنا، اذ اقبل الينا منهم رجل يركض علي فرس كامل الاداه، فلم يكلمنا حتي مر علي ابياتنا، فاذا هو لا يري الا حطبا تلتهب النار فيه، فرجع راجعا فنادي باعلي صوته: يا حسين استعجلت بالنار في الدنيا قبل يوم القيامه، فقال الحسين: من هذا؟ كانه شمر بن ذي الجوشن. فقالوا: نعم اصلحك الله هو هو. فقال: يابن راعيه المعزي انت اولي بها صليا. فقال له مسلم بن عوسجه: يابن رسول الله جعلت فداك الا ارميه بسهم، فانه قد امكنني و ليس يسقط سهم فالفاسق من اعظم الجبارين فقال له الحسين: لا ترمه فاني اكره ان ابداهم.

قال الشيخ ابوعلي محمد بن احمد بن الفتال النيسابوري في روضه الواعظين: و اقبل رجل من عسكر عمر بن سعد علي فرس يقال له ابن جويره [23] المزني، فلما نظر الي النار تتقد صفق بيده و نادي: يا حسين و اصحاب الحسين ابشروا بالنار فقد تعجلتموها في الدنيا، فقال الحسين عليه السلام: من الرجل؟ فقيل: ابن جويره المزني، فقال الحسين: اللهم اذقه عذاب النار في الدنيا. فنفر به فرسه و القاه في تلك النار فاحترق. [24]

ثم برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر يقال له تميم بن الحصين الفزاري فنادي: يا حسين و يا اصحاب الحسين اما ترون الفرات يلوح كانه بطون الحيتان، و الله لا اذقتم منه قطره حتي تذوقوا الموت جرعا. فقال الحسين عليه السلام: من الرجل؟ فقيل: تميم بن الحصين الفزاري. فقال الحسين: هذا و ابوه في النار، اللهم اقتل هذا عطشا في هذا اليوم. فخنقته العطش حتي سقط من فرسه فوطئته الخيل


بسنابكها فمات.

ثم اقبل رجل آخر من عسكر عمر بن سعد يقال له محمد بن الاشعث بن قيس الكندي فقال: يا حسين بن فاطمه اي حرمه لك من رسول الله صلي الله عليه و آله ليست لغيرك. فتلا الحسين عليه السلام هذه الايه (ان الله اصطفي آدم و نوحا و ال ابراهيم و آل عمران علي العالمين- ذريته بعضها من بعض) [25] . ثم قال: و الله ان محمدا لمن آل ابراهيم، و ان العتره الهاديه لمن ال محمد، من الرجل؟ فقيل: محمد بن الاشعث بن قيس الكندي. فرفع الحسين راسه الي السماء فقال: اللهم اذل محمد بن الاشعث ذلا في هذا اليوم لا تعزه بعد هذا اليوم ابدا. فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرز فسلط الله عليه عقربا فلدغته فمات بادي العوره. انتهي.

و في تاريخ الطبري [26] عن ابي مخنف في هلاك المزني قال: حدثني حسين ابوجعفر قال: ثم ان رجلا من بني تميم يقال له عبدالله بن حوزه جاء حتي وقف امام الحسين عليه السلام فقال: يا حسن يا حسين. فقال له الحسين: ما تشاء؟ قال: ابشر بالنار. قال عليه السلام: كلا، اني اقدم علي رب رحيم و شفيع مطاع، من هذا؟ قال له اصحابه: هذا ابن حوزه. قال: رب حزه الي النار. قال: فاضطرب به فرسه في جدول فوقع فيه و تعلقت رجله بالركاب و وقع راسه في الارض، و نفر الفرس فاخذه يمر به فيضرب براسه كل حجر و كل شجر حتي مات.

قال ابومخنف: و اما سويد بن حيه فزعم لي ان عبدالله بن حوزه حين وقع فرسه بقيت رجله اليسري في الركاب و ارتفعت اليمني فطارت، و عدا به فرسه كل حجر و اصل شجر حتي مات.


قال ابومخنف، عن عطاء بن السائب، عن عبدالجبار بن وائل الحضرمي، عن اخيه مسروق بن وائل قال: كنت في اوائل الخيل ممن سار الي الحسين. فقلت: اكون في اوائلها لعلي اصيب راس الحسين به منزله عند عبيدالله بن زياد. قال: فلما انتهينا الي الحسين تقدم رجل من القوم يقال له ابن حوزه فقال: افيكم حسين؟ قال: فسكت الحسين، فقالها ثانيه، فسكت حتي اذا كانت الثالثه قال: قولوا له: نعم هذا حسين فما حاجتك؟ قال: يا حسين ابشر بالنار. قال: كذبت بل اقدم علي رب غفور و شفيع مطاع. فمن انت؟ قال: ابن حوزه. قال: فرفع الحسين يديه حتي راينا بياض ابطيه من فوق الثياب ثم قال: اللهم حزه الي النار. قال: فغضب ابن حوزه فذهب ليقحم اليه الفرس و بينه و بينه نهر. قال: فعلقت قدمه بالركاب و جالت به الفرس فسقط عنها. قال: فانقطعت قدمه و ساقه و فخذوه و بقي جانبه الاخر متعلقا بالركاب. قال: فرجع مسروق و ترك الخيل من وراثه. قال: فسالته فقال: لقد رايت من اهل هذا البيت شيئا لا اقاتلهم ابدا.

و في القمقام: لما بقيت رجله في الركاب و ارتفعت الاخري حمل عليه مسلم بن عوسجه فضربه بالسيف و قطع رجله اليمني.

و في الناسخ [27] : ان اصحاب الحسين عليه السلام لما راوا ذلك قالوا: يا لها من دعوه ما اسرع اجابتها. فنودي من بطنان العرش: تهنك الاجابه يابن بنت رسول الله.

قالوا: و عند ذلك قامت الحرب عل ساقيها.

قال المفيد [28] .: لما راي الحر بن يزيد ان القوم قد صمموا علي قتال الحسين قال لعمر بن سعد..


و قال الطبري [29] عن ابي مخنف: ثم ان الحر بن يزيد لما زحف عمر بن سعد قال له- الي آخر ما سنذكره في ترجمته، و نذكر ان مجيئه الي الحسين عليه السلام كان قبل وقوع الحرب.

و في البحار [30] عن المناقب: روي باسناده عن عبدالله بن محمد بن سليمان بن عبدالله بن الحسن، عن ابيه، عن جده، عن عبدالله قال: لما عبا عمر بن سعد اصحابه لمحاربه الحسين عليه السلام و رتبهم مراتبهم و اقام الرايات في مواقعها، و عبا اصحاب الميمنه و الميسره، فقال لاصحاب القلب: اثبتوا، و احاطوا بالحسين من كل جانب حتي جعلوه كالحلقه، و تقدم الحسين عليه السلام حتي وقف بازاء القوم فجعل ينظر الي صفوفهم كانهم السيل و نظر الي ابن سعد واقفا في صناديد الكوفه.

قال الطبري [31] : قال ابومخنف: عن الصقعب بن زهير و سليمان بن ابي راشد عن حميد بن مسلم قال: و زحف عمر بن سعد نحوهم ثم نادي: يا ذويد ادن رايتك. قال: فادناها ثم وضع سهمه في كبد قوسه، ثم رمي فقال: اشهدوا اني اول من رمي، ثم ارتمي الناس.

و في روضه الصفا بعد قوله عليه اللعنه: اشهدوا اني اول من رمي، اجابه رجل من اصحاب الحسين عليه السلام: اشهد انك اول من يدخل النار من هذه الامه.

و قال محمد بن ابي طالب: فرمي اصحابه كلهم، فما بقي من اصحاب الحسين عليه السلام الا اصابه من سهامهم، قبل: و اقبلت اليهم السهام كالمطر.


قال السيد: فقال الحسين عليه السلام لاصحابه: قوموا رحمكم الله الي الموت الذي لا بد منه، فان هذه السهام رسل القوم اليكم. [32]

ثم اعلم ان جل من كتب في مقتل الحسين عليه السلام كتابا او الف تاليفا من العامه و الخاصه و المورخين و المحدثين انما كان بناوهم علي ذكر اصل الواقعه و القصه و ما جري علي الحسين عليه السلام و اصحابه رضي الله عنهم، من دون مراعاه الترتيب في القضايا في يوم عاشوراء. و لذا تري في مصنفاتهم و كتبهم اختلافا كثيرا، فربما يذكر ما وقع في وقت العصر في صبيحه يوم عاشوراء و بالعكس و هكذا، و كذا في كيفيه المحاربه و القتال، و لم ار من تفطن او تعرض لذلك، و هم معذورون في ذلك لما قلنا ان نياتهم علي ذكر اصل القصه و الواقعه.

و ما ذكرناه او نذكره من الترتيب و كيفيه الحرب و القتال انما استفدناه من جل كتبهم التاريخيه و الحديثيه و المقاتل و استخرجناه من كلماتهم مع تصريح نقلتهم بجمله منها.

و يويد ما ذكرنا ان السيد «قده» في اللهوف قال بعد رمي عمر بن سعد و ارتمي الناس: حمل اصحاب عمر بن سعد باجمعهم علي اصحاب الحسين فاقتتلوا ساعه من النهار حمله بعد حمله حتي قتل من اصحاب الحسين جماعه. الي ان قال: ثم صاح عليه السلام و قال: اما من مغيث. و قال: و اذا الحر بن يزيد الرياحي قد اقبل- الي آخر ما ذكره.

و قد مر ان اتيان الحر كان قبل المقاتله و ان استتابته ايضا كانت قبل وقوع الحرب، و ان كان الصحيح ان الاستتابه انما كانت بعد شهاده الاصحاب و بني هاشم: اللهم الا ان يقال بتعدد الواقعه.


و بالجمله فبعد تقاتل العسكرين و رومي ابن سعد و ترامي الناس و امر الحسين عليه السلام اصحابه بالقيام الي الموت الذي لا بد منه، برز من عسكر ابن سعد يسار مولي زياد بن ابيه و سالم مولي عبيدالله بن زياد.

قال الطبري [33] : قال ابومخنف: فقالا: من يبارز؟ ليخرج الينا بعضكم. فوثب حبيب بن مظاهر و برير بن خضير، فقال الحسين لهما:: اجلسا. فقام عبدالله بن عمير الكلبي اليهما. علي ما سيذكر في ترجمته.ثم اعلم ان قانون المحاربه في ذلك الوقت- علي ما استفدناه من الحروب المعظمه كحرب صفين و غيرها- ان من تهيا ميمنه و ميسره و قلبا و جناحا و ساقيه و مكانا للراميه و موضعا لاصحاب الاحجار، و يكون لاصحاب الميمنه عده مخصوصه من النباله و الحجاره، و كذا لاصحاب الميسره و لاصحاب القلب عده مخصوصه لا يتجاوزون عن مقرهم و عن وظيفتهم،و اصحاب القلب لا يبرحون عن مكانهم و لا يحملون ما دام اصحاب الميمنه و الميسره باقين. نعم لا تنفق المبارزه بين اصحاب القلب مع من يحذوهم من اصحاب القلب، و اول من يحمل او يبارز اصحاب الميمنه علي الميسره ثم اصحاب الميسره علي اصحاب الميمنه.

فما في جل المقاتل انه حمل ميمنه ابن زياد علي ميمنه الحسين، لعله اشتباه ناشي ء عن عدم التامل و عدم العلم بقانون الحرب، اذ مقتضي الطبيعه في التعبئه ان الميمنه ازاء الميسره، و لا يمكن ان يحمل الميمنه علي الميمنه الا بعد التجاوز عن الميسره، الا ان يكون البعد بين الفريقين كثيرا بحيث يمكن حمل المينه علي الميسره. ثم لا منافاه بين حمل الميمنه علي الميسره و مبارزه الميسره مع اصحاب الميمنه، فتكون بين الميمنه و الميسره حمله و حمله و بين الميسره و الميمنه مبارزه


يبارز رجل بعد رجل، فيقاتلان و القلب ثابت علي مكانه لا يحمل. نعم بعد مغلوبيه الميمنه و الميسره- بحيث لا يبقي ميمنه و لا ميسره- يكون الجند كله بمنزله القلب، و القلب يحمل عليه، حتي اذا لم يبق من طرف الا واحدا او اثنين يحملون عليه باجمعهم او يتبارزون.

قال الطبري [34] : قال ابومخنف: اول من حمل علي اصحاب الحسين عليه السلام بعد قتل يسار و سالم، عمرو بن الحجاج الزبيدي. قال: و حمل و هو علي ميمنه الناس في الميمنه، فلما ان دنا من الحسين عليه السلام جثوا له علي الركب و اشرعوا له الرماح نحوهم، فلم تقدم خيلهم علي الرماح، فذهبت الخيل لترجع فرشقوهم بالنبل، فصرعوا منهم رجالا و جرحوا منهم آخرين حتي ردوهم علي مكانهم.

ثم شرع اصحاب الحسين بالمبارزه مع اصحاب عمرو بن الحجاج، و من المبارزين في هذه الوقعه برير بن خضير و حر بن يزيد الرياحي و عمرو بن قرظه الانصاري و غيرهم علي ما سيذكر في تراجمهم، بارزوا واحدا بعد واحد و قاتلوا و قتلوا حتي ضيق علي عمرو بن الحجاج اشد الضيق. فصاح عمرو بن الحجاج بالناس: يا حمقي اتدرون من تقاتلون؟ فرسان المصر، قوم مستميتين لا يبرز لهم منكم احد، فانهم قليلون و قل ما يبقون، و الله لو لم ترموهم الا بالحجاره لقتلتموهم. فقال عمر: صدقت الراي ما رايت، و ارسل الي الناس: يعزم عليكم ان لا يبارز رجل منكم رجلا منهم.

قال الطبري [35] : قال ابومخنف حدثني الحسين بن عقبه المرادي، قال الزبيدي: انه سمع عمرو بن الحجاج حين دنا من اصحاب الحسين يقول: يا اهل الكوفه


الزموا طاعتكم و جماعتكم، و لا ترتابوا في قتل من مرق عن الدين و خالف الامام. فقال له الحسين: يا عمرو بن الحجاج اعلي تحرض الناس، انحن مرقنا عن الدين و انتم ثبتم عليه، اما و الله لتعلمن لو قد قبضت ارواحكم و متم علي اعمالكم اينا مرق من الدين و من هو اولي بصلي النار.

قال: ثم ان عمرو بن الحجاج حمل علي الحسين في ميمنه عمر بن سعد من نحو الفرات، فاضطربوا ساعه، فصرع مسلم بن عوسجه الاسدي اول اصحاب الحسين، ثم انصرف عمرو بن الحجاج و اصحابه و ارتفعت الغبره فاذا هم به صريع. هذا ما كان من امر عمرو بن الحجاج و اصحاب ميمنه عمر بن سعد.

قال الطبري [36] : قال ابومخنف: و حمل شمر بن ذي الجوشن في الميسره علي اصحاب الحسين في الميمنه [37] ، فثبتوا له فطاعنوه و اصحابه... و قاتلهم اصحاب الحسين عليه السلام قتالا شديدا، و اخذت خيلهم تحمل و انما هم اثنان و ثلاثون فارسا، و اخذت لا تحمل علي جانب من خيل اهل الكوفه الا كشفته، فلما راي ذلك عزره بن قيس- و هو علي خيل اهل الكوفه- ان خيله تنكشف من كل جانب بعث الي عمر بن سعد عبدالرحمن بن حصن فقال: اما تري ما تلقي خيلي هذا اليوم من هذه العده اليسيره، ابعث اليهم الرجال و الرماه. فقال لشبث بن ربعي: الا تقدم اليهم، فابي ذلك فقال: سبحان الله اتعمد الي شيخ مضر و اهل المصر عامه تبعثه في الرماه، لم تجد من تندب لهذا و يجزي ء عنك غيري. قال: و ما زالوا يرون من شبث الكراهه لقتاله.

و قال ابوزهير العبسي: فاني سمعته في اماره مصعب يقول: لا يعطي الله اهل


هذا المصر خيرا ابدا و لا يسددهم لرشد، الا تعجبون انا قاتلنا مع علي بن ابي طالب و مع ابنه من بعده آل ابي سفيان خمس سنين ثم عدونا علي ابنه و هو خير اهل الارض نقاتله، مع آل معاويه و ابن سميه الزانيه، ضلال يا لك من ضلال- كذا في الطبري، و فيه غرائبه، لان اللعين قد بني مسجدا في الكوفه شكرا لقتل الحسين و هو من المساجد الاربعه المعرفه، و كراهته لمقاتله عليه السلام كانت خوفا علي نفسه.

و لما راي [38] عمر كراهه شبث دعا الحصين بن تميم فبعث معه المجففه و خمسمائه من المراميه، فلحقوا بعزره بن قيس و حملوا مع شمر و اصحابه علي اصحاب الحسين، فاقبلوا حتي اذا دنوا من الحسين و اصحابه رشقوهم بالنبل، فلم يلبثوا ان عقروا خيولهم و صاروا رجاله كلهم، و كان ايوب بن مشرح الحيواني يقول: انا و الله عقرت بالحر بن يزيد فرسه، فاقتتلوا قتالا شديدا. قال: و قاتلوهم اشد قتال خلقه الله.

قال: و اخذوا لا يقدرون علي ان ياتوهم الا من وجه واحد، لاجتماع ابنيتها و تقارب بعضها من بعض، فلما راي ذلك عمر بن سعد ارسل رجالا يقوضونها عن ايمانهم و عن شمائلهم ليحيطوا بهم.

قال: فاخذ الثلاثه و الاربعه من اصحاب الحسين يتخللون البيوت فيشدون علي الرجل و هو يقوض و ينتهب فيقتلونه و يرمونه من قرب و يعقرونه. فامر بها عمر بن سعد عند ذلك فقال: احرقوها بالنار و لا تدخلوا بيوتا و لا تقوضوه. فجاوا بالنار فاخذوا يحرقون، فقال الحسين عليه السلام: دعوهم فليحرقوها، فانهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا ان يجوزوا اليكم منها، و كان ذلك كذلك،


و اخذوا لا يقاتلونهم الا من وجه، و رجع شمر و من معه الي مكانه، و رجع اصحاب الحسين الباقون الي مكانهم، و قد قتل منهم- رضوان الله عليهم- جماعه كثيره في هذه الواقعه الاخيره، مضافا الي من قتل في حمله عمرو بن الحجاج الحمله الاولي و الثانيه.

فلا يزال الرجل من اصحاب الحسين قد قتل، فاذا قتل منهم الرجل و الرجلان يتبين فيهم و اولئك كثير لا يتبين فيهم ما يقتل منهم. و المقتولون من اصحاب الحسين عليه السلام من اول حمله عمرو بن الحجاج الي حمله شمر هذه ازيد من خمسين، و لعل هذا مراد السيد و من تبعه ان المقتولين في الحمله الاولي جماعه كثيره.

قالوا: و عند ذلك ضرب الحسين عليه السلام بيده الي لحيته و جعل يقول: اشتد غضب الله تعالي علي اليهود اذ جعلوا له ولدا، و اشتد غضب الله تعالي علي النصاري اذ جعلوه ثالث ثلاثه، و اشتد غضبه عي المجوس اذ عبدوا الشمس و القمر دونه، و اشتد غضبه علي قوم اتفقت كلمتهم علي قتل ابن بنت نبيهم، اما و الله لا جيبهم الي شي ء مما يريدون حتي القي الله و انا مخضب بدمي. [39]

و عن معاني الاخبار مسندا الي ابي جعفر الثاني عليه السلام عن ابائه عليهم السلام قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: لما اشتد الامر بالحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام نظر اليه من كان معهم. فاذا هو بخلافهم، لانهم كلما اشتد الامر تغيرت الوانهم و ارتعدت فرائصهم و وجلت قلوبهم، و كان الحسين و بعض من معه من خصائصه تشرق الوانهم و تهدا جوارحهم و تسكن نفوسهم، و قال بعضهم لبعض: انظروا لا يبالي بالموت. فقال لهم الحسين عليه السلام: صبرا بني


الكرام، فما الموت الا قنطره يعبر بكم عن البوس و الضر الي الجنان الواسعه و النعيم الدائم. فايكم يكره ان ينتقل من سجن الي قصر، و ما هو لاعدائكم الا كمن ينتقل من قصر الي سجن و عذاب، ان ابي حدثني عن رسول الله صلي الله عليه و آله: الدنيا سجن المومن و جنه الكافر، و الموت جسر هولاء الي جنانهم و جسر هولاء الي جحيمهم، ما كذبت و لا كذبت.

قال الطبري [40] : قال ابومخنف: و حمل شمر بن ذي الجوشن (الحمله الثانيه او الثالثه) [41] حتي طعن فسطاط الحسين برمحه و نادي: علي بالنار حتي احرق هذا البيت علي اهله. فصاح النساء و خرجن من الفسطاط. قال: و صاح به الحسين: يابن ذي الجوشن انت تدعو بالنار لتحرق بيتي علي اهلي، حرقك الله بالنار.

قال ابومخنف: حدثني سليمان بن ابي راشد، عن حميد بن مسلم قال: قلت لشمر بن ذي الجوشن: سبحان الله ان هذا لا يصلح لك، اتريد ان تجمع لنفسك خصلتين، تعذب بعذاب الله و تقتل الولدان و النساء، و الله ان في قتلك الرجال لما ترضي به اميرك. قال: فقال: من انت؟ قلت: لا اخبرك من انا، و خشيت و الله ان لو عرفوني ان يضرني عند السلطان.

قال: فجاءه رجل كان اطوع له مني شبث بن ربعي فقال: ما رايت مقالا اسوا من قولك و لا موقفا اقبح من موقفك، امر عبا للنساء صرت. قال: فاشهد انه استحيا فذهب لينصرف، و حمل عليه زهير بن القين في رجال من اصحابه عشره، فشد علي شمر بن ذي الجوشن، فكشفهم عن البيوت حتي ارتفعوا عنها، فصرعوا ابا عزه الضبابي فقتلوه، فكان من اصحاب شمر. فرجع شمر باصحابه


و رجع زهير باصحابه، و كان هذا منتصف النهار، فلما راي ذلك ابوثمامه عمرو بن عبدالله الصائدي..

قال الطبري [42] : قال ابومخنف: فقال ابن تمامه الصيداوي ابوالصائدي [43] للحسين: يا اباعبدالله نفسي لك الفداء، اني اري هولاء قد اقتربوا منك، و لا و الله لا تقتل حتي اقتل دونك انشاءالله، و احب ان القي ربي و قد صليت هذه الصلاه التي قد دنا وقتها.

قال:

فرفع الحسين عليه السلام راسه ثم قال: ذكرت الصلاه جعلك الله من المصلين الذاكرين، نعم هذا اول وقتها. ثم قال: سلوهم ان يكفوا عنا حتي نصلي. فقال لهم الحصين بن تميم: انها لا تقبل. فقال له حبيب بن مظاهر: لا تقبل زعمت الصلاه من آل رسول الله صلي الله عليه و آله و تقبل منك يا خمار. قال: فحمل عليهم حصين بن تميم و خرج اليه حبيب بن مظاهر- الي آخر ما سنذكره في ترجمته.قال ابومخنف: ثم صلوا الظهر، صلي بهم الحسين صلاه الخوف.

قال السيد [44] : و حضرت صلاه الظهر، فامرالحسين زهير بن القين و سعيد بن عبدالله الحنفي ان يتقدما امامه بنصف من تخلف معه، ثم صلي بهم صلاه الخوف، و مثله في البحار.

و قال ابن نما [45] : و حضرت صلاه الظهر، فامر عليه السلام زهير بن القين و سعيد بن عبدالله الحنفي ان يتقدما امامه بنصف من تخلف معه، و صلي بهم صلاه


الخوف بعد ان طلب منهم الفتور عن القتال لاداء الفرض.

قال الشيخ ابن نما: و قيل صلي الحسين عليه السلام و اصحابه فرادي بالايماء.

قال الطبري [46] و غيره: ثم اقتتلوا بعد الظهر فاشتد قتالهم، و وصل الي الحسين عليه السلام.. و حمل عليهم اصحاب الحسين حتي طردوهم.

و من الاغلاط المشهوره و الاكاذيب المجعوله ما في بعض المقاتل و التواريخ: ان الحسين عليه السلام صاح بالحريم ان يخرجن، فخرجن مكشفات الوجوه منتهكات الشعور، يبكون و يقولون: يا معاشر المسلمين اتقوا الله في ذريه نبيكم و حاموا عنهم- الي آخر ما ذكروا، فكانهم اخذوا هذا من المقتل المطبوع المنسوب الي ابي مخنف، و قد مر غير مره انه لا يعتمد علي ما تفرد به، و فيه من الاكاذيب ما لا يخفي.

كيف و قد ذكر جل المحدثين و المورخين ان في صبيحه هذا اليوم لما عبا الحين اصحابه خرجن النساء يبكين، فامر الحسن عليا ابنه و اخاه العباس: ان سكتاهن و هن في الخيم.

و لما شب القتال و كثر القتلي من الطرفين رجع اصحاب عمر بن سعد الي مكانهم و رجع اصحاب الحسين عليه السلام الي مكانهم، فاخذوا بالمبارزه. قال الطبري [47] : فاستقدم الحنفي امامه حتي قتل. ثم برز زهير بن القين- الخ.

فلما لم يبق من اصحاب الحسين عليه السلام الا بني هاشم و نفر من الاصحاب قالوا: ودع بنو هاشم بعضهم بعضا، و حملوا باجمعهم علي عسكر عمر بن سعد، فقاتلوا قتالا شديدا، فلما رجعوا قتل من الاصحاب نفر و من بني هاشم عبدالله


ابن عقيل.

ثم اخذوا بالمبارزه، فاول من برز علي الاكبر علي ما سياتي في ترجمته، ثم الباقون من بني هاشم واحدا بعد واحد.

فلما لم يبق من اصحاب الحسين و انصاره الا العباس بن علي عليه السلام هجم اصحاب عمر بن سعد علي الحسين، فحمل الحسين عليه السلام و معه العباس حمله شديده عنيفه حتي كشفهم و ازالهم عن مقرهم و الحقهم بباقي الجند علي ما رواه المفيد. ثم رجعا الي مكانهما.

قالوا: و بقي الحسين في ثلاثه رهط او اربعه، و اقبل القوم يدفعهم عن نفسه و الثلاثه يحمونه حتي قتل الثلاثه.

و في البحار [48] و غيره: ثم التفت الحسين عليه السلام عن يمينه فلم ير احدا من الرجال. و التفت عن اليسار فلم ير احدا، فخرج علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام- و كان مريضا لا يقدر ان يقل سيفه- و ام كلثوم تنادي خلفه: يا بني ارجع. فقال: يا عمتاه ذريتي اقاتل بين يدي ابن رسول الله. فقال الحسين: يا ام كلثوم خذيه لئلا تبقي الارض خاليه من نسل آل محمد.

و فيه و في اللهوف [49] و غيره: و لما راي الحسين عليه السلام مصارع فتيانه و احبته، و فجع باهل بيته و ولده، و لم يبق غيره و غير النساء و الذراري، عزم علي لقاء القوم بمهجته و نادي: هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله، هل من موحد يخاف الله فينا، هل من مغيث يرجو الله في اغاثتنا، هل من معين يرجو ما عند الله في اعانتنا. فارتفعت اصوات النساء بالعويل، فتقدم الي باب الخيمه ليودع النساء.


قال الاسفرايني و غيره و في البحار عن بعض الكتب قال: ثم ان الحسين عليه السلام اراد وداع النساء و هو ايس باكي العين، فتلقته اخته زينب و قالت له: لا ابكي الله عينك. فقال: كيف لا ابكي و عما قليل تساقون بين الاعداء، و نادي: يا ام كلثوم يا رقيه يا عاتكه يا سكينه- و في بعض المقاتل يا فاطمه يا زينب يا ام كلثوم- عليكن مني السلام. فقالت ام كلثوم: يا اخي استسلمت للموت؟ فقال: كيف لا استسلم و نفسي بين عداي. و في بعض الكتب: كيف لا يستسلم من لا ناصر له و لا معين، و رحمه الله و نصرته لا تفارقكم.

قال الاسفرايني: فلما سمعته سكينه رفعت صوتها بالبكاء و النحيب و قالت: يا ابه استسلمت للموت؟ فالي من اثكلنا، و قال: يا نور عيني كيف لا يستسلم للموت من لا ناصر له، فاصبري علي قضاء الله و لا تشتكي، فان الدنيا فانيه و الاخره باقيه.

و في البحار: فقالت يا ابه ردنا الي حرم جدنا. فقال: هيهات «لو ترك القطا (ليلا) لنام» [50]

قال: و عند ذلك بكي الحسين عليه السلام و ضمها الي صدره و جعل يقول [51] :



سيطول بعدي يا سكينه فاعلمي

منك البكاء اذ الحمام دهاني



لا تحرقي قلبي بدمعك حسره

ما دام مني الروح في جسماني



[52]



فاذا قتلت فانت اولي بالذي

تاتينه يا خيره النسوان



ابكي و قولي يا قتيلا قد مضي

عجلا علي شط الفرات عطشان






ابكي و قولي انهد ركني بعد ما

كانت تزعزع ركنه الاركان



قد كنت اومل ان اعيش بظله

ابدا مدي الايام ما يرعاني



ادني الي يا سكينه عاجلا

حتي اودعك وداع الفاني



اوصيك بالولد الصغير و بعده

بالال و الايتام و الجيران



فاذا قتلت فلا تشقي معجرا

ايضا و لا تدعي ثبور هواني



لكن صبرا يا سكينه في الفضا

ها نحن اهل الصبر و الاحسان



لي اسوه بابي و جدي و اخوتي

قصدوا حقوقهم بنو الظبيان



و هذه الزياده من الاسفرايني في مقتله المسمي بنور العين.

ثم دعا عليه السلام بولده الرضيع ليودعه، فاتوه و حمله الي القوم- الي آخر ما سنذكر في ترجمته.

و في جمله من الكتب: انه عليه السلام لما فرغ من دفن طفله الرضيع او حمله الي بيت القتلي، ثم قام و ركب فرسه و تقدم الي القتال و جعل يقول [53] :



كفر القوم و قدما رغبوا

عن ثواب الله رب الثقلين



قتلوا القرم عليا و ابنه

حسن الخير كريم الطرفين



حنقا منهم و قالوا اجمعوا

و احشروا الناس الي حرب الحسين [54] .



يا لقوم من اناس رذل

جمعوا الجمع لاهل الحرمين



ثم صاروا و تواصوا كلهم

باجتياحي لرضاء الملحدين



[55] .




لم يخافوا الله في سفك دمي

لعبيد الله نسل الكافرين [56] .



و ابن سعد قد رماني عنوه

بجنود كوكوف الهاطلين [57] .



لا لشي ء كان مني قبل ذا

غير فخري بضياء الفرقدين



بعلي الخير من بعد النبي

و النبي القرشي الوالدين



خيره الله من الخلق ابي

ثم امي و انا ابن الخيرتين [58] .



والدي شمس و امي قمر

و انا الكوكب و ابن النيرين



فضه قد خلصت من فضه

فانا الفضه و ابن الذهبين



من له جد كجدي في الوري

او كشيخي فانا ابن العلمين



فاطم الزهراء امي و ابي

قاصم الكفر ببدر و حنين



عبدالله غلاما يافعا

و قريش يعبدون الوثنين



يعبدون اللات و العزي معا

و علي كان صلي القبلتين



و له في يوم احد وقعه

شفت الغل بفض العسكرين



ثم في الاحزاب و الفتح معا

كان فيها حتف اهل الفيلقين



[59]



في سبيل الله ماذا صنعت

امه السوء معا بالعترتين



عتره البر التقي المصطفي

و علي الورد يوم الحمقلين [60] .



و في بعض الكتب زياده عن الطريحي و ابن شهر اشوب [61] :




فاطم الزهراء امي و ابي

وارث الرسل و مولي الثقلين



طحن الابطال لما بروزا

يوم بدر و باحد و حنين



و اخر خيبر اذ بارزهم

بحسام صارم ذو شفرتين



والدي اودي جيوشا اقبلوا

يطلبون الوتر في يوم حنين



من له عم كعمي جعفر

وهب الله له اجنحتين



جدي المرسل مصباح الهدي

و ابي الموفي له بالبيعتين



بطل قرم هزبر ضيغم

ما جد سمح قوي الساعدين



عروه الدين علي ذاكم

صاحب الحوض مصلي القبلتين



مع رسول الله سبعا كاملا

ما علي الارض مصلي غير ذين



ترك الاوثان لم يسجد لها

مع قريش مذ نشا طرفه عين



و ابي كان هزبرا ضيغما

ياخذ الرمح فيطعن طعنتين



كتمشي الاسد بغيا فسقوا

كاس حتف من نجيع الحنظلين



ذهب من ذهب من ذهب

و لجين في لجين من لجين



فله الحمد عليا واجبا

ما جري في الفلك احدي النيرين



خصه الله بفضل و تقي

فانا الزاهر و ابن الازهرين



ترك الاصنام منذ خصه

ورقا بالحمد فوق النيرين



و انا و الشرك في حمله

برجال اسرفوا في العسكرين



و انا ابن العين و الاذن التي

اذعن الخلق لها في الخافقين



نحن اصحاب العبا خمستنا

قد ملكنا شرقها و المغربين



ثم جبرئيل لنا سادسنا

و لنا البيت كذا و المشعرين



و كذا المجد بنا مفتخر

شامخا يلعو به في الحسبين






فجزاه الله عنا صالحا

خالق الخلق و مولي المشعرين



عروه الدين علي المرتضي

صاحب الحوض معز الحرمين



يفرق الصفان من هيبته [62]

و كذا افعاله في الخافقين



و الذي صدق بالخاتم منه

حين ساوي ظهره في الركعتين



شيعه المختار طيبوا انفسا

فغدا تسقون من حوض اللجين



فعليه الله صلي ربنا

و حباه تحفه بالحسنين



و في مقتل ابي اسحاق الاسفرايني زياده، و هي:



جدي المرسل مصباح الدجي

و ابي المعروف يوم الوقعتين



عروه الدين علي ذو التقي

ساقي الحوض امام الخافقين



اظهر الاسلام رغما للعدي

بحسام قاطع ذي شفرتين



مع رسول الله يسعي نازلا

قاتل الابطال و الموفي لدين



كلمه الدين ازداد حبا

قاتل الجن ببئر العلمين



ترك الاصنام و هو مفرد

و دني بالحرب فوق النيرين



و اباد الكفر في حملته

برجال اشرقوا في العسكرين



و بنا جبرئيل اضحي فاخرا

و قضي فيه ابونا كل دين



فجزاه الله عنا صالحا

خالق العالم مولي المشعرين



قال: ثم حمل عليه السلام علي القوم و صرخ في اوسطهم، ثم دار فيهم و جعل حصد الابدان حصدا و يضرب فيهم ذات الطول و العرض و ذات اليمين و الشمال، حتي ترك الرجال تحت سنابك الخيل و دماوهم كالانهار، ثم رجع روحي له الفداء الي مركزه و وقف قباله القوم و سيفه مصلت في يده آيسا عن الحياه عازما علي


الموت، و هو يقول علي ما في جمله من المقاتل [63]



انا ابن علي الطهر من آل هاشم

كفاني بهذا مفخرا حين افخر



و جدي رسول الله اكرم من مضي

و نحن سراج الله في الخلق يزهر



و فاطم امي من سلاله احمد

و عمي يدعي ذا الجناحين جعفر



و فينا كتاب الله انزل صادقا

و فينا الهدي و الوحي و الخير يذكر



و نحن امان الله للناس كلهم

نسر بهذا في الانام و نجهر



و نحن ولاه الحوض نسقي ولاتنا

بكاس رسول الله ما ليس ينكر



اذا ما اتي يوم القيامه ضامر

الي الحوض يسقيه بكفيه حيدر



امام مطاع اوجب الله حقه

علي يالناس جمعا و الذي كان ينظر



فشيعتنا في الناس اكرم شيعه

و مبغضنا يوم القيام يخسر



فطوبي لعبد زارنا بعد موتنا

بجنه عدن صفوها لا يكدر



قالوا [64] : ثم انه عليه السلام دعا الناس الي البراز،فلم يزل يقاتل كل من دنا منه حتي قتل منهم مقتله عظيمه.

قالوا: ثم حمل الناس عليه عن يمينه و شماله، فحمل علي الميمنه و هو يقول:



القتل اولي من ركوب العار

و العار اولي من دخول النار



فكشفهم عن مقرهم و قاتلهم قتالا عظيما و رجع الي مركزه، ثم حمل علي الميسره و هو يقول:



انا الحسين بن علي

آليت ان لا انثني



احمي عيالات ابي

امضي علي دين النبي




قال الطبري [65] : قال ابومخنف: حدثني من شهد الحسين في عسكره: ان حسينا حين غلب علي عسكره ركب المسناه يريد الفرات. قال: فقال رجل من بني ابان ابن دارم: ويلكم حولوا بينه و بين الماء لا تتام اليه شيعته. قال: و ضرب فرسه و اتبعه الناس حتي حالوا بينه و بين الفرات، فقال الحسين: اللهم اظمه. قال: و ينتزع الاباني بسهم فاثبته في حنك الحسين. قال: فانتزع الحسين السهم ثم بسط كفيه فامتلاتا دما، ثم قال الحسين عليه السلام: اللهم اني اشكو اليك ما يفعل بابن بنت نبيك. قال: فوالله لم يمكث الرجل الا يسيرا حتي صب الله عليه الظما فجعل لا يروي.

قال القاسم بن الاصبغ: لقد رايتني فيمن يروح عنه و الماء يبرد له فيه السكر و عساس فيها اللبن و قلال فيها الماء و انه ليقول: ويلكم اسقوني قتلني الظما، فيعطي القله او العس كان مرويا اهل البيت فيشربه، فاذا نزعه من فيه اضطجع الهنيهه ثم يقول: ويلكم اسقوني قتلني الظما. قال: فوالله ما لبث الا يسيرا حتي انقد بطنه انقداد بطن البعير. [66] .

و فيه ايضا [67] انه قال: قال هشام: حدثني عمر و بن شمر، عن جابر الجعفي قال: عطش الحسين حتي اشتد عليه العطش فدني ليشرب من الماء، فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه، فجعل يتلقي الدم من فمه و يرمي به الي السماء، ثم حمد الله و اثني عليه، ثم جمع يديه فقال: اللهم احصهم عددا و اقتلهم بددا و لا تذر علي الارض منهم احدا.

و في البحار [68] : و قصده القوم و هو في ذلك يطلب شربه من الماء، فكلما حمل


بفرسه علي الفرات حملوا عليه باجمعهم حتي اجلوه عنه.

و قال ابن شهر اشوب [69] : روي ابومخنف عن الجلودي: ان الحسين عليه السلام حمل علي الاعور السلمي و عمرو بن الحجاج الزبيدي- و كانا في اربعه الاف رجل علي الشريعه- و اقحم الفرس علي الفرات، فلما اولغ الفرس براسه ليشرب قال: انت عطشان و انا عطشان، و الله لا ذقت الماء حتي تشرب. فلما سمع الفرس كلام الحسين عليه السلام شال راسه و لم يشرب كانه فهم الكلام، فقال الحسين عليه السلام: اشرب فانا اشرب. فمد الحسين يده فغرف من الماء فقال فارس: يا اباعبدالله تتلذذ بشرب الماء و قد هتكت حرمك؟ فنفض الماء من يده و حمل علي القوم فكشفهم فاذا الخيمه سالمه.

و قال ابوالفرج [70] : و جعل الحسين عليه السلام يطلب الماء و شمر لعنه الله يقول: و الله لا ترده او ترد النار. فقال له رجل: الا تري الي الفرات يا حسين كانه بطون الحيتان، و الله لا تذوقه او تموت عطشا. فقال الحسين عليه السلام: اللهم امته عطشا. قال: و الله لقد كان هذا الرجل يقول: اسقوني، فيوتي بماء فيشرب حتي يخرج من فيه، ثم يقول: اسقوني و قد قتلني العطش، فلم يزل كذلك حتي مات.

قال ابن حجر في صواعقه [71] : لولاه كادوا به من انهم حالوا بينه و بين الماء لم يقدروا عليه، اذ هو الشجاع القرم الذي لا يحول و لا يزول.

قال ابواسحاق الاسفرايني: فحمل القوم و قصد المشرعه و دخل الي الماء، فلما احس الجواد بالماء اراد ان يشرب، فقال الحسين: يا ميمون انت عطشان و الله ما اروي حتي تشرب. فلما سمع كلامه امتنع عن الشرب. ثم ان الحسين نزل عن ظهر


جواده، فرماه ابن تميم بسهم فوقع في فخذوه فرفعه و تلقي الدم بيده و قال: يا رب اليك اشتكي من اراقه دمي و منعوني من شرب الماء. ثم اغترف الماء بيده و اراد ان يشرب و اذ بعمر بن يزيد قال: يا قوم لو روي الحسين الماء افناكم جميعا، فناداه خولي بن يزيد الاصبحي: يا حسين خيمه الحريم نهبت و انت حي. فنفض الماء من يديه و ركب جواده و اقبل نحو الخيمه فوجدها سالمه فعلم انها مكيده.

قال: ثم رجع يطلب الماء فلم يصل اليه، فحمل علي القوم و هو كالاسد فتناهضت الابطال و احتاط به الرجال و تراشقوه بالنبال، و هو يزعق فيهم و يزداد انتشاطه حتي قتل منهم الفا و ستمائه فارس، و هو مع ذلك يطلب شربه من الماء، و قد ضعفت قواه و نشف فيه، و قد اصابه من القوم جراح و صارت النبال في درعه كالشوك في جلد القنفذ، و رجع الي المركز و هو يقول: لا حول و لا قوه الا بالله.

و قال الشيخ ابوعلي محمد بن احمد بن علي الفتال النيسابوري في روضه الواعظين [72] : فلما رجع الحسين عليه السلام من المسناه الي فسطاطه تقدم اليه شمر ابن ذي الجوشن في جماعه من اصحابه و احاطوا به، فاسرع منهم رجل يقال له مالك بن انس، فشتم الحسين و ضربه بالسيف علي راسه، و كان علي راسه قلنسوه فقطعها حتي وصل الي راسه فادماه، فامتلات القلنسوه دما، فقال له الحسين عليه السلام: لا اكلت بيمينك و لا شربت بها و حشرك الله مع الظالمين. ثم القي القلنسوه و دعا بخرقه فشد بها راسه و استدعي قلنسوه اخري و اعتم عليها. و نظر يمينا و شمالا لا يري احدا، فرفع راسه الي السماء فقال: اللهم انك تري ما يصنع بولد نبيك.


و قال الطبري [73] : قال ابومخنف: و ان رجلا من كنده يقال له مالك بن النسير من بني بداء اتاه فضربه عل راسه بالسيف و عليه برنس له، فقطع البرنس و اصاب السيف راسه فادمي راسه فامتلا البرنس دما، فقال له الحسين: لا اكلت بها و لا شربت و حشرك الله مع الظالمين. قال: فالقي ذلك البرنس ثم دعا بقلنسوه فلبسها و اعتم.. قال: و جاء الكندي حتي اخذ البرنس و كان من خز، فلما قدم به بعد ذلك علي امراته ام عبدالله ابنه الحر اخت حسين بن الحر البدي، اقبل يغسل البرنس من الدم، فقالت له امرته: اسلب ابن بنت رسول الله تدخل بيتي اخرجه عني. فذكر اصحابه انه لم يزل فقيرا بشر حتي مات.

و في البحار مثله و قال: و يبست يداه و انت في الشتاء تقيحان دما و في الصيف كانهما عودان.

(بيان):

ليس في جمله من الروايات كلمه «برنس» كما عرفته في روايه روضه الواعظين، الا ان في جمله منها كما في روايه ابي مخنف و السيد و غيره كلمه «برنس»، و هو علي ما في القاموس و المجمع: البرنس قلنسوه طويله كانت العباد يلبسونها في صدر الاسلام، من البرس بكسر الباء و هو القطن و النون زائده، قيل انه غير عربي. و في النهايه: البرنس كل ثوب راسه منه ملتزق به من دراعه او جبه او ممطر او غيره.

و قلنسوه في المجمع: في الحديث ذكر القلنسوه، و هي فعنلوه بفتح العين و سكون النون و ضم اللام، و الجمع قلانس و يجوز قلاسي. و قال الجوهري: القلنسوه و القلنسيه اذا فتحت القاف ضممت السين و ان ضممت القاف كسرت السين


و قلبت الواو ياءا، فاذا جمعت او صغرت فانت بالخيار، فان شئت حذفت النون و قلت قلاسي، و ان شئت حذفت الواو فقلت قلانس. الي ان قال: و تقلنس اي البسه القلنسوه فلبسها.

و قال الطريحي في ماده «سوج»: و منه كان صلي الله عليه و اله يلبس في الحرب من القلانس و السيجان و قال في بيض: البيضاء احد قلانس النبي صلي الله عليه و اله التي كان يلبسها.

و قال المجلسي في الجلاء و غيره: لما رجع الحسين عليه السلام من المسناه الي الفسطاط ودع عياله ثانيا و امرهم بالصبر، و اوصي لهم بما مر في باب الوصايا، ثم انه عليه السلام دعا بثوب لا يرغب فيه.

و اعلم ان كلماتهم في ذلك مختلفه و عباراتهم مضطربه في اصل الثوب و وقت دعائه بعد الاتفاق علي اصل دعائه، فمنهم من ذكره في وداعه الاول، و منهم من ذكره في وداعه الاخير، و منهم من ذكره قبل شهادته. ثم منهم من ذكر الثوب فقط، و منهم من ذكر السراويل فقط، و منهم من ذكر الثوب و السراويل معا، و ذلك بعد الاتفاق منهم علي عدم لبسه التبان. لانه ثوب ذله او ثوب مذله او ثوب من ضربت عليه الذله علي اختلاف عبائرهم، و نحن نذكر جمله من كلماتهم ثم نذكر المختار من اقوالهم بعد ذكر السراويل و الثوب و التبان، فنقول:

قال الطبري [74] : قال ابومخنف: و لما بقي الحسين في ثلاثه رهط او اربعه دعا بسراويل محققه [75] يلمع فيها البصر يماني محقق ففزره [76] و نكثه [77] لكيلا يسلبه،


فقال له بعض اصحابه: لو لبست تحته تبانا [78] . قال: ذلك ثوب مذله و لا ينبغي لي ان البسه. قال: فلما قتل اقبل بحر بن كعب فسلبه اياه فتركه مجردا.

قال ابومخنف: فحدثني عمرو بن شعيب عن محمد بن عبدالرحمن: ان يدي بحر بن كعب كانتا في الشتاء تنضحان الماء و في الصيف تيبسان كانهما عود. انتهي.

و في اللهوف [79] : قال الحسين: ابغوا لي ثوبا لا يرغب فيه اجعله تحت ثيابي لئلا اجرد منه. فاتي بتبان فقال: لا، ذاك لباس من ضربت عليه بالذله، فاخذ ثوبا خلقا فخرقه و جعله تحت ثيابه، فلما قتل جردوه منه.

ثم استدعي الحسين عليه السلام بسراويل من حبره ففزرها و لبسها، و انما فزرها لكي لا يسلبها. فلما قتل الحسين سلبها بحر بن كعب و تركه مجردا- الي آخر ما ذكره الطبري، و مثله في البحار و غيره.

و في اللواعج [80] : و في روايه انه اتي بش ء اوسع منه دون السراويل و فوق التبان، فلبسه فلما قتل جردوه منه، ثم استدعي بسراويل من حبره يمانيه يلمع فيها البصر- الي آخر ما في اللهوف.

و في المنتخب و غيره: قال عليه السلام لاخته زينب: آتني بثوب عتيق لا يرغب فيه احد من القوم اجعله تحت ثيابي لئلا اجرد منه بعد قتلي فاني مقتول مسلوب. فارتفعت اصواب النساء بالبكاء و النحيب، ثم اوتي بثوب فخرقه و مزقه من اطرافه و جعله تحت ثيابه، و كان له سروال جديد فخرقه ايضا لئلا يسلب منه... فلما لبس ذلك الثوب المخرق ودع عياله نداع مفارق لا يعود فيه-


انتهي. [81]

و في الناسخ: قال عليه السلام لزينب سلام الله عليها: يا اختاه ايتيني بثوب خلق عتيق لا قيمه له اجعله تحت ثيابي لئلا اجرد عنه، فاتته بثوب فلبس فاذا هو ضيق، فطرحه و قال: هذا لباس اهل الذله، فاتته بثوب اوسع فلبسه بعد ما خرق بيده من اطرافه. انتهي. و مثل ما ذكرنا في جمله من المقاتل باختلاف يسير.

ثم ان الظاهر من اللغويين ترادف اللباس و الثوب، فانهم قالوا: الثوب اللباس و اللباس الثوب. الا ان الذي يظهر منهم و من موارد الاستعمال ان الثوب اخص من اللباس، لان اللباس- علي ما في المجمع- كل ما يستر، قال: و كل ما يستر فهو لباس، و منه (و جعنلا الليل لباسا) [82] اي سترا يستر به. و الثوب لا يستعمل الا في الانسان بنحو خاص، قال السيد في شرح الصحيفه عند تفسير قوله عليه السلام في دعاء الصباح و المساء «و جعله لباسا» قال: اللباس ككتاب ما يلبس من الثوب، من باب لبست لبسا بضم اللام، و اما اللبس بالكسر فبمعني اللباس، شبه الليل باللباس لستره بظلامه. انتهي. [83] .

و بالجمله فمن الثوب و اللباس السراويل، و السراويل و التبان و اسرابيل جمع سربال، و هو القميص- قاله في المجمع [84] .

قال في المنجد: السروال و السرواله و السرويل لباس يستر النصف الاسفل من الجسد، و الجمع سراويل.

و في القاموس: سراويل كقناديل فارسي معرب يذكر و يونث و يقال بالعربي الازار.


و في المجمع: السراويل معروف يذكر و يونث، و الجمع السراويلات. قال سيبويه نقلا عنه سراويل واحده، و هي اعجميه عربت فاشتبهت في كلامهم بما لا ينصرف. و زعم بعضهم انه جمع سراويل و سرواله.

و كيف كان فهو لباس يلبسه الاعاجم من قديم الايام و يلبسه الاشراف و الاعاظم من الاعراب، و قد حث الشرع في لبسه و جعله من المستبحات و المسنونات للرجال و النساء و في الحديث «رحم الله المسرولات» يعني اللاتي يلبسن السراويل.

و يظهر من الاحاديث و التواريخ ان شعارهم عليهم السلام و شعار شيعتهم ذكروا و نساء من زمن النبي صلي الله عليه و آله لبس السراويل، و كان روحي له الفداء يلبسه و كان لابسا في يوم عاشوراء. و سياتي في قضيه التكه انه كان من لباسه الرسمي الدرعي، و هو الذي يسمي في لسان الاعاجم التنبان بالتاء و النون بعده، و يلبسونه في زماننا هذا جل من اهل البلاد و القصبات من الاعراب و جل من الاشراف و الاعاظم من اهل الباديه و البراري.

و اما التبان كرمان، قال في القاموس: سراويل صغير يتسر العوره المغلظه، و في لسان العرب: سراويل صغير مقدار شبر يستر العوره المغلظه فقط يكون للملاحين، قاله في القمقام و غيره، و هو الذي يسمونه في زماننا بالتكه، يلبسه الصبيان و اهل الكتاب و جمله من الجند، و لعل في ذلك الزمان كان يلبسه اهل الذمه فقط كما هم يلبسون اليوم، فلا شك انه من لباس المذله و الذله و اهل الذمه و يعيبون لابسه حتي في زماننا و لا يلبسه الاشراف و الاعاظم.

فتحصل مما ذكرنا ان المختار في ذلك ما رواه السيد انه عليه السلام استدعي ثوبا فاشار عليه بعض فقال: لو لبست تبان، فقال عليه السلام: لا هذا ثوب ذله


او مذله و ثوب من ضربت عليه الذله و لا ينبغي لمثلي ان البسه، فاتوه بثوب يمانيه يلمع فيه النظر محققه ففزرها و نكثها و لبسها، فلما قتل جردوه و سلبها بحر بن كعب فتركوه مجردا عن الثوب، لا انه جردوه حتي عن السراويل بل السراويل كانت باقيه عليه عليه السلام فلم يجرد عنه، بل انما جردوه من ذلك الثوب و سائر اثوابه.

هذا ما هو الصحيح و اعتمد علين، و لعل في عباراتهم تصحيف سرابيل بسراويل او اطلاق السراويل علي مطلق الثوب. و يويد بل يدل علي ما اخترناه ما رواه عمار الدهني عن ابي جعفر عليه السلام في حديث- الي ان قال: ثم امر بحبره فنفقها ثم لبسها و خرج بسيفه. قال في المجمع: الحبره كعنبه ثوب يصنع باليمن من قطن او كتان مخطط.

و سياتي لما هنا تتمه انشاءالله تعالي.

قوله في روايه ابي مخنف و غيره «فزرها» من فزره تفزيرا و هو حل الدرز، اي حل درزها، و قيل هو القطع و الخرق، و الاول انسب. و لا يخفي ما في لفظه.

قوله «محققه»، قال في القاموس: المحقق من الثياب المحكم نسجه.

ثم انه روحي له الفداء ودع عياله و داع الايس من الرجوع، فصرخن النساء و بكين و امرهن بالصبر و الثبات و ركب جواده و توجه نحو القوم فنظر يمينا و شمالا فلم ير احدا من الاصحاب و الانصار الا من صافح التراب جبينه و قطع الحمام انينه.

و في بعض المقاتل: انه عليه السلام بكي بكاءا عاليا، و في المقتل المطبوع المنسوب الي ابي مخنف [85] : ثم نادي اصحابه واحدا بعد واحد- الي آخر ما قال تركته لانفراده به


و قال الشيخ ابن نما قدس سره [86] : ثم انه عليه السلام دعا الناس الي البراز، فتهافتوا اليه و انثالوا عليه، فلم يزل يقتل كل من برز اليه حتي اثر في ذلك الجيش الجم قتله.

و قال الطريحي [87] : ثم ان الحسين عليه السلام اقبل علي عمر بن سعد و قال له: اخيرك في ثلاث خصال. فقال: و ما هي؟ قال: تتركني حتي ارجع الي حرم جدي رسول الله صلي الله عليه و آله. قال: ما لي الي ذلك سبيل. قال: اسقوني شربه من الماء فقد نشفت كبدي من الظما. فقال: و لا الي الثانيه من سبيل. قال: و ان كان لا بد من قتلي فليبرز الي رجل بعد رجل. فقال: ذلك لك.

و قال السيد في اللهوف [88] : دعا الناس الي البراز، فلم يزل يقتل كل من برز اليه حتي قتل منهم مقتله عظيمه. فلما [89] نظر شمر الي ذلك قال لعمر بن سعد: و الله لو برز الي الحسين اهل الارض فافناهم عن آخرهم، فالراي ان نتفرق عليه و نحط به من كل جانب، ففعلوا ذلك، و نادي عمر بن سعد: يا قوم اتدرون لمن تقاتلون؟ و الله لو بارزتم فافناكم عن آخركم. فحملوا عليه حمله رجل واحد، و حمل عليهم- روحي له الفداء- و هو يرتجز و يقول:



انا حسين بن علي

آليت ان لا انثني



احمي عيالات ابي

امضي علي دين النبي



فقلب الميمنه علي الميسره و الميسره علي الميمنه، و قتل منهم مقتله عظيمه، فرجع الي مركزه و هو يكثر من قول «لا حول و لا قوه الا بالله العلي العظيم».


و في البحار [90] : و قال ابن شهر اشوب و محمد بن ابي طالب: فلم يزل يقاتل حتي قتل الف رجل و تسعمائه رجل و خمسين رجلا سوي المجروحين، فقال عمر ابن سعد لقومه: الويل لكم اتدرون لمن تقاتلون؟ هذا ابن الانزع البطين، هذا ابن قتال العرب، فاحملوا عليه من كل جانب. و كانت الرماه اربعه الاف، فرموه بالسهام فحالوا بينه و بين رحله.

و قال الشيخ ابن نما [91] : و لم يزل يقاتل حتي جاء شمر بن ذي الجوشن، فحال بينه و بين رحله، فقال عليه السلام: رحلي لكم عن ساعه مباح، فامنعوا جهالكم و طغاتكم و كونوا في الدنيا احرارا اذا لم يكن لكم دين... فقال له شمر: ما تقول يابن فاطمه؟ قال: اقول اني اقاتلكم و تقاتلوني و النساء ليس عليهن جناح. قال: ذلك لك، ثم قصدوه عليه السلام بالحرب.

و قال محمد بن ابي طالب و صاحب المناقب و السيد [92] : فصاح بهم: و يحكم يا شيعه ال ابي سفيان، ان لم يكن لكم دين و لا تخافون الاخره فكونوا احرار في دنياكم و ارجعوا الي احسابكم اذ كنتم عربا. فنادي شمر فقال: ما تقول يابن فاطمه؟ قال: اقول: انا الذي اقاتلكم و تقاتلوني و النساء ليس عليهن جناح، فامنعوا عتاتكم عن التعرض لحرمي ما دمت حيا. فقال شمر: لكن هذا. ثم صاح شمر: الكيم عن حرم الرجل، فاقصدوه بنفسه فلعمري انه كفو كريم.

و قال الطبري [93] : قال ابومخنف: ثم ان شمر بن ذي الجوشن اقبل في نفر نحو من عشره من رجاله اهل الكوفه قبل منزل الحسين الذي فيه ثقله و عياله، فمشي


نحوه، فحالوا بينه و بين رحله، فقال الحسين: ويلكم- الي آخر ما ذكرنا عن الشيخ و السيد باختلاف يسير.

قالوا: ثم قال الحسين عليه السلام: يا قوم علي م تقاتلوني، علي حق تركته، ام علي سنه غيرتها، ام علي شريعه بدلتها؟ قالوا: بل نقاتلك بغضا لابيك و ما فعل باشياخنا يوم بدر و حنين.

قالوا: و لما راي شمر ذلك استدعي الفرسان فصاروا في ظهور الرجاله و امر الرماه ان يرموا، فرشقوه بالسهام حتي صار كالقنفذ، فاحجم عنهم، فجعلوا يحملون علي الحسين عليه السلام و الحسين يحمل عليهم فينكشفون عنه كشف المعزي.في البحار [94] : قالوا ثم رماه رجل من القوم يكني اباالحتوف الجعفي بسهم فوقع السهم في جبهته، فنزعه من جبهته، فسالت الدماء علي وجهه و لحيته، فقال: اللهم انك تري ما انا فيه من عبادك هولاء العصاه. اللهم احصهم عددا و اقتلهم بددا و لا تذر علي وجه الارض منهم احدا و لا تغفر لهم ابدا. ثم حمل عليهم كالليث المغضب، فجعل لا يلحق منه احدا الا بعجه بسيفه- اي شقه- فقتله، و السهام تاخذ من كل ناحيه و هو يتقيها بنحره و صدره.

قال الشيخ ابن نما [95] و السيد في اللهوف و في البحار قالوا و الالفاظ متقاربه: فوقف ليستريح ساعه و قد ضعف عن القتال، فبينما هو واقف اذ اتاه حجر فوقع علي جبهته. قال الشيخ: هشمها [96] .


قالوا [97] : فاخذ الثوب ليسمح الدم عن جبهته فاتاه سهم مسموم- و في روايه محدد مسموم له ثلاث شعب- فوقع علي قلبه. و في بعض الروايات: فوقع السهم في صدره. و الجمع ممكن بل هو الظاهر، لان السهم له شعب وقع شعبه منه في الصدر و شعبه اخري في القلب.

قال الشيخ ابن نما [98] : ثم ضعف من كثره انبعاث الدم بعد اخراج السهم من وراء ظهره. [99]

قال الشيخ ابن نما [100] : فقال عليه السلام: «بسم الله و بالله و علي مله رسول الله صلي الله عليه و آله». ثم رفع راسه الي السماء و قال: الهي انك تعلم انهم يقتلون رجلا ليس علي وجه الارض ابن نبي غيره.

قالوا: (ثم اخذ السهم فاخرجه من قفاه) فانبعث الدم كالميزاب، فوضع يده علي الجرح فلما امتلات رمي به الي السماء، فما رجع من ذلك الدم قطره، و ما عرفت الحمره في السماء حتي رمي الحسين بدمه الي السماء، ثم وضع يديه ثانيا فلما امتلات لطخ بها راسه و لحيته و قال: هكذا الكون حتي القي جدي رسول الله و انا مخضب بدمي و اقول: يا رسول الله قتلني فلان و فلان.


قال السيد [101] : و لما اثخن الحسين عليه السلام بالجراح و بقي كالقنفذ، طعنه صالح بن وهب اليزني [102] علي خاصرته طعنه، فسقط الحسين عن فرسه الي الارض علي خده الايمن و هو يقول: «بسم الله و بالله و علي مله رسول الله «ص»». ثم قام صلوات الله عليه الي القتال راجلا.

قال الطبري [103] : قال ابومخنف: حدثني الصقعب بن زهير بن حميد بن مسلم قال: كنت عليه جبه من خز، و كان معتما، و كان مخصوبا بالوسمه، قال: سمعته يقول قبل ان يقتل و هو يقاتل علي رجليه قتال الفارس الشجاع يتقي الرميه و يفترص العوره [104] و يشد علي الخيل و هو يقول: اعلي قتلي تحاثون، اما و الله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله الله اسخط عليكم بقتله مني، و ايم الله اني لارجو ان يكرمني الله بهوانكم ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون، اما و الله ان لو قد قتلتموني لقد القي الله باسكم بينكم و سفك دماءكم ثم لا يرضي لكم حتي يضاعف لكم العذاب الاليم.

و في روايه بعد قوله عليه السلام «ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون» صاح حصين بن مالك و نادي: يابن فاطمه بماذا ينتقم منا؟ قال السلام: يلقي باسكم- الي اخر الروايه.

قال ابومخنف [105] : عن الحجاج، عن عبدالله بن عمار بن عبد يغوث البارقي،


و عتب علي عبدالله بن عمار بعد ذلك مشهده قتل الحسين، فقال عبدالله بن عمار: ان لي عند بني هاشم ليدا. قلنا له: و ما يدك عندهم؟ قال: حملت علي الحسين بالرمح فانتهيت اليه، فوالله لو شئت لطعنته ثم انصرفت عنه غير بعيد و قلت: ما اصنع بان اتولي قتله يقتله غيري. قال: فشد عليه رجاله ممن عن يمينه و شماله، فحمل علي من عن يمينه حتي ابذعروا [106] و علي من عن شماله حتي ابذعروا، و عليه قميص له من خز و هو معتم. قال: فوالله ما رايت مكسورا قط قد قتل ولده و اهل بيته و اصحابه اربط جاشا و لا امضي جنانا منه و لا اجرا مقدما، و الله ما رايت قبله و لا بعده مثله، ان كانت الرجاله لتنكشف من عن يمنيه و شماله انكشاف المعزي اذا شد فيه الذئب. قال: فو الله انه لكذلك...

قال الطبري [107] : قال ابومخنف: و اقدم شمر بن ذي الجوشن عليه بالرجاله، منهم ابوالجنوب- و اسمه عبدالرحمن الجعفي- و القشعم بن عمرو بن يزيد الجعفي و صالح بن وهب اليزني و سنان بن انس النخعي و خولي بن يزيد الاصبحي، فجعل شمر بن ذي الحوشن يحرضهم، فمر بابي الجنوب و هو شاك في السلاح فقال له: اقدم عليه. قال: و ما يمنعك ان تقدم عليه انت. فقال له شمر: الي تقول هذا؟ قال: و انت تقول لي هذا؟ فاستبا، فقال له ابوالجنوب و كان شجاعا: و الله لهممت ان اخضخض السنان في عينك. قال: فانصرف شمر عنه و قال: و الله لئن قدرت ان اضرك لاضرنك.

قال: ثم ان شمر بن ذي الجوشن اقبل في الرجاله نحو الحسين، فاخذ الحسين


يشد عليهم فينكشفون عنه. ثم انهم احاطوا به احاطه، و اقبل الي الحسين غلام من اهله- الي آخر ما سيذكر في ترجمه عبدالله بن الحسن.

قال السيد: ثم لبثوا هينئه ثم عادوا اليه. قال [108] : و صاح شمر بالفرسان و الرجاله: ويحكم ما تنتظرون بالرجل اقتلوه ثكلتم امهاتكم. فحملوا عليه من كل جانب.

قال الشيخ في الارشاد و السيد في اللهوف و في جمله من المقاتل [109] فضربه زرعه بن شريك علي كتفه اليسري، و ضرب الحسين زرعه فصرعه.

هكذا في جمله من نسخ البحار و اللهوف و الارشاد، و في الطبري المطبوع الموجود [110] : قال ابومخنف: عن حميد بن مسلم قال: و لقد مكث طويلا من النهار و لو شاء الناس ان يتقوله لفعلوا، و لكنهم كان يتقي بعضهم ببعض و يحب هولاء ان يكفيهم هولاء. قال: فناي شمر في الناس: و يحكم ماذا تنتظرون بالرجل اقتلوه تكلتكم امهاتكم. قال: فحمل عليه من كل جانب. فضربت كفه اليسري ضربه، ضربها زرعه بن شريك التميمي. و في نسخه فقطعها، و لعل هذا هو الاصح لقرينه فقطعها. قال: و ضربه آخر منهم علي عاتقه المقدس بالسيف ضربه كبا منها لوجهه.

قال السيد [111] : و كان قد اعيا، جعل ينوء و يكب. و مثله عن ابي مخنف و غيره.

و في القمقام [112] عن ترجمه محمد بن جرير الطبري: انه عليه السلام توجه في هذا الحال نحو المخيم و سار اليه فادركه سنان بن انس النخعي فطعنه في ترقوته.


قال ابومخنف [113] : فحمل عليه في تلك الحال سنان بن انس بن عمرو النخعي فطعنه بالرمح فوقع.

قال السيد [114] : ثم اشرع الرمح فطعنه في بواني صدره- اي الاضلاع- ثم رماه سنان ايضا بسهم فوقع السهم في نحره، فسقط عليه السلام و جلس قاعدا، فنزع السهم من نحره و قرن كفيه جميعا فكلما امتلاتا من دمائه خضب بهما راسه و لحيته و هو يقول: هكذا القي الله مخضبا بدمي مغصوبا علي حقي.

و في المناقب و غيره: ثم دنا عمر بن سعد من الحسين عليه السلام.

قال الطبري [115] : قال ابومخنف: عن عبدالله بن عمار: و خرجت زينب ابنه فاطمه اخته، و كاني انظر الي قرطها يجول بين اذنيها و عاتقها، و هي تقول: ليت السماء تطابقت علي الارض، و قد دنا عمر بن سعد من الحسين فقالت: يا عمر بن سعد ايقتل ابوعبدالله و انت تنظر اليه. قال: فكاني انظر الي دموع عمر و هي تسيل علي خديه و لحيته. قال: فصرف بوجهه عنها.

و قال السيد [116] : و خرجت زينب من باب الفسطاط و هي تنادي: وا اخاه وا سيداه وا اهل بيتاه، ليت السماء اطبقت علي الارض و ليت الجبال تدكدكت علي السهل.

و في بعض المقاتل: و خرجت زينب الي باب الفسطاط و هي تنادي- الي آخر ما مر. و لا يخفي الفرق بين العبارتين.

و في البحار [117] : عن حميد بن مسلم قال: و خرجت زينب بنت علي و قرطاها


يجولان بين اذنيها، و هي تقول: ليت السماء انطبقت علي الارض، يا عمر بن سعد ايقتل ابوعبدالله و انت تنظر اليه، و دموع عمر تسيل علي خديه و لحيته و هو يصرف وجهه عنها و الحسين جالس و عليه جبه خز و قد تحاماه الناس... و هو يكبو مره و يقوم اخري.

و في جمله من المقاتل: و جهت الي القوم و نادت: و يحكم اما فيكم مسلم، فلم يجبها احد بشي ء.

و عن المفيد في الارشاد مثله و كذا عن غيره باختلاف يسير في الالفاظ. [118] .

(بيان):

فكان العقيله سلام الله عليها قد اقتبست قولها و اخذته من كلام الله جل جلاله حيث يقول في سوره مريم (و قالوا اتخذ الرحمن ولدا- لقد جئتم شيئا ادا- تكاد السماوات يتفطرن منه و تنشق الارض و تخر الجبال هدا- ان دعوا للرحمن ولدا) [119] .

قال في مجمع البيان [120] : هذا من امثال العرب عند وقوع حادثه عظيمه ليس فوقها حادثه، و المعني انه لو كانت السماوات يتفطرن و الارض تنشق و الجبال تهد هذا لكان مثل هذه الواقعه العجيبه الغريبه- هو اتخاذ الرحمن ولدا و ما ينبغي ان يتخذ الرحمن ولدا.

و ليت هنا ليس للتمني، و ان كان يستعمل كثيرا في الامر المحال و قليلا في الممكن، نحو قولها «ليت الموت اعدمني الحياه»، بل هو ههنا بمعني وجد او قارب


و كاد علي ما صرح به في القاموس و المجمع، و المعني في قولهم «ليت زيدا شاخصا» قال في المجمع: حي النحويون ان بعض العرب يستعملها بمنزله وجدت فيعديها الي مفعولين و يجري مجري الافعال فيقول: ليت زيدا شاخصا، و كذا في القاموس.

و معني قولها «تطابقت» في المنجد تطبق و انطبق الشي ء اي صار منطبقا. و في القاموس طبق و اطبق و طبق و تطابق و الطبق بمعني.

و في الجمع: و في الحديث «و السماء ينطبق علينا» اي تعم بغيمها جميع بقاع الارض بحيث لا يعلم مطلعها من مغربها. و في دعاء الاستسقاء «اسقنا غيثا طبقا» اي مغطيا للارض.

قولها «تدكدكت علي السهل» اتي كسرت حتي استوت مع وجه الارض. قال في المجمع: و دككت الشي ء اذا كسرته و ضربته حتي سويته بالارض. الي ان قال: و تدكدكت الجبال اي صارت دكا. و الدكه المكان المرتفع الذي يقعد عليه.

و المعني تصنعون هذا بابن بنت نبيكم و هو من عظائم الامور، بل الامر اعظم منه، قد قاربت السماء ان تنطبق علي الارض و تعم بغيمها بحيث لا يعلم مطلعها و لا مغربها، و كسرت الجبال علي السهل بحيث استوت وجه الارض، فانكم قد جئتم شيئا اذا و منكرا عظيما.

و ما يمضي في بعض الكتب في ترجمه قولها روحي فداها لا يصدر الا عن قله التامل و الاستعجال في الاستكتاب.

قال الشيخ ابن نما [121] : و لما اثخن بالجراح و لم يبق فيه حراك امر شمر ان يرموه


بالسهام، و ناداهم عمر بن سعد: ما تنتظرون بالرجل.

قال الشيخ و السيد و المجلسي و جل ارباب المقاتل [122] : قال هلال بن نافع: اني لواقف مع اصحاب عمر بن سعد في عسكره اذ صرخ صارخ: ابشر ايها الامير قد قتل الحسين. فبرزت بين الصفين و انه ليجود بنفسه، فوالله ما رايت احسن منه (قتيلا مضمخا بدمه احسن منه و لا انور وجها)، و لقد شغلني نور وجهه و جمال هيئته- او هيبته كما في بعض النسخ- عن الكفره في قتله. فاستسقي في تلك الحال ماءا فسمعت رجلا يقول: و الله لا تذوق الماء حتي ترد الحاميه فتشرب من حميمها. قال: بل ارد علي جدي رسول الله و اسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر و اشرب من ماء غير اسن و اشكو اليه ما ارتكبتم مني و فعلتم بي.

قال: فغضبوا باجمعهم حتي كان الله لم يجعل في قلب احد منهم من الرحمه شيئا، فاحتزوا راسه و انه ليكلمهم، فتعجبت من قله رحمتهم و قلت: و الله لا اجامعكم علي امر ابدا.

و في نوادر علي بن اسباط [123] عن بعض اصحابه رواه قال: ان اباجعفر عليه السلام قال: كان ابي مبطونا يوم قتل ابوه صلوات الله عليه، و كان في الخيمه، و كنت اري موالينا كيف يختلفون معه يتبعونه بالماء، فيشد علي الميمنه مره و علي الميسره اخري و علي القلب مره، و لقد قتلوه قتله نهي رسول الله صلي الله عليه و آله ان يقتل بها الكلاب، لقد قتل بالسيف و السنان و بالحجاره و بالخشب و بالعصا، و لقد او طاوه الخيل بعد ذلك.


و في البحار و غيره [124] : و جاء اليه شمر و سنان بن انس و الحسين باخر رمق يلوك بلسانه من العطش و يطلب الماء، فرفسه شمر- الي آخر ما قال و ما قالوا، و لقد جف القلم من تحريره. قلم باينجا رسيد سر بشكست. فاطلب التفصيل من كتب القوم.

و ينبغي التنبيه علي امور:

(الاول) اختلفوا في قاتله علي اقوال، و منهم من فصل بين من قتله و من احتز راسه:

الاول: ذكره لسان المورخين و ان قاتله رجل مجهول الاسم و الهويه من قبيله مذحج. قال: و هذا القول ضعيف جدا.

الثاني: ان قاتله و من احتز راسه خولي بن يزيد الاصبحي. و هذا مختار علي ابن عيسي الاربلي في كشف الغمه. قال: قال عمر بن سعد لاصحابه: انزلوا و حزوا راسه، فنزل اليه نصر بن خرشه الضبابي، ثم جعل يضرب بسيفه مذبح الحسين عليه السلام، فغضب عمر بن سعد فقال لرجل: ويحك انزل الي الحسين فارحه، فنزل اليه خولي بن يزيد فاحتز راسه. [125]

الثالث: ما عن ابن عبدالبر في الاستيعاب [126] قال: قال مصعب: الذي تولي قتل الحسين سنان بن انس النخعي [127] لا رحمه الله. و اجترا عليه خولي بن يزيد الاصبحي من حمير و حز راسه و اتي به عبيدالله.


الرابع: ما اختاره في مقاتل الطالبين [128] قال: و قتله ابوالحتوف- و في نسخه ابوالجنوب- زياد بن عبدالرحمن الجعفي، و القثعم و صالح بن وهب اليزني و خولي ابن يزيد الاصبحي، كل قد ضرب و شرك فيه، و نزل سنان بن انس النخعي فاحتز راسه، و يقال: ان الذي اجهز عليه شمر بن ذي الجوشن الضبابي.

الخامس: ان سنان بن انس هو الذي قتله و احتز راسه، كما في اللهوف و مثير الاحزان و مروج الذهب و امالي الصدوق و ابن الاثير في الكامل و الطبري.

قال السيد في اللهوف [129] : فقال عمر بن سعد لرجل عن يمينه: انزل ويحك الي الحسين فارحه، قال: فبدر اليه خولي بن يزيد الاصبحي ليحتز راسه فارعد، فنزل اليه سنان بن انس النخعي فضربه بالسيف في حلقه الشريف و هو يقول: و الله اني لاحتز راسك و اعلم انك ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و خير الناس ابا و اما، ثم احتز راسه المقدس. و في مثير الاحزان مثله. [130] .

و عن اسد الغابه: و الصحيح انه قتله سنان بن انس النخعي. و اما قول من قال قتله شمر و ابن سعد لان شمرا هو الذي حرض الناس علي قتله و حملهم به اليه، و كان عمر امير الجيش فنسب القتل اليه. [131] .

و في الدر النظيم مثل ما في اللهوف الا انه قال: امر عمر بن سعد شبث بن ربعي بقتله، فابي ثم امر سنان- الي آخر ما مر.

السادس: ما عن الحافظ عبدالعزيز الجنابذي قال: يقال قتله شمر بن ذي الجوشن، و الذي احتز راسه جون اليمامي.


السابع: ما يستفاد من روايه هلال المتقدمه [132] قال: اني كنت واقفا مع اصحاب عمر بن سعد اذ صرخ صارخ: ابشر ايها الامير هذا شمر قتل الحسين. الي ان قال: فاحتزوا راسه.

الثامن: ما نقله السبط ابن الجوزي في تذكرته: ان الحصين بن نمير رماه بسهم ثم نزل فذبحه و علق راسه في عنق فرسه ليتقرب به الي ابن زياد.

التاسع: فيه ايضا قتله مهاجر بن اويس التميمي.

العاشر: ما فيه ايضا انه قتله كثير بن عبدالله الشعبي.

الحادي عشر: ما في روضه الصفا ان زرعه بن شريك و سنان بن انس قتلاه و احتزا راسه.

الثاني عشر: ما فيه ايضا ان نصر بن خرشه قتله و احتز راسه و كان مبروصا، و قال عليه السلام له: انت المبروص الذي رايته في المنام انه قاتلي.

الثالث عشر: ما اختاره الدينوري في الاخبار الطوال قال: و نزل اليه خولي بن يزيد الاصبحي ليحتز راسه فارعدت يداه، فنزل اخوه شبل بن يزيد الاصبحي فاحتز راسه فدفعه الي اخيه خولي. [133] .

الرابع عشر: هو ان الذي قتله و احتز قتله و احتز راسه شمر بن ذي الجوشن الضبابي عليه لعائن الله. و هذا هو الاصح و المشهور عند اصحابنا رضوان الله عليهم.

و انت تعلم ان الاقوال المذكوره لا مدرك لها و لا مستند يستند اليه، بل جلها انما صدرت عمن بناوه علي الاختلاف في ضرورياتنا و الشبهه فيما هو المسلم عندنا لينالوا به اغراضهم الفاسده. و سياتي في ذلك مزيد بيان انشاءالله تعالي.


و ما اخترناه هو الذي دلت عليه الاحاديث و الروايات و الزيارات، و عليه معظم فقهائنا، بل اتفقت عليه كلمه جمله من محدثينا و مورخينا، ففي كتاب بهجه المجالس و غيره: قيل لجعفر بن محمد الصادق عليه السلام: كم تتاخر الرويا؟ قال: راي النبي صلي الله عليه و آله و سلم كان كلبا ابقع يلغ في دمه، فكان شمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين بن علي عليه السلام و كان ابرص، فكان تعبيرالرويا خمسين سنه.

و قال الشيخ علي بن فتال النيسابوري في روضه الواعظين: فبدر اليه خولي بن يزيد ليجتز راسه فارعد، فقال له شمر: فت الله في عضدك، فنزل اليه فذبحه ثم رفع راسه الي خولي بن يزيد. و في ارشاد الشيخ مثله. [134] .

و في مقتل ابي اسحاق الاسفرايني قال: فبادر اليه ابن يزيد الاصبحي ليجتز راسه فارتعد و رفع، فنزل اليه سنان بن انس النخعي فاخذ بلحيته و جعل يضربه بالسيف في حلقه و يقول: و الله لاخذ راسك و قد اعلم انك ابن بنت رسول الله، ففتح عيناه فيه فولي هاربا، فلقيه شمر بن ذي الجوشن فقال له: لم لا تقتله؟ فقال: ففتح عيناه في وجهي فتذكرت شجاعه ابيه فخفت منه. فقال: ويلك هلم الي بالسيف، و الله لو لم يكن احد احق مني بدم الحسين. ثم نزل عن جواده و اقبل علي الحسين و ركب صدره و حطه علي نحره- الي ان قال- ثم ضرب السيف في منحره مرارا فلم يقطع منه شيئا، فقال عليه السلام: و الله ان سيفك لا يقطع موضعا يسبح الله، فكبه علي وجهه و جعل يجر سيفه ثم اجتز راسه و رفع علي رمح دفعها الي ابن يزيد الاصبحي، و مثله في جمله من كتب اصحابنا.

و في البحار [135] : جاء اليه شمر و سنان بن انس و الحسين باخر رمق يلوك لسانه


من العطش و يطلب الماء، فرفسه شمر لعنه الله برجله و قال: يابن ابي تراب الست تزعم ان اباك علي حوض النبي يسقي من احبه، فاصبر حتي تاذ الماء من يده. ثم قال لسنان: اجتز راسه قفاء. فقال سنان: و الله لا افعل فيكون جده محمد خصمي، فغضب شمر و جلس علي صدره و قبض علي لحيته و هم بقتله، فضحك الحسين عليه السلام فقال له: اتقلني و لا تعلم من انا. قال اللعين: اعرفك حق المعرفه، امك فاطمه الزهراء و ابوك علي المرتضي و جدك محمد المصطفي (و خصمك العلي الاعلي)، اقتلك و لا ابالي. فضربه بسيفه اثنتا عشره ضربه ثم جز راسه. و في بعض المقاتل هنا زيادات تركناها و اخذنا موضع الحاجه، و قد مر في روايه الهلال: انه روحي له الفداء اجتز راسه و هو يتكلم. و المسلم عند الفريقين من العامه و الخاصه من مورخيهم و محدثيهم انه كان عطشانا نهايه العطش بحيث يلوك بلسانه و كان بينه و بين السماء كالدخان. و جف روحه من العطش و طلب من قاتله الماء فلم يجبه.

قال ابن حجر في صواعقه: و منعوه الماء ثلاثا. [136] و مثله في جمله من كتب اصحابنا و محدثينا.

(الامر الثاني) اختلفوا في عمره عليه السلام يوم قتل، ففي الفصول المهمه عمره ست و خمسون سنه و بعض اشهر [137] ، و مثله في كتاب العقد الفريد [138] ، و في الصواقع و له ست و خمسون سنه و اشهر [139] و قال المسعودي: و هو ابن خمس


و خمسين سنه، و قيل ابن تسع و خمسين، و قيل غير ذلك. [140] .

و في الارشاد: سنه يومئذ ثمان و خمسون سنه [141] . و في الاستيعاب: قال قتاده: قتل الحسين و هو ابن اربع و خمسين سنه و سته اشهر، و عن الشافعي عن سفيان بن عيينه: قتل الحسين بن علي و هو ابن ثمان و خمسين سنه.

و في كشف الغمه: مده عمره ستا و خمسين سنه و اشهر. و عن الحافظ عبدالعزيز: و قتل بالطف يوم عاشوراء سنه احدي و ستين و هو ابن خمس و خمسين سنه و سته اشهر. [142] .

و في كشف الغمه بعد نقل جمله من الاقوال قال: قلت قد اتفقوا في التاريخ و اختلفوا في الحساب و الحق منهما يظهر لمن اعتبره... و من اعجب ما يحكي انهم اتفقوا انه ولد عليه السلام في سنه اربع من الهجره، و قتل في عاشر محرم من سنه احدي و ستين و اختلفوا بعد في مده حياته، ما هذا الا عجيب، و انت اذا عرفت مولده و موته عرفت مده عمره من طريق قريب. انتهي. [143] .

و قال علي جلال الحسيني في كتاب الحسين: كان عمر الحسين حين انتقل رسول الله الي الرفيق الاعلي سبع سنين، لان مولده اربع و وفاه النبي صلي الله عليه و آله في اول الحاديه عشره، و اقام مع ابيه بعد جده ثلاثين سنه اذ كانت وفاه ابيه سنه اربعين، و اقام مع اخيه الحسن بعد ابيه عشر سنين. و عاش بعد اخيه احدي عشره سنه، فمده حياته خمسون و ثمانيه سنه. ثم قال: لكن من قال ان عمر الحسين عليه السلام خمسون و ثمانيه سنه كالمفيد حسبوا سنه ولادته و سنه وفاته


من عمره مع انه ينبغي ان يحسب خمسه اشهر الا اربعه ايام من سنه ولادته، لانه ولد في خامس شعبان سنه اربع، و يحسب عشره ايام فقط من سنه احدي و ستين، لان مقتله يوم عاشوراء منها، يكون عمره بالضبط يوم قتل خمسون سنه و ست سنين و خمسه اشهر و سته ايام. انتهي.

في سنة قتله سلام الله عليه. الاكثرون بل يمكن دعوي الاتفاق من المورخين و المحدثين علي ان سنه شهادته سنه احدي و ستين من الهجره، صرح بذلك ابوالفرج و الحافظ عبدالعزيز و الطبري و الجزري و المفيد و الاربلي في كشف الغمه و القمقام و غيرهم من العامه و الخاصه.

و قيل قتل عليه السلام سنه ستين، قال بذلك لسان المورخين تبعا لبعض من تقدم، و لعله سهو او اشتباه في التاريخ لو كان بحساب السنين القمريه و اما بحساب السنين الشمسيه يطابق علي ما صرح به في القمقام تسعه و اربعين من سني الشمسيه الفرسيه اليزدجرديه.

(الامر الرابع) اتفق المسلمون بل كل من تعرض لتاريخه عليه السلام من غير المسلمين علي ان الشهر الذي استشهد فيه هو المحرم اول الشهور العربيه، و من قال انه في شهر صفر ليس غرضه الا ايقاع الخلاف بين المسلمين كما هو داب بعضهم من التشكيك في ضرورياتنا و ما هو المسلم عندنا، و امثاله غير عزيز. [144] .

هذا بحسب الشهور العربيه، و اما بحسب الشهور الروميه فقد قال في الاثار الباقيه: قد قيل عاشوراء هو عبراني معرب يعني عاشور، و هو العاشر من تشري اليهود الذي صومه صوم الكبشور و انه اعتبر في شهور العرب فجعل في يوم العاشور من اول شهورهم كما هو في اليوم العاشر من اول شهور اليهود. انتهي.


فالمحرم في تلك السنه كان مطابقا مع تشرين الاول.

و اما بحسب الشهور الشمسيه الفرسيه الجلاليه فكان ذلك في الميزان. قال الخبير البصير المتخصص في الرياضيات في القمقام [145] : لا خلاف علي ما صرح به الاساتيد و استخرجوا من الزيجات و صرح به المنجمون في عهد فتح علي شاه القاجار بحسب الزيج المعمول في هذه الازمنه- و هو زيج محمد شاه الهندي- حيث استخرجوا بتمام الدقه ان الشمس في تلك السنه كانت في الميزان و كانت في درجه «كا» اي احدي و عشرين من الميزان و الشمس مع كونها في دمالها كانت متقاربه مع المريخ و هو في هبوط و الشمس في نهايه النحوسه و النير الاصغر كان مقابلا مع زحل و النظر مقابله الخصومه و العداوه، و كانت الزهره في سنبله و القمر في دلو و الزحل في اسد و المشتري في جدي، و كان طالع تلك السنه السرطان، و وقع قرن النحس السرطاني قبل ذلك باربعه اشهر في فصل الربيع.

و قال اليعقوبي في تاريخه: و كان العاشور في تشرين الاول من شهور العجم. قال الخوارزمي: و كانت الشمس يومئذ في الميزان سبعه عشره درجه و عشرين دقيقه، و القمر في الدلو عشرين درجه و عشرين دقيقه، و زحل في السرطان تسعا و عشرين درجه و عشرين دقيقه، و المشتري في الجدي اثنتي عشره درجه و اربعين دقيقه، و الزهره في السنبله (خمس درجات و خمسين دقيقه، و عطارد في الميزان خمس درجات و اربعين دقيقه، و الراس في الجوزاء درجه و خمسا و اربعين دقيقه) [146] .

(الامر الخامس) اجمع لكل علي ان يوم شهادته روحي له الفداء يوم


عاشوراء، و هو العاشر من المحرم.

قال الفاضل المعاصر في اربعينه: تاسوعا و عاشورا من اللغات المستعمله بعد الاسلام، اذ ليس في لغه العرب وزن «فاعولا» و لا في الاعداد غيرهما.

و الذي يظهر من الجوهري والفيروزابادي و المجمع ان عاشورا لفظ عربي، قال في القاموس: عاشوراء كباحوراء و عشوراء كصفوراء و قد يقصران، و عاشور ككافور عاشر محرم او تاسعه.

فليس لفظ عاشوراء عنده لخصوص عاشر المحرم بل كما يستعمل فيه يستعمل في تاسعه بل يظهر منه- علي ما صرح به القزويني في ترجمته- انه يستعمل في عامه غير المحرم ايضا، بل في كل عاشر من الاعداد، بمعني ان كلمه عاشوراء تستعمل في عاشر كل عدد و تاسعه.

و قال في المجمع: و يوم عاشوراء بالمد و القصر و هو عاشر محرم، و هو اسم اسلامي، و جاء عشوراء مع حذف الالف التي بعد العين. و قال: تاسوعاء هو قبل يوم العاشور. قال الجوهري: و اظنه مولدا، و مثله في القاموس. قال: و التاسوعاء قبل يوم عاشوراء. قال الجوهري: اظنه مولدا. انتهي. [147] .

و من الغريب ما وقع في المنجد حيث قال: العاشور و العشوري و العاشوراء عاشر محرم. و قال في التاسوعاء- في الطبعه الثامنه- التاسوعاء يوم التاسع كل شهر. يظهر منه ان تاسوعاء لفظ عربي و عاشوراء لفظ اسلامي. و لا يهمنا البحث في ذلك مع وضوح المطلب.

(الأمر السادس) في يوم شهادته روحي له الفداء بحسب الأسبوع


الظاهر المتفق عليه عند مورخي العامه و الخاصه و محدثيهم انه يوم الجمعه.

قال ابن عبدالبر في الاستيعاب: قتل يوم الجمعه [148] و عن تاريخ اليافعي قتله يوم الجمعه و قيل يوم السبت.

و قال ابن حجر في صواعقه: قتل يوم الجمعه عاشر المحرم. [149] .

و قال الدينوري في الاخبار الطوال: فنهض عمر بن سعد اليهم عشيه الخميس و ليله الجمعه (لتسع ليلال خلون من المحرم) فسالهم (الحسين) تاخير الحرب الي غد فاجابوه [150] . و به قال الطبري و الجزري. [151] .

و في تذكره السبط: كان مقتله يوم الجمعه. و مثله في روضه الصفا.

و قال الشيخ المفيد في ذكر مقتل الحسين: و اصبح عمر بن سعد في ذلك اليوم و هو يوم الجمعه و قيل يوم السبت. قال: و علي الخبر المتقدم ذكره يوم الجمعه علي التحقيق.

و قال في يوم وروده بكربلا: ثم نزل عليه السلام و ذلك يوم الخميس الثاني من المحرم. [152] .

و قال الفتال النيسابوري في روضه الواعظين [153] : ثم نزل بكربلا يوم الخميس ثاني محرم الحرام سنه احدي و ستين. و مثله في اللهوف و البحار، و كذا في روضه الصفا و القمقام و النساخ. بل لم ار من عين خصوص السبت، و قال من قال به مترددا بين


الجمعه او السبت الا ما نسبت الي علي بن عيسي الاربلي في كشف الغمه و ابن عبدربه في كتاب العقد.

وقال ابوالفرج في مقاتل الطالبين: و قتل يوم الجمعه لعشر خلون من المحرم سنه احدي و ستين من الهجره.. و قيل ان مقتله كان يوم السبت، روي ذلك عن ابي نعيم الفضل بن دكين، و الذي ذكرناه اولا هو الاصح. فاما ما تقوله العامه انه قتل يوم الاثنين فباطل، و هو شي ء قالوه بلا روايه، و كان اول المحرم الذي قتل فيه يوم الاربعاء، اخرجناه ذلك بالحساب الهندي من سائر الزيجات، و اذا كان ذلك كذلك فليس يجوز ان يكون اليوم العاشر من المحرم يوم الاثنين.

قال ابوالفرج: و هذا دليل صحيح واضح، تنضاف اليه الروايه، اخبرنا به احمد ابن عيسي، قال: حدثنا احمد بن الحرث، عن الحسين بن نصر قال: حدثنا ابي، عن عمر بن سعد، عن ابي مخنف: و حدثني به احمد بن محمد بن شيبه، قال: حدثنا احمد بن الحرث الخزاز، قال: حدثنا علي بن محمد المدائني، عن ابي مخنف و عوانه بن الحكم و يزيد بن جعديه و غيرهم. فاما ما تعارفه العوام من انه قتل يوم الاثنين فلا اصل له و لا حقيقه و لا وردت به روايه. انتهي. [154] .

و القائل بانه يوم الاثنين ابواسحاق الاسفرايني في مقتله، قال: و ذلك اليوم يوم الاثنين العاشر من المحرم.

و احتمال انه اراد بالاثنين اليوم الذي توفي فيه رسول الله صلي الله عليه و آله، بعيد عن كلامه و عن مسلكه. نعم لا يبعد اراده ذلك فيما يقوله العامه. و بالجمله قد سبقه الاجماع و لحقه الاجماع علي ما قيل في يوم الاحد، و بعد ما ذكره ابوالفرج لا مجال لتوهم غير يوم الجمعه.


و غايه ما يمكن ان يستدل ليوم السبت وجوه:

الاول: من النص عليه. و جاءت الروايه في مكتوبه عليه السلام الي اهل الكوفه ان خروجه من مكه متوجها الي العراق كان يوم الثلاثاء ثامن ذي الحجه الحرام [155] و عليه فيكون يوم العاشر من المحرم يوم السبت.

و فيه: انه كذلك ان كان شهر ذي الحجه الحرام تاما، و علي نقصانه فيكون غره شهر محرم يوم الاربعاء كما صرحوا به، و قد عرفت في كلام ابي الفرج ايضا، و عليه فيكون العاشور يوم الجمعه علي التحقيق.

الثاني: ما في التهذيب في زيادات باب الصيام عن الباقر عليه السلام قال: يخرج القائم عجل الله تعالي فرجه يوم سبت يوم عاشورا اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام [156] .

و فيه: ان الظاهر من الروايه ان السنه التي يخرج فيها القائم عليه السلام يكون العاشور في يوم السبت، لا ان عاشورا الذي قتل فيه الحسين كان يوم السبت، و الا كان حق العباره ان يقال: يخرج عليه السلام يوم عاشورا يوم السبت.

الثالث: ما في روايه شيخنا المفيد باسناده الي ابي عبدالله عليه السلام انه لما سار عليه السلام من المدينه اتته افواج مسلمي الجن فقالوا: يا سيدنا نحن سيعتك. الي ان قال عليه السلام لهم: و لكن تحضرون يوم السبت و هو يوم عاشوراء الذي في آخره اقتل. [157] و سيذكر الحديث بطوله في محله.

و فيه: ان التعبير بذلك وقع علي ما هو المتعارف بين الناس، فان من يخبر عن


قضيه في شهر عن يوم معين في الشهر الاتي يخبر علي حسب تمام الشهر و ان كان الشهر ناقصا، لا انه يخبر بما هو الواقع من نقصان الشهر، فانه لو اخبر علي ما هو الواقع من النقصان يلومه الناس و لا يقبلونه منه، كما هو الظاهر المتعارف من ديدنهم و عرفياتهم، و الامام عليه السلام- و ان كان عالما بالنقصان- و لكنه اخبر بما هو المتعارف. فتدبر.

(الأمر السابع) في ساعه شهادته عليه السلام في يوم عاشوراء

ففي روايه ام سلمه التي قد مرت بطولها قالت ام سلمه: اني اذكرك يا سيدي لا تخرج الي العراق- الي ان اعطاها التربه ثم قال لها: اني اقتل في يوم عاشورا بعد صلاه الزوال. [158]

و في البحار [159] عن ابن سنان عن ابي عبدالله عليه السلام قال: دخلت علي ابي عبدالله جعفر بن محمد في يوم عاشوراء. الي ان قال: قال لي: صمه من غير تبييت، و ليكن افطارك بعد صلاه العصر بساعه علي شربه ماء، فانه في مثل ذلك الوقت تجلت الهيجاء عن ال الرسول صلي الله عليه و آله و انكشفت الغمه عنهم.

و في تذكره السبط: و كان مقتله عليه السلام يوم الجمعه ما بين الظهر و العصر، لانه صلي صلاه الخوف باصحابه.

و مقصوده بذلك الرد علي من يقول بانه قبل الظهر، و هو قول سخيف ليس غرضه الا التشكيك في الضروريات و القاء الخلاف في المسلمات، و قد مر نظيره غير مره.

و الظاهر ان مراده بالظهر و العصر معناهما في اللغه و العرف لا صلاه الظهر و صلاه العصر كما قد يتوهم. قال في القاموس: الظهر زوال الشمس و العصر آخر


اليوم. و مثله في المجمع و غيره، فيوافق ما في روايه المفيد المتقدم انه عليه السلام قال: يوم عاشوراء الذي اقتل في آخره. و لا ينافي ما في روايه ام سلمه المذكوره لمكان البعيده.

و الذي ينبغي ان يقال بعد تسليم ان يوم عاشورا كان في تشرين الاول و درجته كان في الميزان- علي ما مر تحقيقه- ان ذلك اليوم علي ما صرح به في التقاويم كان نصف النهار خمس ساعات و عشره دقائق. فيكون النهار عشر ساعات و عشرين دقيقه، و كان ابتداء القتال بعد ما مر من الخطب و غيرها قريبا من ساعه بل ازيد من النهار، و لما كان بعض الوقائق المتاخره عن قتله من السلب و النهب و غاره الخيام قبل غروب الشمس قطعا، فيكون مقتله قبل غروب الشمس بساعه تقريبا، فيكون ابتداء الحرب و انتهاوه ثمان ساعات علي القرب القريب من التحقيق.

و هذا يوافق ما استخرجه الخبير الماهر في القمقام حيث قال: لما كان مقاربه النسر الاصغر مع الزحل بعد ساعتين من اليوم و كان اثرها نهايه الخصومه، فيكون الشروع في القتال بعد ساعتين من اليوم، و كان انتهاوه اتصال الطالع دلو و هو ساعه ثمانيه و نصف من اليوم، فيكون ابتداء القتال و انتهاوه ست ساعات و نصف ساعه و من انتهاء الحرب الي شهادته عليه السلام يكون قريبا من ساعه، فيوافق بالتقريب ما ذكرناه. فتدبر.

و قد رقم في القمقام زايجه في المقام و يستخرج منها ما ذكره، من اراد فليراجع اليها.

هذا ما وقفنا عليه، و اما ما نسبت الي بعض من ان يوم عاشورا امتد سبعين ساعه، فهو كلام شعري ذوقي اقناعي لقائله لا برهان له و لا روايه و لا شاهد له و العهده علي قائله.



پاورقي

[1] تاريخ الطبري 423:5. الارشاد للمفيد ص 217.

[2] الاقبال ص 561.

[3] المصباح للکفعمي ص 544، الاقبال ص 690، مصباح المتهجد ص 759.

[4] الاقبال ص 690.

[5] الدعوات للراوندي ص 54.

[6] ان هذا التعليم قبل شهادته عليه‏السلام حين جاءه ليودعه، بقرينه قوله «الدماء تغلي»- م.

[7] اللهوف ص.

[8] سوره فصلت: 46.

[9] سوره البقره: 102.

[10] مجمع البيان 385:1.

[11] الارشاد للمفيد ص 216، مثير الاحزان ص 54، اللهوف 40. تاريخ الطبري 422:5، الاخبار الطوال ص 256، بحارالانورا 4:45.

[12] الاخبار الطوال ص 257.

[13] الخرائج و الجرائح 848:2.

[14] سوره الانبياء: 69.

[15] تاريخ الطبري 422:5.

[16] في نسخه تاريخ الطبري الموجوده عندنا «ذويد» بالذال المعجمه و بعده الواو، و في جمله من الکتب «دريد» بالدال المهمله و الراء کما سياتي «م».

اقول: و کذا في النسخه التي رجعنا اليها، و في الکامل «دريد».

[17] الکافي 465:1.

[18] اللهوف ص 44.

[19] سوره الصافات: 105.

[20] من حديث في تاريخ الطبري 392:5.

[21] بحارالانوار 10:45.

[22] تاريخ الطبري 423:5.

[23] في المصدر «ابن ابي‏جويره».

[24] روضه الواعظين ص 185.

[25] سوره آل عمران: 34 -33.

[26] تاريخ الطبري 430:5.

[27] ناسخ التواريخ سيد الشهداء 227:2.

[28] الارشاد للمفيد ص 218.

[29] تاريخ الطبري 434:5، البحار 10:45.

[30] بحارالانوار 8:45.

[31] تاريخ الطبري 429:5.

[32] اللهوف ص 43.

[33] تاريخ الطبري 429:5.

[34] تاريخ الطبري 430:5.

[35] تاريخ الطبري 435:5.

[36] المصدر السابق 436:5.

[37] عباره المصدر: في المسيره علي اهل المسيره.

[38] من کلام الطبري في تاريخه مع بعض التصرف فيه.

[39] مثير الاحزان ص 58.

[40] تاريخ الطبري 438:5.

[41] ليست من کلام الطبري.

[42] تاريخ الطبري 439:5.

[43] هذا خلط في العباره، الصحيح عند الطبري «ابو ثمامه عمرو بن عبدالله الصائدي» کما ذکر اولا.

[44] اللهوف ص 48.

[45] مثير الاحزان ص 65.

[46] تاريخ الطبري 441:5.

[47] المصدر السابق.

[48] البحار 46:45.

[49] اللهوف ص 50.

[50] مثل يضرب لمن حمل علي مکروه من غير ارادته. انظر مجمع الامثال 174:2.

[51] الابيات الثلاثه الاولي في المنتخب للطريحي ص 438، و مقتل ابي‏مخنف ص 132.

[52] و في بعض النسخ «جثماني» بالثاء المثلثه بدل جسماني، و هما بمعني.

[53] الابيات في مقتل ابي‏مخنف ص 132، المناقب لابن‏شهر اشوب 86:4، المنتخب للطريحي ص 440. مع اختلاف في بعض الابيات و الالفاظ.

[54] و في نسخه «نفتک الان جميعا بالحسين».

[55] و في بعض النسخ «ساروا» بالسين المهمله. و «تواصوا» اي اوصي بعضهم بعضا. و «الاجتياح» من الجوح و هو الاستئصال- قاله في المجمع. و في بعض الکتب الاحتياج، و هو غلط.

[56] و في نسخه «نسل الفاجرين» بدل الکافرين. و ياتي في ترجمته شرح هذا مع کونه من اولاد الزنا بالاتفاق.

[57] قد مضي شرحه و انه شده المطر.

[58] و في نسخه «بعد جدي».

[59] الفيلق کجعفر: هو الجسد العظيم.

[60] الحمقل کجعفر: الجند.

[61] وردت هذه البقيه في المناقب 88:4.

[62] يفرق: يفزع، يقال فرق منه: اذا فزع.

[63] اکثر هذه الابيات في المناقب لابن‏شهر اشوب 88:4.

[64] اللهوف ص 51.

[65] تاريخ الطبري 449:5.

[66] انقد بطنه: انشق.

[67] تاريخ الطبري 449:5.

[68] بحارالانوار 51:45.

[69] تتمه ما في البحار.

[70] بقيه من البحار.

[71] الصواعق ص 118.

[72] روضه الواعظين ص 188.

[73] تاريخ الطبري 448:5.

[74] تاريخ الطبري 451:5.

[75] محققه: محکمه النسج.

[76] فزره: شقه و فتته.

[77] نکثه: نقض نسجه، مزقه.

[78] التبان کرمان: سراويل صغيره مقدار شبر يستر العوره، معرب تنبان الفارسي، انظر الالفاظ الفارسيه المعربه.

[79] اللهوف ص 53، مع اختلاف يسير في بعض الالفاظ.

[80] لواعج الاشجان ص 184.

[81] المنتخب للطريحي ص 439.

[82] سوره النبا: 10.

[83] مصباح السالکين 195:2.

[84] هذا خلط من لغتين ذکرت في المجمع هما «سربل» و «سرول».

[85] مقتل ابي‏مخنف ص 132.

[86] مثير الاحزان ص 72.

[87] المنتخب للطريحي ص 439.

[88] اللهوف ص 51.

[89] من هنا ليس في اللهوف.

[90] بحارالانوار 50:45. المناقب لابن‏شهر اشوب 120:4.

[91] مثير الاحزان ص 72.

[92] بحارالانوار 51:45، مع تغيير يسير في بعض الالفاط.

[93] تاريخ الطبري 450:5.

[94] بحارالانوار 52:45.

[95] مثير الاحزان ص 73، اللهوف ص 52 بحارالانوار 52:45.

[96] الهشم علي ما في المجمع هو الشج الذي يهشم عظم الراس، اي يکسرها.

[97] بحارالانوار 53:45.

[98] مثير الاحزان ص 73.

[99] الظاهر تعلق الظرف بالانبعاث، اي انبعاث الدم من وراء ظهره عليه‏السلام بعد اخراج السهم، بمعني ان السهم نفذ الي وراء ظهره و اثر بحيث خرج الدم من وراء ظهره، لا انه اخرج السهم من وراء ظهره، لعدم امکانه عاده. و هذا هو المحتمل بل الظاهر من قولهم- کما في البحار و غيره- ثم اخذ السهم فاخرجه من ورائه، اي وراء السهم وقفاه، الا ان کلام السيد في اللهوف يابي عن ذلک، قال: ثم اخذ السهم فاخرجه من وراء ظهره. لعله اخذ بظاهر کلام الشيخ ابن‏نما. و هذا بعيد جدا لا يمکن تصوره فکيف بوقوعه «م».

[100] بحارالانوار 53:45.

[101] اللهوف ص 54.

[102] اختلفت النسخ في ضبطه، و هذا ضبط تاريخ الطبري 450:5، و قال في تبصير المنتبه 133:1: نسبه الي يزن بفتح الياء و الزاي ثم نون: بطن من حمير.

[103] تاريخ الطبري 452:5.

[104] يفترص العوره: ينتهزها.

[105] تاريخ الطبري 452:5.

[106] ابذعر الناس: تفرقوا، ابذعرت الخيل: اذا رکضت تبادر شيئا تطلبه، اي تفرقت و جفلت. انظر لسان العرب (بذعر).

[107] تاريخ الطبري 450:5.

[108] اللهوف ص 54 مع اختلاف في الالفاظ و يقرب ما هنا من نص الارشاد للمفيد ص 226.

[109] الارشاد للمفيد ص 226، اللهوف ص 54.

[110] تاريخ الطبري 452:5.

[111] اللهوف ص 54.

[112] القمقام 461:2.

[113] تاريخ الطبري 453:5.

[114] اللهوف ص 54.

[115] تاريخ الطبري 452:5.

[116] اللهوف ص 54.

[117] بحارالانوار 55:45.

[118] الارشاد للمفيد ص 226.

[119] سوره مريم: 91 -89.

[120] مجمع البيان 72:16، و النقل هنا بمعني و اختصار.

[121] مثير الاحزان ص 74.

[122] مثير الاحزان ص 75، اللهوف ص 55، بحارالانوار 57:45.

[123] بحارالانوار 91:45.

[124] المصدر السابق 56:45.

[125] المناقب لابن‏شهر اشوب120:4 مع اختلاف يسير.

[126] الاستيعاب 380:1.

[127] في المصدر: سنان بن ابي‏سنان النخعي.

[128] مقاتل الطالبين ص 118.

[129] اللهوف ص 54.

[130] مثير الاحزان ص 75.

[131] اسد الغابه 21:2.

[132] بحارالانوار 57:45.

[133] الاخبار الطوال ص 258.

[134] الارشاد للمفيد ص 226.

[135] بحارالانوار 56:45.

[136] الصواعق المحرقه ص 118.

[137] الفصول المهمه ص 185.

[138] العقد الفريد 380:4، و ليس فيه «و بعض اشهر».

[139] الصواعق المحرقه ص 119.

[140] مروج الذهب 62:3.

[141] الارشاد للمفيد ص 236.

[142] کشف الغمه 265:2.

[143] کشف الغمه 251:2.

[144] نقله ابن‏سعد عن الواقدي، انظر کشف الغمه 266:2.

[145] القمقام 608:2.

[146] تاريخ اليعقوبي 245:2، و الزياده منه.

[147] قال في لسان العرب (عشر): عاشوراء و عشوراء ممدودان: اليوم العاشر من المحرم، و قيل التاسع. قال الازهري: و لم يسمع في امثله الاسماء اسما علي فاعولاء الا احرف قليله.

[148] الاستيعاب 378:1.

[149] الصواعق المحرقه ص 116.

[150] الاخبار الطوال ص 256.

[151] تاريخ الطبري 416:5، الکامل لابن‏الاثير 56:4.

[152] الارشاد للمفيد ص 217 و 210.

[153] روضه الواعظين ص 181.

[154] مقاتل الطالبين ص 84.

[155] انظر تاريخ الطبري 381:1.

[156] تهذيب الاحکام 333:4.

[157] مذکور في بحارالانوار 331:44.

[158] نفس المصدر.

[159] البحار 63:45.