بازگشت

في معني كربلاء


قوله عليه السلام «هي ارض كرب و بلاء». في المجمع: الكربه بالضم الغم الذي ياخذ بالنفس، و كذلك الكرب كالضرب، و الجمع الكرب كغرفه و غرف. و مثله في القاموس و غيره.

و البلاء في القاموس: البلاء كسماء الغم.

فالكرب و الغم و البلاء مترادفات علي ما يظهر منهم و صرح به البعض، و ان كان بينها فرقا اعتباريا. و عليه فقوله عليه السلام «و بلاء» عطف مرادف علي مرادف او عطف تفسير له. و هذا المعني و ان كان بعيدا عن اذهان العامه، صريح روايه قدامه الطويله المعروفه في حديث ام ايمن حيث قال: قال جبرئيل لرسول الله صلي الله عليه و آله: و ان سبطك هذا- و اومي الي الحسين عليه السلام- مقتول في عصابه من ذريتك و اهل بيتك من امتك بضفه الفرات بارض يقال لها كربلا من اجلها يكثر الكرب و البلاء علي اعدائك و اعداء ذريتك في اليوم الذي لا تنقضي كربه و لا تفني حسرته، و هي اطيب بقاع الارض.

فمعني قوله عليه السلام «هي ارض كرب و بلاء» انها ارض من اجل ما يقع فيها و يرد علي الحسين عليه السلام و اهل بيته يكثر البلاء و الحسره و الغم و الكرب في يوم القيامه علي اعدائه و اعداء ذريته. و هذا المعني- و ان كان خارجا


عن ظاهر اللفظ- الا انه مراد من باطنه، فان كلامهم عليهم السلام كالقرآن له ظاهر و باطن.

و يحتمل ان يراد بالبلاء الابلتاء و الامتحان و الاختبار، كما هو المراد في غالب موارد استعماله، و صرح بذلك في القاموس و المجمع و غيرهما من كتب اللغه. و يويد ذلك بل يدل عليه قوله عليه السلام لما اتته افواج مسلمي الجن قال: فاذا اقمت بمكاني فبماذا يبتلي هذا الخلق المتعوس و بماذا يحشرون- الي آخره.

و علي هذا فمعناه: هي ارض غم و كرب لنا و لشيعتنا و ابتلاء و اختبار و امتحان لمن كان معي و لشيعتي و لامه جدي و لجميع البشر الي يوم القيامه. و هذا معني لطيف سليم يقبله الذوق السليم، و بيانه يحتاج الي لطف قريحه خارج عن وضع الرساله. فتفطن.

و اما ما في اذهان العامه من ان البلاء بمعني نفس ما يبتلي به كالمرض و فقد الاحبه و الجرح و المضار الدنيويه و امثال ذلك، فمعناه انها ارض غم و كرب لا ارض فرح و سرور و ارض بليه لمن نزل لها زائرا فيصيبه البلاء و المضار. و هذا المعني و ان كان في نفسه صحيحا لكنه بعيد عن مساق اللفظ. فتدبر.

و يويد ذلك ما في الاخبار الطوال للدينوري قال: ثم سار الحر مع الحسين عليه السلام حتي اتوا كربلا، فوقف الحر و اصحابه امام الحسين و منعوهم من المسير و قال: انزل بهذا المكان فالفرات منك قريب. قال الحسين: و ما اسم هذا المكان؟ قالوا له: كربلا. قال: ذات كرب و بلاء، و لقد مر ابي بهذا المكان عند مصيره الي صفين و انا معه، فوقف فسال عنه فاخبر باسمه، فقال: ههنا محط ركابهم، و ههنا مهراق دمائهم. فسئل عن ذلك فقال عليه السلام: ثقل لال محمد ينزلون ههنا. انتهي. [1]


و بهذا المضمون روايات اخري عن علي عليه السلام و عنه سلام الله عليه.


پاورقي

[1] الاخبار الطوال ص 252.