بازگشت

قصر مقاتل


نزل عليه السلام به في يوم الاربعاء غره شهر محرم الحرام سنه احدي و ستين و سمي في بعض المنازل قصر بني مقاتل، و هو غلط.

قال في المراصد: قصر مقاتل قصر كان بين عين التمر و الشام، منسوب الي مقاتل بن حيان، و هو قرب القطقطانيه. [1] قال السكوني: هو قرب القطقطانيه و سلام (ثم القريات)، و هو منسوب الي مقاتل بن حيان بن ثعلبه بن اوس بن ابراهيم بن ايوب بن مجروف بن عامر بن عصيه بن امري ء القيس بن زيد بن مناه بن تميم. قال ابن الكلبي: لا اعرف في العرب الجاهليه من اسمه ابراهيم بن ايوب غيرهما، و انما سميا بذلك للنصرانيه. [2] .

اتفقوا علي ملاقاه الحسين عليه السلام لعبيدالله بن الحر الجعفي في قصر مقاتل، انما الاختلاف في كيفيه الملاقاه زياده و نقصيه.

قال الطبري [3] : قال ابومخنف: حدثني المجالد بن سعيد، عن عامر الشعبي قال: و مضي الحسين عليه السلام من عذيب الهجانات حتي انتهي الي قصر مقاتل، فنزل به فاذا هو بفسطاط مضروب، قال عليه السلام: لمن هذا الفسطاط؟


فقيل: لعبيدالله بن الحر الجعفي. قال: ادعوه لي، و بعث اليه، فلما اتاه الرسول- و هو علي ما صرحوا به حجاج بن مسروق الجعفي من قبيلته- قال له: هذا الحسين ابن علي يدعوك. فقال عليدالله بن الحر: انا لله و انا اليه راجعون، و الله ما خرجت من الكوفه الا كراهه ان يدخلها الحسين و انا بها، و الله ما اريد ان اراه و لا يراني. فاتاه الرسول فاخبره، فاخذ الحسين نعليه فانتعل ثم قام فجاءه حتي دخل عليه فسلم و جلس، ثم دعاه الي الخروج معه، فاعاد عليه ابن الحر تلك المقاله، فقال: فالا تنصرنا فاتق الله ان تكون ممن يقاتلنا، فهوالله لا يسمع واعتينا احد ثم لا ينصرنا الا هلك. قال: اما هذا فلا يكون ابدا انشاءالله. ثم قام الحسين عليه السلام من عنده حتي دخل رحله. انتهي.

و في الارشاد و البحار مثله. [4]

قال الدينوري: قال عبيدالله للحجاج بن مسروق: و الله ما خرجت من الكوفه الا لكثره من رايته قد خرج لمحاربته و خذلان شيعته، فعلمت انه مقتول و لا اقدر علي نصره، فلست احب ان يراني و لا اراه. [5] .

و في الدر النظيم للشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الفقيه الشامي مثله. و في جمله من الكتب المعتمده كالدر النظيم و تسليه المحزون و روضه الصفا و تاريخ اعثم الكوفي و منتخب الطريحي ذكروا هذه القضيه ببيان ابسط، و في الدر النظيم مرويا عن يزيد بن مره عن عبيدالله بن الحر باختلاف يسير.

قالوا [6] : لما نزل قصر مقاتل فاذا فسطاط مضروب و رمح مركوز و سيف معلق


و فرس واقف، فقال الحسين عليه السلام: لم هذا الفسطاط؟ قالوا: لعبيد الله بن الحر الجعفي. و في بعض الكتب قالوا: لرجل فتاك يقطع الطريق. فارسل اليه الحسين الحجاج بن مسروق الجعفي يدعوه، فاقبل فسلم عليه ورد عليه السلام. فقال: ما وراءك؟ فقال: ورائي يابن الحر ان الله قد اهدي اليك كرامه ان قبلتها. قال: و ما تلك الكرامه؟ فقال له: هذا الحسين بن علي يدعوك الي نصرته، فان قاتلت بين يديه اجرت و ان قتلت استشهدت. فقال له عبيدالله بن الحر: و الله يا حجاج ما خرجت من الكوفه الا مخافه ان يدخلها الحسين و انا فيها و لا انصره، لانه ليس له في الكوفه شيعه و لا انصار الا قد مالوا الي الدنيا الا من عصم الله منهم، فارجع اليه و خبره بذلك.

فرجع و خبره بذلك، فقام الحسين عليه السلام و انتعل ثم صار اليه في جماعه من اخوانه و اهل بيته. و في روايه يزيد بن مره عن عبيدالله بن الحر قال: رايته مقبلا الي و عليه جبه مخطط و علي راسه قلنسوه و في رجليه نعلان و وجهه كالبدر يضي ء، و ما رايت احدا بهذه الجلاله و المهابه و حسن الصوره و سواد لحيته كريش الغراب، و قد احترق قلبي لما رايته مقبلا الي و في اطرافه صبيان و بنيات قد اخذوا باطراف ردائه و يميلون معه حيثما مال.

فلما دخل عليه و سلم و ثب عبيدالله بن الحر من صدر مجلسه و قبل يديه و رجليه و جلس الحسين عليه السلام فحمد الله و اثني عليه ثم قال: يابن الحر فان اهل مصركم هذا كتبوا الي و خبروني انهم مجمعون علي نصرتي و سالوني القدوم اليه، فقدمت و ليس الامر علي ما زعموا... و انا ادعوك الي نصرتنا اهل البيت، فان اعطينا حقنا حمدنا الله تعالي علي ذلك و قبلناه، و ان منعنا حقنا و ركبنا الظلم كنت من اعواني علي طلب الحق.


فقال عبيد الله: يابن بنت رسول الله لو كان لك في الكوفه شيعه و انصار يقاتلون معك لكنت انا من اشدهم في ذلك، و لكني رايت شيعتك في الكوفه و قد لزموا منازلهم خوفا من سيوف بني اميه. و في روايه قال له عليه السلام: هذا فرسي- و كان يسمي علقمه- فوالله ما ركبت قط و انا اروم شيئا الا بلغته و لا ارادني احد الا نجوت منه، و هذا سيفي خذها اليك. فاعرض عنه الحسين عليه السلام بوجهه، و قال: لا حاجه لنا بفرسك و لا بسيفك و لا حاجه لنا فيك، ثم تلا (و ما كنت متخذ المضلين عضدا). [7]

و في روايه يزيد بن مره انه قال: قال عبيدالله للحسين عليه السلام: هذا فرسي اركب عليه و انا ابعث معك نفرا من اصحابي حتي ينجيك و يوصلك الي مامنك، و علي ضمان عيالك و نسوتك حتي يوصلهم اليك سالما. فقال له الحسين: ان مقصودي من استنصارك و دعوتك نصحك. فقال: فثم و الله الذي ليس فوقه شي ء. ثم قال له الحسين عليه السلام: ان استطعت ان لا تسمع صراخنا و لا تشهد واعيتنا فافعل، فوالله لا سمع و اعيتنا احد لا ينصرنا الا اكبه الله في نار جهنم- و في روايه قال: سمعت جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: من سمع نداء اهل البيت و لم يجبه اكبه الله علي منخريه في النار.

قال فقام الحسين عليه السلام. قال عبيدالله: فكررت النظر الي محاسنه فقلت له: اسواد هذا ام خصاب؟ فقال: عجل المشيب يابن الحر. و روي انه سال الحسين عن خضابه فقال: اما انه ليس كما ترون، انما هو حناء و كتم.

و في الارشاد مل ما ذكرنا باختلاف يسير، و كذا في امالي الصدوق عن


الصادق عليه السلام. [8] ، الا ان فيه قال الصادق: لما نزل القطقطانيه نظر الي فسطاط مضروب فقال: لمن هذا الفسطاط؟ فقيل: لعبدالله بن الحر- و لعله تصحيف عبيدالله [9] - فارسل اليه الحسين عليه السلام فقال: ايها الرجل انك مذنب خاطي ء، و ان الله عز و جل اخذك بما انت صانع، ان لم تتب الي الله في ساعتك هذه فتنصرني و يكون جدي شفيعك بين يدي الله. فقال: يابن رسول الله و الله لو نصرتك لكنت اول مقتول بين يديك و لكن هذا فرسي- الي اخر ما مر باختلاف يسير.

هذا ما ذكرنا من حاله في ملاقاته مع الحسين عليه السلام في الطريق، و اما ترجمه حاله و تفصيل ما نقلوا فيه: انه كان عثماني الراي او من فساق الشيعه، و انه تاسف علي عدم نصرته له عليه السلام، فسياتي تفصيله انشاءالله في ترجمه الاعداء.

و مما وقع في قصر مقاتل ملاقاه عمرو بن قيس المشرقي للحسين عليه السلام علي ما رواه الكشي [10] قال: وجدت بخط محمد بن عمر السمرقندي و حدثني بعض الثقات من اصحابنا، قال: حدثني محمد بن احمد بن يحيي بن عمران القمي، قال: حدثني محمد بن اسماعيل، عن علي بن الحكم، عن ابيه، عن ابي الجارود، عن عمرو بن قيس المشرقي قال: دخلت علي الحسين بن علي عليه السلام انا و ابن عم لي و هو في قصر بني مقاتل، فسلمت عليه، فقال له ابن عمي: يا اباعبدالله هذا الذي اراه خضاب او شعرك؟ فقال: خضاب و الشيب الينا بني هاشم


اسرع- و في نسخه يعجل [11] - ثم اقبل علينا فقال: جئتما لنصرتي؟ فقلت له: انا رجل كبير السن كثير العيال و في يدي بضائع للناس و لا ادري ما يكون و اكره ان تضيع امانتي، و قال له ابن عمي مثل ذلك. قال لنا: فانطلقا فلا تسمعا لي واعيه و لا تريا لي سوادا، فانه من سمع واعيتنا او راي سوادنا فلم يجبنا و لم يغثنا [12] كان علي الله ان يكبه علي منخريه في نار جهنم.

(بيان):

قد مر ضبط المشرقي. وعد الشيخ في رجاله هذا الرجل من اصحاب الحسن و الحسين عليهماالسلام. قال العلامه في الخلاصه: يقال انه اعتذر الي الحسين بالبضائع التي كانت معه. و مثله في تحرير الطاوسي، و مثله في رجال ابن داود و قال: و كفاه ذلك ذما. و بالجمله فالسند و ان كان معتبرا و لكن المتن يدل علي ذمه و اي ذم. [13]

قال الطبري [14] : قال ابومخنف: حدثني عبدالرحمن بن جندب، عن عقبه بن سمعان قال: لما كان في آخر الليل امر الحسين عليه السلام بالاستقاء من الماء، ثم امرنا بالرحيل ففعلنا.

قال: فلما ارتحلنا من قصر بني مقاتل و سرنا ساعه خفق الحسين عليه السلام براسه خفقه ثم انتبه و هو يقول: انا لله و انا اليه راجعون، و الحمدلله رب العالمين. قال: ففعل ذلك مرتين او ثلاثا. قال: فاقبل اليه ابنه علي بن الحسين علي فرس له


فقال: انا لله و انا اليه راجعون و الحمدلله رب العالمين، يا ابت جعلت فداك مم حمدت الله و استرجعت. قال: يا بني اني خفقت براسي خفقه فعن لي فارس علي فرس فقال: القوم يسيرون و المنايا تسري اليهم، فعلمت انها انفسنا نعيت الينا. قال له: يا ابت لا اراك الله سوءا. السنا علي الحق؟ قال: بلي و الذي اليه مرجع العباد. قال: يا ابت اذا لا نبالي نموت محقين. فقال له: جزاك الله من ولد خير ما جزي ولدا عن والده.

(بيان):

قد مر عن قريب مثله، و ذكرناه ثانيا لان فيه الزياده و الافاده كما لا يخفي.

قالوا: ان الحسين عليه السلام كان يخبر في جل المنازل بموته و قتله و قتل اصحابه بعبارات شتي و تعبيرات مختلفه، و كثيرا ما كان يذكر حال يحيي عليه السلام مشيرا الي انه يشبهه في انه يقتل.

و في المناقب [15] : روي عن علي بن الحسين عليه السلام قال: خرجنا مع الحسين عليه السلام فما نزل منزلا و لا ارتحل عنه الا و ذكر يحيي بن زكريا، و قال يوما: ان من هوان الدنيا علي الله ان راس يحيي اهدي الي بغي من بغايا بني اسرائيل.


پاورقي

[1] مراصد الاطلاع 1100:3.

[2] هذا من معجم البلدان 364:4.

[3] تاريخ الطبري 407:5.

[4] الارشاد للمفيد ص 208، بحارالانوار 315:44.

[5] الاخبار الطوال ص 250، و ليس فيه ذکر للحجاج بن مسروق، و انما هو ماخوذ من مصادر اخري يشير المولف الي بعضها.

[6] هذا النص قريب مما في الفتوح لابن الاعثم 130:2.

[7] سوره الکهف: 51.

[8] الارشاد للمفيد ص 208، الامالي للصدوق ص 132.

[9] في المصدر المطبوع «عبيدالله».

[10] رجال الکشي ص 114.

[11] في المصارد «اسرع عجل».

[12] في المصدر «فلم يجبنا واعيتنا».

[13] انظر رجال الطوسي ص 69 و 76. خلاصه الاقوال ص 241، التحرير الطاوسي ص 396. رجال ابن‏داود ص 490.

[14] تاريخ الطبري 407:5.

[15] المناقب لابن‏شهر آشوب 92:4.