بازگشت

الزبالة


في المراصد: الزباله بالزاي المضمومه، موضع معروف بطريق مكه بين واقصه و الثعلبيه، بها بركتان. [1]

اختلفت كلماتهم في وصول خبر مقتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروه اليه عليه السلام، ففي الارشاد و اللهوف و البحار [2] : ان وصوله اليه كان في زباله، و قال الطبري و جماعه [3] : انه كان في الثعلبيه، و قد مر روايه ابي مخنف عن عبدالله


ابن سليم و المذري بن المشمعل انهما اخباره ذلك في الثعلبيه، و هذه الروايه مدرك الشيخ في الارشاد، الا ان في نسخته زباله بدل الثعلبيه.

و يمكن الجمع بينهما- بل هو الاصح و المتعين- ان وصول الحر كان في الثعلبيه لكن تيقنه بصحه الخبر كان في زباله، و به قال الدينوري. قال في تاريخه [4] : فلما وافي عليه السلام زباله وافاه بها رسول محمد بن الاشعث و عمر بن سعد بما كان ساله مسلم ان يكتب اليه من امره و خذلان اهل الكوفه اياه بعد ان بايعوه، و قد كان مسلم سال محمد بن الاشعث ذلك، فلما قرا الكتاب استيقن بصحه الخبر و افظعه قتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروه.

قال الشيخ و السيد و المجلسي: لما نزل عليه السلام زباله اخرج الي الناس كتابا فقراه عليهم فاذا فيه:

«بسم الله الرحمن الرحيم، اما بعد فانه قد اتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل و هاني ء بن عروه و عبدالله بن يقطر، و قد خذلنا شيعتنا، فمن احب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج، ليس عليه ذمام».

قالوا: فتفرق الناس عنه و اخذوا يمينا و شمالا، حتي بقي في اصحابه الذين جاوا معه من المدينه و نفر يسير ممن انضموا اليه، و انما فعل ذلك لانه عليه السلام علم ان الاعراب الذين ابتعوه انما ابتعوه و هم يظنون انه ياتي بلدا قد استقامت له طاعه اهله، فكره ان يسيروا معه الا و هم يعلمون علي ما يقدمون. [5]

قال الدينوري: وقد كان صبحه قوم من منازل الطريق، فلما سمعوا خبر مسلم- و قد كانوا ظنوا انه يدقم علي نصار و عضد- تفرقوا عنه و لم يبق معه الا


خاصته. [6]

قال السيد [7] : فلما بلغ زباله فتاه فيها خبر مسلم بن عقيل، فعرف بذلك جماعه مممن تبعه فتفرق عنه اهل الاطماع و الارتياب و بقي معه اهله و خيار اصحابه. قاله: قال الراوي: فارتج الموضع بالبكاء و العويل لقتل مسم بن عقيل و سالت الدموع عليه كل مسيل.

و قال الشيخ ابن نما: و لما ورد خبر مسلم و هاني ء ارتج الموضع بالنوح و العويل و سالت الغروب بالدمع الهموع [8] و تفرق الناس عنه عليه السلام. [9]

و في مروج الذهب: انهم كانوا خمسمائه فارس و مائه راجل، فلم يبق معه الا قليل. [10]

و اما قضيه ابنه مسلم فقد ذكرها اعثم الكوفي، و لعل الطريحي اخذها منه. قال: و كان لمسلم بن عقيل بنت عمرها احدي عشره سنه و قيل ثلاث عشره سنه مع الحسين، فلما قام الحسين من مجلسه جاء الي الخيمه فعزي البنت و قربها من منزله، فحست البنت بالشر، فان الحسين كان قد مسح علي راسها و ناصيتها كما يفعل بالايتام، فقالت: يا عم ما رايتك قبل هذا اليوم تفعل بي مثل ذلك، اظن انه قد استشهد والدي. فلم يتمالك الحسين بالبكاء و قال: يا بنتي انا ابوك و بناتي اخواتك- و في نسخه و ابنائي اخوانك- فصاحت و نادت بالويل، فسمع اولاد مسلم بن عقيل ذلك الكلام و تنافسوا و بكوا بكاء شديدا و رموا بعمائهم الي


الارض. و تامل الحسين عليه السلام هذا الحال و قد قتل مسلم و ان اهل الكوفه هم الذين اعانوا علي قتل اميرالمومنين و نهب الحسن و ضربه بالخنجر علي فخده،فبكي بكاءا شديدا حتي اخضلت لحيته بالدموع.

و ينبغي التنبيه علي امور:

(الاول) نقل في بعض كتب العامه [11] انه عليه السلام لما بلغه قتل مسلم اراد الرجوع الي المدينه فمنعوه اولاد عقيل. و قال الشيخ ابن نما: ثم اراد عليه السلام الرجوع حزنا و جزعا لفقد احبته و المضي الي بلدته، ثم ثاب اليه رايه الاول و قال: علي ما كنت عليه المعول. [12] . و نسب ذلك الي بعض الكتب.

و هذا غلط فاحش و خلاف ما عليه اصحابنا رضوان الله تعالي عليهم، بل قد مر في روايه ابي مخنف عن عبدالله بن سليم و المذري بن المشمعل انهما قالا: فنظر الينا الحسين فقال: لا خير في العيش بعد هولاء. قالا: فعلمنا انه قد عزم علي المسير.

نعم في جمله من الكتب المعتبره انه عليه السلام قال لمن كان لحق به من الاعراب: من كان منكم يريد الانصراف فلينصرف، فهو في حل من بيعتنا، فانصرفوا عنه و بقي في اهل بيته و نفر من اصحابه، و قال عليه السلام لبني عقيل بالخصوص: حسبكم دم مسلم، من اراد منكم الانصراف فلينصرف. فقالوا له: لا نرجع و الله ابدا او ندرك ثارنا او نقتل باجمعنا.

و في روضه الواعظين [13] : فنظر الي بني عقيل و قال: ما ترون فقد قتل مسلم بن


عقيل. قالوا: و الله ما نرجع حتي نصيب ثارنا او نذوق ما ذاق.. فاقبل الحسين عليه السلام و قال: لا خير في العيش بعد هولاء.

و ربما قيل: ان هذه المقال من بني عقيل كانت ليله عاشورا، و يمكن تعدد الواقعه. و سياتي التفصيل.

(الثاني) تختلفت الكتب و النسخ في ضبط الاسديين المذكورين، و الاكثر- و لعله الاصح- عبدالله بن سليم و المذري بن المشمعل بالميم المضمومه و الشين المعجمه الساكنه ثم الميم المفتوحه ثم العين المسكوره ثم اللام. و في بعض النسخ عبدالله بن سليمان بدل سليم، و في جمله منها المنذر بالميم المضمومه ثم النون الساكنه ثم الذال المعجمه، و في بعضها المشمل بالميم المفتوحه بعد الشين، و في بعضها المشعل بالعين بدون الميم، و في بعضها اسمعيل بدل المشمل.و لا يهمنا ذلك بعد وضوح الامر.

(الثالث) الاكثرون علي ان بلوغ خبر عبدالله بن يقطر و قيس بن مسهر الصيداوي كان في زباله، و قيل غير ذلك و انه في بطن العقبه او بعد ملاقاه الحر. و الاول هو الاصح، و لعله بلغه اليه عليه السلام مره بعد مره في منزل بعد منزل كما هو الظاهر.

(الرابع) قد مر في الصفاح الاختلاف في ملاقاه الفرزدق للحسين عليه السلام، حتي ان اباالفرج ذكر في الاغاني انه لاقاه في مكه في اليوم السادس من ذي الحجه قبل خروجه الي العراق. [14]

و قد عرفت ان المشهور ملاقاته له في الصفاح، الا ان السيد في اللهوف ذكر ملاقاته له عليه السلام في زباله. و قد يوجه بان ملاقاته له كانت مرتين جائيا الي


مكه و ذاهبا الي الكوفه. و قد عرفت انه ينافي ما رواه ابومخنف.

قال السيد [15] : فلقيه فرزدق الشاعر، فسلم عليه فقال له: يابن رسول الله كيف تركن الي اهل الكوفه و هم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل و شيعته؟ قال: فاستعبر الحسين باكيا ثم قال: رحم الله مسلما فلقد صار الي روح الله و ريحانه و جنته و رضوانه. اما انه قد قضي ما عيه و بقي ما علينا. ثم انشا يقول:



فان تكن الدنيا تعد نفيسه

فان ثواب الله اعلي و انبل



و ان تكن الابدان للموت انشئت

فقتل امري ء بالسيف في الله افضل



و ان تكن الارزاق قسما مقدرا

فقله حرص المرء في السعي اجمل



و ان تكن الاموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرء يبخل



و نقل الشيخ ابن نما عن كتاب احداق العيون في اعلاق الفنون: ان هذه الابيات تروي لعلي عليه السلام. [16] .

و في القمقام قال بعد نقل الابيات [17] : فمضي الفرزدق و معه ابن عم له من بني مجاشع، فقال له ابن عمه: من هذا الرجل؟ فقال: هذا الحسين بن علي و ابن فاطمه الزهراء بنت محمد المصطفي صلي الله عليه و آله، هذا و الله ابن خيره الله و افضل من مشي علي الارض. فقال له ابن عمه: قد مدحته بقصيده خالصا لوجه الله فاسمع حتي اقول. فانشا «هذا الذي تعرف البطحاء و طاته» الي آخرها.

و هذا منه عجيب، و المشهور ان القصيده للفرزدق مدح بها علي بن الحسين السجاد عليه السلام في مكه، انشاها في وجه هشام بن عبدالملك، و قصته


مشهوره معروفه ذكرها المخالف و الموالف. [18] .

و ملاقاه الفرزدق للحسين عليه السلام- مع علمه بما يجري عليه و عدم تابعته له «ع» تدل علي عدم توفيقه، بل فيه اشعار بل دلاله علي ذمه، الا ان علماء الرجال عدوه من الحسان. وعده الشيخ في رجاله من اصحاب السجاد عليه السلام [19] و له قضايا و حكايات تدل علي مدحه و علي ذمه، و المرجو بل المتقين ان الله تعالي يسامحه بكرمه، فان له حقا علي جميع محبي اهل البيت.

قال الجامي: ان كوفيه رات الفرزدق في النوم فقالت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر الله لي بقصيده علي بن الحسين. ثم قال: بالحري ان يغفر الله لقائل هذه القصيده.

و في القمقام: ان الفرزدق لما انصرف عن الحسين عليه السلام انشا يقول:



فان انتم لم تثاروا لابن خيركم

فالقوا السلاح و اغزلوا بالمغازل [20]




پاورقي

[1] مراصد الاطلاع 656:2.

[2] اللهوف ص 32، الارشاد للمفيد ص 204، بحارالانوار 373:44، و في الاخيرين «الثعلبيه».

[3] تاريخ الطبري 397:5.

[4] الاخبار الطوال ص 247.

[5] بحارالانوار 374:44.

[6] الاخبار الطوال ص 247.

[7] اللهوف ص 32.

[8] الغروب: کثيره السيلان. الهموع: اساله الدمع. و في بعض النسخ «الهمول». و هو افاضه الدموع.

[9] مثير الاحزان ص 45.

[10] مروج الذهب 61:3.

[11] تارخي الطبري 389:5.

[12] مثير الاحزان ص 45.

[13] روضه الواعظين ص 178

[14] في الاغاني 393:21 انه عليه‏السلام لقيه الفرزدق في الصفاح.

[15] اللهوف ص 32.

[16] مثير الاحزان ص 45، و تختلف بعض الالفاظ فيه.

[17] القمقام 338:1.

[18] انظر الارشاد للمفيد ص 243، المناقب لابن‏شهر اشوب 183:4، الاغاني 376:21، ديوان الفرزدق 187:2.

[19] رجال الطوسي ص 100.

[20] المقمام 337:2.