بازگشت

الثعلبية


ورد عليه السلام به يوم الثلاثاء الثاني و العشرين من ذي الحجه الحرام

قال في المراصد [1] : الثعلبيه منسوب [2] بفتح اوله، من منازل طريق مكه، قد كانت قريه فخربت، و هي مشهوره.

قال الطبري [3] : قال ابومخنف: حدثني ابوجناب الكلبي، عن عدي بن


حرمله الاسدي، عن عبدالله بن سليم و المذري بن المشمعل الاسديين قالا: لما قضينا الحج لم يكن لنا همه الا اللحاق بالحسين في الطريق لننظر ما يكون من امره و شانه. فاقبلنا ترقل [4] بنا ناقتنا مسرعين حتي لحقناه بزرود، فلما دونا منه اذا نحن برجل من اهل الكوفه قد عدل عن الطريق حين راي الحسين عليه السلام. قالا: فوقف الحسين كانه يريده، ثم تركه و مضي و مضينا نحوه، فقال احدنا لصاحبه: اذهب بنا الي هذا فلنساله فان كان عنده خبر الكوفه علمناه، فمضينا حتي انتهينا اليه فقلنا: السلام عليك. فقال: و عليكمالسلام و رحمه الله. ثم قلنا: فمن الرجل؟ قال: اسدي. فقلنا: فنحن اسديان فمن انت؟ قال: انا بكير بن المثعبه- فانتسبنا له، ثم قلنا له: اخبرنا عن الناس وراءك. قال: نعم، لم اخرج من الكوفه حتي قتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروه، فرايتهما يجران بارجلهما في السوق. قالا: فاقبلنا حتي لحقنا بالحسين، فسايرناه حتي نزل الثعلبيه ممسيا، فجئناه حين نزل، فسلمنا عليه فرد علينا، فقلنا له: يرحمك الله ان عندنا خبرا فان شئت حدثنا علانيه و ان شئت سرا. فنظر الي اصحابه فقال: ما دون هولاء سر. فقلنا له: ارايات الراكب الذي استقبلك عشاء امس. قال: نعم و قد اردت مسالته، فقلنا: قد استبرانا لك خبره و كفيناك مسالته، و هو امرو من اسد منا ذو راي و صدق و فضل و عقل، حدثنا انه لم يخرج من الكوفه حتي قتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروه و حتي رآهما يجران في السوق بارجلهما. فقال: انا لله و انا اليه راجعون رحمه الله عليهما. فردد ذلك مرارا. فقلنا: ننشدك الله في نفسك و اهل بيتك الا انصرفت من مكانك هذا، فانه ليس لك بالكوفه ناصر و لا شيعه، بل نتخوف ان تكون عليك. قال: فوثب عند ذلك بنو عقيل بن ابي طالب.


قال ابومخنف: حدثني عمر بن خالد، عن زيد بن علي بن الحسين، و عن داود ابن علي بن عبدالله بن عباس: ان بني عقيل قالوا: لا و الله لا نبرح حتي ندرك ثارنا او نذوق ما ذاق اخونا.

قال ابومخنف: عن ابي جناب الكلبي، عن عدي بن حرمله، عن عبدالله بن سليم و المذري بن مشمعل الاسديان قال: فنظر الينا الحسين فقال: لا خير في العيش بعد هولاء. قال: فعلمنا انه قد عزم له رايه علي المسير. قالا: فقلنا خار الله لك. قالا: فقال: رحمكماالله. قالا: فقال له بعض اصحابه: انك و الله ما انت مثل مسلم بن عقيل، و لو قدمت الكوفه لكان الناس اليك اسرع. انتهي.

يظهر من هذا ان وصول خبر مسلم بن عقيل كان في الثعلبيه، و المشهور انه كان في زباله، و سياتي تحقيق ذلك.

روي الكيني «ره» [5] عن الحكم بن عتيبه قال: لقي رجل الحسين بن علي عليه السلام بالثعلبيه و هو يريد كربلا، فدخل عليه فسم عليه، فقال له الحسين: من اي البلاد انت؟ قال: من اهل الكوفه. قال: اما و الله يا اخا اهل الكوفه لو لقيتك بالمدينه لاريتك اثر جبرئيل من دارنا و نزوله بالوحي علي جدي، يا اخا اهل الكوفه افمستقي الناس العلم من عندنا فعلموا و جهلنا، هذا ما لا يكون.

(بيان):

الحكم بين عتبيه بالعين المضمومه والتاء المثناه من فوق المفتوحه و الياء المثناه من تحت الساكنه و الباء الموحده و الهاء. و في نسه «عيينه» بالعين المضمومه المهمله و يائين تحتانيتين اولهما مفتوحه و الاخري ساكنه و النون المفتوحه و الهاء. [6]


قوله «اثر جبرئيل» اي الموضع الذي كان يقف جبرئيل و يستاذن علي رسول الله صلي الله عليه و آله. و هو معروف الان، و يقال للباب القريب منه باب جبرئيل، او كان في اصل الدار موضع معروف بانه موضع جبرئيل، او كان بقي منه اثر كمقام ابراهيم.

قوله «و نزوله» عطف علي جبرئيل، اي اثر نزوله.

قوله «افمستقي الناس» الاستقاء: اخراج الماء من البئر، او طلب الماء للشرب، مصدر ميمي او اسم مفعول، شبه عليه السلام العلم بالماء في ان العلم حياه اللارواح كما ان الماء حياه للاجساد.

و بمعين هذه الروايه روايه اخري اوردها الكليني [7] قبل هذه الروايه في باب ان مستقي العلم من بيت آل محمد صلي الله عليه و آله، عن يحيي بن عبدالله ابي الحسن صاحب الديلم قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول- و عنده اناس من اهل الكوفه: عجبا للناس، انهم اخذو علمهم كله من رسول الله فعملوا به واهتدوا، و يرون ان اهل بيته لم ياخذوا علمه، و نحن اهل بيته و ذريته، في منازلنا نزل الوحي و من عندنا خرج العلم اليهم، افيرون انهم علموا و اهتدوا و جهلنا نحن و ضللنا، ان هذا لمحال.

قال السيد في اللهوف [8] : ثم سار عليه السلام حتي نزل الثعلبيه وقت الظهيره، فوضع راسه فرقد، ثم استيقظ فقال: قد رايت هاتفا يقول: انتم تسرعون و المنايا تسرع بكم الي الجنه. فقال له ابنه علي: يا ابه افلسنا علي الحق؟ فقال عليه السلام: بلي يا بني و الله الذي اليه مرجع العباد. فقال: يا ابه اذن لا نبالي بالموت.


فقال الحسين عليه السلام: جزاك الله يا بني خير ما جزي ولدا عن والده.

(بيان):

ذكر بعض المحدثين هذه الروايه عنه عليه السلام في «عذيب الهجانات» و بعضهم ذكرها في «ذوخشب» بعد ملاقاه الحر، و قد رقد الحسين و هو علي فرسه ثم استيقظ فحمد الله ثلاثا و استرجع فقال علي ابنه- الي آخر ما ذكرنا. و المشهور انه في الثعلبيه.

و لم اتحقق الي الان ان عليا هذا هو السجاد او علي المقتول، و لا قرينه تدل علي التعيين، الا ان جماعه نسبوا القول الي علي المقتول.

و في بعض المقاتل: ان الحسين عليه السلام لما نزل الثعلبيه اقبل اليه رجل نصراني و امه فاسلما علي يديه و كانا معه الي الطف.

قال السيد في اللهوف و غيره و اللفظ له [9] : ثم بات عليه السلام في الثعلبيه، فلما اصبح فاذا برجل من الكوفه يكني ابا هره الازدي قد اتاه فسلم عليه، ثم قال: يابن رسول الله ما الذي اخرجك عن حرم الله و حرم جدك رسول الله؟ فقال الحسين: ويحك يا ابا هره، ان بني اميه اخذوا مالي فصبرت و شتموا عرضي فصبرت و طلبوا دمي فهربت، و ايم الله لتقتلني الفئه الباغيه و ليلبسنهم الله ذلا شاملا و سيفا قاطعا، و ليسلطن الله عليهم من يذلهم حتي يكونوا اذل من قوم سبا اذ ملكتهم امراه فحكمت في اموالهم و دمائهم. [10]


(بيان):

لم ار في كتب الرجال لابي هره هذا ذكر و ترجمه. و كلمه «ويح» تدل علي حسن حاله، قال في المجمع: هي اسم فعل بمعني الترحم، فويح كلمه رحمه كما ان ويل كلمه عذاب. و قال: و قد يقال لمدح و التعجب.

قوله: من قوم سبا اذ ملكتهم امراه» يظهر من ان ما مر من قوله «من فرام امه» تصحيف من قوم امه، و المراد بالامه امراه سبا.

و في بعض المقاتل: ان ملاقاه ابي هره له عليه السلام كانت في الرهيمه، و الاصح ما ذكرنا.

و في بعض المقاتل: ان بشر بن غالب تشرف بخدمته عليه السلام في الثعلبيه. و ذكر المجلسي «قده» [11] باسناده عن زين العابدين عليه السلام: ان بشر بن غالب لقيه في الثعلبيه و قال: اخبرني يابن رسول الله عن قول الله عز و جل (يوم ندعوا كل اناس بامامهم) [12] قال عليه السلام: اما هدي دعا الي الله فاجابوه اليه، و امام دعا الي الضاله فاجابوه اليها، هولاء في الجنه و هولاء في لنار، و هو قوله عز و جل (فريق في الجنه و فريق في السعير). [13] . ثم قال المجلسي: في روايه: فاسله عن اهل الكوفه. فقال القلوب معك و السيوف مع بني اميه. قال: صدقت يا اخا بني اسد.

(بيان):

قد مر عن ابن نما ان ملاقاه بشر بن غالب كان في وادي العقيق، و عن بعض


كانت في ذات عرق. و في بعض النسخ بشير بن غالب بدل بشر بن غالب كما في نسخه ابن نما الموجوده عندنا، الا انه ليس في كتب الرجال لبشير بن غالب ذكر و انما المذكور بشر بن غالب الاسدي الكوفي، عده الشيخ في رجاله [14] من اصحاب الحسين عليه السلام تاره و من اصحاب السجاد عليه السلام اخري، و ظاهره كونه اماميا الا ان حاله مجهول.

ثم ان المصرح في اللهوف و غيره انه عليه السلام لما نزل الثعلبيه كان قبل الظهر، و عن ابي مخنف قبل المساء، و كان ذلك يوم الثلاثاء الثاني و العشرين، و عن بعض الكتب ليله الاربعاء الثالث و العشرين من ذي الحجه، ثم ارتحل صباحا من الثعلبيه. [15]


پاورقي

[1] مراصد الاطلاع 296:1.

[2] اختلفوا في «ثعلبه» المنسوب اليه هذا المنزل، انظر معجم البلدان 78:2.

[3] تاريخ الطبري 397:5.

[4] ترقل: تسرع، وابل مرقله: المسرعه.

[5] الکافي- الاصول 398:1.

[6] الصحيح هو الضبط الاول. انظر تنقيح المقال 358:1. تهذيب الکمال 114:7.

[7] الکافي- الاصول 398:1.

[8] اللهوف ص 30

[9] اللهوف ص 30.

[10] قريب من هذا في البحار 313:44،و اسم الرجل فيه «ابوهرم»، و الفتوح لابن الاعثم 128:2 فيه «ابوهوذه».

[11] بحارالانوار 313:44.

[12] سوره الاسراء: 71.

[13] سوره الشوري: 7.

[14] رجال الطوسي ص 72 و 74.

[15] انظر اللهوف ص 30، الارشاد للمفيد ص 204، المناقب لابن‏شهر اشوب 103:4، مقتل ابي‏مخنف ص 67 و لم يفهم منه وقت الوصول الي الثعلبيه، تاريخ الطبري 397:5.