بازگشت

دفع شبهة الظن بالضرر في الاقدام علي الجهاد


ازاحه و هم و دفع اشكال:

قد اشتهر الاشكال:

قد اشتهر الاشكال و وقع في اذهان بعض العوام منذ زمان، و حاصله: ان مع الظن بالضرر لا يجوز الاقدام فيكف مع العلم بالضرر، لانه ايقاع النفس في المهلكه و قد نهي الله تعالي عن ذلك بقوله (و لا تلقوا بايديكم الي التهلكه) [1] و دفع الضرر المقطوع بل المظنون، واجب، فكيف اقدم عليه السلام مع علمه بالقتل و الشهاده.

و قد قرر السيد في رساله تنزيه الانبياء هذا الاشكال بوجه ابسط. [2] .

و الجواب عن ذلك بوجوه:

(احدها): ان علمهم عليهم السلام لشده اتصالهم بالمبداء و علمهم بعلم الله و ارادته، فانهم عليهم السلام اوعيه علم الله و علمهم من علمه. مقهور علمهم تحت اراده الله و ما يشاوون الا ان يشاء الله، ليس منهم مع علمهم اراده غير اراده الله و اراده الله فوق ارادتهم، و الي ذلك اشار عليه السلام في الخطبه بقوله «رضي الله رضانا اهل البيت»، يعني اني مع العلم باني مقتول و متقطع اوصالي اقدم علي هذا، لان فيه رضي الله تعالي و رضي الله رضانا.


و يشير الي ذلك ايضا قوله عليه السلام فيما سياتي جوابا علي من اعترض عليه و منعه من المسير، قال: «ان الله شاء ان يراني قتيلا». يعني انه عليه السلام مع العلم بما يجري عليه اقدم، لان فيه مشيئه الله و مشيئه الله فوق مشيئتهم و هم مظهر مشيئته و وعاه علمه، بل لا مشيئه لهم غير مشيئه الله. فاحفظ ذلك فانه دقيق يحتاج الي بسط مقال ازيد من ذلك سياتي انشاءالله عند شرح قوله عليه السلام «ان الله شاء ان يراني قتيلا» فانتظر.

(الثاني): انهم عليهم السلام لما كان علمهم اشعه من علم الله تعالي بل هم اوعيه علمه و وعاه مشيئه، فكما ان الله تبارك و تعالي لا يعمل بعلمه لانه لو عمل بعلمه لبطل ارسال و انزال الكتب و لما احتج علي العباد- علي ما صرح به في الروايه الاتيه- فذلك هم عليهم السلام لا يعملون بعلمهم، لان فيه ابطال الحجه و الرساله و الامامه.

قال السيد ابن طاوس «قده» في الجزء الثاني من الطرائف [3] في شرح انهم عليهم السلام جمعت فيهم الاضداد، قال ما حاصله: انهم عليهم السلام مع علمهم بمحدثات الامور و العواقب و ما يجري فيما سياتي مع اخبارهم بالعواقب في حق انفسهم و في حق غيرهم، يعملون و يعاملون معامله الجاهل الذي لا يعلم من العواقب شيئا، حتي يري الجاهلون انهم غير عالمين بالعواقب.

و قال: ان عليا عليه السلام مع اخباره بان معاويه يملك الامر و يبقي بعده عشرين سنه، و مع ذلك يعامل في صفين معامله الغالب علي العدو، حتي يري اصحابه انه عليه السلام هو الغالب علي معاويه و يفعل فعل الغالب كالجاهل بالعواقب.


الي ان قال السيد: و يدل علي انهم عليهم السلام لا يعملون بعلمهم تصريح علي عليه السلام في الروايه [4] التي اخبرنا احمد بن ادريس عن احمد بن محمد بن عيسي الاشعري عن علي بن هلال [5] عمن ذكره عن عبدالله بن رافع [6] عن ابيه قال: لما احضرني اميرالمومنين و قد وجه اباموسي الاشعري فقال له: احكم بكتاب الله و لا تجاوزه، فلما ادبر قال: كاني به و قد خدع. قلت: يا اميرالمومنين فلم توجهه و انت تعلم انه مخدوع. فقال: يا بني لو عمل الله في خلقه بعلمه ما احتج عليهم بالرسل. هذا آخر الحديث المذكور.

ثم قال السيد: الا تري انه عليه السلام قال: لو عمل الله بعلمه ما احتج بالرسل، و لم يقل عليه السلام لو عملت انا بعلمي، اشاره الي انه ليس له علم و لا مشيئه الا اراده الله تعالي و مشيئه، بل ليس وجودنا الا بالله و الي الله و في الله و لله، رضاه رضانا و كراهته كراهتنا. انتهي كلامه رفع مقامه.فظهر مما ذكرنا انهم عليهم السلام مع علمهم بما كان و ما يكون و ما هو كائن يعملون في هذا العالم العنصري الناسوتي معامله احد من الناس (قل انما انا بشر مثلكم) [7] فيصيبهم ما يصيب الناس و يفرحون و يحزنون و يبكون جدا و حقيقه عن حرقه القلب علي فقد الاحبه و الاولاد و يضجون و يعجون و لا يوثر علمهم بما في اللوح المحفوظ بالنسبه اليهم و الي غيرهم في هذ الامور شيئا.

و هذا وجه يرتفع به الاشكال عن كثير من الامور، كشرب السم في الكوز و اكل الرطب المسموم و العنب المسموم و الارتج المسموم و امثال ذلك.


و بالجمله ليس لهم عليهم السلام علم و لا اراده الا اراده الله جل جلاه، و لو عملوا بما علموا لبطلت الحجه و الرساله و الامامه، و قضي الله تعالي ان يهلك من هلك عن بينه و يحيي من حي عن بينه. و هذا اجمال بسط فصل، و فيما ذكرناه غنيه و كفايه.

(الثالث): انهم عليهم السلام لما اوتي اليهم الحكمه و فصل الخطاب، و الحكمه هي العلم بالمصالح و المفاسد الواقعيه الكامنه في الاشياء، و عملوا ان المصالح النوعيه في الدين و الشريعه مقدمه علي المصالح الشخصيه، بل ربما تحدث الاقدام علي المصالح النوعيه مصلحه طارئه علي المفسده الشخصيه بحيث تعارضه و تزاحمه و تقدم عليه.

فاقدامهم عليهم السلام علي الضرر المظنون او المقطوع الشخصي مراعاه و مقدما علي حفظ المصالح النوعيه، بل ليس ضررا شخصيا ايضا بملاحظه طريان المنفعه بعنوان الاقدام علي المصالح النوعيه، فان الحسن و القبح في هذه الامور ليسا ذاتيان بل بالعنوان و بما يعرض علي العنوان، فيصير القبيح حسنا علي ما برهن في محله. فاقدامهم عليهم السلام ليس ضررا علي انفسهم بل نفع اي نفع.

و هذا الوجه ايضا يجري في جل امورهم مما ذكرنا، و هذا امور ثلاثه و اجوبه شافيه كافيه لدفع الوهم و الاشكال، و ربما يرجع بعضها الي بعض، بل يرجع الكل الي واحد. فليتامل.

و اجاب السيد المرتضي قدس سره في رساله تنزيه الانبياء بما حاصله: ان اقدامه عليه السلام و ان كان اقداما علي الضرر المظنون لكنه اقدم علي ما ظن نفعه اكثر من ظن ضرره عاده، فلاحظ الكتب و الرسائل الوارده من اهل الكوفه و كتاب حبيب بن مظاهر و امثال ذلك، خصوصا كتاب مسلم بن عقيل مما كان


احتمال نفعه اكثر من احتمال ضرره، يقدم عليه العقلاء بل يلزم اقدامه.

و اجاب في البحار بما حاصله [8] : انه لما راي اضمحلال الدين و ان بني اميه بناوهم علي ذلك و اسسوا اساسا و بنوا بنايانا هادما للدين و لم يمكن حفظ الدين و هدم اساس الظالمين الا بالقتل و الشهاده، فاقدم عليه السلام (علي ما اقدم) مع علمه بالقتل، لان حفظ الدين واجب و لا يحفظ الا بشهادته و قتله، و مقدمه الواجب واجبه، لا سيما اذا كانت المقدمه منحصره.

هذا غايه التوضيح و الشرح مما قاله السيد و المجلسي طاب الله مضجعهما، فان رجع الي احد الاجوبه التي ذكرناها فهو و الا فهم اعلم بما قالوا. شكر الله مساعيهم الجميله.

نعم نرجع الي ما ذكرنا من الوجوه:

بل يدل ما رواه في الاحتجاج [9] عن محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني قال: كنت في حضره الشيخ ابي القاسم الحسين بن روح نور الله ضريحه و معي علي بن عيسي القصري و جماعه، اذ قام رجل و قال: يا اباالقاسم عندي مساله. قال: سل. قال: اوليس حسين بن علي حبيب الله؟ قال: نعم. قال: اوليس قاتله عدو الله؟ قال: نعم. قال: فلم سلط الله عدوه علي حبيبه؟ فاجاب رضوان الله عليه بما حاصله: ان ذلك من اتمام الحجه ليهلك من هلك عن بينه و يحيي من حي عن بينه. تركنا الحديث بطوله و من اراد فليراجع.

ثم قال محمد بن ابراهيم: خطر بخاطري ان هذا الجواب منه او من الامام عليه


السلام و فحضرت عنده لا ساله فقال لي قبل ان اساله: يا محمد بن ابراهيم لئن اخر من السماء فتخطفني الطير او تهوي بي الريح في مكان سحيق احب الي ان اقول في دين الله برايي و من عند نفسي، بل كل ذلك من الاصل و مسموع من الحجه عجل الله فرجه و سهل مخرجه.

هذا مجمل القول في ذلك، و لعل الله يوفقنا ان نكتب رساله مفرده في ذلك. و ما توفيقي الا بالله و عليه توكلي.

و اما اصحابه عليهم السلام الذين كشف الله عنهم الغطاء فراوا الحسين عليه السلم بالحقيقه النورانيه و عرفوا الامام حق المعرفه التامه. فهم عالمون من اول الامر، كحبيب، بن مظاهر و امثاله العالم بالبلايا و المنايا، و منهم من رباه علي بن ابي طالب و الحسن و الحسين عليهم السلام لهذا اليوم و اعلمهم بما يجري عليهم كما سيذكر في تراجمهم، و منهم من اعلمهم (الحسين عليه السلام) بالمدنيه، و منهم من اعلمهم في مكه، و منهم من اعلمهم في ليله العاشور.

و لما كان علمهم مقتبسا من علم امامهم و يعرفون مقام الامام، فعلمهم و ارادتهم مقهور بحسب علم امامهم و ارادته، فكما ان الامام لا يري الا الله تعالي فهم لا يرون الا الحسين و يرون الله برويه الحسين، فهم موطنون انفسهم علي لقاء الله علي ما صرح به عليه السلام في الخطبه. فيبادرون و يتسابقون الي السيوف و الرماح و الاسنه، لا بل الي الجنه و المغفره، لا بل الي لقاء الله جل جلاله، فان من فني في الحسين فني في الله و من بقي به بقي بالله تعالي.

الا تري الي عابس (بن شبيب) رضوان الله عليه كيف يقاتل و يجادل و هو عريان. رزقنا الله مرافقتهم و المقام عندهم في الدنيا و الاخره و البقاء بهم و الفناء فيهم سلام الله عليهم اجمعين.


و اما النساء اللاتي شاء الله ان يراهن سبايا، فهن ايضا عالمات بما يجري عليهن من الاسر و الذل. قتل الاحبه و الاولاد و الازواج، فمنهن من كانت عالمه غير معلمه و منهن من تعلم ما اعلمها الامام عليه السلام، بل امر الحسين و سبيهن كان معلوما من اول الامر عند اهل البيت، لاخبار النبي و الزهراء و اميرالمومنين و الحسن و الحسين عليهم السلام بما يجري عليه و عليهن بالعموم و الخصوص، فهن عارفات صابرات عالمات بان الله تعالي شاء ان يراهن سبايا، متوطنات انفسهن علي البلايا و علي الاسر و الذل لله و في الله وبا الله و الي الله. و سياتي لهذا مزيد بيان في شرح قوله «شاء الله ان يراهن سبايا».


پاورقي

[1] سوره البقره: 195.

[2] انظر تنزيه الانبياء ص 179 -175.

[3] الطرائف ص 510.

[4] نقل السيد هذا الحديث عن کتاب الشفاء و الجلاء لمحمد بن علي الرازي.

[5] کذا في خط المولف، و في الطرائف «بن بلال» و «بن ابي‏رافع».

[6] کذا في خط المولف، و في الطرائف «بن بلال» و «بن ابي رافع».

[7] سوره الکهف: 110.

[8] بحارالانوار 99:45.

[9] الاحتجاج ص 471 مع اختلاف يسير في الالفاظ. و انظر الحديث في کتاب کمال الدين للشيخ الصدوق ص 507.