بازگشت

في رحاب الفقه والاحكام الشرعية


لقد أثبت أهل البيت المعصومون جدارتهم للمرجعية الدينية بعد رسول الله(صلي الله عليه وآله) في المجالين العلمي والسياسيّ معاً.

وقد عمل خطّ الخلافة بشكل مدروس علي حذف هذا الخطّ النبوي وعزله عن الساحة السياسية والاجتماعية، وخطّط أهل البيت(عليهم السلام) لمواجهة هذه المؤامرة، كما عرفت.

غير أنّ البُعْد العلمي قد برز وطغي علي البعد السياسي حتي اتُّهِمَ أهل البيت(عليهم السلام) باعتزالهم الساحة السياسية بعد الحسين(عليه السلام) ولكن العجز العلمي للخطّ الحاكم بالرغم من كل ما اوتي من إمكانات ماديّة وبشرية هو الذي قد بانَ علي مدي التاريخ، وتميّزت مرجعيّة الأئمة الأطهار علي من سواها من المرجعيات السائدة آنذاك. وكانت حاجة الاُمة الاسلامية إلي تفاصيل الأحكام الشرعية نظراً للمستجدات المستمرّة هي السبب الآخر في ظهور علم أهل البيت(عليهم السلام) وفضلهم وكمالهم.

وما سجّلته كتب التاريخ من حقائق لا تخفي علي اللبيب مثل حقيقة عدم عجزهم أمام الأسئلة المثارة، وعدم اكتسابهم العلم من أحد من أهل الفضل سوي الرسول(صلي الله عليه وآله) وأهل بيته المعصومين(عليهم السلام) لدليل واضح علي تميّزهم عمّن سواهم.

وهنا نختار نماذج مما يرتبط بالفقه بمعناه المصطلح بمقدار ما يسمح

به المجال.

1 ـ ممّا يرتبط بباب الصلاة، ذكر الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) جواز الصلاة بثوب واحد مستشهداً بأنه قد حدّثه من رأي الحسين بن عليّ (عليهما السلام) وهو يصلّي في ثوب واحد وحدّثه أنه رأي رسول الله (صلي الله عليه وآله) يُصلّي في

ثوب واحد [1] .

2 ـ وجاء أن الأئمّة (عليهم السلام) كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم فيما يجهر فيه بالقراءة من الصلوات في أوّل فاتحة الكتاب وأوّل السورة في كل ركعة. وجاء عن الحسين (عليه السلام) قوله: اجتمعنا ولد فاطمة (عليها السلام) علي ذلك [2] .

3 ـ وكان الحسين بن عليّ (عليهما السلام) يصلي فمرّ بين يديه رجل، فنهاه بعض جلسائه، فلما انصرف من صلاته قال له: لِمَ نَهَيْتَ الرَجُلَ؟ فقال: ياابن رسول الله! خطر فيما بينك وبين المحراب، فقال (عليه السلام): ويحك إنّ الله عزّوجلّ أقربُ إليَّ من أن يخطرَ فيما بيني وبين أحد [3] .

4 ـ وكان الحسين (عليه السلام) جالساً فمرّت عليه جنازةٌ فقام الناسُ حين طلعت الجنازة، وهنا أوضح الإمام (عليه السلام) للناس ما تصوّروه خطأً من أن القيام عند مرور الجنازة من السنّة باعتبار ما سمعوه من قيام رسول الله عند مرور الجنازة. فقال الحسين بن عليّ (عليهما السلام): مرَّت جنازة يهوديّ فكان رسول الله (صلي الله عليه وآله) علي طريقها جالساً فكره أن تعلو رأسَه جنازةُ يهوديّ فقامَ لِذلك [4] .

وقد أحصي مؤلّف موسوعة كلمات الإمام الحسين (عليه السلام) ما يقارب من مائتين وخمسين رواية في الأحكام الشرعية وردت عن الإمام الحسين (عليه السلام) في مختلف أبواب الفقه الاسلامي.

علي أن سيرة الإمام الحسين(عليه السلام) مثل سيرة سائر الأئمّة الأطهار

تعتبر مصدراً من مصادر استلهام الاحكام الشرعية لتنظيم السلوك الفردي والاجتماعي للانسان المسلم وللمجتمع الاسلامي.


پاورقي

[1] دعائم الاسلام: 1 / 175.

[2] مستدرک الوسائل: 4 / 189.

[3] وسائل الشيعة: 3 / 434 الحديث 4.

[4] الکافي: 3 / 192.