بازگشت

في رحاب السنة النبوية المباركة


لقد عاصر الحسين جدّه رسول الله (صلي الله عليه وآله) وعاش في كنف الوحي والرسالة وارتضع من ثدي الإيمان، فحمل هموم الرسالة الخاتمة كاُمّه وأبيه وأخيه، وعلم أن سنة الرسول وسيرته هي المصدر الثاني للإشعاع الرسالي، وأيقن بضرورة الاهتمام بهما وضرورة الوقوف أمام مؤامرات التحريف والتضييع، ومنع التدوين التي تزعّمها جملة من كبار الصحابة وكيف واجهوا جدّه بكل صلف، حذراً من انكشاف الحقائق التي تحول دون وصولهم للسلطة أو تعكّر عليهم صفوها.

ومن هنا نجد الحسين (عليه السلام) يقف بكل شجاعة أمام هذا التآمر علي الدين، ويضحّي بأغلي ما لديه من أجل إحياء شريعة جدّه سيد المرسلين، محقّقاً شهادة جدّه الخالدة في حقّه: «حسين منّي وأنا من حسين»، «ألا وإن الحسين مصباح الهدي وسفينة النجاة».

وهكذا نجد في تراثه الرائع اعتناءه البليغ بنقل السيرة النبوية الشريفة، والتحديث بسنّته والعمل بها وإحيائها، ولو بلغ مستوي الثورة علي من يتسلّح بها لمسخها وتشويهها.

قال صلوات الله عليه:

1 ـ «كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) أحسن ما خلق اللهُ خلْقاً» [1] .

2 ـ وروي الحسين (عليه السلام) ـ كأخيه الحسن وصفاً دقيقاً للرسول(صلي الله عليه وآله) وهديه في سيرته مع نفسه وأهل بيته وأصحابه ومجلسه وجلسائه، أخذاه من أبيهما علي(عليه السلام) وهو الذي ربّاه الرسول(صلي الله عليه وآله) منذ نعومة أظفاره حتي التحاقه بالرفيق الأعلي. ونشير إلي مقطع من هذه السيرة. قال الحسين (عليه السلام) فسألته عن سكوت رسول الله (صلي الله عليه وآله)، فقال:

«كان سكوته علي أربع: علي الحلم والحذر والتقدير والتفكّر. فأما التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس، وأمّا تفكّره ففيما يبقي أو يفني. وجمع له الحلم في الصبر، فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزّه، وجُمع له الحذر في أربع: أخذه بالحَسَن ليُقتدي به، وتركه القبيح ليُنتهي عنه، واجتهاده الرأي في صلاح اُمّته، والقيام في ما جُمع له من خير الدنيا والآخرة» [2] .

3 ـ وروي أيضاً أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أصبح وهو مهموم، فقيل له: ما لَكَ يا رسول الله؟ فقال: «إني رأيت في المنام كأنّ بني اُميّة يتعاورون منبري هذا».

فقيل: يا رسول الله! لا تهتم فإنها دُنيا تنالهُمُ، فأنزل الله: (وما جعلنا الرؤيا

التي أريناك...) [3] .

4 ـ وروي أيضاً أن النبيّ (صلي الله عليه وآله) كان إذا أكل طعاماً يقول: «اللهم بارك لنا فيه، وارزقنا خيراً منه»، وإذا أكل لَبَناً أو شَرِبَه يقول: «اللهم بارك لنا فيه

وارزقنا منه» [4] .

وكان يرفع يديه اذا ابتهل ودعا يفصل بينهما كما يَستَطْعِمُ المسكينُ [5] .

5 ـ وسُئل عن الأذان وما يقول الناس فيه، قال: «الوحي ينزل علي نبيّكم، وتزعمون أنّه أخَذَ الأذانَ عن عبدالله بن زيد؟! بل سمعت أبي عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) يقول: أهبَطَ الله عزّوجلَّ ملكاً حين عُرِج برسول الله(صلي الله عليه وآله) فأذّن مثني مثني، وأقامَ مثني مثني، ثم قال له جبرئيل: يا محمّد هكذا أذان الصلاة» [6] .

6 ـ وروي أن رسول الله(صلي الله عليه وآله) بعث مع عليّ(عليه السلام) ثلاثين فرساً في غزاة السلاسل فقال: «يا عليّ أتلو عليك آيةً في نفقة الخيل»: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سِرَاً وعلانيةً) يا علي هي النفقة علي الخيل ينفق الرجلُ سّراً وعلانيةً» [7] .

وقد نقل (عليه السلام) حوادث عصر الرسول (صلي الله عليه وآله) ممّا رآه مباشرة أو سمعه عن اُمّه أو أبيه وهما المعصومان من الزلل والمعتمدان في النقل [8] .


پاورقي

[1] موسوعة کلمات الإمام الحسين: 571، عن کنز العمّال: 7 / 217.

[2] موسوعة کلمات الإمام الحسين (عليه السلام): 571 ـ 575 عن مجمع الزوائد: 8 / 274 ومعاني الأخبار: 79.

[3] المصدر السابق: 575 عن الغدير: 8 / 248.

[4] المصدر السابق: 578 عن عيون أخبار الرضا: 2 / 42.

[5] المصدر السابق: عن بحار الأنوار: 16 / 287.

[6] المصدر السابق: 683 عن مستدرک الوسائل: 4 / 17.

[7] موسوعة کلمات الإمام الحسين (عليه السلام): 710 عن مستدرک الوسائل: 8 / 203.

[8] راجع موسوعة کلمات الإمام الحسين وتتبع ما نقله عن رسول الله (صلي الله عليه وآله).