بازگشت

الشعور بالاثم و شيوع النقمة علي الامويين


اشتعلت شرارة الشعور بالإثم في نفوس الناس، وكان يزيدها توهجاً واشتعالاً خطابات الإمام عليّ بن الحسين (عليهما السلام) وزينب بنت عليّ بن أبي طالب وبقية أفراد عائلة النبيّ (صلي الله عليه وآله) التي ساقها الطغاة الاُمويون كسبايا من كربلاء الي الكوفة فالشام.

فقد وقفت زينب (عليها السلام) في أهل الكوفة حين احتشدوا يحدّقون في موكب رؤوس الشهداء والسبايا، ويبكون ندماً علي ما فرّطوا وما حصل لآل النبيّ (صلي الله عليه وآله) فأشارت إليهم أن اسكتوا فسكتوا فقالت:

أما بعد:

يا أهل الكوفة أتبكون؟ فلا سكنت العبرة ولا هدأت الرّنة، إنما مثلكم مثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم ألا ساء ما تزرون، أي والله، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها فلن ترحضوها بغسل أبداً، وكيف ترحضون قتل سبط خاتم النبوة، ومعدن الرسالة ومدار حجّتكم، ومنار محجّتكم، وهو سيد شباب أهل الجنّة؟».

وتكلم عليّ بن الحسين (عليهما السلام) فقال:

أيها الناس! ناشدتكم الله، هل تعلمون أنكم كتبتم إلي أبي وخدعتموه، وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه؟ فتباً لكم لما قدمتم لأنفسكم وسوأة لرأيكم، بأي عين تنظرون إلي رسول الله إذ يقول لكم قتلتم عترتي، وانتهكتم حرمتي؟ فلستم من اُمتي [1] .

وروي أيضاً أن يزيد بن معاوية فرح فرحاً شديداً وأكرم عبيدالله بن زياد ولكن ما لبث أن ندم ووقع الخلاف بينه وبين ابن زياد حين علم بحال الناس وسخطهم عليه، ولعنهم وسبّهم [2] .

ولقد كان الشعور بالإثم يمثّل موقفاً عاطفياً مفعماً بالحرارة والحيوية والرغبة الشديدة بالانتقام من الحكم الاُموي، مما دفع بالكثير في الجماعات الإسلامية إلي العمل للتكفير عن موقفهم المتخاذل عن نصرة الإمام الحسين (عليه السلام) بصيغة ثورة مسلحة لمواجهة الحكم الاُموي الظالم.

صحيح أنه لا يمكننا أن نعتبر موقف المسلمين هذا موقفاً عقلياً نابعاً من إدراك فساد الحكم الاُموي وبعده عن الرسالة الإسلامية إلاّ أنه كان موقفاً صادقاً يصعب علي الحاكمين السيطرة عليه كالسيطرة علي الموقف العقلاني، فكان الحكام الظلمة وعبر مسيرة العداء لأهل البيت النبوي(عليهم السلام) يحسبون له ألف حساب.


پاورقي

[1] حياة الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام): 3 / 341 عن مثير الأحزان.

[2] تأريخ الطبري: 4 / 388، تأريخ الخلفاء: 208.