بازگشت

فضح الامويين و تحطيم الاطار الديني المزيف


بفعل ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) تكشفت للناس حقيقة النزعة الاُموية المتسلطة علي الحكم، ونسفت تضحيات الثائرين كل الاُطر الدينية المزيّفة التي استطاع الاُمويون من خلالها تحشيد الجيوش للقضاء علي الثورة، مستعينين بحالة غياب الوعي وشيوع الجهل الذي خلّفته السقيفة. ونلمس هذا الزيف في قول مسلم بن عمرو الباهلي يؤنّب مسلم بن عقيل ربيب بيت النبوة والعبد الصالح لخروجه علي يزيد الفاسق، ويفتخر بموقفه قائلاً: أنا من عرف الحق إذ تركته، ونصح الأُمّة والإمام إذ غششته، وسمع وأطاع إذ عصيته [1] .

وهذا عمرو بن الحجاج الزبيدي ـ من قادة الجيش الأموي ـ يحفّز الناس لمواجهة الإمام الحسين (عليه السلام) حين وجد منهم تردّداً وتباطؤاً عن الأوامر قائلاً:

يا أهل الكوفة إلزموا طاعتكم وجماعتكم، ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين، وخالف الإمام [2] .

فالدين في دعوي الاُمويين طاعة يزيد ومقاتلة الحسين (عليه السلام).

ولكن حركة الإمام الحسين (عليه السلام) ورفضه البيعة وتضحياته الجليلة نبّهت الاُمّة، وأوضحت لها ما طُمس بفعل التضليل. فقد وقف الإمام الحسين (عليه السلام) يخاطبهم ويوضّح مكانته في الرسالة والمجتمع الاسلامي: أمّا بعد فانسبوني، فانظروا من أنا؟ ثم ارجعوا إلي أنفسكم فعاتبوها وانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟ ألست ابن بنت نبيكم (صلي الله عليه وآله) وابن وصيه وابن عمه وأول المؤمنين بالله والمصدّق لرسوله بما جاء من عند ربه؟!

هذا بالإضافة إلي كل الخطب والمحاورات التي جرت في وضع متوتّر حسّاس أوضح للناس مكانة طرفي النزاع. ثم ما آلت إليه نتيجة المعركة من بشاعة في السلوك والفكر فاتضحت خسّة الاُمويين ودناءتهم ودجلهم.

وكان الأثر البالغ في مواصلة الثورة الحسينية بدون سلاح دمويّ حين واصلت العقيلة زينب بنت أمير المؤمنين (عليه السلام) فضح الجرائم التي ارتكبها بنو اُميّة ومن ثم توضيح رسالة الإمام الحسين (عليه السلام).

إنّ جميع المسلمين متفقون ـ علي اختلاف مذاهبهم وآرائهم ـ بأن الموقف الحسيني كان يمثّل موقفاً إسلامياً شرعياً، وأن يزيد كان مرتدّاً ومتمردّاً علي الإسلام والشرع الإلهي والموازين الدينية.


پاورقي

[1] تاريخ الطبري: 4 / 281.

[2] المصدر السابق: 4 / 331.