بازگشت

خطاب الامام في جيش الكوفة


أخذ جيش عمر بن سعد يشدِّد الحصار علي الإمام(عليه السلام) ولما رأي الحسين(عليه السلام) كثرتهم وتصميمهم علي قتاله إذا لم يستسلم ليزيد بن معاوية، تعمّم بعمامة رسول الله(صلي الله عليه وآله) وركب ناقته وأَخذ سلاحه ثم دنا من معسكرهم حيث يسمعون صوته وراح يقول: «ياأهل العراق ـ وجُلُّهُمْ يسمعون ـ» فقال: أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتي أعظَكم بما يحق لكم عليَّ وحتي أُعْذَرَ إليكم فإن أعطيتموني النّصف كنتم بذلك أسعد، وإن لم تعطوني النّصف من أنفسكم فاجمعوا رأيكم ثم لا يكن أمركم عليكم غُمَّةً ثم اْقضوا اليَّ ولا تُنظِرونِ (إنَّ وليّيَ الله الذي أنزل الكتاب وهو يتولي الصالحين)، ثم حمد الله وأثني عليه وذكرالله تعالي بما هو أهله وصلّي علي النبي(صلي الله عليه وآله) وعلي ملائكته وأنبيائه فَلَمْ يُسْمَعْ متكلمٌ قط قبلَه ولابعدَه أبلغُ في منطق منه» ثم قال: «أمّا بعد فانسبوني فانظروا مَنْ أنا ثم ارجعوا إلي أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاكُ حُرمتي؟ ألَسْتُ ابنَ بنتِ نبيّكم وابنَ وصيِّه وابن عمّه وأوّل المؤمنين المصدّق لرسول الله(صلي الله عليه وآله) بما جاء به من عند ربه؟ أوليس حمزةُ سيدُ الشهداء عمّي؟ أو ليس جعفر الطيار في الجنّة بجناحين عَمّي؟ أو لم يبلغكم ما قال رسولُ الله(صلي الله عليه وآله) لي ولأخي: هذانِ سيّدا شباب أهل الجنة؟ فإنْ صدقتموني بما أقول ـ وهو الحق ـ فوالله ما تعمدتُ كذباً منذ علمت أن الله يَمْقُتُ عليه أهله، وإنْ كذبتموني فإنَّ فيكم مَنْ إذا سألتموه عن ذلك أخبركم، سلوا جابر بن عبدالله الأنصاري وأبا سعيد الخِدْري و سهل بنَ سعد الساعدي وزيد بن أرقم وأنسَ بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله(صلي الله عليه وآله) لي ولأخي، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟... ثم قال لهم الإمام الحسين(عليه السلام): «فإن كنتم في شك من هذا فتشكّون أني ابن بنت نبيكم فوالله ليس ما بين المشرق والمغرب ابنُ بنتِ نبيّ غيري فيكم ولا في غيركم. ويحكم! أتطلبونني بقتيل منكم قَتَلْتُه أو مال لكم استهلكته أو بقصاص جراحة؟ فأخذوا لا يكلمونه، فنادي: يا شبث بن ربعي! ويا حجّار بن أبجر! ويا قيس بن الأشعث! ويا يزيد بن الحارث! ألَمْ تكتبوا اليَّ أنْ قد أينعت الثمار واْخضرّ الجَنابُ وإنما تقدِم علي جند لك مجندة»؟ فقال له قيس بن الأشعث: ماندري ما تقول، ولكن اِنزل علي حكم بني عمّك. فقال له الحسين(عليه السلام): «لا والله، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرُّ فِرار العبيد». ثم نادي: «يا عبادَ الله! إني عذْتُ بربّي ورَبِّكم أنْ ترجمُونِ، أعوذ بربّي و ربّكم من كلِّ متكبر لا يؤمن بيوم الحساب» [1] .

لقد أبي القوم إلاّ الإصرار علي حربه والتمادي في باطلهم، وأجابوه بمثل ما أجاب به أهل مدين نبيَّهم كما حكي الله عزوجل عنهم في كتابه الكريم: (مانفقه كــــثيراً ممّا تقول،وإنا لنراك فينا ضعـــيفاً) [2] .


پاورقي

[1] الإرشاد: 2 / 98، إعلام الوري: 1/459.

[2] هود (11): 91.