بازگشت

جيش الكوفة ينطلق بقيادة عمر بن سعد


وفي تلك الأثناء خرج عمر بن سعد من الكوفة في جيش قدّرته بعض المصادر بثلاثين ألفاً، وبعضها بأكثر من ذلك، وفي رواية ثالثة: إنّ ابن زياد قد استنفر الكوفة وضواحيها لحرب الحسين و توعّد كلَّ مَنْ يقدر علي حمل السلاح بالقتل والحبس إن لم يخرجْ لحرب الحسين.

وكان من نتائج ذلك أن امتلأت السجونُ بالشيعة واختفي منهم جماعة، وخرج مَنْ خرج لحرب الحسين من أنصار الاُمويّين وأهل الأطماع والمصالح الذين كانوا يشكّلون أكبر عدد في الكوفة، أمّا رواية الخمسة آلاف مقاتل التي تبنّاها بعض المؤرّخين فمع أ نّها من المراسيل، لا تؤيّدها الظروف والملابسات التي تحيط بحادث من هذا النوع الذي لا يمكن لأحد أن يقدِمَ عليه إلاّ بعد أن يُعِدَّ العُدَّة لكلّ الاحتمالات، ويتّخذ جميع الاحتياطات، وبخاصة إذا كان خبيراً بأهل الكوفة وتقلّباتهم وعدم ثباتهم علي أمر من الأُمور [1] .

وتوالت قطعات الجيش الأموي بزعامة عمر بن سعد فأحاطت بالحسين(عليه السلام) وأهله وأصحابه، وحالت بينهم وبين ماء الفرات القريب منهم. وقد جرت مفاوضات محدودة بين عمر بن سعد والإمام الحسين(عليه السلام) أوضح فيها الإمام(عليه السلام) لهم عن موقفه وموقفهم ودعوتهم له، وألقي عليهم كل الحجج في سبيل إظهار الحق، وبيّن لهم سوء فعلهم هذا وغدرهم ونقضهم للوعود التي وعدوه بها من نصرته وتأييده، وضرورة القضاء علي الفساد.

ولكن عمر بن سعد كان أداة الشرّ المنفّذة للفساد والظلم الاُموي، فكانت غاية همّته هي تنفيذ أوامر ابن زياد بانتزاع البيعة من الإمام(عليه السلام) ليزيد أو قتله وأهل بيته وأصحابه [2] ، متجاهلا حرمة البيت النبوي بل وحاقداً عليه كما جاء في رسالته لعمر: أن حُلْ بين الحسين وأصحابه وبين الماء، فلا يذوقوا قطرة كما صُنع بالتقي الزكي عثمان بن عفان [3] .


پاورقي

[1] سيرة الائمّة الاثني عشر القسم الثاني: 68.

[2] الارشاد للمفيد: 2 / 85، الفتوح: 5 / 97، بحار الأنوار: 44 / 284، إعلام الوري: 1 / 451، البداية والنهاية: 8 / 189، مقتل الحسين للخوارزمي: 1 / 245.

[3] إعلام الوري: 1 / 452.