بازگشت

أنباء الانتكاسة تتوارد علي الامام


ها هي الكوفة تضطرب وتموج، والانتكاسة الخطيرة قد لاحت ملامحها، وبدأ ميزان القوي يميل لصالح السلطة الاُمويّة، والوهن بدأ يدبّ والانحلال يسري في أوساط المعارضة، وبدأ الإرهاب والتجسس والرشوة تفعل فعلتها، فتلاشت المعارضة ونكص المبايعون، وقُتل مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة وقيس بن مُسهر الصيداوي، وسُجِنَ المختار بن عبيدة الثقفي، وانقلبت أوضاع الكوفة علي أعقابها.

وواصل الإمام الحسين(عليه السلام) المسير، وليس لديه معلومات جديدة عن تطور الأحداث، فأرسل عبدالله بن يقطر إلي مسلم بن عقيل ليستجلي الموقف، إلاّ أنّ الحسين اُخبرَ في الطريق في موضع يدعي «الثعلبية» بانتكاسة الثورة واستشهاد مسلم بن عقيل، أمّا رسوله الثاني هذا إلي مسلم فقد وقع أسيراً أيضاً بيد جنود الحصين فنقل إلي ابن زياد في الكوفة، وكان كرسول الحسين(عليه السلام) السابق مثالا للصلابة والجرأة والإخلاص.

ووصل خبر أسر الرسول واستشهاده إلي الإمام(عليه السلام) في موضع يدعي «زبالة» وهكذا راحت تتوارد علي الإمام أنباء الانتكاسة، ولاحت له بوادر النكوص الخطير، وشعر بالخذلان ونقض العهد، فوقف في أصحابه وأهل بيته يبلغهم بما استجدّ من الحوادث، ويضع أمامهم الحقائق، ليكونوا علي بصيرة من الأمر، فقال لهم: «بسم الله الرحمن الرحيم، أمّا بعد، فإنَّه قد أتانا خبر فظيع قتلُ مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة وعبدالله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتُنا، فمن أحبَّ منكم الانصراف فلينصرفْ في غير حرج ليس معه ذمام».

فتفرّق الناس عنه وأخذوا يميناً وشمالا، حتي بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة ونفر يسير ممن انضموا إليه، وإنَّما فعل ذلك لأنّه(عليه السلام) علم أنّ الأعراب الذين اتّبعوه إنّما اتّبعوه وهم يظنّون أنَّه يأتي بلداً قد استقامت له طاعةُ أهله، فكره أن يسيروا معه إلاّ وهم يعلمون علي ما يقدمون [1] فلمّا كان السَحَر أمر أصحابَه فاستقَوْا ماءً وأكثروا، ثم ساروا.


پاورقي

[1] الإرشاد: 2/ 75 ـ 76، والبداية والنهاية: 8 / 182، وأعيان الشيعة: 1 / 595.