بازگشت

محاولات ابن زياد للسيطرة علي الكوفة


فوجئ أهل الكوفة بابن زياد عند الصباح وهو يحتلّ القصر بالنداء: الصلاة جامعةً، فقام خطيباً في الجموع المحتشدة وراح يُمنّي المطيع والسائر في ركب السياسة القائمة بالأماني العريضة، ويهدّد ويتوعّد المعارضة والمعارضين والرافضين لحكومة يزيد، حتي قال:... سوطي وسيفي علي مَنْ ترك أمري وخالف عهدي [1] .

ثم فرض علي الحاضرين مسؤولية التجسّس علي المعارضين، وهدّد مَنْ لَمْ يُساهم في هذه العملية ويُنَفِّذْ هذا القرار بالعقوبة وقطع المخصّصات المالية، فقال: «... فمن يجيء لنا بهم فهو بريء، و مَنْ لم يكتب لنا أحدٌ فليضمن لنا في عَرافته أن لا يخالِفَنا منهم مخالف، ولا يبغي علينا منهم باغ، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ برئت منه الذمّة وحلال لنا دمُه ومالُه، وأيُّما عريف وجد في عرافته من بُغية أمير المؤمنين أحد لم يرفعه الينا صُلب علي باب داره واُلغيت تلك العرافة من العطاء» [2] .

وقد كان ابن زياد معروفاً في أوساط الكوفيّين بالقسوة والشدّة، فكان من الطبيعي أن يُحْدِثَ قدومُه و خطابُه الشديد اللهجة هزّةً عند المعارضين لسياسته، فلاحت بوادر النكوص والتخاذل والإرجاف تظهر علي الكوفيّين وقياداتهم، من هنا اعتمد مسلم بن عقيل وسيلةً جديدة للسير في حركته نحو الهدف المطلوب. فانتقل الي دار هانيء بن عروة وجعل يتستّر في دعوته وتحركاته إلاّ عن خلّص أصحابه، وهانيء يومذاك سيّد بني مراد وصاحب الكلمة المسموعة في الكوفة والرأي المطاع [3] .


پاورقي

[1] مقاتل الطالبيّين: 97، وإعلام الوري: 1 / 438.

[2] الإرشاد: 2 / 45، والفصول المهمة: 197، والفتوح لابن أعثم: 5 / 67.

[3] مروج الذهب: 2 / 89، والأخبار الطوال: 213، وإعلام الوري: 1 / 438.