بازگشت

جواب يزيد بن مسعود النهشلي


واستجاب الزعيم الكبير يزيد بن مسعود النهشلي إلي تلبية نداء الحقّ، فاندفع بوحي من إيمانه و عقيدته الي نصرة الإمام، فعقد مؤتمراً عامّاً دعا فيه القبائل الموالية له وهي: 1 ـ بنو تميم. 2 ـ بنو حنظلة. 3 ـ بنو سعد.

وانبري فيهم خطيباً فكان ممّا قال: إنَّ معاوية مات، فأهونْ به واللهِ هالكاً ومفقوداً، ألا إنّه قد انكسر باب الجور والإثم، وتضعضعت أركان الظلم، وكان قد أحدث بيعة عقد بها أمراً ظنّ أنّه قد أحكمه، و هيهات الذي أراد، اجتهد والله ففشل، وشاور فخذل، وقد قام يزيد شارب الخمور ورأس الفجور يدّعي الخلافة للمسلمين، ويتأمرّ عليهم بغير رضيً منهم مع قصر حلم وقلّة علم، لا يعرف من الحقّ موطأ قدميه، فأُقسم بالله قسماً مبروراً لَجِهادُه علي الدين أفضل من جهاد المشركين.

وهذا الحسين بن عليّ وابن رسول الله (صلي الله عليه وآله) ذوالشرف الأصيل، والرأي الأثيل. له فضل لا يوصف، وعلم لا ينزف. وهو أولي بهذا الأمر لسابقته وسنّه، وقِدمه وقرابته من رسول الله (صلي الله عليه وآله). يعطف علي الصغير، ويُحسن إلي الكبير، فأكرم به راعي رعية، و إمام قوم و جبت لله به الحجّة، وبلغت به الموعظة. فلا تعشوا عن نور الحقّ، و لا تسكعوا في وهد الباطل... والله لا يُقصِّر أحدكم عن نصرته إلاّ أورثه الله الذلّ في ولده، والقلّة في عشيرته، وها أنا قد لَبَسْتُ للحرب لامَتها وادَّرَعْتُ لها بِدِرْعِها. من لم يُقْتَلْ يَمُتْ، و مَن يهرب لم يفت، فأحسنوا رحمكم الله رد الجواب».

ولما أنهي النهشلي خطابه؛ انبري وجهاء القبائل فأظهروا الدعم الكامل له، فرفع النهشلي رسالة للإمام(عليه السلام) دلّت علي شرفه ونبله و هذا نصها:

«أمّا بعد، فقد وصل إليَّ كتابك وفهمت ما ندبتني إليه ودعوتني له من الأخذ بحظّي من طاعتك والفوز بنصيبي من نصرتك، وإنّ الله لم يخل الأرض قط من عامل عليها بخير ودليل علي سبيل نجاة، و أنتم حجّة الله علي خلقه ووديعتُه في أرضه، تفرّعتم من زيتونة أحمدية، هو أصلها وأنتم فرعها، فأقدم سعدت بأسعد طائر، فقد ذلّلت لك أعناق بني تميم، وتركتهم أشد تتابعاً في طاعتك من الإبل الضمأي لورود الماء يوم خمسها، وقد ذلّلت لك رقاب بني سعد، و غسلت درن قلوبها بماء سحابة مزن حين استهلّ برقُها فلمع» [1] .

ويقول بعض المؤرّخين: إنّ الرسالة انتهت إلي الإمام(عليه السلام) في اليوم العاشر من المحرم بعد مقتل أصحابه وأهل بيته، وهو وحيد فريد قد أحاطت به القوي الغادرة، فلمّا قرأ الرسالة قال(عليه السلام): «آمنك الله من الخوف، وأرواك يوم العطش الأكبر».

ولمّا تجهّز ابن مسعود لنصرة الإمام بلغه قتله فَجَزع لذلك، وذابت نفسه أسيً وحسرات [2] .


پاورقي

[1] اللهوف: 38، وأعيان الشيعة: 1 / 590، وبحار الأنوار: 44 / 339.

[2] اللهوف: 38، وأعيان الشيعة: 1 / 590، وبحار الأنوار: 44 / 339.