بازگشت

ايقاظ الضمائر و تحريك العواطف


في أحيان كثيرة لا يستطيع أصحاب العقائد ودعاة الرسالات أن يحاوروا العقل والذهن مجرّداً معزولا عن عنصر العاطفة لأجل تعميق المعتقد والفكر لدي الجماهير، وقد ابتليت الاُمّة الإسلامية في عهد الإمام الحسين(عليه السلام) وبعد تسلّط يزيد بحالة من الجمود والقسوة وعدم التحسّس للأخطار التي تحيط بها وبفقدان الإرادة في مواجهة التحديات ضدّ العقيدة الإسلامية، لهذا لم يكتف الإمام الحسين(عليه السلام) بتثبيت الموقف الشرعي وتوضيحه عملياً من خلال موقفه الجهادي بل سعي إلي إيقاظ ضمائر الناس وتحريك وجدانهم وأحاسيسهم ليقوموا بالمسؤولية، فسلك سبيل البذل والعطاء والتضحية من أجل العقيدة والدين، واتّخذ اُسلوب الاستشهاد الذي يدخل بعمق وحرارة في قلوب الجماهير، وقد ضرب لنا مثلا رائعاً حينما برّزت ثورته أنّ التضحية لم تكن مقصورة علي فئة أو مستويً معيّن من الاُمّة، فللطفل كما للمرأة والشيخ دور فاعل فضلاً عن الشباب.

وما أسرع ما بان الأثر علي أهل الكوفة إذ أظهروا الندم والإحساس بالتقصير تجاه الإمام والإسلام، فكانت ثورة التوّابين التي أعقبت ثورة أهل المدينة التي وقعت في السنة الثانية من بعد واقعة الطفّ.

لقد كانت واقعة الطفّ تأكيداً حقيقياً علي أنّ المصاعب والمتاعب لا تمنع من قول الحقّ والعمل علي صيانة الرسالة الإسلامية، كما أنّها زرعت روح التضحية في سبيل الله في نفوس أبناء الاُمّة الإسلامية، وحرّرت إرادتها ودفعتها إلي التصدّي للظلم والظالمين، ولم تُبقِ عذراً للتهرّب من مسؤولية الجهاد والدفاع عن العقيدة والمقاومة لإعلاء كلمة الله.