بازگشت

ادمانه علي الخمر


والظاهرة البارزة من صفات يزيد إدمانه علي الخمر حتي أسرف في ذلك الي حد كبير، فلم يُرَ في وقت إلاّ وهو ثمل لا يعي من فرط السكر، ومن شعره في الخمر:



أقول لصحب ضمّت الخمر شملهم

وداعـي صبابـات الهوي يترنّم



خـذوا بنصيب مــــن نعيم ولـذّة

فكـلّ وإن طال المدي يتصرّم [1] .



وينقل المؤرّخون عن عبد الله بن حنظلة الذي خرج علي يزيد بعد أن اصطحب وفداً من أهل المدينة الي الشام في أعقاب استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام) وصفه ليزيد بقوله: والله ما خرجنا علي يزيد حتي خفنا أن

نُرمي بالحجارة من السماء، إنّه رجل ينكح الاُمهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر ويدع الصلاة، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله بلاءً حسناً [2] .

وقال أعضاء الوفد: قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر ويعزف بالطنابير ويلعب بالكلاب [3] .

ونقل عن المنذر بن الزبير قوله في وصفه: والله إنّه ليشرب الخمر، والله إنّه ليسكر حتي يدع الصلاة [4] .

ووصفه أبو عمر بن حفص بقوله: والله رأيت يزيد بن معاوية يترك الصلاة مسكراً... [5] .

ويتبدّي الكفر في وصفه للخمر في الأبيات الآتية:



شميسة كـرم برجهـا قعردنِّها

ومشـرقها الساقـي ومغربها فمي



اذا اُنزلت من دنِّها في زجـاجة

حكـت نفـراً بين الحطيم وزمزمِ



فإن حَرُمَتْ يوماً علي دين أحمد

فخذها علي دين المسيح ابن مريمِ [6] .



وعنه قال المسعودي: وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وكلاب وقرود وفهود ومنادمة علي الشراب، وجلس ذات يوم علي شرابه وعن يمينه ابن زياد وذلك بعد قتل الحسين، فأقبل علي ساقيه فقال:



إسقني شربةً تُروّي مُشاشـي

ثم مِـلْ فاسقِ مثلها ابن زيادِ



صاحب السرّ والأمانة عنـدي

ولتسـديد مغنمي وجهادي



ثم أمر المغنّين فغنّوا، وغلب علي أصحاب يزيد وعمّاله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستعملت الملاهي وأظهر الناس شرب الشراب [7] .

ويؤكّد في مكان آخر: وكان يسمّي يزيد السكران الخمّير [8] .

وكان ليزيد جماعة من الندماء الخليعين والماجنين يقضي معهم لياليه الحمراء بين الشراب والغناء «وفي طليعة ندمائه الأخطل الشاعر المسيحي الخليع، فكانا يشربان ويسمعان الغناء، وإذا أراد السفر صحبه معه، ولمّا هلك يزيد وآل أمر الخلافة الي عبد الملك بن مروان قرّبه، فكان يدخل عليه بغير استئذان، وعليه جبّة خزّ، وفي عنقه سلسلة ذهب، والخمر يقطرمن لحيته» [9] .

إن مطالعة الحياة الماجنة ليزيد في حياة أبيه تكفي لفهم دليل امتناع عامة الصحابة والتابعين من الرضوخ لبيعة يزيد بالخلافة.

إنّ نوايا يزيد ونزعاته المنحرفة قد تجلّت بشكل واضح خلال فترة حكمه القصيرة، حتي أنّه لم يبال بإظهار ما كان يضمره من حقد للرسول(صلي الله عليه وآله) وما كان ينطوي عليه من إلحاد برسالته (صلي الله عليه وآله) بعد أن دنّس يديه بقتل سبط الرسول وريحانته أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) وهو متسلّط ـ بالقهر ـ علي رقاب المسلمين باسم الرسول الأعظم (صلي الله عليه وآله).


پاورقي

[1] حياة الإمام الحسين: 2 / 183، نقلاً عن تأريخ المظفري.

[2] تأريخ ابن عساکر: 7 / 372، وتأريخ الخلفاء للسيوطي: 81.

[3] تأريخ ابن عساکر: 7 / 372، وتأريخ الخلفاء للسيوطي: 81.

[4] البداية والنهاية: 8 / 216، الکامل لابن الأثير: 4 / 45.

[5] المصدر السابق.

[6] تتمة المنتهي: 43.

[7] مروج الذهب: 2 / 94.

[8] مروج الذهب: 2 / 94.

[9] الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني: 7 / 170.