بازگشت

الحسين في عهد عمر بن الخطاب


وفي عهد عمر بن الخطاب اتّخذ الحصار أبعاداً أكثر خطورة، فقد ذكر المؤرّخون أنّ عمر حظر علي أصحاب الرسول(صلي الله عليه وآله) الخروج من المدينة إلاّ بترخيص منه، وقد طال الحظر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) حتي مثّل هذا الأمر نمطاً آخر من الضغوط التي مورست علي أهل بيت الوحي الطاهرين.

أجل لقد أدّت هذه الممارسات القهرية والمواقف الظالمة الي إقصاء عليّ أمير المؤمنين(عليه السلام)، وجعلته جليس بيته، ومن ثم تغييبه عن الميادين السياسية والاجتماعية حتي صار نسياً منسياً، وإن كان الخليفة يرجع إليه في بعض المسائل أحيانا، ولعلّ السبب في عدم إبعاده عن المدينة، هو حاجته إليه في القضايا التي كانت تستجد للخليفة، ولم يكن بمقدور أحد غير عليّ(عليه السلام) أن يقدّم الحلّ المقبول لها.

وبالحكمة السديدة والصبرالجميل كظم أمير المؤمنين(عليه السلام) غيظه متغاضياً عن حقّه الذي استأثر به عمر بعد أبي بكر من دون حقّ شرعي ولا حجّة بالغة، وفي كلّ ذلك عاش الحسين(عليه السلام) مع آلام أبيه(عليه السلام)، ورأي كيفية تعامله مع الحدث، وهو يحمل هموم الاُمّة الإسلامية ويقلقه مصيرها، إنّه يتذكّر كيف كان رسول الله(صلي الله عليه وآله) يؤثر عليّاً علي كل من عداه ويوصي به الاُمّة

المرّة بعد المرّة، ولكنّه الآن مقصيٌّ عن مقامه، فما كان يملك إلاّ أن يكتم أحاسيسه ومشاعره.

يروي: أنّ عمر ذات يوم كان يخطب علي المنبر فلم يشعر إلاّ والحسين(عليه السلام) قد صعد إليه وهو يهتف: «انزل عن منبر أبي واذهب إلي منبر أبيك»، وبهت عمر واستولت الحيرة عليه، وراح يصدّقه ويقول له: صدقت لم يكن لأبي منبر، وأخذه فأجلسه إلي جنبه، وجعل يفحص عمّن أوعز إليه بذلك قائلاً له: من علّمك؟ فأجابه الإمام الحسين(عليه السلام): «والله ما علّمني أحد» [1] .

وقد كان الحق يقضي بأن لا يكتفي عمر بالتصديق الكلامي للحسين من دون إعادة حقّه في فدك والخمس إليه، وإعادة حقّ والده في الخلافة إليه، إطاعةً لله وللرسول(صلي الله عليه وآله).

ويروي أيضاً: أنّ عمر كان معنيّاً بالإمام الحسين(عليه السلام) حتي طلب منه أن يأتيه إذا عرض له أمر. وقصده الحسين(عليه السلام) يوماً ومعاوية عنده، ورأي ابنه عبدالله فطلب(عليه السلام) الإذن منه فلم يأذن له فرجع معه، والتقي به عمر في الغد فقال له: ما منعك يا حسين أن تأتيني؟ قال الحسين(عليه السلام): «إنّي جئت وأنت خال بمعاوية فرجعت مع ابن عمر» قال عمر: أنت أحقّ من ابن عمر، فإنّما أنبت ماتري في رؤوسنا الله ثم أنتم [2] .


پاورقي

[1] الإصابة: 1 / 332.

[2] المصدر السابق.