بازگشت

عبادته و تقواه


ما انقطع أبو عبدالله الحسين(عليه السلام) عن الاتّصال بربّه في كلّ لحظاته وسكناته، فقد بقي يجسّد اتّصاله هذا بصيغة العبادة لله، ويوثّق العري مع الخالق جلّت قدرته، ويشدّ التضحية بالطاعة الإلهية متفانياً في ذات الله ومن أجله، وقد كانت عبادته ثمرة معرفته الحقيقية بالله تعالي.

وإنّ نظرة واحدة الي دعائه(عليه السلام) في يوم عرفة تبرهن علي عمق هذه المعرفة وشدّة العلاقة مع الله تعالي، وننقل مقطعاً من هذا الدعاء العظيم:

قال(عليه السلام): «كيف يُستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك؟! أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتّي يكون هو المظهِر لك؟! متي غبت حتي تحتاج الي دليل يدلّ عليك؟! ومتي بعدت حتي تكون الآثار هي التي توصل اليك؟! عميت عين لا تراك عليها رقيباً، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبّك نصيباً...

إلهي هذا ذُلّي ظاهر بين يديك، وهذا حالي لا يخفي عليك. منك أطلب الوصول اليك، وبك استدلّ عليك، فاهدني بنورك اليك، وأقمني بصدق العبودية بين يديك...

أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتّي عرفوك ووحّدوك، وأنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبّائك حتّي لم يحبّوا سواك ولم يلجأوا الي غيرك، أنت المؤنس لهم حيث أوحشتهم العوالم...

ماذا وَجدَ مَن فقدك؟! وما الذي فقد من وجدك؟!

لقد خاب من رضي دونك بَدلاً، ولقد خسر من بغي عنك مُتحوّلا...

يا مَن أذاق أحبّاءه حلاوة المؤانسة فقاموا بين يديه متملّقين، ويا من ألبس أولياءه ملابس هيبته فقاموا بين يديه مستغفرين...» [1] .

ولقد بدا عليه عظيم خوفه من الله وشدّة مراقبته له حتّي قيل له: ما أعظم خوفك من ربّك! فقال(عليه السلام): «لا يأمن يوم القيامة إلاّ من خاف من الله في الدنيا» [2] .


پاورقي

[1] إعلام الوري بأعلام الهدي: 1 / 427.

[2] عيون أخبار الرضا: 2 / 25، إعلام الوري: 1 / 427.