بازگشت

ثم دخلت سنه ي اثنين و ستين


ذكر الخبر عما كان في هذه السنة من الأحداث فمن ذلك مقدم وفد أهل المدينة علي يزيد بن معاوية ذكر الخبر عن سبب مقدمهم عليه

و كان السبب في ذلك فيما ذكر لوط بن يحيي عن عبدالملك بن نوفل بن مساحق عن عبدالله بن عروة أن يزيد بن معاوية لما سرح الوليد بن عتبة علي الحجاز أميرا و عزل عمرو بن سعيد قدم الوليد المدينة فأخذ غلمانا كثيرا لعمرو و موالي له فحبسهم فكلمه فيهم عمرو فأبي أن يخليهم و قال له لا تجزع يا عمرو فقال أخوه أبان بن سعيد بن العاص أعمر يجزع و الله لو قبضتم علي الجمر و قبض عليه ما تركه حتي تتركوه و خرج عمرو سائرا حتي نزل من المدينة علي ليلتين و كتب الي غلمانه و مواليه و هم نحو من ثلثمائة رجل اني باعث الي كل رجل منكم جملا و حقيبة و أداته و تناخ لكم الابل في السوق فاذا أتاكم رسولي فاكسروا باب السجن ثم ليقم كل رجل منكم الي جمله فليركبه ثم أقبلوا علي حتي تأتوني فجاء رسوله حتي اشتري الابل ثم جهزها بما ينبغي لها ثم أناخها في السوق ثم أتاهم حتي أعلمهم ذلك فكسروا باب السجن ثم خرجوا الي الابل فاستووا عليها ثم أقبلوا حتي انتهوا الي عمرو بن سعيد فوجدوه حين قدم علي يزيد بن معاوية فلما دخل عليه رحب و أدني مجلسه ثم أنه عاتبه في تقصيره في أشياء كان يأمره بها في ابن الزبير فلا ينفذ منها الا ما أراد فقال يا أميرالمؤمنين الشاهد يري ما لا يري الغائب و ان جل أهل مكة و أهل المدينة قد كانوا مالوا اليه و هووه و أعطوه الرضا و دعا بعضهم بعضا سرا و علانية و لم يكن معي جند


أقوي بهم عليه لو ناهضته و قد كان يحذرني و يتحرز [1] مني و كنت أرفق به و أداريه لأستمكر منه فأثب عليه مع أني قد ضيقت و منعته من أشياء كثيرة لو تركته و اياها ما كانت له الا معونة و جعلت علي مكة و طرقها و شعابها [2] رجالا لا يدعون أحدا يدخلها حتي يكتبوا الي باسمه و اسم أبيه و من أي بلاد الله هو و ما جاء به و ما يريد فان كان من أصحابه أو ممن أري أنه يريده رددته صاغرا و ان كان ممن لا أتهم خليت سبيله و قد بعثت الوليد و سيأتيك من عمله و أثره ما لعلك تعرف به فضل مبالغتي في أمرك و مناصحتي لك ان شاء الله و الله يصنع لك و يكبت عدوك يا أميرالمؤمنين فقال له يزيد أنت أصدق ممن رقي هذه [3] الأشياء عنك و حملني بها عليك و أنت ممن أثق به و أرجو معونته و أدخره لرأب الصدع [4] و كفاية المهم و كشف نوازل الأمور العظام فقال له عمرو و ما أري يا أميرالمؤمنين أن أحدا أولي بالقيام بتشديد سلطانك و توهين [5] عدوك و الشدة علي من نابذك [6] مني و أقام الوليد بن عتبة يريد ابن الزبير فلا يجده الا متحذرا متمنعا و ثار نجدة بن عامر الحنفي باليمامة حين قتل الحسين وقار ابن الزبير فكان الوليد يفيض من المعرف و تفيض معه عامة الناس و ابن الزبير واقف و أصحابه و نجدة واقف في أصحابه ثم يفيض ابن الزبير بأصحابه و نجدة بأصحابه لا يفيض واحد منهم بافاضة صاحبه و كان نجدة يلقي ابن الزبير فيكثر.



پاورقي

[1] يتحرز من: يحترس و يحتاط.

[2] الشعاب: جمع مفرده الشعب و هو الطريق بين جبلين.

[3] رقي الأشياء: نماها و رفعها.

[4] رأي الصدع: سد الثلمة و رتق الفتق و اصلاح الفاسد.

[5] توهين: اضعاف دمنه الوهن و الوهي.

[6] من نابذک: من شتمک و عاداک.