بازگشت

ذكر سبب توليته اياه


حدثني عمر قال حدثني علي بن محمد قال حدثنا مسلمة بن محارب بن سلم بن زياد قال و قد سلم بن زياد علي يزيد بن معاوية و هو ابن أربع و عشرين سنة فقال له يزيد يا أباحرب أوليك عمل أخويك عبدالرحمن و عباد فقال ما أحب أميرالمؤمنين فولاه خراسان و سجستان فوجه سلم الحارث بن معاوية الحارثي جد عيسي بن شبيب من الشأم الي خراسان و قدم سلم البصرة فتجهز و سار الي خراسان فأخذ الحارث بن قيس بن الهيثم السلمي فحبسه و ضرب ابنه شبيبا و أقامه في سراويل و وجه أخاه يزيد بن زياد الي سجستان فكتب عبيدالله بن زياد الي عباد أخيه و كان له صديقا يخبره بولاية سلم فقسم عباد ما في بيت المال في عبيده و فضل فضل فنادي مناديه من أراد سلفا فليأخذ فأسلف كل من أتاه و خرج عباد عن سجستان فلما كان بجيرفت بلغه مكان سلم و كان بينهما جبل فعدل عنه فذهب لعباد تلك الليلة ألف مملوك أقل ما مع أحدهم عشرة آلاف قال فأخذ عباد علي فارس ثم قدم علي يزيد فقال له يزيد أين المال قال كنت صاحب ثغر فقسمت ما أصبت بين الناس قال و لما شخص سلم الي خراسان شخص معه عمران بن الفصيل البرجي و عبدالله بن خازم السلمي و طلحة بن عبدالله بن خلف الخزاعي و المهلب بن أبي صفرة و حنظلة بن عرادة و أبوحزابة الوليد بن نهيك أحد بني ربيعة بن حنظلة و يحيي بن يعمر العدواني حليف هذيل و خلق كثير من فرسان البصرة و أشرافهم فقدم سلم بن زياد بكتاب يزيد بن معاوية الي عبيدالله بن زياد بنخبة ألفي رجل ينتخبهم و قال غيره بل نخبة ستة آلاف قال فكان سلم ينتخب الوجوه و الفرسان و رغب قوم في الجهاد فطلبوا اليه أن يخرجهم فكان أول من أخرجه سلم حنظلة بن عرادة فقال له عبيدالله بن زياد دعه لي قال هو بيني و بينك فان اختارك فهو لك و ان اختارني فهو لي.

قال فاختار سلمان و كان الناس يكلمون سلما و يطلبون اليه أن يكتبهم معه و كان صلة بن أشيم العدوي يأتي الديوان فيقول له الكاتب يا أبا الصهباء ألا أثبت اسمك فانه وجه فيه جهاد و فضيل فيقول له أستخير الله و أنظر فلم يزل


يدافع حتي فرغ من أمر الناس فقالت له أمرأته معاذة ابنة عبدالله العدوية ألا تكتب نفسك قال حتي أنظر ثم صلي و استخار الله.

قال فرأي في منامه آتيا أتاه فقال له أخرج فانك تربح و تفلح و تنجح فأتي الكاتب فقال له أثبتني قال قد فرغنا و لن أدعك فأثبته و ابنه فخرج سلم فصيره سلم مع يزيد بن زياد فسار الي سجستان، قال و خرج سلم و أخرج معه أم محمد ابنة عبدالله بن عثمان بن أبي العاص الثقفي و هي أول امرأة من العرب قطع بها النهر قال و ذكر مسلمة بن محارب و أبوحفص الأزدي عن عمان بن حفص الكرماني أن عمال خراسان كانوا يغزون فاذا دخل الشتاء قفلوا من مغازيهم الي مرو الشاهجان فاذا انصرف المسلمون اجتمع ملوك خراسان في مدينة من مدائن خراسان مما يلي خارزم فيتعاقدون أن لا يغزو بعضهم بعضا و لا يهيج أحد أحدا و يتشاورون في أمورهم فكان المسلمون يطلبون الي أمرائهم في غزو تلك المدينة فيأبون عليهم فلما قدم سلم خراسان غزا فشبا في بعض مغازيه قال فألح عليه المهلب و سأله أن يوجهه الي تلك المدينة فوجهه في ستة آلاف و يقال أربعة آلاف فحاصرهم فسألهم أن يذعنوا له بالطاعة فطلبوا اليه أن يصالحهم علي أن يفدوا أنفسهم فأجابهم الي ذلك فصالحوه علي نيف و عشرين ألف ألف قال و كان في صلحهم أن يأخذ منهم عروضا فكان يأخذ الرأس بنصف ثمنه و الدابة بنصف ثمنها و الكيمخت بنصف ثمنه فبلغت قيمة ما أخذ منهم خمسين ألف ألف فحظي بها المهلب عند سلم و اصطفي سلم من ذلك ما أعجبه و بعث به الي يزيد مع مرزبان مرو و أوفد في ذلك وفدا.

قال مسلمة و اسحاق بن أيوب غزا سلم سمرقند بامرأته أم محمد ابنة عبدالله فولدت لسلم ابنا فسماه صغدي - قال علي بن محمد ذكر الحسن بن رشيد الجوزجتني عن شيخ من خزاعة عن أبيه عن جده قال غزوت مع سلم بن زياد خوارزم فصالحوه علي مال كثير ثم عبر الي سمرقند فصالحه أهلها و كانت معه امرأته أم محمد فولدت له في غزاته تلك ابنا و أرسلت الي امرأة صاحب الصغد تستعير منها حليا فبعثت اليها بتاجها و قفلوا فذهبت بالتاج.

و في هذه السنة عزل يزيد عمرو بن سعيد عن المدينة و ولاها الوليد بن


عتبة حدثني بذلك أحمد بن ثابت عمن حدثه عن اسحاق بن عيسي عن أبي معشر قال نزع يزيد بن معاوية عمرو بن سعيد لهلال ذي الحجة و أمر الوليد بن عتبة علي المدينة فحج بالناس حجتين سنة 61 و سنة 62 و كان عامل يزيد بن معاوية في هذه السنة علي البصرة و الكوفة عبيدالله بن زياد و علي قضاء البصرة هشام بن هبيرة و علي قضاء الكوفة شريح.

و فيها أظهر ابن الزبير الخلاف علي يزيد و خلعه و فيها بويع له.

ذكر سبب عزل يزيد عمرو بن سعيد عن المدينة و توليته عليها الوليد بن عتبة

و كان السبب في ذلك و سبب اظهار عبدالله بن الزبير الدعاء الي نفسه فيما ذكر هشام عن أبي مخنف عن عبدالملك بن نوفل قال حدثني أبي قال لما قتل الحسين عليه السلام قال ابن الزبير في أهل مكة و عظم مقتله و عاب علي أهل الكوفة خاصة و لام أهل العراق عامة فقال بعد أن حمدالله و أثني عليه و صلي علي محمد صلي الله عليه و سلم أن أهل العراق غدر فجر الا قليلا و ان أهل الكوفة شرار أهل العراق و أنهم دعوا حسينا لينصروه و يولوه عليهم فلما قدم عليهم ثاروا اليه فقالوا له اما أن تضع يدك في أيدينا فنبعث بك الي ابن زياد بن سمية سلما فيمضي فيك حكمه و اما أن تحارب فرأي و الله انه هو و أصحابه قليل في كثير و ان كان الله عزوجل لم يطلع علي الغيب أحدا أنه مقتول ولكنه اختار الميتة الكريمة علي الحياة الذميمة فرحم الله حسينا و أخزي قاتل حسين لعمري لقد كان من خلافهم اياه و عصيانهم ما كان في مثله واعظ وناه ولكنه ما حم نازل و اذا أراد الله أمرا لن يدفع أفبعد الحسين نطمئن الي هؤلاء القوم و نصدق قولهم و نقبل لهم عهدا لا و لا نراهم لذلك أهلا أما و الله لقد قتلوه طويلا بالليل قيامه كثيرا في النهار صيامه أحق بما هم فيه منهم و أولي به في الدين و الفضل أما و الله ما كان يبدل بالقرآن الغناء و لا بالبكاء من خشية الله الحداء و لا بالصيام شرب الحرام و لا بالمجالس في حلق الذكر الركض في تطلاب [1] الصيد يعرض بيزيد فسوف


يلقون غيا فثار اليه أصحابه فقولوا له أيها الرجل أظهر بيعتك فانه لم يبق أحد اذا هلك حسين ينازعك هذا الأمر و قد كان يبايع الناس سرا و يظهر أنه عائذ بالبيت فقال لهم لا تعجلوا و عمرو بن سعيد بن العاص يومئذ عامل مكة و قد كان أشد شي ء عليه و علي أصحابه و كان مع شدته عليهم يداري و يرفق فلما استقر عند يزيد بن معاوية ما قد جمع ابن الزبير من الجموع بمكة أعطي الله عهدا ليوثقنه في سلسلة فبعث بسلسلة من فضة فمر بها البريد علي مروان بن الحكم بالمدينة فأخبر ما قدم له و بالسلسلة التي معه فقال مروان:



خذها فليست للعزيز بخطة

[2] و فيها مقال لامري ء متضعف

ثم مضي من عنده حتي قدم علي ابن الزبير فأتي ابن الزبير فأخبره بممر البريد علي مروان و تمثل مروان بهذا البيت فقال ابن الزبير لا و الله أكون أنا ذلك المتضعف ورد ذلك البريد ردا رقيقا.

و علا أمر ابن الزبير بمكة كاتبه أهل المدينة و قال الناس أما أذهلك الحسين عليه السلام فليس أحد ينازع ابن الزبير.

ثنا نوح بن حبيب القومسي قال حدثنا هشام بن يوسف و حدثنا عبيدالله بن عبدالكريم قال حدثنا عبدالله بن جعفر المديني قال حدثنا هشام بن يوسف و اللفظ لحديث عبيدالله قال أخبرني عبدالله بن مصعب قال أخبرني موسي بن عقبة عن ابن شهاب قال أخبرني عبدالعزيز بن مروان قال لما بعث يزيد بن معاوية ابن عضاه الأشعري و مسعدة و أصحابهما الي عبدالله بن الزبير بمكة ليؤتي به في جامعة لتبر يمين يزيد بعث معهم بجامعة من ورق و برنس خز فأرسلني أبي و أخي معهم و قال اذا بلغته رسل يزيد الرسالة فتعرضا له ثم ليتمثل أحدكما:



فخذها فليست للعزيز بخطة

و فيها مقال لامري ء متذلل






أعامر ان القوم ساموك [3] خطة

و ذلك في الجيران غزل بمغزل



أراك اذا ما كنت للقوم ناصحا

يقال له بالدلو أدبر و أقبل



قال فلما بلغته الرسل الرسالة تعرضنا فقال لي أخي اكفينها فسمعني فقال أي ابني مروان و قد سمعت ما قلتما و علمت ما ستقولانه فأخبرا أباكما:



اني لمن نبعة [4] صم مكاسرها

اذا تناوحت [5] القصباء [6] و العشر



فلا ألين لغير الحق أسأله

حتي يلين لضرس الماضغ الحجر



قال فما أدري أيهما كان أعجب زاد عبدالله في حديثه عن أبي علي قال فذاكرت بهذا الحديث مصعب بن عبدالله بن مصعب بن ثابت بن عبدالله بن الزبير فقال قد سمعته من أبي علي نحو الذي ذكرت له و لم أحفظ اسناده قال هشام عن خالد بن سعيد عن أبيه سعيد بن عمرو بن سعيد أن عمرو بن سعيد لما رأي الناس قد أشرأبوا [7] الي ابن الزبير و مدوا اليه اعناقهم ظن أن تلك الأمور تامة له فبعث الي عبدالله بن عمرو بن العاص و كانت له صحبة و كان مع أبيه بمصر و كان قد قرأ كتب دنيال هنالك و كانت قريش اذ ذاك تعده عالما فقال له عمرو بن سعيد أخبرني عن هذا الرجل أتري ما يطلب تاما له و أخبرني عن صاحبي الي ما تري أمره صائرا اليه فقال لا أري صاحبك الا أحد الملوك الذين تتم لهم أمورهم حتي يموتوا و هم ملوك فل يزدد عند ذاك الا شدة علي الزبير و أصحابه مع الرفق بهم [8] و المداراة لهم ثم ان الوليد بن عقبة و ناسا معه من بني أمية قالوا ليزيد بن معاوية لو شاء عمرو بن سعيد لأخذ ابن الزبير و بعث به اليك فسرح الوليد بن عتبة علي الحجاز أميرا و عزل عمرا و كان عزل يزيد عمرا عن الحجاز و تأميره عليها الوليد بن عتبة في هذه السنة أعني سنة 61.


قال أبوجعفر حدثت عن محمد بن عمر قال نزع يزيد عمرو بن سعيد بن العاص لهلال ذي الحجة سنة 61 و ولي الوليد بن عتبة فأقام الحجة سنة 61 بالناس و أعاد ابن ربيعة العامري علي قضائه. و حدثني أحمد بن ثابت قال حدثت عن اسحاق بن عيسي عن أبي معشر قال حج بالناس في سنة 61 الوليد بن عتبة و هذا مما لا اختلاف فيه بين أهل السير و كان الوالي في هذه السنة علي الكوفة و البصرة عبدالله بن زياد و علي قضاء الكوفة شريح و علي قضاء البصرة هشام بن هبيرة و علي خراسان سلم بن زياد.



پاورقي

[1] تطلاب: طلب.

[2] لا يستقيم وزن البيت الا بحذف الواو فيقول: -



خذها فليست للعزيز بخطة

فيها مقال لامري‏ء متضعف



و البيت من بحر الکامل.

[3] ساموک: من سوم.

[4] نبعة: شجرة.

[5] تنادحت: من ناحت.

[6] القصباء و الحلفاء و الطرفاء واحد.

[7] اشرأبوا اليه: تطلعوا اليه.

[8] الرفق بهم: الحلم و الأناة و الترفق و التحنن.