بازگشت

مرجع الحديث الي حديث عما الرهيني عن أبي جعفر


حدثني زكرياء بن يحيي الضرير قال حدثنا أحمد بن جناب المصيصي قال حدثنا خالد بن يزيد بن عبدالله القسري قال حدثنا عمار الدهني قال قلت لأبي جعفر حدثني مقتل الحسين حتي كأني حضرته قال فأقبل حسين بن علي علي بكتاب مسلم بن عقيل كان اليه حتي اذا كان بينه و بين القادسية ثلاثة أميال لقيه الحر بن يزيد التميمي فقال له أين تريد قال أريد هذا المصر [1] قال له ارجع فاني لم أدع لك خلفي خيرا أرجوه فهم أن يرجع و كان معه اخوة مسلم بن عقيل فقالوا و الله لا نرجع حتي نصيب بثأرنا أو نقتل فقال لا خير في الحياة بعدكم فسار فلقيته أوائل خيل عبيدالله فلما رأي ذلك عدل [2] الي كربلاء فأسند ظهره الي قصباء و خلا كيلا يقاتل الا من وجه واحدد فنزل و ضرب أبنيته و كان أصحابه خمسة و أربعين فارسا و مائة راجل و كان عمر بن سعد بن أبي وقاص قد ولاه عبيدالله بن زياد الري و عهد اليه عهده فقال اكفني هذا الرجل قال اعفني فأبي أن يعفيه قال فأنظرني الليلة فآخره فنظر في أمره فلما أصبح غدا عليه راضيا


بما أمر به فتوجه اليه عمر بن سعد فلما أتاه قال له الحسين اختر واحدة من ثلاث اما ان تدعوني فأنصرف من حيث جئت و اما أن تدعوني فأذهب الي يزيد و اما أن تدعوني فألحق بالثغور قبل ذلك عمر فكتب اليه عبيدالله لا و لا كرامة حتي يضع يده في يدي فقال له الحسين لا و الله لا يكون ذلك أبدا فقاتله فقتل أصحاب الحسين كلهم و فيهم بضعة عشر شابا من أهل بيته و جاء سهم فأصاب ابنا له معه في حجره فجعل يمسح الدم عنه و يقول اللهم احكم بيننا و بين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا ثم أمر بحبرة [3] فشقققها ثم لبسها و خرج بسيفه فقاتل حتي قتل صلوات الله عليه قتله رجل من مذحج و حز رأسه و انطلق به الي عبيدالله و قال:



أوقر ركابي فضة و ذهبا

فقد [4] قتلت الملك المحجبا



قتلت خير الناس أما و أبا

و خيرهم اذ ينسبون نسبا [5]



و أوفده الي يزيد بن معاوية و معه الرأس فوضع رأسه بين يديه و عنده أبوبرزه الأسلمي [6] فجعل ينكت بالقضيب علي فيه و يقول:



يفلقن هاما من رجال أعزة

علينا و هم كانوا أعق و أظلما



فقال له أبوبرزة ارفع قضيبك فوالله لربما رأيت فا [7] رسول الله صلي الله عليه و سلم علي


فيه يلثمه [8] و سرح عمر بن سعد بحرمه و عياله الي عبيدالله و لم يكن بقي من أهل بيت الحسين بن علي عليه السلام الا غلام كان مريضا مع النساء فأمر به عبيدالله ليقتل فطرحت زينب نفسها عليه و قالت و الله لا يقتل حتي تقتلوني فرق لها [9] فتركه و كف عنه قال فجهزهم و حملهم الي يزيد فلما قدموا عليه جمع من كان بحضرته من أهل الشأم ثم أدخلوهم فهنئوه بالفتح قال رجل منهم أزرق أحمر و نظر الي وصيفه من بناتهم فقال يا أميرالمؤمنين هب لي هذه فقالت زينب لا و الله و لا كرامة لك و لا له الا أن يخرج من دين الله قال فأعادها الأزرق فقال له يزيد كف عن هذا ثم أدخلهم علي عياله فجهزهم و حملهم الي المدينة فلما دخلوها خرجت امرأة من بني عبدالمطلب ناشرة شعرها واضعة كمها علي رأسها تلقاهم و هي تبكي و تقول:



ماذا تقولون ان قال النبي لكم

ماذا فعلتم و أنتم آخر الأمم



بعترتي [10] و بأهلي بعد مفتقدي

منهم أساري و قتلي ضرجوا بدم [11]



ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي



حدثني الحسين بن نصر قال حدثنا أبوربيعة قال حدثنا أبوعوانة عن حصين بن عبدالرحمن قال بلغنا أن الحسين عليه السلام.

و حدثنا محمد بن عمار الرازي قال حدثنا سعيد بن سليمان قال حدثنا عباد بن العوام قال حدثنا حصين أن الحسين بن علي عليه السلام كتب اليه أهل الكوفة انه معك مائة ألف فبعث اليهم مسلم ابن عقيل فقدم الكوفة فنزل دار هاني ء بن عروة فاجتمع اليه الناس فأخبر ابن زياد بذلك زاد الحسين بن نصر في حديثه فأرسل الي هاني ء فأتاه فقال ألم أوقرك ألم أكرمك ألم أفعل بك قال بلي قال فما جزاء ذلك قال جزاؤه أن أمنعك قال تمنعني قال فأخذ قضيبا مكانه فضربه به و أمر فكتف ثم ضرب عنقه فبلغ ذلك مسلم بن عقيل فخرج و معه


ناس كثير فبلغ ابن زياد ذلك فأمر بباب القصر فأغلق و أمر مناديا فنادي يا خيل الله اركبي [12] فلا أحد يجيبه فظن أنه في ملا من الناس قال حصين فحدثني هلال بن يساف قال لقيتهم تلك الليلة في الطريق عند مسجد الأنصار فلم يكونوا يمرون في طريق يمينا و لا شمالا الا ان ذهبت منهم طائفة الثلاثون و الأربعون و نحو ذلك قال فلما بلغ السوق و هي ليلة مظلمة و دخلوا المسجد قيل لابن زياد و الله ما نري كثير أحد و لا نسمع أصوات كثير أحد فأمر بسقف المسجد فقلع ثم أمر بحرادي فيها النيران فجعلوا ينظرون فاذا قريب خمسين رجلا قال فنزل فصعد المنبر و قال للناس تميزوا أرباعا أرباعا فانطلق كل قوم الي رأس ربعهم فنهض اليهم قوم يقاتلونهم فجرح مسلم جراحة ثقيلة و قتل ناس من أصحابه و انهزموا فخرج مسلم فدخل دارا من دور كندة فجاء رجل الي محمد بن الأشعث و هو جالس الي ابن زياد فساره فقال له ان مسلما في دار فلان فقال ابن زياد ما قال لك قال قال ان مسلما في دار فلان قال ابن زياد لرجلين انطلقا فأتياني به فدخلا عليه و هو عند امرأة قد أوقدت له النار فهو يغسل عنه الدماء فقالا له انطلق الأمير يدعوك فقال اعقدا لي عقدا فقالا ما نملك ذاك فانطلق معهما حتي أتاه فأمر به فكتف ثم قال هيه هيه يا ابن خلية قال الحسين في حديثه يا ابن كذا جئت لتنزع سلطاني ثم أمر به فضربت عنقه قال حصين فحدثني هلال بن يساف أن ابن زياد أمر بأخذ ما بين واقصة الي طريق الشأم الي طريق البصرة فلا يدعون أحدا يلج [13] و لا أحدا يخرج فأقبل الحسين و لا يشعر بشي ء حتي لقي الأعراب فسألهم فقالوا لا و الله ما ندري غير أنا لا نستطيع أن نلج و لا نخرج قال فانطلق يسير نحو طريق الشأم نحو يزيد فلقيته الخيول


بكربلاء فنزل يناشدهم الله و الاسلام قال و كان بعث اليه عمر بن سعد و شمر بن ذي الجوشن و حصين بن نمير فناشدهم الحسين الله و الاسلام أن يسيروه الي أميرالمؤمنين فيضع يده في يده فقالوا لا الا علي حكم ابن زياد و كان فيمن بعث اليه الحر بن يزيد الحنظلي ثم النهشلي علي خيل فلما سمع ما يقول الحسين قال لهم ألا تقبلون من هؤلاء ما يعرضون عليكم و الله لو سألكم هذا الترك و الديلم ما حل لكن أن تردوه فأبوا الا علي حكم ابن زياد فصرف الحروجه فرسه.

و انطلق الي الحسين و أصحابه فظنوا انه انما جاء ليقاتلهم فلما دنا منهم قلب ترسه و سلم عليهم ثم كر علي أصحاب ابن زياد فقاتلهم فقتل منهم رجلين ثم قتل رحمة الله عليه و ذكر أن زهير ابن القين البجلي لقي الحسين و كان حاجا فأقبل معه و خرج اليه ابن أبي بحرية المرادي و رجلان آخران و عمرو بن الحجاج و معن السلمي قال الحصين و قد رأيتهما قال الحصين و حدثني سعد بن عبيدة قال ان أشياخا من أهل الكوفة لوقوف علي التل يبكون و يقولون اللهم أنزل نصرك قال قلت يا أعداء الله ألا تنزلون فتنصرونه قال:

فأقبل الحسين يكلم من بعث اليه ابن زياد قال و اني لأنظر اليه و عليه جبة من برود [14] فلما كلمهم انصرف فرماه رجل من بني تميم يقال له عمر الطهوي بسهم فاني لأنظر الي السهم بين كتفيه متعلقا في جبته فلما أبوا عليه رجع الي مصافه و اني لأنظر اليهم و انهم لقريب من مائة رجل فهم لصلب علي بن أبي طالب عليه السلام خمسة و من بني هاشم ستة عشر و رجل من بني سليم حليف لهم و رجل من بني كنانة حليف لهم و ابن عمر بن زياد قال و حدثني سعد بن عبيدة قال انا لمستنقعون في الماء مع عمر بن سعد اذ أتاه رجل فساره و قال له قد بعث اليك ابن زياد جويرية بن بدر التميمي و أمره ان لم تقاتل القوم أن يضرب عنقك قال فوثب الي فرسه فركبه ثم دعا سلاحه فلبسه و أنه علي فرسه فنهض بالناس اليهم فقاتلوهم فجي ء برأس الحسين الي ابن زياد فوضع بين يديه فجعل يقول بقضيبه و يقول ان أباعبدالله قد كان شمط [15] قال وجي ء بنسائه و بناته


و أهله و كان أحسن شي ء صنعه ان أمر لهم بمنزل في مكان معتزل و أجري عليهم رزقا و أمر لهم بنفقة و كسوة قال فانطلق غلامان منهم لعبدالله بن جعفر أو ابن ابن جعفر فأتيا رجلا من طي ء فلجآ [16] اليه فضرب أعناقهما و جاء برؤوسهما حتي وضعهما بين يدي ابن زياد قال فهم بضرب عنقه و أمر بداره فهدمت قال و حدثني مولي لمعاوية بن أبي سفيان قال لما أتي يزيد برأس الحسين فوضع بين يديه قال رأيته يبكي [17] و قال لو كان بينه و بينه رحم ما فعل هذا قال حصين فلما قتل الحسين لبثوا شهرين أو ثلاثة كأنما تلطخ الحوائط بالدماء ساعة تطلع الشمس حتي ترتفع قال و حدثني العلاء بن أبي عاثة قال حدثني رأس الجالوت عن أبيه قال ما مررت بكربلاء الا و أنا أركض دابتي حتي أخلف المكان قال قلت لم قال كنا نتحدث أن ولد نبي مقتول في ذلك المكان قال و كنت أخاف أن أكون أنا فلما قتل الحسين قلنا هذا الذي نتحدث قال و كنت بعد ذلك اذا مررت بذلك المكان أسير و لا أركض.

حدثني الحارث قال حدثنا ابن سعد قال حدثني علي بن محمد عن جعفر بن سليمان الضبعي قال قال الحسين و الله لا يدعوني حتي يستخرجوا هذه العلقة من جوفي فاذا فعلوا سلط الله عليهم من يذلهم حتي يكونوا أذل من فرم [18] الأمة فقدم للعراق فقتل بنينوي يوم عاشوراء سنة 61 قال الحارث قال ابن سعد أخبرنا محمد بن عمر قال قتل الحسين بن علي عليه السلام في صفر


سنة 61 [19] و هو يومئذ ابن خمس و خمسين حدثني بذلك أفلح بن سعيد عن ابن كعب القرظي قال الحارث حدثنا ابن سعد قال أخبرنا محمد بن عمر عن أبي معشر قال قتل الحسين لعشر خلون [20] من المحرم قال الواقدي هذا أثبت قال الحارث قال ابن سعد أخبرنا محمد بن عمر قال أخبرنا عطاء بن مسلم عمن أخبره عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال أول رأس رفع علي خشبة رأس الحسين رضي الله عن الحسين و صلي الله علي روحه قال أبومخنف عن هشام بن الوليد عمن شهد ذلك قال أقبل الحسين بن علي بأهله من مكة و محمد بن الحنفية بالمدينة قال فبلغه خبره و هو يتوضأ في طست قال فبكي حتي سمعت و كف [21] دموعه في الطست.

قال أبومخنف حدثني يونس بن أبي اسحاق السبيعي قال و لما بلغ عبيدالله اقبال الحسين من مكة الي الكوفة بعث الحصين بن نمير صاحب شرطه حتي نزل القادسية و نظم الخيل ما بين القادسية الي خفان و ما بين القادسية الي القطقطانة و الي لعلع و قال الناس هذا الحسين يريد العراق.

قال أبومخنف و حدثني محمد بن قيس أن الحسين أقبل حتي اذا بلغ الحاجر من بطن الرمة بعث قيس بن مسهر الصيداوي الي أهل الكوفة و كتب معه اليهم بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي الي اخوانه من المؤمنين و المسلمين سلام عليكم فاني أحمد اليكم الله الذي لا اله الا هو أما بعد فان كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم و اجتماع ملئكم علي نصرنا و الطلب بحقنا فسألت الله أن يحسن لنا الصنع وأن يثيبكم علي ذلك أعظم الأجر و قد شخصت [22] اليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي


الحجة يوم التروية فاذا قدم عليكم رسولي فاكمشوا أمركم وجدوا فاني قادم عليكم في أيامي هذه ان شاء الله و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و كان مسلم ابن عقيل قد كان كتب الي الحسين قبل أن يقتل لسبع و عشرين ليلة أما بعد فان الرائد لا يكذب أهله ان جمع أهل الكوفة معك فأقبل حين تقرأ كتابي و السلام عليك قال فأقبل الحسين بالصبيان و النساء معه لا يلوي [23] علي شي ء.

و أقبل قيس بن مسهر الصيداوي الي الكوفة بكتاب الحسين حتي اذا انتهي الي القادسية أخذه الحصين بن نمير فبعث به الي عبيدالله بن زياد فقال له عبيدالله اصعد الي القصر فسب الكذاب ابن الكذاب فصعد ثم قال أيها الناس ان هذا الحسين بن علي خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله و أنا رسوله اليكم و قد فارقته بالحاجر فأجيبوه ثم لعن عبيدالله بن زياد و أباه و استغفر لعلي بن أبي طالب قال فأمر به عبيدالله بن زياد أن يرمي به من فوق القصر فرمي به فتقطع فمات ثم أقبل الحسين سيرا الي الكوفة فانتهي الي ماء من مياه العرب فاذا عليه عبدالله بن مطيع العدوي و هو نازل ههنا فلما رأي الحسين قام اليه فقال بأبي أنت و أمي يا ابن رسول الله ما أقدمك و احتمله فأنزله فقال له الحسين كان من موت معاوية ما قد بلغك فكتب الي أهل العراق يدعونني الي أنفسهم فقال له عبدالله بن مطيع أذكرك الله يا ابن رسول الله و حرمة الاسلام أن تنتهك أنشدك الله في حرمة رسول الله صلي الله عليه و سلم أنشدك الله في حرمة العرب فوالله لئن طلبت ما في أيدي بني أمية ليقتلنك و لئن قتلوك لا يهابون بعدك أحدا أبدا و الله انها لحرمة الاسلام تنتهك و حرمة قريش و حرمة العرب فلا تفعل و لا تأت الكوفة و لا تعرض [24] لبني أمية قال فأبي الا أن يمضي قال فأقبل الحسين حتي اذا كان بالماء فوق زرود.

قال أبومخنف فحدثني السدي عن رجل من بني فزارة قال لما كان زمن الحجاج بن يوسف كنا في دار الحارث بن أبي ربيعة التي في التمارين التي أقطعت


بعد زهير بن القين من بني عمرو بن يشكر من بجيلة و كان أهل الشأم لا يدخلونها فكنا محتبين فيها قال فقلت للفزاري حدثني عنكم حين أقبلتم مع الحسين بن علي قال كنا مع زهير بن القين البجلي حين أقبلنا من مكة نساير الحسين فلم يكن شي ء أبغض الينا من أن نسايره في منزل فاذا سار الحسين تخلف زهير بن القين و اذا نزل الحسين تقدم زهير حتي نزلنا يومئذ في منزل لم نجد بدا من أن ننازله فيه فنزل الحسين في جانب و نزلنا في جانب فبينا نحن جلوس تتغذي من طعام لنا اذ أقبل رسول الحين حتي سلم ثم دخل فقال يا زهير بن القين ان أباعبدالله الحسين بن علي بعثني اليك لتأتيه قال فطرح كل انسان ما في يده حتي كأننا علي رؤوسنا الطير [25] .

قال أبومخنف فحدثتني دلهم بنت عمرو امرأة زهير بن القين قالت فقلت له أيبعث اليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه سبحان الله لو أتيته فسمعت من كلامه ثم انصرفت قالت فأتاه زهير بن القين فما لبث أن جاء مستشرا قد أسفر [26] وجهه قالت فأمر بقسطاطه و ثقله و متاعه فقدم و حمل الي الحسين ثم قال لامرأته أنت طالق الحقي بأهلك فاني لا أحب أن يصيبك من سببي الا خير ثم قال لأصحابه من أحب منكم أن يتبعني و الا فانه آخر العهد اني سأحدثكم حديثا غزونا بلنجر ففتح الله علينا و أصبنا غنائم فقال لنا سلمان الباهلي أفرحتم بما فتح الله عليكم و أصبتم من المغانم فقلنا نعم فقال لنا اذا أدركتم شباب آل محمد فكونوا أشد فرحا بقتالكم معهم بما أصبتم من الغنائم فأما انا فاني أستودعكم الله قال ثم و الله مازال في أول القوم حتي قتل.

قال أبومخنف حدثني أبوجناب الكلبي عن عدي بن حرملة الأسدي عن عبدالله بن سليم و المذري بن المشمل الأسديين قالا لما قضينا حجنا لم يكن لنا همة الا اللحاق بالحسين في الطريق لننظر ما يكون من أمره و شأنه فأقبلنا ترقل [27] بنا ناقتانا مسرعين حتي لحقناه بزرود فلما دنونا منه اذا نحن برجل من


أهل الكوفة قد عدل [28] عن الطريق حين رأي الحسين قالا فوقف الحسين كأنه يريده ثم تركه و مضي و مضينا نحوه فقال أحدنا لصاحبه اذهب بنا الي هذا فلنسأله فان كان عنده خبر الكوفة علمناه فمضينا حتي انتهينا اليه فقلنا السلام عليك قال و عليكم السلام و رحمة الله ثم قلنا فمن الرجل قال أسدي فقلنا فنحن أسديان فمن أنت قال أنا بكير بن المثعبة فانتسبنا له ثم قلنا أخبرنا عن الناس وراءك.

قال نعم لم أخرج من الكوفة حتي قتل مسلم بن عقيل و هاني ء بن عروة فرأيتهما يجران بأرجلهما في السوق قالا فأقبلنا حتي لحقنا بالحسين فسايرناه حتي نزل الثعلبية ممسيا فجئناه حين نزل فسلمنا عليه فرد علينا فقلنا له يرحمك الله ان عندنا خبرا فان شئت حدثنا علانية و ان شئت سرا قال فنظر الي أصحابه و قال ما دون هؤلاء سر فقلنا له أرأيت الراكب الذي استقبلك عشاء أمس قال نعم و قد أردت مسألته فقلنا قد استبرأنا [29] لك خبره و كفيناك مسألته و هو ابن امري ء من أسد منا دو رأي و صدق و فضل و عقل و انه حدثنا أنه لم يخرج من الكوفة حتي قتل مسلم ابن عقيل و هاني ء بن عروة و حتي رآهما يجران في السوق بأرجلهما فقال انا لله و انا اليه راجعون رحمة الله عليهما فردد ذلك مرارا فقلنا ننشدك الله في نفسك و أهل بيتك الا انصرفت من مكانك هذا فانه ليس لك بالكوفة نار و لا شيعة بل نتخوف أن تكون عليك قال فوثب عند ذلك بنو عقيل بن أبي طالب [30] .

قال أبومخنف حدثني عمر بن خالد عن زيد بن علي بن حسين و عن داود بن علي بن عبدالله بن عباس أن بني عقيل قالوا لا و الله لا نبرح [31] حتي ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا [32] .


قال أبومخنف عن أبي جناب الكلبي عن عدي بن حرملة عن عبدالله بن سليم و المذري بن المشعل الأسديين قالا فنظر الينا الحسين فقال لا خير في العيش بعد هؤلاء قالا فعلمنا أنه قد عزم له رأيه علي المسير قالا فقلنا خار الله [33] لك قالا فقال رحمكما الله قالا فقال له بعض أصحابه انك و الله ما أنت مثل مسلم بن عقيل ولو قدمت الكوفة لكان الناس اليك أسرع قال الأسديان ثم انتظر حتي اذا كان السحر [34] قال لفتيانه و غلمانه أكثروا من الماء فاستقوا و أكثروا ثم ارتحلوا و ساروا حتي انتهوا الي زبالة.

قال أبومخنف حدثني أبوعلي الأنصاري عن بكر بن مصعب المزني قال كان الحسين لا يمر بأهل ماء الا اتبعوه حتي انتهي الي زبالة سقط اليه مقتل أخيه من الرضاعة مقتل عبدالله بن بقطر و كان سرحه الي مسلم بن عقيل من الطريق و هو لا يدري أنه قد أصيب فتلقاه خيل الحصين بن نمير بالقادسية فسرح به الي عبيدالله بن زياد فقال اصعد فوق القصر فالعن الكذاب بن الكذاب ثم انزل حتي أري فيك رأيي قال فصعد فلما أشرف علي الناس قال أيها الناس اني رسول الحسين بن فاطمة بن بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم لتنصروه و توازروه [35] علي ابن مرجانة ابن سمية الدعي فأمر به عبيدالله فألقي من فوق القصر الي الأرض فكسرت عظامه و بقي به رمق [36] فأتاه رجل يقال له عبدالملك بن عمير اللخمي فذبحه فلما عيب ذلك عليه قال انما أردت أن أريحه قال هشام:

حدثنا أبوبكر بن عياش عمن أخبره قال و الله ما هو عبدالملك بن عمير الذي قام اليه فذبحه ولكنه قام اليه رجل جعد طوال يشبه عبدالملك بن عمير قال فأتي ذلك الخبر حصينا و هو بزبالة فأخرج للناس كتابا فقرا عليهم بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فانه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل و هاني ء بن


عروة و عبدالله بن يقطر و قد خذلتنا شيعتنا فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف ليس عليه منا ذمام قال فتفرق الناس عنه تفرقا فأخذوا يمينا و شمالا حتي بقي في أصحابه الذين جاءوا معه من المدينة و انما فعل ذلك لانه ظن انما اتبعه الأعراب لأنهم ظنوا أنه يأتي بلدا قد استقامت له [37] طاعة أهله فكره أن يسيروا معه الا و هم يعلمون علام يقدمون و قد علم أنهم اذا بين لهم لم يصحبه الا من يريد مواساته و الموت معه قال فلما كان من السحر أمر فتيانه فاستقوا الماء و أكثروا ثم سار حتي مر بطن العقبة فنزل بها.

قال أبومخنف فحدثني لوذان أحد بني عكرمة أن أحد عمومته سأل الحسين عليه السلام أين تريد فحدثه فقال له اني أنشدك الله لما انصرفت فوالله لا تقدم الا علي الأسنة وحد السيوف فان هؤلاء الذين بعثوا اليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال و وطئوا لك الأشياء فقدمت عليهم كان ذلك رأيا فأما علي هذه الحال التي تذكرها فاني لا أري لك أن تفعل قال فقال له يا عبدالله انه ليس يخفي علي الرأي ما رأيت ولكن الله لا يغلب علي أمره ثم أرتحل منها. و نزع يزيد بن معاوية في هذه السنة الوليد بن عتبة عن مكة و ولاها عمرو بن سعيد بن العاص و ذلك في شهر رمضان منها فحج بالناس عمرو بن سعيد في هذه السنة حدثني بذلك أحمد بن ثابت عمن ذكره عن اسحاق بن عيسي عن أبي معشر و كان عامله علي مكة و المدينة في هذه السنة بعد ما عزل الوليد بن عتبة عمرو بن سعيد و علي الكوفة و البصرة و أعمالها عبيدالله بن زياد و علي قضاء الكوفة شريح بن الحارث و علي قضاء البصرة هشام بن هبيرة.



پاورقي

[1] المصر: البلد و الجمع أمصار.

[2] عدل الي کربلاء: اتجه اليها، و غير وجهته اليها.

[3] حبرة، بردة يمانية و الجمع حبر و حبرات بفتح الباء.

[4] و ورد الشطر الثاني من البيت بلفظ (أنا) في مروج الذهب للمسعودي (70: 3) و العقد الفريد (381: 4).

أنا قتلت الملک المحجبا.

و في التذکرة للقرطبي (665: 2) بلفظة (أني)

أني قتلت الملک المحجبا. و الوارد هنا فقد يکسر وزن البيت و يستقيم الوزن مع (أني).

[5] لأنه نسبه رسول الله صلي الله عليه و سلم.

[6] و قد أنکر ابن‏تيمية أن يکون الناکت يزيد بقوله:

«أن أبابرزة الأسلمي لم يکن موجودا في الشام و قتذاک عند يزيد» و هذا القول - في رأينا - حجة واهية فما المانع أن يکون أبوبرزة الأسلمي في أي مکان ثم اختلف وقتها الي أميرالمؤمنين يزيد، و لاسيما في ذلک الوقت الحرج الذي يتقرر مصير دولة الاسلام و الخلافة فيه.

[7] فا: فم و هي منصوبة لأنها مفعول به.

[8] يلثمه: يقبله.

[9] رق لها: حدب و أشفق عليها.

[10] عترة الرجل: نسله و رهطه الأدنون.

[11] ضرجوا بدم: أي تضرجوا بالدم أي تلطخوا به.

[12] کان ناس أتو رسول الله صلي الله عليه و سلم فقالوا: نبايعک علي الاسلام، و ذکرت قصة رواها أبوالشيخ في الناسخ و المنسوخ عن سعيد بن جبير، و فيها فأمر النبي صلي الله عليه و سلم فنودي في الناس (يا خيل الله ارکبي) فرکبوا، لا ينتظر فارس فارسا.

و في المغازي لابن عائذ عن قتادة قال بعث رسول الله صلي الله عليه و سلم يومئذ - أن يوم قريظة يوم الاحزاب - مناديا ينادي يا خيل الله ارکبي)

راجع کشف الخفا للعجلوني (531: 2) بتصرف.

[13] لا يلج: لا يدخل و مشتق منه الولوج الدخول.

[14] البرود: جمع مفرده برده و هي کساء أسود مربع فيه صقر تلبسه الاعراب، و يجمع علي برود و برد.

[15] شمط: الشمط بفتحتين بياض شعر الرأس يخالط سواده.

[16] لجأ اليه: لاذبه.

[17] و هل کان يبکي يزيد من الندم الحقيقي علي هذه الجريمة البشعة النکراء؟!! و اذا کان نادما حقا فلم لم يعاقب عبيدالله بن زياد أو عمرو بن سعد أو شمر بن ذي الجوشن؟! انني أعتقد أن ذلک کان أحد أمرين:

الأول: تظاهر بالندم لأن الجريمة بشعة حتي يلطف من حدة التوتر و الغيظ الذي ملأ قلوب الناس حقدا و وغرا و سخيمة علي بني‏أمية.

الثاني: قد يکون هذا الفم و الندم حقيقيا ربما لان يزيد شعر بأن خطرا قد يتهدده و يطيح بملکه بعد حين و بعد أجل قصيرا کان أم طويلا بعيدا أم قريبا. و الله أعلم بالسرائر.

[18] يقال استفرمت المرأة اذا تضيقت بالفرم، و يقال أذل من فرم الأمة.

أساس البلاغة للزمخشري (ص 713).

[19] و يقول ابن عبد ربه (قتل الحسين رضي الله عنه يوم الجمعة، يوم عاشوراء سنة احدي و ستين، و قتل و هو ابن ست و خمسين سنة) ا. ه.

العقد الفريد (380: 4) بتصرف.

[20] راجع التذکرة للقرطبي (664: 2).

[21] و کف دموعه: غزير دموعه، و يقال فلان يستوکف الأخبار أي يستمطرها، و تقال أيضا يتوکف الأخبار.

[22] شخص اليهم: اتجه اليهم.

[23] لا يلوي علي شي‏ء: أي مقبل لا يثنيه شي‏ء و لا يميل.

[24] أصلها تتعرض فحذفت احدي التاءين للتخفيف.

[25] کأن علي رؤوسنا الطير: من الصمت.

[26] أسفر وجهه: تهلل من البشري.

[27] ترقل بنا: تسرع.

[28] عدل عن الطريق: ترکه و سلک غيره.

[29] استبرأنا خبره: أن طلبنا غاية ما عنده لقطع الشبهة، و استبرأ من بوله اذا استنزه.

[30] و هنا نري أن الحسين مثلما کان أبوه من قبله کان في أعصي جند، فانهم کانوا سبب هذه النازلة الکبري.

[31] لا نبرح المکان: لا نترکه.

[32] و هو مسلم بن عقيل بن أبي‏طالب.

[33] خار الله: أي استخار الله فخاره الله أي اختار له.

[34] السحر: الجزء الأخير من الليل قبيل الصبح.

[35] کذا وردت بالأصل و الأصح تؤازروه بالهمزة، لأن توازروه من التوزير و الأوزار، و تؤازروه المؤازره و المعاونة و الأخيرة هي المقصودة.

[36] بقي به رمق: بقي به بقية.

[37] قد استقامت له طاعة أهله: استوت و کملت و تمت.