بازگشت

في تركية


و في الصقع التركي الذي كان يحكمه العثمانيون الي ختام الحرب العالمية الأولي، ثم الحكومة الجمهورية التركية العلمانية الحالية، فأينما وجد أفراد من الشيعة وجدت معهم هذه المآتم و النياحات علي الامام الحسين و آله و صحبه، و ان كانت علي صورة مصغرة و في البيوت.

و قد نقل لي بعض زوار العتبات المقدسة في العراق من الأتراك، من سكان القسم الشرقي من الأناضول، عند مرورهم عبر طهران الي العراق لأداء مراسم زيارة مشاهد الأئمة عليهم السلام في كربلاء و النجف و الكاظمية و سامراء، و هم في الغالب من المزارعين في تلك المناطق التركية النائية المحاذية لآذربيجان الايرانية، نقلوا بأنهم يقيمون المآتم و النياحات علي الامام الشهيد في بعض أيام الأسبوع طيلة السنة، في الدور و في مجالس خاصة يشترك فيها من يكون حاضرا، و يلقي فيها خطيب المنبر الحسيني ما يناسب المقام و المجلس، من مآثر الامام الحيسن عليه السلام و سائر الأئمة الاثني عشر، و يختم كلامه ببيان نبذة عن مجزرة كربلاء و استشهاد آل بيت النبي فيها. أما في الشعرة الأولي من محرم، و لا سيما في يومي تاسوعاء و عاشوراء و في يوم العشرين من شهر صفر «الأربعين» و لياليها، فتقام المناحات بتفصيل في مختلف الأماكن و القري هناك، و يتلي المقتل و يشترك الرجال و النساء و الشيوخ و الشباب و غيرهم باحياء هذه الذكريات الحزينة، و حتي أن كثيرا من أبناء السنة يشتركون مع الشيعة في هذه المراسيم و الشعارات الحزينة.

و أضاف ذلك الزائر: بأن الشيعة في هذه المناطق التركية، و لا سيما الصوفية منهم علي الطريقة البكتاشية التي تميل الي الشيعة، ينتظرون سنتهم ويعدون أيامها و لياليها، مغتنمين فرصة حلول شهري محرم و صفر ليعدوا العدة فيهما للسفر الي العراق عن طريق ايران لاداء فروض زيار أضرحة أئمتهم عليهم السلام في العتبات


المقدسة، و الاشتراك في مراسيم العزاء التي تقام في هذه العتبات، وخاصة في كربلاء، و بذلك يكونون قد أدوا واجبا دينيا، و رفعوا حملا عن كاهلهم. و أما سبب زيارتهم لهذه العتبات عن طريق ايران، فهو رغبتهم في انتهاز الفرصة لزيارة ضريح الامام الثامن علي بن موسي الرضا عليهماالسلام في مشهد «خراسان» و هم في طريقهم الي العراق.

و خمتم الزائر المذكور كلامه هذا بقوله: ان سكان هذه المناطق الشرقية من الأناضول، السائرين علي مذهب الشيعة، هم من بقايا الأتراك الآذربيجانيين، ممن اضطرتهم ظروف الحروب المتوالية بين الايرانيين و العثمانيين في القرون الماضية الي الهجرة من آذربيجان الايرانية الي الأناضول التركية.

و فيما يلي أدرج النبذة التالية عن النياحة في تركيا:

1- جاء في الصفحة «198» من كتاب «المجالس السنية في ذكري مصائب العترة النبوية» المار ذكره، نقلا عن رسالته للدكتور «ماربين» الألماني في فلسفة نهضة الحسين و ثورته الكبري و مأتمه، مما يدل علي اقامة النياحات علي الامام الشهيد في تركيا قوله:

«حضرت مجالس اقامة العزاء علي الحسين عليه السلام مرارا في اسطنبول، مع مترجم خاص، فسمعتهم يقولون: الحسين الذي هو امامنا و مقتدانا، و طاعته و اتباعه واجبان علينا، لم يتحمل الضيم، و لم يدخل في طاعة يزيد؛ و لأجل حفظ شرفه و علو حسبه و ارتفاع مقامه، بذل نفسه، بذل أولاده، بذل عياله، و استعاض عن ذلك بحسن الذكر في الدنيا و الشفاعة في الآخرة و التقرب من الله، و قد خسر أعداؤه الدنيا و الآخرة...» الخ.

و كانت مجالس النياحة و العزاء علي الحسين الشهيد تقام أيضا في اسطنبول، خاصة في يوم عاشوراء من كل سنة من قبل الجاليات الشيعية المقيمة في هذه المدينة الكبري، و يحضرها أحيانا جماعات من السنة و لا سيما الرجال الرسميون،


مواساة منهم للجاليات الشيعية.