بازگشت

سائر بلدان الجزيرة العربية


أما في سائر بلدان الجزيرة العربية و أقطارها كاليمن - الذي كان أهله أول من تشيع لعلي بن أبي طالب و اهل بيته عليهم السلام - و الحجاز، و حضرموت، و الكويت، و البحرين، و مسقط، و عمان، و قطر، و الاحساء، و القطيف، و بقية النواحي، فانه و ان لم يكن تقام شعائر الحزن علي الامام الحسين بصورة موسعة فيها، كما هي الحالة في العراق و لبنان و الأقطار الاسلامية الاخري، الا أن مجالس التعزية التي تنشد فيها المراثي، و تتلي من علي المنابر قصة المجزرة المفجعة في كربلاء، من قبل خطباء المنابر، في الحسينيات و محلات العبادة و الدور، تعقد طوال أيام شهري محرم و صفر، و خاصة في العشرة الأولي من شهر محرم كل سنة، من قبل الشيعة فيها. و غالبية هؤلاء الخطباء يفدون علي هذه البلدان من العراق و ايران، و بالأخص علي الكويت، و البحرين، و مسقط، و قطر و قطيف، التي تسكنها


جاليات شيعية كبيرة قبل حلول شهر محرم بعدة أيام، استعداد للاشتراك في تلك المجالس الحزينة، سرد قصة مقتل الامام الشهيد و صحبه و آله. و أما مشاهد السبايا و الهوادج، واللطم، و الضرب علي الرؤوس و الوجوه و الصدور، فقليلا ما تبدو للشخص في هذه البلدان، لو استثنيا يوم عاشوراء فقط.

و قد وصف بعض الكتاب و خاصة الافرنج منهم ما شاهد من هذه المشاهد المؤلمة و المظاهر الحزينة، في كتاباتهم و مذكراتهم، أنقل منها نبذة علي سبيل المثال:

1- جاء في الصفحة «380» من «موسوعة العتبات المقدسة» الجزء الأول -قسم كربلاء- نقلا عن الكاتبة الانجليزية «فرايا ستارك» في كتابها «صور بغدادية» عما شاهدته في الكويت من مجالس التعزية التي تقيمها النساء فيها، بعد أن تصف هذه المجالس، قولها:

«و يؤخذ الأطفال الايرانيون الموجودون في الكويت الي الملا في يوم العاشر من محرم ليمرر تحت ذقونهم امرارا رمزيا سكينته الكبيرة، دلالة علي فروض التضحية و الفداء».

ثم تعقب الكاتبة علي ذلك قائلة:

«و هكذا تمر الحقيقة الناصعة من الميثولوجيا الي الديانة الحقة، و من الديانة الي التصوف. و من المفيد أن نجدهم يتمسكون اليوم بهذه الطقوس البسيطة التي تدل علي أول يوم فتحنا فيه أعيننا للوجود في هذا العالم، لئلا ننسي الأخوة الانسانية».

أما في الأردن و فلسطين و ان لم تسكنها جاليات شيعية تقوم بأداء شعارات الحزن والنياحة علي الامام الحسين عليه السلام فيها حسب العرف المتبع عند الشيعة لكن العادة جرت عند الأسر العريقة من مختلف الطوائف الاسلامية منذ عهد بعيد و حتي الآن بالانفاق علي الفقراء و المعوزين يوم العاشر من المحرم «العاشوراء الحسيني» بما يتوفر لديها من الطعام، كما تطبخ في هذا اليوم طبخة حساء تتألف


من بعض البقولات و الحبوب و البصل ثم تعرض علي كل عابر للتناول منها و لو قليلا جدا، و يفرق منها علي البيوت، و الجميع يتناولون ولو ملعقة منها للبركة و الثواب، و كثير من العائلات تعطل أعمالها اليومية في هذا اليوم الحزين، و تمتنع خاصة عن عملية الغسيل، منتهجين في ذلك نهج السيدة الجليلة أم سلمة زوجة الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله حينما نعي اليها الامام الحسين عليه السلام.