بازگشت

بكاء ائمة الهدي علي جدهم


أما شعائر النياحة والحزن، وإقامة المآتم والعزاء علي شهيد كربلاء وآله، بعد الإمام الثامن علي بن موسي الرضا وعلي عهد الأئمة الأربعة الآخرين: (الإمام التاسع: محمد بن علي التقي، والإمام العاشر: علي بن محمد النقي، والإمام الحادي عشر: الحسن بن علي العسكري، والإمام الثاني عشر: القائم، محمد بن الحسن (عليهم السلام) فقد أخذت تسير سيراً صعودياً أحياناً، وهبوطياً أحياناً أخري، تبعاً للسياسة التي كان يمارسها الخلفاء العباسيون وسلطاتهم تجاه شيعة آل محمد (صلي الله عليه وآله) وهؤلاء الأئمة الأربعة الهداة. وكانت الحرية تطلق بعض الوقت لهؤلاء الأئمة ومواليهم وشيعتهم بإقامة شعائرهم ومناحاتهم علي الإمام الشهيد، فيقيمونها سراً أو علناً كما كانت تحدد هذه الحرية زمناً، ويمنع إقامة هذه الشعائر


الحزينة علناً، وحتي سراً أحياناً.

ففي عهد الإمام التاسع محمد الجواد التقي، نالت الشيعة بعض الحرية في إقامة شعائرهم الكئيبة هذه، لأن الخليفة المأمون كان متساهلاً معهم خاصة وإن الإمام محمد الجواد كان صهره علي ابنته أم الفضل. وكانت المآتم علي الإمام الحسين تقام في دور العلويين علناً ودون أي ضغط، وليس من يعارضهم في ذلك. وقد استمرت هذه الحالة علي عهد المعتصم أيضاً الذي كان يسعي لمراعاة شعور العلويين والموالين لآل البيت، ويمنع إدخال الضغط عليهم إلي حد ما، ويسمح لهم بإقامة المناحات علي الحسين الشهيد، في دورهم وخارجها، سراً وعلناً.

أما بعد المعتصم أي علي عهد الأئمة الثلاثة الآخرين فقد أخذت السلطات الحاكمة بإيعاز من الخلفاء العباسيين الذين خلفوا المعتصم تشدد علي هؤلاء الأئمة (عليهم السلام) وشيعتهم ومواليهم، وتمنعهم من إقامة شعائر العزاء والحزن علي الحسين (عليه السلام)، وتحد من حرياتهم في ذلك. غير أن المقيمين لهذه المآتم لم يمتنعوا عن إقامتها سراً في دورهم وان لم يستطيعوا إقامتها علنا وجهارا، وكانوا يستعملون التقية، ويسدلون الأستار علي الأماكن التي كانوا يقيمون فيها هذه الشعائر الحزينة في دورهم، وخاصة عند قبور الأئمة، كقبر الإمام الحسين بكربلاء، وقبر الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في النجف، وقبري الإمامين والجوادين في الكاظمية (مقابر قريش)، ولذلك نجد أخبار وروايات إقامة هذه الشعائر المأتمية علي عهد هؤلاء الأئمة الثلاثة شحيحة جداً.

وهكذا كان شأن إقامة هذه النياحات والمآتم، وحفلات الحزن وشعائر العزاء، علي الحسين الشهيد، علي عهد الأئمة الأطهار الاثني عشر (عليهم السلام) بين مدو جزر ولكنهم (عليهم السلام) كانوا لا يتركون أية فرصة في كل عصر وجيل إلا حثوا شيعتهم ومواليهم علي البكاء علي الحسين، والحزن لقتله، ورثائه بالأشعار والقصائد، وإقامة العزاء و المآتم عليه، واتخاذ يوم عاشوراء خاصة يوم حزن وبكاء ونياحة.