بازگشت

موقف الامويين من النياحة علي الحسين


لقد بذل الأمويين ولا سيما ملوكهم وأمراءهم بعد يزيد، جهدهم لعزل ذكر الحسين عن ذهنية المسلمين، وذلك بفصل الناس عن زيارة قبره الطاهر ومنعهم عن إقامة العزاء والنوح عليه، بكل ما عرفوه من الوسائل السرية والعلنية. وكان الأمويين لا يتورعون عن اتخاذ أية وسيلة إرهابية في منع الناس عن مراودة القبر الشريف بكربلاء، وإقامة المآتم والمناحات علي الحسين (عليه السلام) وصحبه وآله سراً وعلناً، في جميع الأقطار الإسلامية التي كانت سيطرتهم عليها نافذة، فكانوا قد أحاطوا البقعة التي ضمت جثمان الشهيد في كربلاء بحراسة شديدة ومراقبة واعية، منعاً من وفود الزوار عليها وإقامة المناحات حولها. حتي أن كثيراً من الوافدين لقوا حتفهم فور وقوعهم في شباك تلك الحراسة، وكان قد اشتد هذا المنع في أوائل عصر الإمام الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) علي عهد هشام بن عبد الملك. وذلك علي أثر خروج زيد بن علي بن الحسين(عليه السلام) في الكوفة ومقتله فيها سنة (121) فصار جلاوزة هشام يشددون المنع، ويمثلون بمن يقع بأيدي المسالح من الزوار. وروي التاريخ حوادث كثيرة في ذلك، منها:

1- جاء في الصفحة (95) من كتاب (إقناع اللائم) ما نصه: (روي ابن قولويه في الكامل بسنده عن مسمع كردين قال: قال لي أبو


عبد الله: يا مسمع، أنت من أهل العراق، أما تأتي قبر الحسين؟ قلت: لا، أنا رجل مشهور من أهل البصرة، وعندنا من يتبع هوي هذا الخليفة، وأعداؤنا كثيرة من أهل القبائل من النصاب وغيرهم، ولست أمنهم أن يراقبوا حالي عند ولد سليمان فيميلوا علي. قال: أفما تذكر ما صنع به؟ قلت: بلي. قال: فتجزع. قلت: أي والله واستعبر لذلك حتي يري أهلي أثر ذلك علي، فامتنع عن الطعام حتي يستبين ذلك في وجهي. قال: رحم الله دمعتك أما أنك من الذين يعدون من أهل الجزع لنا، والذين يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا، ويأمنون إذا آمنا...).

إلي أن يقول مسمع (ثم استعبرت منه، فقال: الحمد لله الذي فضلنا علي خلقه بالرحمة، وخصنا أهل البيت بالرحمة يا مسمع، إن الأرض والسماء تبكي منذ قتل أمير المؤمنين، رحمة لنا، وما بكي لنا من الملائكة أكثر، وما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا، وما بكي أحد رحمة لنا، وما لقينا إلا رحمة الله قبل أن تخرج الدمعة من عينه...). [1] .

أقول: أما سليمان، فهو سليمان بن عبد الله بن العباس الذي كان أمير البصرة.

2- جاء في مقال للشيخ باقر شريف القرشي نشر في العدديين 3 - 4 من نشرة (أجوبة المسائل الدينية) المنتشرة في كربلاء ما عبارته: (نشأ الإمام زيد، ولكنه لم يفتح عينيه الأعلي نفوس قد ذابها الحزن وأفناها الألم، ولا يسمع إلا البكاء والعويل والنادبات من عماته، يندبن سيد الشهداء، ويعددن رزاياه وما حل به من فادح الخطب وفاجع الرزء، ويشاهد أباه زين العابدين وقد نخر الحزن قلبه، وهو يواصل أوقاته بالبكاء والحزن علي أبيه. قد أنهكت العبادة جسمه حتي صار كأنه صورة جثمان).

أقول: هذه كانت حالة شيعة آل علي (عليه السلام) علي عهد بني أمية، الذين لم يألوا


جهداً في إيذاء أهل البيت وأصحابهم ومواليهم، ومقاومة من ينوح علي الحسين (عليه السلام) ويزور قبره بأشد العقوبات.

3- وهذا البيت لأحد الشعراء علي عهد الأمويين، من قصيدة له في رثاء الإمام الشهيد، يدل علي ما كان يلاقيه الموالون لآل علي وأولادهم (عليهم السلام).



تـــجـــاوبـــت الــدنــيــا عــلـيك مـآتماً

نـــواعــيــك فــيــهـــا لـلـقيـامة تــهتف



فكان عقاب هذا الشاعر التعذيب والموت علي يد حكام آل أبي سفيان.



پاورقي

[1] کامل الزيارات: 101.