بازگشت

اهل الحجاز يبكون الحسين عند مفارقته لهم


ولما عزم الإمام الحسين (عليه السلام) علي مغادرة مدينة جده المصطفي (صلي الله عليه وآله) والتوجه إلي العراق تلبية لنداءات ورسائل ورسل أهل الكوفة عزّ علي أهل المدينة أن يفارقهم سبط الرسول (صلي الله عليه وآله) وهم في أمس الحاجة إلي زعامته وإمامته وإرشاداته فتوسلوا إليه أن يعدل عن هذه الرحلة ذات المصير المجهول والأعداء وخاصة الأمويين منهم مترصدون له وعازمون علي قتله والفتك به وبأصحابه، والقضاء علي نهضته الإصلاحية التي بها إحياء لدين جده محمد (صلي الله عليه وآله) مهما كلفهم الأمر. ولكن الإمام الحسين (عليه السلام) كان قد قرّ قراره علي الرحيل لأمور كان هو أعلم بها. وفيما يلي بعض المرويات عن بدء الإمام بهذه الرحلة المشئومة:

1 ـ جاء في الصفحة (75) من المجلد الرابع من موسوعة (أعيان الشيعة) القسم الأول منها عند بيان تفاصيل كيفية خروج الحسين (عليه السلام) من المدينة يصحبه أخوته وأهله وشيعته يريد مكة ثم الكوفة قوله: (وأقبلت نساء عبد المطلب فاجتمعن للنياحة لما بلغهن أن الحسين (عليه السلام) يريد الشخوص من المدينة حتي مشي فيهن الحسين (عليه السلام) فقال: أنشدكن الله أن تبدين هذا الأمر معصية لله ولرسوله فقالت له نساء بني عبد المطلب: فلمن نستبقي النياحة والبكاء؟ فهو عندنا كيوم مات فيه رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وعلي، وفاطمة، والحسن، ورقية، وزينب، وأم كلثوم، جعلنا الله فداك من الموت يا حبيب الأبرار


من أهل القبور..). وكأن القدر كان أوحي لهذه النسوة بأن الإمام وأهل بيته ومن يرافقه في هذه الرحلة مستشهدون لا محالة.

2ـ وفي الصفحة (42) من كتاب (المجالس السنية في مناقب ومصائب العترة النبوية) لمؤلفه العلامة الأمين العاملي عند ذكر اجتماع محمد بن الحنفية أخ الإمام الحسين (عليه السلام) في المدينة به قبيل مغادرة الإمام لها، ونصيحة محمد للحسين بأن يخرج إلي مكة فإن اطمأن إلي أهلها وإلا فإلي اليمين، وإلا اللحاق بالرمال وشعوب الجبال، هربا ًمن تعقيب يزيد وزمرته الأمويين له، قال الحسين يا أخي والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوي لما بايعت يزيد بن معاوية ـ فقطع محمد بن الحنفية عليه الكلام وبكي فبكي الحسين (عليه السلام) معه ساعة ثم قال:يا أخي، جزاك الله خيراً، فقد نصحت وأشرت بالصواب، وأنا عازم علي الخروج إلي مكة...).

3ـ وفي الصفحة (45) من الكتاب نفسه، ينقل المؤلف الجليل كيفية خروج الحسين (عليه السلام) من مكة وشخوصه مع أهله وأصحابه إلي العراق في 8 ذي الحجة سنة 60 هـ، واجتماع أخيه محمد بن الحنفية به مرة أخري ومنعه من السفر إلي العراق والرحيل إلي اليمن، وامتناع الإمام (عليه السلام) عن ذلك، ثم يقول: (وسمع عبد الله بن عمر بخروج الإمام من مكة فقدم راحلته وخرج خلفه مسرعاً فأدركه في بعض المنازل، فقال له: أين تريد يا ابن رسول الله؟ قال: العراق. قال: مهلاً أرجع إلي حرم جدك رسول الله (صلي الله عليه وآله) فأبي الحسين (عليه السلام) فلما رأي ابن عمر أباه فقال: يا أبا عبد الله أكشف لي عن الموضوع الذي كان رسول الله يقبله منك، فكشف الحسين (عليه السلام) عن سرته فقبلها ابن عمر ثلاثاً وبكي، وقال: أستودعك الله يا أبا عبد الله فأنك مقتول في وجهتك هذه...).