بازگشت

بكاء علي و فاطمة علي ابنهما


وكان الإمام (أبو الشهداء) علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد بكي ابنه سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) أيضاً، والروايات في ذلك متضافرة، وأنقل بعضها:

1 ـ جاء في الصفحة (65) من كتاب (إقناع اللائم) للعلامة الأمين ما نصه: (روي الصدوق في الأمالي بسند عن ابن عباس قال: كنت مع أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في خروجه إلي صفين، فلما نزل نينوي وهي بشط الفرات قال بأعلي صوته: يا ابن عباس أتعرف هذا الموضوع؟ قلت: لا أعرفه يا أمير المؤمنين، فقال: لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتي تبكي كبكائي، قال: فبكي كثيراً حتي خضلت لحيته وسالت الدموع علي صدره، وبكينا معه وهو يقول: آه آه، مالي ولآل أبي سفيان [1] ، صبراً يا أبا عبد الله، فقد لقي أبوك مثل الذي تلقي منهم..). [2] .

2ـ وروي ذلك غيره كسبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرة العوام حيث قال: (روي الحسن بن كثير وعبد خير، قالا: لما وصل علي (عليه السلام) إلي كربلاء وقف وبكي وقال: بأبي أغيلمة يقتلون هاهنا، هذا مناخ ركابهم، هذا موضع رحالهم هذا مصرع الرجل، ثم ازداد بكاؤه. [3] .


وروي هذا الحديث أيضاً في مسند ابن حنبل [4] وصواعق ابن حجر [5] المحرقة، وفي منتخب كنز العمال [6] مع تفاوت في - العبارة.

3 ـ قال ابن حجر في صواعقه في الفصل الثالث من – الباب (11): (روي الملا أن علياً مر بقبر الحسين فقال: هاهنا مناخ ركابهم، وهاهنا موضع رحالهم، وهاهنا مهراق دمائهم فتية من آل محمد يقتلون بهذه العرصة تبكي عليهم السماء والأرض...) [7] .

4ـ روي ابن قولوية في الكامل بسنده عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قال: نظر علي إلي الحسين فقال: يا عبرة كل مؤمن فقال: أنا يا أبتاه؟ فقال: نعم يا بني..) [8] .

5 ـ جاء في الصفحة (12) من كتاب (مدينة الحسين) السلسلة الثانية، لمؤلفه السيد محمد آل الكليدار ما لفظه: (ويروي المفيد في إرشاده عن عثمان بن قيس العامري عن جابر بن الحر عن جرير بن مسهر العبدي قال:كنت مع الأمام علي (عليه السلام) عندما [9] توجهنا إلي صفين عام 36 هـ. فبلغنا طفوف كربلاء، فوقفت في ناحية من المعسكر ثم رأيت الإمام علي (عليه السلام) ينظر يميناً وشمالاً واستعبر، ثم قال: (هذا والله مناخ ركابهم وموضع قتلهم. فسأل ما هذا؟ الموضع، فأجاب (عليه السلام): هذه كربلاء، يقتل فيها قوم يدخلون الجنة بغير حساب. ثم سار الإمام دون أن يعرف الناس تأويل حديثه حتي كان


أمر الحسين (عليه السلام) ومقتله في كربلاء عام 61هـ..). [10] .

أقول قد رأيت هذا الحديث في الصفحة (156) من كتاب (الإرشاد) للشيخ المفيد رحمه الله. المتوفي سنة 413 هـ.

6ـ جاء في الصفحة (108) من كتاب (إقناع اللائم) ما نصه: (أورد ابن قولويه في الكامل بسنده عن أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام) إنه قال: (نظر أمير المؤمنين (عليه السلام) إلي الحسين فقال: يا عبرة كل مؤمن. فقال: أنا يا أبتاه؟ فقال: نعم يا بني). [11] .

7ـ أما السيدة فاطمة الزهراء أم الإمام الشهيد (عليه السلام) فقد تواترت الروايات أيضاً عن بكائها عليه في مواقف مختلفة من ذلك ما جاء في الصفحة (94) من أمالي الشيخ المفيد، نقلاً عن النيسابوري: أن درة النائحة رأت فاطمة الزهراء (عليها السلام) فيما يري النائم أنها وقفت علي قبر الحسين تبكي وأمرتها أن تنشد:



أيـهـــا الـعــينــان فــــيــــضــــاً

واســـتـهلا لا تـــــغــــيــــضـــاًًً



وأبـــــكيا بــالــطــف مــــــيتـــاًًًًًً

تــرك الــــصدر رضــــيضــــــاً



لـــــم أمــــرضــــه قــــتــيـــــلاً

لا ولا كــــــــــان مـــــــــــــري



8- نقل كتاب (بغية النبلاء) لمؤلفه السيد عبد الحسين سادن الروضة الحسينية بكربلاء في صفحة (154) عن كتاب (نشوار المحاضرة) لمؤلفه أبي علي القاضي التنوخي المتوفي سنة384 هـ ما عبارته:

(حدثني أبي قال: خرج إلينا يوماً أبو الحسن الكاتب فقال: أتعرفون ببغداد رجلاً يقال له ابن أصدق؟ قال: فلم يعرفه من أهل المجلس غيري، فقلت: نعم: فكيف سألت عنه؟ فقال أي شيء يفعل؟ قلت ينوح علي الحسين (عليه السلام). قال:


فبكي أبو الحسن وقال: إن عندي عجوزاً ربتني من أهل كرخ جدان عفيطة اللسان [12] الأغلب علي لسانها النبطية لا يمكنها أن تقيم كلمة عربية صحيحة فضلاً عن أن تروي شعراً، وهي من صالحات نساء المسلمين، كثيرة الصيام والتهجد وإنها انتبهت البارحة في جوف الليل ومرقدها قريب من موضعي، فصاحت بي: يا أبا الحسن، فقلت مالك. فقالت: الحقني فجئتها فوجدتها ترعد. فقلت: ما أصابك؟ فقالت إني كنت قد صليت وردي فنمت، فرأيت الساعة في منامي كأني في درب من دروب الكرخ، وإذا بحجرة نظيفة مليحة الساحة مفتوحة الباب ونساء وقوف عليه، فقلت لهن: من مات أو ما الخبر؟ فأومأن إلي داخل الدار فدخلت، فإذا بحجرة نظيفة في نهاية الحسن، وفي صحنها امرأة شابة لم أر قط أحسن منها ولا أبهي ولا أجمل، وعليها ثياب حسنة بياض مروي لين وهي ملتحفة فوقها بإزار أبيض جداً وفي حجرها رأس رجل يشخب دماً. فقلت: من أنت؟ فقالت: لا عليك، أنا فاطمة بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وهذا رأس ابني الحسين (عليه السلام). قولي لأبن أصدق ينوح:



لم أمرضه فأسلوا

لا و لا كان مريضا



فانتبهت فزعة. قال: وقالت العجوز: (لم أمر طه) بالطاء لأنها لا تتمكن من إقامة الضاد، فسكنت منها إلي أن نامت.

ثم قال لي: يا أبا القاسم مع معرفتك الرجل قد حملتك الأمانة ولزمتك أن تبلغها له. فقلت: سمعاً وطاعة لأمر سيدة نساء العالمين.

قال: وكان هذا في شعبان والناس إذ ذاك يلقون جهداً جهيداً من الحنابلة إذا أرادوا الخروج إلي الحائر. فلم أزل أتلطف حتي خرجت فكنت في الحائر ليلة النصف من شعبان فسألت عن ابن أصدق حتي رأيته، فقلت له: إن فاطمة (عليها السلام)


تأمرك بأن تنوح بالقصيدة.



لــــم أمــــرضــــــه فــاســـــلوا

لا ولا كــــــــان مــريــضـــــــاً



وما كنت أعرف القصيدة قبل ذلك. قال: فانزعج من ذلك، فقصصت عليه وعلي من حضر الحديث. فاجتمعوا بالبكاء وما ناح تلك الليلة إلا بهذه القصيدة، وأولها:



أيــــــهــا الــــعــينــان فــــيـضا

واســــتــــهــلا لا تــــــغــيــضا



وهي لبعض الشعراء الكوفيين. وعدت إلي أبي الحسن فأخبرته بما جري.

9ـ جاء في الصفحة (39) من المجلد (13) من موسوعة (أعيان الشيعة) لمؤلفه العلامة السيد الأمين العاملي، نقلاً عن كتاب (اللهوف) للسيد ابن طاووس ما نصفه: (إن إحدي السبايا سكينة بنت الحسين قالت: لما كان اليوم الرابع من مقامنا بدمشق رأيت في المنام امرأة راكبة في هودج ويدها موضوعة علي رأسها، فسألت عنها فقيل لي هذه فاطمة بنت محمد صلوات الله عليها أم أبيك فقلت والله لانطلقن إليها ولا خبرنها ما صنع بنا، فسعيت مبادرة نحوها حتي لحقت بها. فوقفت بين يديها أبكي وأقول: يا أماه جحدوا والله حقنا. يا أماه بددوا والله شملنا، يا أماه استباحوا والله حريمنا، يا أماه قتلوا والله الحسين أبانا. فقالت لي: كفي صوتك يا سكينة فقد قطعت نياط قلبي، هذا قميص أبيك الحسين لا يفارقني حتي ألقي الله به...). [13] .



پاورقي

[1] في الأصل زيادة «مالي و لآل حرب، حزب الشيطان و اولياء الکفر».

[2] أمالي الصدوق: 5:478.

[3] تذکرة الخواص: 225.

[4] مسند أحمدبن حنبل 82:1.

[5] الصواعق المحرقة: 115.

[6] منتخب کنزالعمال 112:5 في هامش مسند أحمد بن حنبل.

[7] الصواعق المحرقة: 115.

[8] کامل الزيارات: 108.

[9] ليس في مصدر «کنت مع الامام علي عليه السلام عندما»، و انما لها (لما توجهنا مع أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الي صفين).

[10] ارشاد المفيد 332:1، وقعه صفين لابن مزاحم 140-141، والصدوق في اماليه 6:117، و نقله العلامة المجلسي في البحار 6:286:41.

[11] کامل الزيارات: 108.

[12] عفيطة اللسان: اي لکناء يصعب عليهاالکلام.

[13] اللهوف لابن طاووس: 82.