بازگشت

كلامه لما احاطت به اعداوه


يعلم من الروايات ان الناس كانوا لا ينصتون لاستماع كلامه الشريف و لعل ذلك كان بامر من رؤساء العسكر حتي لا يستمعوا خطابته و لا يتضح الحق ببيانه لكنه عليه السلام بالغ في ذلك حتي ابلغ و اوضح الحق، و بين انهم نقضوا الايمان بعد توكيدها؛ و خرجوا من الايمان و تبعوا ائمتهم الطواغيت، نبذة الكتاب و قتلة اولاد الانبياء فاستنصتهم اولا فابوا ان ينصتوا فعند ذلك قال لهم مغضبا:


ويلكم ما عليكم ان تنصتوا الي فتسمعوا قولي، و انما ادعوكم الي سبيل الرشاد، فمن اطاعني كان من المرشدين، و من عصاني كان من المهلكين، و كلكم عاص لامري، غير مستمع لقولي، قد انخزلت عطياتكم من الحرام، و ملئت بطونكم من الحرام فطبع الله علي قلوبكم، ويلكم الا تنصتون، الا تسمعون، فتلاوم اصحاب عمر ابن سعد و قالوا انصتوا له، فسكت الناس.

فقال الحسين عليه السلام [1] تبا لكم ايتها الجماعة و ترحا، افحين استصرختمونا، و الهين متحيرين فاصرخناكم مودين مستعدين سللتم علينا سيفا في رقابنا، و جششتم علينا نار الفتن التي جناها عدوكم و عدونا، فاصبحتم ألبا علي اوليائكم، و يدا عليهم لاعدائكم بغير عدل افشوه فيكم، و لا امل اصبح لكم فيهم الا الحرام من الدنيا انالوكم، و خسيس عيش طمعتم؛ من غير حدث كان منا؛ و لا رأي تفيل لنا فهلالكم الويلات اذ كرهتمونا تركتمونا فتجهزتموها و السيف لم يشهر و الجاش طامن و الرأي لم يستصحف و لكن اسرعتم علينا كطيرة الدباء و تداعيتم اليها كتداعي الفراش فقبحا لكم؛ فانما انتم من طواغيت الامة و شذاذ الاحزاب و نبذة الكتاب و نفثة الشيطان و عصبة الاثام و محرفي و الكتاب و مطفئي السنن و قتلة اولاد الانبياء و مبيري عترة الاوصياء و ملحقي العهار بالنسب و موذي المؤمنين و صراخ ائمة المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين و انتم ابن حرب و اشياعه تعتمدون، و ايانا تخذلون، اجل والله الخذل فيكم معروف و تحث عليه عروقكم، و توارثته اصولكم و فروعكم، و نبتت عليه قلوبكم و غشيت به صدوركم، فكنتم اخبث


شي ء سنخا للناصب، و اكلة للغاصب، الا لعنة الله علي الناكثين الذين ينقضون الايمان بعد توكيدها، و قد جعلتم الله عليكم كفيلا، فانتم والله هم، الا ان الدعي بن الدعي قدر كزبين اثنتين بين القتلة و الذلة، و هيهات منا اخذ الدنية، ابي الله ذلك و رسوله و جدود طابت، و حجور طهرت، و انوف حمية، و نفوس ابية لا نؤثر طاعة اللئام علي مصارع الكرام، الا اني قد اعذرت و انذرت الا اني زاحف بهذه الاسرة علي قلة العتاد و خذلة الاصحاب ثم انشد عليه السلام.



فان نهزم فهزامون قدما

و ان نهزم فغير مهزمينا



و ما ان طبنا جبن و لكن

منا يانا و دولة آخرينا



اما انه لا يلبثون بعدها الا كريث ما يركب الفرس، حتي تدور بكم دور الرحي، عهد عهده الي ابي عن جدي، فاجمعوا امركم و شركائكم فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون اني توكلت علي الله ربي و ربكم ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها ان ربي علي صراط مستقيم (ثم دعاك عليهم بذلك).

اللهم احبس عنهم قطر السماء و ابعث عليهم سنين كسني يوسف و سلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصيرة، فلا يدع فيهم احدا قتلة بقتلة، و ضربة بضربة ينتقم لي و لاوليائي و اهلي بيتي و اشياعي منهم، فانهم غرونا و كذبونا و خذلونا، و انت ربنا عليك و توكلنا و اليك انبنا و اليك المصير.

ثم قال بعد ذلك: اين عمر بن سعد ادعوا لي عمر فدعي له و كان كارها لا يحب ان يأتيه فقال عليه السلام.

يا عمر انت تقتلني و تزعم ان يوليك الدعي بن الدعي بلاد الري و جرجان، والله لا تتهنأ بذلك ابدا عهد معهود فاصنع ما انت صانع، فانك لا تفرح بعدي بدنيا و لا آخرة، و كاني برأسك علي قبضة قد نصب


بالكوفة، يتراماه الصبيان و يتخذونه غرضا بينهم.

فغضب عمر بن سعد من كلامه، ثم صرف وجهه عنه و نادي باصحابه ما تنظرون به، احملوا باجمعكم انما هي اكلة واحدة.

و يعلم من كلامه عليه السلام انه كان عالما بعواقب امره و شهادة اسرته و انه كان عهدا عهده اليه ابوه ن جده عليهم السلام و انه اخبره بجميع ذلك، حتي بما يلحق اعدائه من الخذل و الذل و العذاب في الدنيا و الآخرة، مضافا الي ماروته العامة و الخاصة، من اخبار النبي صلي الله عليه و آله بقتله يوم الطف و تلك النصوص علي حد لا يمكن لاحد ان يشك فيها فضلا ان يطرحها و قد نقل كثير من العلماء و الفقهاء المتتبعين تلك الاخبار في تأليفهم فراجع ملحقات احقاق الحق ج 11.


پاورقي

[1] المقتل الخوارزمي ص 6 طبع النجف، الفصول المهمة ص 175.