بازگشت

خطبة كاشفة عن قوة قلبه و قدرة روحه


تقدم الحسين عليه السلام حتي وقف قبالة القوم، و جعل ينظر الي صفوفهم، كانها السيل، و نظر الي ابن سعد واقفا في صناديد الكوفة، فقال:

الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء و زوال، متصرفا باهلها


حالا بعد حال: فالمغرور من غرته، و الشقي من فتنته، فلا تغرنكم هذه الحيوة الدنيا، فانها تقطع رجاء من ركن اليها، و تخيب طمع من طمع فيها، و اراكم قد اجتمعتم علي امر قد اسخطتم الله فيه عليكم؛ فاعرض بوجهه الكريم عنكم؛ و احل بكم نقمته: و جنبكم رحمته، فنعم الرب ربنا، و بئس العبد انتم؛ اقررتم بالطاعة و آمنتم بالرسول محمد ثم انكم زحفتم الي ذريته تريدون قتلهم، لقد استحوذ عليكم الشيطان؛ فانساكم ذكر الله العظيم، فتبا لكم و ما تريدون، انا لله و انا اليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد ايمانهم، فبعدا للقوم الظالمين. [1] .

فقال عمر بن سعد: ويلكم كلموه فانه ابن ابيه، والله لو وقف فيكم هكذا يوما جديدا، لما قطع و لما حصر، فكلموه، فتقدم اليه شمر بن ذي الجوشن فقال: يا حسين ما هذا الذي تقول، افهمنا حتي نفهم فقال عليه السلام.

اقول لكم اتقوا لله ربكم، و لا تقتلون، فانه لا يحل لكم قتلي و لا انتهاك حرمتي؛ فاني ابن بنت نبيكم و جدتي خديجة زوجة نبيكم و لعله قد بلغكم قول نبيكم محمد صلي الله عليه و آله: الحسن و الحسين سيدا شباب اهل الجنة، ما خلا النبيين و المرسلين، فان صدقتموني بما اقول و هو الحق، فوالله ما تعمدت كذبا منذ علمت ان الله يمقت عليه اهله، و ان كذبتموني فان فيكم من الصحابة مثل جابر بن عبدالله، و سهل بن سعد، و زيد بن ارقم، و انس بن مالك، فاسألوهم عن هذا، فانهم يخبرونكم انهم سمعوه من رسول الله، فان كنتم في شك من امري، افتشكون اني ابن بنت نبيكم، فوالله ما بين المشرقين و المغربين ابن بنت


نبي غيري، ويلكم اتطلبون بدم احد منكم قتلته، او بمال استملكته، او بقصاص من جراحات استهلكته فسكتوا عنه لا يجيبونه.

ثم قال و الله لا اعطيهم يدي اعطاء الذليل، و لا افر فرار العبيد، عباد الله اني عذت بربي و ربكم ان ترجمون، و اعوذ بربي و ربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب. [2] .

فقال شمر بن ذي الجوشن يا حسين بن علي؛ انا اعبد الله علي حرف ان كنت ادري ما تقول، فسكت الحسين عليه السلام فقال حبيب بن مظاهر لشمر: يا عدو الله و عدو رسول الله، اني لاظنك تعبد الله علي سبعين حرفا، و انا اشهد انك لا تدري ما يقول؛ فان الله تبارك و تعالي قد طبع علي قلبك، فقال له الحسين عليه السلام:

حسبك يا اخا بني اسد، فقد قضي القضاء و جف القلم، والله بالغ امره، والله اني لا شوق الي جدي و ابي و امي و اخي و اسلافي، من يعقوب الي يوسف و اخيه، ولي مصرع انا لاقيه. [3] .


پاورقي

[1] الارشاد للمفيد ص 216.

[2] الارشاد للمفيد ص 216.

[3] احقاق الحق ج 11 ص 619؛ مقتل الخوارزمي ج 1 ص 252، الارشاد ص 216، و عن الطبري.