بازگشت

كلامه لاهل بيته و بشارته لهم بكرامات من الله


قد جعلتكم في حل من مفارقتي فانكم لا تطيقونهم لتضاعف اعدادهم و قواهم، و ما المقصود غيري فدعوني و القوم، فان الله عزوجل يعينني و لا يخليني من حسن نظره كعادته في اسلافنا الطيبين.

و لما قال له اهل بيته لا نفارقك حتي يصيبنا ما يصيبك و انا اقرب ما يكون الي الله اذا كنا معك فقال لهم:

فان كنتم قد وطنتم انفسكم علي ما قد وطنت نفسي عليه فاعلموا ان الله يهب المنازل الشريفة لعباده لصبرهم باحتمال المكاره، و ان الله و ان كان خصني مع من مضي من اهلي الذين انا آخرهم بقاء في الدنيا من المكرمات بما سهل معها علي احتمال الكريهات، فان لكم شطر ذلك من كرامات الله.

و اعلموا ان الدنيا حلوها و مرها حلم و الانتباه في الآخرة و الفائز من فاز فيها، و الشقي من يشقي فيها، اولا احدثكم باول امرنا و امركم معاشر اوليائنا و المعتصمين بنا ليسهل عليكم احتمال ما انتم له معرضون قالوا:

بلي يابن رسول الله، قال:

ان الله لما خلق آدم و استواه و علمه اسماء كل شي ء، و عرضهم علي الملائكة، جعل محمدا و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين اشباحا خمسة في ظهر آدم، و كانت انوارهم، تضي ء في الافاق من السموات و الحجب و الجنان و الكرسي و العرش، فامر الملائكة بالسجود لادم تعظيما له انه قد فضله، بان جعله وعاء لتلك الاشباح، التي قد عم انوارها الافاق، فسجدوا الا ابليس ابي ان يتواضع لجلال عظمة الله؛ و ان يتواضع لانوارنا اهل البيت، و قد تواضعت لها الملائكة كلها، و استكبر و ترفع،


و كان بابائه ذلك و تكبره من الكافرين. [1] .

اقول: يعجبني في هذا المقام جواب اصحابه عليه السلام بعد خطبته هذه، و يسرني ان اكتب ما تكلموا به الذي ينبي ء عن ضمائرهم الطيبة، و نياتهم الحسنة، و اهدافهم العالية، و حريتهم الفائقة.

تلكم اخوته و جميع اهل بيته، و بدأهم بهذا القول العباس بن اميرالمؤمنين عليه السلام و قالوا:

يابن رسول الله، فما يقول الناس لنا، و ما نقول لهم، انا تركنا شيخنا و كبيرنا و ابن بنت نبينا، لم نرم معه بسهم، و لم نطعن معه برمح، و لم نضرب معه بسيف، لا والله يابن رسول الله، لا نفارقك ابدا و لكنا نقيك بانفسنا، حتي نقتل بين يديك و ترد موردك، فقبح الله العيش بعدك [2] .

مسلم بن عوسجة - نحن نخليك هكذا، و ننصرف عنك و قد احاط بك هذا العدو، لا والله لا يراني الله ابدا و انا لا افعل ذلك، حتي اكثر في صدورهم رمحي، و اضاربهم بسيفي ما تثبت قائمته بيدي؛ و لو لم يكن سلاح اقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، و لم افارقك حتي اموت معك.

سعيد بن عبدالله الحنفي - لا و الله يابن رسول الله لا نخليك ابدا: حتي يعلم الله انا قد حفظنا فيك وصية رسوله محمد صلي الله عليه و آله، و لو علمت اني اقتل فيك، ثم احيي، ثم احرق ثم ادري يفعل بي سبعين مرة ما فارقتك، حتي القي حمامي دونك، و كيف لا افعل ذلك، و انما هي قتلة واحدة، ثم انال الكرامة التي لا انقضاء لها ابدا.


زهير بن قين - والله يابن رسول الله لوددت اني قتلت، ثم نشرت الف مرة و ان الله تعالي قد دفع القتل عنك و عن هؤلاء الفتية من اخوانك و ولدك و اهل بيتك.

ثم تكلم جماعة من اصحابه و قالوا: انفسنا لك الفداء نقيك بايدينا و وجوهنا؛ فاذا نحن قتلنا بين يديك نكون قد وفينا لربنا، و قضينا ما علينا.

و قيل لمحمد بن بشر الحضرمي في تلك الحال: قد اسرابنك بثغرالري؛ فقال: عند الله احتسبه و نفسي، ما كنت احب ان يوسر و ان ابقي فسمع الحسين عليه السلام قوله فقال: رحمك الله انت في حل من بيعتي، فاعمل في فكاك ابنك؛ فقال اكلتني السباع حيا، ان فارقتك، قال عليه السلام: فاعط ابنك هذه الا ثواب البرود يستعين بها في فداء اخيه، فاعطاه خمسة اثواب قيمتها الف دينار [3] .

و بات الحسين و اصحابه في تلك الليلة، و لهم دوي كدوي النحل، ما بين راكع و ساجد و قائم و قاعد فكانما نزلت فيهم تلك الآيات الكريمة.

الذين يذكرون الله قياما و قعودا و علي جنوبهم و يتفكرون في خلق السموات و الارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ربنا اننا سمعنا مناديا ينادي للايمان ان آمنوا بربكم فامنا، ربنا فاغفرلنا ذنوبنا و كفر عنا سيئاتنا و توفنا مع الابرار، ربنا و آتنا ما وعدتنا علي رسلك و لا تخزنا يوم القيمة انك لا تخلف الميعاد [4] .

و كان الامام الشهيد عليه السلام يتلو هذه الآيات «و لا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب مهين» [5] .


«ما كان الله ليذر المؤمنين علي ما انتم عليه حتي يميز الخبيث من الطيب». [6] .

عن الشيخ المفيد ان الامام الشهيد الحسين بن علي عليهماالسلام انشد هذه الابيات ليلة العاشوراء



يا دهر اف لك من خليل

كم لك بالاشراق و الاصيل



من صاحب و طالب قتيل

و الدهر لا يقنع بالبديل



و انما الامر الي الجليل

و كل حي سالك سبيلي




پاورقي

[1] نقله في بلاغة الحسين عن تفسير العسکري.

[2] اللهوف، الارشاد للمفيد و فيه اختلاف مع اللهوف لم نتعرض.

[3] اللهوف، ص 41.

[4] سوره آل عمران آيه 194 - 193 - 191.

[5] سوره آل عمران آيه 178.

[6] سوره آل عمران، آيه 179.