بازگشت

بدء القيام و طليعة النهضة


كان الحسين عليه السلام شديد الرد و الانكار علي معاوية و فعاله، و لكنه عليه السلام لا يقدم علي امر عظيم سوي الحرب البارد، و اظهار الحق باللسان، حتي بلغ امر معاوية ما بلغ، و نال ما نال فجمع الحسين عليه السلام من بني هاشم رجالهم و نسائهم، و شيعتهم، و من اصحاب رسول الله و ابنائهم و التابعين، و من الانصار المعروفين بالصلاح، اكثر من سبعمائة رجل، و من التابعين نحوا من مأتي رجل: فلما اجتمعوا قام خطيبا في سرادق عامتهم، فحمد الله و اثني عليه ثم قال:

اما بعد فان هذه الطاغية قد فعل بنا و بشيعتنا ما قد رايتم و علمتم و شهدتم: و اني اريد ان اسألكم عن شي ء فان صدقت فصدقوني و ان كذبت فكذبوني اسمعوا مقالتي و اكتموا قولي ثم ارجعوا الي امصاركم و قبائلكم، من امنتموه و وثقتم به فادعوهم الي ما تعلمون فاني اخاف ان يندرس هذا الحق و يذهب، والله متم نوره و لو كره الكافرون.

قال الراوي فما ترك الحسين شيئا مما انزل الله فيهم الا تلاه و فسره، و لا شيئا مما قاله رسول الله في ابيه و اخيه و امه و في نفسه و اهل بيته الا رواه، و في كل ذلك، يقول اصحابه اللهم. نعم قد سمعنا و شهدنا و مما ناشدهم ان قال-:

انشدكم اتعلمون ان علي ابن ابي طالب كان آخا رسول الله حين آخي بين اصحابه؛ فآخي بينه و بين نفسه؛ و قال انت اخي و انا اخوك في الدنيا و الآخرة، قالوا: اللهم نعم، قال انشدكم هل تعلمون ان رسول الله اشتري موضع مسجده و منازله فابتناه ثم ابتني فيه عشرة منازل


تسعة له، و جعل عاشرها في وسطها لابي، ثم سد كل باب شارع الي المسجد غير بابه، فتكلم في ذلك من تكلم، فقال: ما انا سددت ابوابكم و فتحت بابه، و لكن الله امرني بسد ابوابكم و فتح بابه، ثم نهي الناس ان يناموا في المسجد غيره و منزله في منزل رسول الله فولد لرسول الله و له فيه اولاد، قالوا اللهم نعم.

انشدكم، افتعلمون ان عمر بن الخطاب حرص علي كوة قدر عينيه يدعها في منزله الي المسجد فابي عليه؛ ثم خطب فقال ان الله امرني ان ابني مسجدا طاهرا لا يسكنه غيري، و غير اخي و بنيه؛ قالوا: اللهم نعم.

انشدكم اتعلمون ان رسول الله نصبه يوم غديرخم، فنادي له بالولاية و قال ليبلغ الشاهد الغائب؛ قالوا: اللهم نعم.

انشدكم اتعلمون ان رسول الله قال في غزوة تبوك: انت مني بمنزلة هارون من موسي، و انت ولي كل مؤمن بعدي، قالوا: اللهم نعم.

انشدكم: اتعلمون ان رسول الله حين دعا النصاري من اهل نجران الي المباهلة لم يأت الابه، و بصاحبته و ابنيه قالوا: اللهم نعم.

انشدكم: اتعلمون ان رسول الله دفع اليه اللواء يوم خيبر، ثم قال لا دفعه الي رجل يحبه الله و رسوله، و يحب الله و رسوله، كرار غير فرار فيفتحها الله علي يده قالوا: اللهم نعم.

اتعلمون ان رسول الله بعثه ببرائة و قال لا يبلغ عني الا انا و رجل مني قالوا: اللهم نعم.

اتعلمون ان رسول الله لم ينزل به شدة قط الاقدمه لها، ثقة به و انه لم يدعه باسمه قط، الا يقول يا اخي، و ادعوا الي اخي، قالوا: اللهم نعم.

انشدكم، اتعلمون ان رسول الله قضي بينه و بين جعفر و زيد فقال يا علي انت مني و انا منك و انت ولي كل مؤمن بعدي قالوا: اللهم نعم.


انشدكم اتعلمون: انه كانت له من رسول الله كل يوم خلوة، و كل ليلة دخلة، اذا سأله اعطاه، و اذا سكت ابداه، قالوا: اللهم نعم.

انشدكم بالله: اتعلمون ان رسول الله فضله علي جعفر و حمزة، حين قال لفاطمة عليهاالسلام، زوجتك خير اهل بيتي، اقدمهم سلما، و اعظمهم حلما، و اكثرهم علما قالوا: اللهم نعم.

انشدكم، اتعلمون ان رسول الله قال: انا سيد ولد آدم، و اخي علي سيد العرب، و فاطمة سيدة نساء اهل الجنة، و الحسن و الحسين سيدا شباب اهل الجنة قالوا: اللهم نعم.

انشدكم، اتعلمون ان رسول الله امره بتغسيله، و اخبره ان جبرئيل يعينه عليه، قالوا: اللهم نعم.

انشدكم، اتعلمون: ان رسول الله، قال في آخر خطبة خطبها، اني تركت فيكم الثقلين كتاب الله؛ و اهل بيتي، فتمسكوا بها لن تضلوا، قالوا: اللهم نعم.

فلم يدع عليه السلام شيئا انزله الله في علي بن ابيطالب خاصة و في اهل بيته من القرآن و لا علي لسان نبيه الا ناشدهم فيقول الصحابة اللهم نعم قد سمعناه، و يقول التابع: اللهم نعم، قد حدثنيه من اثق به فلان و فلان.

ثم ناشدهم انهم قد سمعوه (رسول الله) يقول من زعم انه يحبني و يبغض عليا، فقد كذب، ليس يحبني و يبغض عليا، فقال له، قائل: يا رسول الله، و كيف ذلك قال: لانه مني و انا منه، من احبه فقد احبني و من احبني فقد احب الله، و من ابغضه فقد ابغضني و من ابغضني فقد ابغض الله فقالوا: اللهم نعم، قد سمعناه، و تفرقوا علي ذلك. [1] .


و يعلم من تلك الخطبة مع هذه الشدة و الغلظة، ان الحسين عليه السلام احس مسئولية عظيمة، بالنسبة الي الشؤن العامة، و زعامة الامة، و تسلط الفسقة الفجرة، من الامراء و الولاة علي الامة و الملة.

و كان عليه السلام يخاف من غلبة الباطل علي الحق، و اندراس الدين، و لا يري وظيفة عليه، الا لقيام في الله، و الجهاد في سبيله، حتي يزيل الباطل عن مركزه؛ و يساعد الجو، لكي يستقر الحق في مقره، و يعلم ان ذلك لا يمكن الا بالتضحية و التفدية و الشهادة، علما لا ريب فيه و لا شك يعتريه و انما خطب عليه السلام بها قبل وفات معاوية بسنة او سنتين و لم يتخذ معاوية في ذلك تصميما؛ و لم يجبه بشي ء، لعلمه بان الحسين (ع) لا ينخدع باستمالة و مجاملة، و لا يخاف و لا يخشي من الارعاب و التهديد و لا ينعطف بالوعد و الوعيد.

فمات معاوية و الحسين عليه السلام علي ما كان عليه؛ من الرأي و الفكر و الحرية؛ و جائت الدورة الثانية، حكومة يزيد بن معاوية، و علي الاسلام السلام، اذ قد بليت الامة براع مثل يزيد بن معاوية، لا بارك الله في يزيد كما عن رسول الله صلي الله عليه و آله. [2] .


پاورقي

[1] کتاب سليم بن قيس ص 166 طبعة الحيدرية.

[2] کنز العمال ج 6 ص 39.