بازگشت

ابوالشهداء


فليس في العالم أسرة أنجبت من الشهداء من أنجبتهم أسرة الحسين عدة و قدرة و ذكرة... و حسبه أنه وحده في تاريخ هذه الدنيا الشهيد ابن الشهيد أبوالشهداء في مئات السنين...


و أيسر شي ء علي الضعفاء الهازلين أن يذكروا هنا طلب الملك ليغمروا به شهادة الحسين و ذويه...

فهؤلاء واهمون ضالون مغرقون في الوهم و الضلال...

لأن طلب الملك لا يمنع الشهادة، و قد يطلب الرجل الملك شهيدا قديسا و يطلبه و هو مجرم بري ء من القداسة...

و انما هو طلب و طلب، و انما هي غاية و غاية، و انما المعول في هذا الأمر علي الطلب لا علي المطلوب.

فمن طلب الملك بكل ثمن، و توسل له بكل وسيلة، و سوي فيه بين الغصب و الحق و بين الخداع و الصدق و بين مصلحة الرعية و مفسدتها، ففي سبيل الدنيا يعمل لا في سبيل الشهادة.

و من طلب الملك و أباه بالثمن المعيب، و طلب الملك حقا و لم يطلبه لأنه شهوة و كفي، و طلب الملك و هو يعلم أنه سيموت دونه لا محالة، و طلب الملك و هو يعتز بنصر الايمان و لا يعتز بنصر الجند و السلاح، و طلب الملك دفعا للمظلمة و جلبا للمصلحة كما و ضحت له بنور ايمانه و تقواه، فليس ذلك بالعامل الذي يخدم نفسه بعمله، و لكنه الشهيد الذي يلبي داعي المروءة و الأريحية و يطيع وحي الايمان و العقيدة و يضرب للناس مثلا يتجاوز حياة الفرد الواحد و حياة الأجيال الكثيرة...

من ثم يقيم الآية علي حقيقة الحقائق في أمثال هذا الصراع ببن الخلقين أو بين المزاجين و التاريخين...


و هي ان الشهادة خصم ضعيف مغلوب في اليوم و الأسبوع و العام...

و لكنها أقوي الخصوم الغابلين في الجيل و الأجيال و مدي الأيام.

و هي حقيقة تؤيدها كل نتيجة نظرت اليها بعين الأرض أو بعين السماء علي أن تنظر اليها في نهاية المطاف.

و نهاية المطاف هي التي يدخلها «نوع الانسان» في حسابه و يوشج عليها و شائج عطفه و اعجابه. لأنه لا يعمل لوجبات ثلاث في اليوم، و لا ينظر الي عمر واحد بين مهد و لحد، و لكنه يعمل للدوام و ينظر الي الخلود...