بازگشت

الحسين و الحر بن يزيد


و التقي الركب عند جبل ذي حسم بطلائع جيش عبيدالله يقودها الحر بن يزيد التميمي اليربوعي في ألف فارس، أمروا بأن لا يدعوا الحسين حتي يقدموا به علي عبيدالله في الكوفة.

فأمر الحسين مؤذنه بالآذان لصلاة الظهر، و خطب أصحابه و أصحاب الحر بن يزيد فقال:


- أيها الناس اني لم آتكم حتي أتتني كتبكم و رسلكم أن أقدم علينا فليس لنا امام، لعل الله يجمعنا بك علي الهدي و الحق فقد جئتكم...

فان تعطوني ما أطمئن اليه من عهودكم و مواثيقكم أقدم مصركم، و ان لم تفعلوا أو كنتم لقدومي كارهين انصرفت عنكم الي المكان الذي أقبلت منه...

فلم يجبه أحد...

فقال للمؤذن:

- أقم الصلاة!

و سأل الحر:

- أتريد أن تصلي أنت بأصحابك و أصلي بأصحابي؟

فقال الحر:

- بل نصلي جميعا بصلاتك...

ثم تياسر الحسين الي طريق العذيب، فبلغها و فرسان عبيدالله يلازمونه و يصرون علي أخذه الي أميرهم و صده عن وجهته حيثما اتجه غير وجهتهم، فأقبل عليهم يعظهم و هم يصغون اليه فقال:

«أيها الناس!... ان رسول الله صلي الله عليه و سلم قال: من رأي


سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله مخالفا لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالاثم و العدوان، فلم يغير ما عليه بفعل و لا قول كان حقا علي الله أن يدخله مدخله. ألا و أن هولاء قد لزموا طاعة الشيطان، و تركوا طاعة الرحمن، و أظهروا الفساد، و عطلوا الحدود، و استأثروا بلغي، و أحلوا حرام الله و حرموا حلاله، و أنا أحق من غيري...

«قد أتتني كتبكم و رسلكم ببيعتكم و أنكم لا تسلمونني و لا تخذلونني، فان بقيتم علي بيعتكم تصيبوا رشدكم، و أنا الحسين بن علي و ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، نفسي مع أنفسكم و أهلي من أهلكم، فلكم في أسوة. و ان لم تفعلوا و نقضتم عهدي، و خلعتم بيعتي، فعلمري ما هي لكم بنكير، و المغرور من اغتر بكم، فحظكم أخطاتم، و نصيبكم ضيعتم... و من نكث فانما ينكث علي نفسه و سيغني الله عنكم و السلام».

فأنصت الحر بن يزيد و أصحابه ثم توجه اليه يحذره العاقبة و ينبئه: «لئن قاتلت لتقتلن!»

فصاح به الحسين:

- أبالموت تخوفني!... ما أدري ما أقول لك... و لكني أقول كما قال


أخو الأوس لابن عمر و هو يريد نصرة رسول الله، فخوفه ابن عمر و أنذره أنه لمقتول فأنشد:



سأمضي و ما بالموت عار علي الفتي

اذا ما نوي خيرا و جاهد مسلما



و آسي الرجال الصالحين بنفسه

و خالف مثبورا و فارق مجرما



فان عشت لم أندم، و ان مت لم ألم

كفي بك ذلا أن تعيش و ترغما



ثم سار الركبان ينظر بعضهما الي بعض كلما مال الحسين نحو البادية أسرع الحر بن يزيد فرده نحو الكوفة. حتي نزلا بنينوي، فاذا راكب مقبل عليه بالسلاح، يحبي الحر و لا يحيي الحسين، ثم أسلم الحر كتابا من عبيدالله يقول فيه: «أما بعد فجعجع بالحسين حتي يبلغك كتابي و يقدم عليك رسولي، فلا تنزله الا بالعراء في غير حصن و علي غير ماء... و قد أمرت رسولي أن يلزمك فلا يفارقك حتي يأتيني بانفاذك أمري و السلام».

فلما بدا من الحر بن يزيد أنه يريد أن ينفذ أمر عبيدالله بن زياد


و يخشي رقيبه الذي أمر ألا يفارقه حتي ينفذ أمره، قال أحد أصحاب الحسين - زهير بن القين:

- انه لا يكون الله بعد ما ترون الا ما هو أشد منه. يا ابن رسول الله!.. ان قتال هولاء أهون علينا من قتال من يأتينا بعدهم.

فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به. فهلم نناجز هولاء.

فأعرض الحسين عن مشورته و قال:

- اني أكره أن أبدأهم بقتال.