بازگشت

مقدمة الناشر


سيرة أبوالشهداء، الحسين بن علي، سيرة مجيدة أفاض كثير من المؤلفين و الكتاب و الأدباء في الكتابة عنها؛ و لكنا لا نعتقد أن أحدا منهم قد أوفاها حقها كما أوفاها «عباس محمود العقاد» في هذا الكتاب الذي تفخر.

بتقديمه ليوم الي الملايين من القراء في العالمين العربي و الاسلامي

... لم يكن الصراع بين الامام الشهيد و يزيد بن معاوية صراعا بين رجلين انتهي باستشهاد أحدهما و فوز الآخر بما خيل له و لأنصاره أنهم قد فازوا به، بل كان صراعا بين خلقين خالدين، و جولة من جولات هذين الخلقين اللذين تجاولا أحقابا و لا يزالان يتجاولان. كان صراعا بين الخير و الشر، بين الكرم و اللؤم، بل بين أشرف ما في الانسان و أوضع ما يمكن أن تبتلي به النفس البشرية.

... كان أبوالشهداء يؤمن أقوي الايمان بأحكام الاسلام، و يعتقد أشد الاعتقاد أن تعطيل حدود الدين هو أكبر بلاء يحيق بالاسلام و بأهله و بالأمة الاسلامية قاطبة في حاضرها و مستقبلها، و كان للعقيدة الدينية في وجدانه قدسيتها و للايمان العميق بالله و بالحق في نفسه رسوخه و قوته.. فكان اعتراضه علي هذا الزيف الذي لم تشهد الأمة زيفا مثله من قبل، و كانت غضبته علي الانحراف و الغدر و الاستهتار بقيم الدين ممثلة كلها في ولاية يزيد بن معاوية بن أبي سفيان،


فكانت حركته، و سلكت طريقها الذي لابد لها أن تسلكه، و ما كان لها قط من مسلك سواه... و كانت الحرب..

.. حرب بين قلة لبت داعي المروءة و الأريحية و الحق لا تعتز الا بايمانها بالله و بنصره، و تنفاني في نصرة الامام الشهيد و تأبي الا أن تستشهد دونه ابتغاء مرضاة لي؛ و آلاف مدججة بالعتاد و السلاح لم يؤلف بينها الا الطمع في رضا سلطان أو في غنيمة تصيبها حتي و لو كانت غنيمة النجاة من غضب زبانية يزيد و انتقامهم ممن لا يحارب و يقتل، بل ممن لا يمعن في الاجرام و الوحشية و التنكيل بآل البيت الكرام..

و غلبت كثرة الباطل قلة الحق، و استشهد الحسين؛ ليصبح بكرامة الشهادة و كرامة البطولة و كرامة الأسرة النبوية الشريفة، معني كريما يحضره كل مسلم في صدره، بل و كل انسان يعرف قدر الشهادة في سبيل الحق، و قيمة بذل الحياة في سبيل ما هو أدوم من الحياة.