بازگشت

عبدالله بن عمير الكلبي


عدّه الشيخ الطوسي في اصحاب الحسين عليه السلام. راجع رجال الشيخ:104، الرقم 1024.

هـو عـبـداللّه بـن عـمـيـر بـن عـبّاس بن عبدقيس بن عليم بن جناب الكلبي العليمي، أبو وهب، كان عبداللّه بن عمير بطلاً شجاعاً شريفاً، نزل الكوفة واتخذ عند بئر الجعد من همدان داراً، فنزلها ومعه زوجته أُمّ وهب بنت عبد من بني النمر بن قاسط.

قـال أبـو مـخـنـف: فـرأي القـوم بـالنُّخـيـلة يـُعـرَضـون ليـُسـرَّحـوا إلي الحـسـيـن عليه السلام، فـسـأل عـنـهـم، فـقـيـل له: يـسـرّحـون إلي الحـسـيـن بـن فـاطـمـة بـنـت رسـول اللّه، فقال: واللّه!! لقد كنت علي جهاد أهل الشرك حريصاً، وإنّي لأرجو ألاّ يكون جهاد هـؤلاء الذيـن يـغـزون ابن بنت نبيّهم أيسر ثواباً عند اللّه من ثوابه إيّاي في جهاد المشركين، فدخل إلي إمرأته فأخبرها بما سمع، وأعلمها بما يريد، فقالت له: أصبت أصاب اللّه بـك أرشـَد أُمورك، افعل وأخرجني معك؛ قال: فخرج بها ليلاً حتّي أتي حسيناً فأقام معه،


فلمّا دنا عمر بن سعد ورمي بسهم فارتمي الناس، [فلمّا ارتموا] خرج يسار مولي زياد وسالم مـولي عـبـيـداللّه، فـقـالا: مـن يـبـارز؟ ليـخـرج إليـنـا بـعـضـكـم، فـوثـب حـبـيـب وبـريـر، فـقـال لهـمـا الحـسـيـن: اجـلسـا، فـقـام عـبـداللّه بـن عـمـيـر فقال: أبا عبداللّه! رحمك اللّه ائذن لي لأخرج إليهما، فرأي الحسين رجلاً أدم طوالاً شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين، فقال [الحسين]: (إنّي لأحسبه للأقران قتّالاً) اخرج إن شئت، فـخرج إليهما، فقالا له: من أنت؟ فانتسب لهما، فقالا: لا نعرفك، ليخرج إلينا زهير أو حبيب أو برير ويسار مُستنتل أمامَ سالم، فقال له عبداللّه: يابن الزانية وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس!؟ أو يخرج إليك أحد من الناس إلاّ وهو خير منك!؟ ثمّ شدّ عليه فضربه بسيفه حتّي برد، فـإنـّه لمـشـتغل يضربه بسيفه إذ شدّ عليه سالم، فصاح به أصحابه قد رهقك العبد، فلم يـأبـه له حـتـّي غـشـيـه فـبـدره بـضربة فاتقاها عبداللّه بيده اليسري فأطار أصابع كفّه اليـسري، ثمّ مال عليه فضربه حتّي قتله، وأقبل إلي الحسين عليه السلام يرتجز أمامه وقد قتلهما جميعاً فيقول:



إن تنكروني فأنا ابن كلب

حسبي ببيتي في عُلَيم حسبي



إنّي إمرؤُ ذو مِرّة وعصب

ولست بالخوّار عند النكب



إنّي زعيم لكِ أُمّ وهب

بالطعن فيهم مُقدِما والضرب



قـال: فـأخـذت أُمّ وهـب إمـرأتـه عـمـوداً، ثـمّ أقـبـلت نـحـو زوجـهـا تـقـول: فـداك أبـي وأُمـّي قـاتـل دون الطـيـبـيـن ذريـّة مـحـمـّد صلي الله عليه وآله، فـأقـبـل إليـهـا يـردّهـا نـحـو النـسـاء فـأخـذت تـجـاذب ثـوبـه، وتـقـول: [إنـّي] لن أدعـك دون أن أمـوت مـعك، (وإنّ يمينه سدكت علي السيف ويساره مقطوعة أصـابـعـهـا فـلا يـسـتـطـيـع ردّ إمـرأتـه) [1] فـجـاء إليـهـا الحـسـيـن عليه السلام وقـال: (جـزيـتـم من أهل بيت خيراً، إرجعي رحمك اللّه إلي النساء فاجلسي معهنّ،


فإنّه ليس علي النساء قتال) فانصرفت إليهنّ [2] .

وقـال أبـو جـعـفـر: حـمـل عـمـرو بـن الحـجـّاج الزبيدي علي الميمنة فثبتوا له وجثوا علي الركب، وأشرعوا الرماح فلم تقدم الخيل، وحمل شمر علي الميسرة فثبتوا له وطاعنوه.

وقـاتـل الكـلبـي، وكـان فـي المـسـيـرة قـتـال ذي لبـد، وقـتـل مـن القـوم رجالاً فحمل عليه هاني بن ثُبَيت الحضرمي وبكير بن حيّ التيميّ من تيم اللّه بن ثعلبة، فقتلاه [3] .

وقال أبو مخنف: ثم عطفت الميمنة والميسرة والخيل والرجال علي أصحاب الحسين فاقتتلوا قتالاً شديداً وصرع أكثرهم فبانت بهم القلّة، وانجلت الغـبـرة فـخـرجـت إمـرأة الكـلبـي تـمـشي إلي زوجها حتّي جلست عند رأسه تمسح التراب عنه وتـقـول: هـنـيـئاً لك الجـنـّة! أسـأل اللّه الذي رزقـك الجـنـّة أن يـصـحـبـنـي مـعـك، فـقـال شـمـر لغـلامـه رُسـتـَم: إضـرب رأسـهـا بـالعـمـود، فـضرب رأسها فشدخه، فماتت مكانها [4] .

(ضبط الغريب)

ممّا وقع في هذه الترجمة:

(عليم): بالتصغير، فخذ من جناب.

(جناب): بالجيم والنون والباء الموحدة بطن من كلب. ويمضي في بعض الكتب حباب وهو غلط.

(طوالا): كغراب الطويل وكرمان المفرط الطول. (مستنتل): تقدّم معناه.


(رهقك): أي غشيك ودنا منك.

(لم يأبه له): أي لم يبال، يقال بالمعلوم ويقال بالمجهول، والمجهول أكثر.

(حـسـبـي بـبـيـتـي فـي عـليـم): لم يـفـهـم بـعـض أنّ عـليـم عـشـيـرتـه فـظـنـّهـا عـليـم وأُبدل البيت حسبي إلهي من عليم، وهو غلط واضح.

(ذو مرّة): بكسر الميم أي صاحب قوّة.

(وعصب): بفتح العين وسكون الصاد أي شدّة.

(الخوار): ككتان الضعيف.

(سدكت): لزمت وذلك لجمود الدم عليها من كثرة القتلي.


پاورقي

[1] ما بين القوسين ليس في المصدر.

[2] تـاريـخ الطـبـري: 3: 323 بـتـفـاوت ونـقـص في بعض الکلمات. راجع الإرشاد: 2: 101.

[3] تاريخ الطبري: 3: 325.

[4] تـاريـخ الطـبـري: 3: 326 بـتـفـاوت فـي النقل.