بازگشت

هاني بن عروة المرادي


هو هاني بن عروة بن نمران بن عمرو بن قعاس بن عبد يغوث بن مخدش بن حصر بن غنم بن مالك بن عوف بن منبه بن غطيف بن مراد بن مذحج، أبو يحيي المذحجي المرادي الغطيفي، كان هاني صحابيا كأبيه عروة، و كان معمرا، و كان هو و أبوه من وجوه الشيعة. و حضر مع أميرالمؤمنين عليه السلام حرو به الثلاث، و هو القائل يوم الجمل:



يا لك حربا حثها جمالها

يقودها لنقصها ضلالها



هذا علي حوله أقيالها

قال ابن سعد في الطبقات: إن عمره كان يوم قتل بضعا و تسعين [1] و ذكر بعضهم أن عمره كان ثلاثا و ثمانين [2] و كان يتوكا علي عصابها زج، و هي التي ضربه بها




ابن زياد.

و روي المسعودي في مروج الذهب: أنه كان شيخ مراد و زعيمها، يركب في أربعة آلاف دارع، و ثمانية آلاف راجل، فاذا تلاها أحلافها من كندة ركب في ثلاثين ألف دارع. [3] .

و ذكر المبرد في الكامل و غيره في غيره أن عروة خرج مع حجر بن عدي، و أراد قتله معاوية فشفع فيه زياد ابن أبيه، و أن هانيا أجار كثير بن شهاب المذحجي حين اختان مال خراسان و هرب منها، و طلبه معاوية فاستتر عند هاني، فنذر معاوية دم هاني فحضر مجلسه و معاوية لا يعرفه، فلما نهض الناس ثبت مكانه فسأله معاوية عن أمره؟ فقال: أنا هاني بن عروة صرت في جوارك. فقال له معاوية: إن هذا اليوم ليس بيوم يقول فيه أبوك:



ارجل جمتي و اجر ذيلي

و تحمي شكتي أفق كميت



أمشي [4] في سراة بني غطيف

إذا ما سامني ضيم أبيت



فقال له هاني: أنا اليوم أعز مني ذلك اليوم، فقال: بم ذاك؟ قال: بالإسلام، فقال: أين كثير؟ قال عندي في عسكرك، فقال:انظر إلي ما اختانه فخذ منه بعضا وسوغه بعضا. [5] .

و قال الطبري: لما أخبر معقل عين ابن زياد بخبر شريك و مسلم و أنه عند هاني طلب ابن زياد هانيا فأتي به و ما يظنه أنه يقتله، فدخل عليه فقال له:



أتتك بحائن رجلاه تسعي

فقال: و ما ذاك أيها الأمير؟ فجعل يسأله عن الأحداث التي وقعت في داره و هو




ينكرها، فأخرج إليه معقلا، فلما رآه عرف أنه عين فاعترف بها، وقال لابن زياد: إن مسلما نزل علي و أنا اخرجه من داري. فقال ابن زياد: ألم تكن عندك لي يد في فعل أبي زياد بأبيك و حفظه من معاوية؟ فقال له: و لتكن لك عندي يد اخري بأن تحفظ من نزل بي، و أنا زعيم لك أن أخرجه من المصر، فضربه ابن زياد بسوطه حتي هشم أنفه، و أمر به إلي السجن [6] .

و روي أبو مخنف: إن ابن زياد لما أبلغه معقل بخبر هاني أرسل اليه محمد بن الأشعث، و أسمأ بن خارجة و قال لهما: أتياني بهاني آمنا. فقالا: و هل أحدث حدثا؟ قال: لا. فأتياه به و قد رجل غديريته يوم الجمعة فدخل عليه، فقال ابن زياد له: أما تعلم أن أبي قتل هذه الشيعة غير أبيك؟ و أحسن صحبتك و كتب إلي أمير الكوفة يوصيه بك، أفكان جزائي أن خبأت في بيتك رجلا ليقتلني!؟ و ذكر له ما أراده شريك من مسلم و ما امتنع لأجله مسلم، فقال هاني: ما فعلت. فأخرج ابن زياد عينه، فلما رآه هاني علم أن وضح له الخبر، فقال: أيها الأمير، قد كان الذي بلغك و لن أضيع يدك عندي أنت آمن و أهلك، فسر حيث شئت، فكبا عبيدالله و مهران قائم علي رأسه و بيد هاني معكزة بها زج يتوكأ عليها، فقال مهران: و اذلاه! أهذا يؤمنك و أهلك!؟ فقال عبيدالله: خذه، فأخذه بضفيرتي هاني و قنع وجهه، فأخذ ابن زياد المعكزة فضرب بها وجه هاني، و ندر الزّجّ فارتزّ بالجدار، ثمّ ضرب وجهه حتي هشّم أنفه وجبينه، و سمع الناس الهيعة، فأطافت مذحج بالدار فخرج إليهم شريح القاضي، فقال: ما به بأس، و إنما حبسه أميره، و هو حي صحيح، فقالوا: لا بأس بحبس الأمير، و جاءت أرباع مسلم بن عقيل فأطافوا بالقصر، فخذلهم الناس [7] كما تقدم.


و بقي هاني عنده إلي أن قبض علي مسلم فقتلهما و جرهما بالأسواق.

و في ذلك يقول عبدالله بن الزبير الأسدي:



إذا كنت لا تدرين ما الموت فانظري

إلي هاني بالسوق و ابن عقيل



إلي بطل قد هشم السيف وجهه

وآخر يهوي من طمار قتيل



تري جسدا قد غير الموت لونه

و نضح دم قد سال كل مسيل



أيركب أسماء الهماليج آمنا

و قد طلبته مذحج بذحول



تطيف حواليه مراد و كلهم

علي رقبة من سائل و مسول



و كان قتل هاني يوم التروية سنة ستين مع مسلم بن عقيل، و لكن مسلما قتله بكير بن حمران كما مر، و رماه من القصر، و هاني اخرج إلي السوق التي يباع بها الغنم مكتوفا فجعل يقول: و امذحجاه و لا مذحج لي اليوم، وامذحجاه و أين مني مذحج؟ فلما رأي أن أحدا لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتاف ثم قال: أما من عصي أو سكين أو حجر يجاحش به رجل عن نفسه،فتواثبوا عليه وشدوه وثاقا، ثم قيل له مد عنقك، فقال:ما أنا بها جد سخي، و ما أنا معينكم علي نفسي، فضربه رشيد التركي مولي عبيدالله فلم يصنع به شيئا. فقال هاني: إلي الله المعاد، أللهم إلي رحمتك و رضوانك، ثم ضربه اخري فقتله، ثم أمر ابن زياد برأسيهما فسيرهما إلي يزيد مع هاني الوادعي و الزبير التميمي. كما تقدم في ترجمة مسلم.

قال أهل السير: و لما ورد نعيه و نعي مسلم إلي الحسين عليه السلام جعل يقول: «رحمة الله عليهما» يكرر ذلك ثم دمعت عينه.

و قال الطبري: لما كان يوم خازر نظر عبدالرحمن بن حصين المرادي لرشيد فقال: قتلني الله إن لم أصله فأقتله أو أقتل دونه! فحمل عليه بالرمح فطعنه و قتله


و رجع الي موقعه. [8] .

(ضبط الغريب)

مما وقع في هذه الترجمة:

(غطيف): بالغين المعجمة و الطاء المهملة و الياء المثناة تحت و الفاء مصغرا.

(مذحج): كمجلس قبيلة معروفة.

(بضع): بكسر الباء و سكون الضاد المعجمتين و العين المهملة و هو ما بين الإثنين و العشرة في المذكر و بضعة كذلك في المؤنث. قيل: ولا يقال علي ما فوق العشرة، و قيل: يقال و لا يقال علي ما فوقها، فعلي الثاني يقال: بضع عشرة و بضع و عشرون و لا بضع و مائة دون الأول. فأما نيف فهو من واحد إلي عشرة في المذكر و المؤنث.

(أرجل): أسرح. (جمتي): الجمة بالضم شعر الرأس. (شكتي): الشكة بالكسر السلاح.

(أتتك بحائن رجلاه تسعي): الحائن الميت من الحين بفتح الحاء و هو الموت، و هذا مثل معروف أول من قاله المحرق لوافد البراجم.

(عبدالله بن الزبير): بفتح الزاء المعجمة غير مصغر من بني أسد بن خزيمة كان يتشيع.

(الهماليج): جمع هملاج و هو البرذون.

(يجاحش): يدافع.

(خازر): - بالخاء و الزاء المعجمتين ثم الراء - نهر بين موصل و إربل كانت به الوقعة التي قتل بها إبراهيم بن مالك الأشتر عبيدالله بن زياد في أيام المختار سنة ست و ستين.



پاورقي

[1] لم أعثر عليه في مضانه.

[2] و في تنقيح المقال 288: 3 نقلا عن حبيب السير: و کان يوم قتل ابن تسع و ثمانين سنة.

[3] مروج الذهب:59: 3.

[4] هکذا في الأصل، والصحيح: و أمشي.

[5] لم أعثر عليه في مضانه.

[6] تاريخ الطبري: 275: 3.

[7] تاريخ الطبري: 282: 3.

[8] تاريخ الطبري: 292: 3، راجع الکامل: 36: 4.