بازگشت

عابس بن ابي شبيب الشاكري


عده الشيخ الطوسي في أصحاب الحسين عليه السلام، راجع رجال الشيخ: 103، و الرقم 1019.

هو عابس بن أبي شبيب بن شاكر بن ربيعة بن مالك بن صعب بن معاوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد الهمداني الشاكري، و بنو شاكر بطن من همدان. كان عابس من رجال الشيعة رئيسا شجاعا خطيبا ناسكا متهجدا، و كانت بنو شاكر


من المخلصين بولاء أميرالمؤمنين عليه السلام و فيهم يقول عليه السلام يوم صفين: «لو تمت عدتهم ألفا لعبدالله حق عبادته» و كانوا من شجعان العرب و حماتهم، و كانوا يلقبون فتيان الصباح، فنزلوا في بني وادعة من همدان، فقيل لها فتيان الصباح، و قيل لعابس الشاكري و الوادعي.

قال أبو جعفر الطبري: قدم مسلم بن عقيل الكوفة فاجتمع عليه الشيعة في دار المختار، فقرأ عليهم كتاب الحسين عليه السلام فجعلوا يبكون، فقام عابس بن أبي شبيب، فحمدالله و أثني عليه ثم قال: أما بعد، فإني لا أخبرك عن الناس، ولا أعلم ما في أنفسهم، و ما أغرك منهم، ولكن و الله اخبرك بما أنا موطن نفسي عليه، و الله لأجيبنكم إذا دعوتم، و لأقاتلن معكم عدوكم و لأضربن بسيفي دونكم حقي ألقي الله، لا أريد بذلك إلا ما عندالله [1] .

فقام حبيب و قال لعابس ما قدمته في ترجمة حبيب.

و قال الطبري أيضا: إن مسلما لما بايعه الناس ثم تحول من دار المختار إلي دار هاني بن عروة، كتب إلي الحسين عليه السلام كتابا يقول فيه: أما بعد فإن الرائد لايكذب أهله، و قد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا، فحيهلا بالإقبال حين يأتيك كتابي، فإن الناس كلهم معك، ليس لهم في آل معاوية رأي و لا هوي [2] .

و أرسل الكتاب مع عابس فصحبه شوذب مولاه.

و روي أبو مخنف: أنه لما التحم القتال في يوم عاشوراء و قتل بعض أصحاب الحسين عليه السلام جاء عابس الشاكري و معه شوذب، فقال لشوذب: يا شوذب ما في نفسك أن تصنع؟ قال: ما أصنع؟! أقاتل معك دون ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و اله حتي


اقتل. فقال: ذلك الظن بك، أما الآن فتقدم بين يدي أبي عبدالله حتي يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه، و حتي أحتسبك أنا، فإنه لو كان معي الساعة أحد أنا أولي به مني بك لسرني أن يتقدم بين يدي حتي أحتسبه، فإن هذا يوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر فيه بكل ما نقدر عليه، فإنه لا عمل بعد اليوم، و إنما هو الحساب. [3] .

أقول: هذا مثل مقال العباس بن علي عليه السلام لإخوته في ذلك اليوم، تقدموا لأحتسبكم فإنه لا ولدلكم. يعني فينقطع نسلكم فيشتد بلائي و يعظم أجري.

و فهم بعض المؤرخين من هذا المقال أنه أراد: لأحوز ميراثكم لولدي، و هو اشتباه و العباس أجل قدرا من ذلك.

و روي أبو مخنف أيضا قال: فتقدم عابس إلي الحسين بعد مقاتله لشوذب فسلم عليه و قال: يا أبا عبدالله أما و الله ما أمسي علي ظهر الأرض قريب و لا بعيد أعز علي و لا أحب إلي منك، و لو قدرت علي أن أدفع عنك الضيم و القتل بشي أعز علي من نفسي و دمي لفعلته، السلام عليك يا أبا عبدالله، أشهد أني علي هداك و هدي أبيك، ثم مشي بالسيف مصلتا نحو القدم، و به ضربة علي جبينه، فطلب البراز [4] .

وروي أبو مخنف عن الربيع بن تميم الهمداني أنه قال: لما رأيت عابسا مقبلا عرفته و كنت قد شاهدته في المغازي و الحروب، و كان أشجع الناس، فصحت: أيها الناس: هذا أسد الأسود، هذا ابن أبي شبيب، لا يخرجن إليه أحد منكم، فأخذ عابس ينادي: ألا رجل ألا رجل!؟ فلم يتقدم إليه أحد، فنادي عمر بن سعد: ويلكم إرضخوه بالحجارة. فرمي بالحجارة من كل جانب، فلما رأي ذلك ألقي درعه و مغفره خلفه، ثم شد علي الناس، فوالله لقد رأيته يكرد أكثر من مائتي من الناس،


ثم إنهم تعطفوا عليه من حواليه، فقتلوه و احتزوا رأسه، فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدة، هذا يقول: أنا قتلته، و هذا يقول: أنا قتلته، فأتوا عمر بن سعد فقال: لا تختصموا، هذا لم يقتله إنسان [5] واحد، كلكم قتله، ففرقهم بهذا القول [6] .

(ضبط الغريب)

مما وقع في هذه الترجمة:

(إن الرائد لا يكذب أهله): هذا مثل مشهور و معناه أن من يرسل أمام أهله ليخبرهم عن مربع يليق بهم لا يكذب عليهم بخبره و يغرهم فإن المربع لهم و له و إن أهله آتون فناظرون إليه.

(حيهلا): بتشديد الياء، أي: أسرع حثيثا، (يكرد): و يطرد سواء في المعني.


پاورقي

[1] تاريخ الطبري: 279: 3.

[2] راجع تاريخ الطبري: 290: 3.

[3] تاريخ الطبري: 329: 3.

[4] تاريخ الطبري: 329: 3.

[5] في المصدر: سنان.

[6] تاريخ الطبري: 329: 3.