بازگشت

عمرو بن خالد الاسدي الصيداوي ابو خالد


كـان عـمـرو شـريـفـاً فـي الكـوفـة، مـخـلص الولأ لأهـل البـيـت، قـام مـع مـسـلم حـتـّي إذا


خانته أهـل الكـوفـة لم يـسعه إلاّ الإختفاء، فلمّا سمع بقتل قيس بن مُسهَّر وأنّه أخبر أنّ الحسين عليه السلام صار بالحاجر خرج إليه، ومعه مولاه سعد، ومجمع العائذي وابنه، وجنادة بن الحرث السلماني، واتـبـعـهـم غلام لنافع البجلي بفرسه المدعو الكامل فجنبوه وأخذوا دليلاً لهم الطرماح بن عـدي الطـائي، وكـان جـاء إلي الكـوفـة يـمتار لأهله طعاماً، فخرج بهم علي طريق متنكبة، وسار سـيـراً عـنـيـفـاً مـن الخوف لأنّهم علموا أنّ الطريق مرصود، حتّي إذا قاربوا الحسين عليه السلام حدا بهم الطرماح بن عدي فقال:



يا ناقتي لا تذعري من زجري

وشمّري قبل طلوع الفجر



بخير ركبان وخير سفر

حتّي تحلّي بكريم النجر



الماجد الحرّ رحيب الصدر

أتي به اللّه لخير أمر



ثمة أبقاه بقأ الدهر

فـانـتـهـوا إلي الحـسـيـن عليه السلام وهـو بـعـذيـب الهـجـانـات، فـسـلّمـوا عـليـه وأنـشـدوه الأبـيات. فقال عليه السلام: (أَمَ واللّه إنّي لا رجو أن يكون خيراً ما أراد اللّه بنا، قُتلنا أو ظفرنا).



قـال أبـو مـخـنـف: ولمـّا رآهـم الحـرّ قـال للحـسـيـن: إنّ هـؤلاء النـفـر مـن أهـل الكـوفـة ليـسـوا مـمـّن أقـبـل مـعـك، وأنـا حـابـسـهـم أو رادّهـم، فقال له الحسين: (لأمنعنّهم ممّا أمنع منه نفسي، إنّما هؤلاء أنصاري وأعواني، وقد كنتَ أعطيتني ألاّ تـعـرض لي بـشـيء حـتـّي يـأتـيـك كـتـاب ابـن زيـاد). فـقـال: أجـل، لكن لم يأتوا معك، فقال: (هم أصحابي، وهم بمنزلة من جاء معي، فإن تممت عليّ ما كان بيني وبينك، وإلاّ ناجزتك)، فكفّ عنهم الحرّ [1] .

وقـال أبـو مـخـنـف أيـضـاً: ولمـّا التـحـم القـتـال بـيـن الحـسـيـن عليه السلام وأهـل الكـوفـة، شـدّ


هـؤلاء مـُقـدِمـيـن بـأسـيـافـهـم فـي أوّل القـتـال عـلي النـاس، فـلمـّا وغـلوا عـطـف عـليـهم الناس ‍ فأخذوا يحوزونهم، وقطعوهم من أصـحـابـهـم، فـلمـّا نـظـر الحـسـيـن إلي ذلك نـدب إليـهـم أخـاه العـبـّاس، فـنـهـد إليـهـم وحمل علي القوم وحده يضرب فيهم بسيفه قدماً، حتّي خلص إليهم واستنقذهم فجاؤا وقد جرحوا، فـلمـّا كـانـوا في أثناء الطريق، والعبّاس ‍ يسوقهم رأوا القوم تدانوا إليهم ليقطعوا عليهم الطريق فانسلّوا من العبّاس، وشدّوا علي القوم بأسيافهم شدّة واحدة علي ما بهم من الجراحات، وقـاتـلوا حـتـّي قـُتـلوا فـي مكان واحد [2] . فتركهم العبّاس ورجع إلي الحسين عليه السلام فأخبره بذلك، فترحم عليهم الحسين، وجعل يكرّر ذلك.

(ضبط الغريب)

ممّا وقع في هذه الترجمة:

(الطـرمـاح): بـزنـة سـنـمـار الطـويـل. وهـو هـنـا عـَلَم لرجـل طـائي وليـس بـابـن عـدي بـن حـاتم المعروف بالجود، فإنّ ولد عدي الطرفات قتلوا مع أمـيـر المـؤمـنـيـن عليه السلام فـي حـروبـه، ومـات عـدي بـعـدهـم ولا ولد له، وكـان يـعـيـّر بـذلك فـيـقال له: إذهب علي الطرفات. فيقول: وددت أنّ لي ألفاً مثلهم لأقدّمهم بين يدي عليٍّ إلي الجنّة! والطرفات: طرفة وطريف ومطرف.

(السفر): بوزان ركب كثير السفر، يقال: رجل سفر وقوم سفر.

(النجر): بالنون والجيم بزنة البحر الأصل.

(عـذيـب الهـجـانـات): مـوضـع فـوق الكـوفـة عـن القـادسـيـّة أربـعـة أمـيـال وهـو حـدّ السـواد، وأُضـيـف إلي الهـجـانـات لأنّ النـعـمـان بـن المـنـذر مـلك الحـيرة كان يـجعل فيه إبله، ولهم عذيب القوادس وهو غربي عذيب الهجانات فيما أفهمه من حديث سعد


ابن أبي وقّاص.


پاورقي

[1] تاريخ الطبري: 3: 308.

[2] تاريخ الطبري: 3: 330.