بازگشت

علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب


ولد فـي أوائل خـلافـة عـثـمان بن عفان، و روي الحديث عن جدّه علي بن أبي طالب عليه السلام كما حقّقه ابـن إدريس (ره) في السرائر، و نقله عن علمأ التاريخ و النسب [1] أو بعد جده عليه السلام بـسـنـتين كما ذكره الشيخ المفيد (ره) في الإرشاد [2] و أُمّه ليلي بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي، و أُمّها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب بن أُميّة. و أمّها بنت أبي العاص بن أُميّة. و كان يشبّه بجدّه رسول اللّه صلي الله عليه وآله في المنطق و الخُلق و الخَلق.

و روي أبـوالفـرج أن مـعـاويـة قـال: مـن أحـقّ النـاس بـهـذا الأمـر؟ قـالوا: أنـت، قـال: لا، أولي النـاس بـهـذا الأمـر عـلي بـن الحـسـيـن بـن عـلي عليه السلام، جـدّه رسول اللّه صلي الله عليه وآله و فيه شجاعة بني هاشم، و سخاء بني أُميّة، وزهو ثقيف.


و في علي عليه السلام يقول الشاعر:



لمْ تَرَ عَينٌ نظرتْ مثلَه

من مُحتَفٍ يمشي و من ناعل



يُغلي نهي ء اللحمِ حتّي إذا

أنضج لم يُغِل علي الآكل



كان إذا شبّت له ناره

يوقدها بالشرف القائل



كيما يراها بائس مرمل

أو فردُ حيٍّ ليس بالآهل



لا يؤثر الدنيا علي دينه

و لا يبيع الحقّ بالباطل



أعني ابن ليلي ذا السدي و الندي

أعني ابن بنت الحسب الفاضل [3] .



و يـكنّي أبا الحسن، و يلقّب بالأكبر لأنّه الأكبر علي أصحّ الروايات، أو لأنّ للحسين عليه السلام أولاداً سـتـّة ثـلاثـة أسـمـاؤ هـم عـلي، و ثـلاثـة أسـمـاؤ هـم عـبـداللّه وجـعـفر ومحمّد، كما ذكره أهل النسب فهو أكبر من علي الثالث علي رواية.

وروي أبـو مـخـنـف عن عقبة بن سمعان قال: لمّا كان السحر من الليلة التي بات بها الحسين عند قـصـر بـنـي مـقـاتـل، أمـرنـا الحـسـيـن بـالإسـتـقـاء مـن المـاء، ثـمّ أمـرنـا بـالرحـيـل فـفـعـلنـا، قـال: فـلمـّا ارتـحـلنـا عـن قـصـر بـنـي مقاتل، خفق برأسه خفقة، ثمّ انتبه وهو يقول: (إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، والحمد للّه ربّ العـالمـيـن)، ثـمّ كـرّرها مرّتين أو ثلاثاً، فأقبل إليه ابنه علي بن الحسين عليه السلام ـ وكان علي فـرس له ـ فـقـال: (إنـّا للّه وإنـّا إليـه راجعون، والحمد للّه رب العالمين، يا أبتِ جُعِلت فـداك، مـمّ اسـتـرجـعت وحمدت اللّه)؟ فقال الحسين عليه السلام: (يا بنيّ إنّي خَفقتُ برأسي خفقةً فعنّ لي فارس علي فرس فقال: القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمتُ أنّها أنفسنا نُعيت إليـنـا)، فـقـال له: (يـا أبـتِ لا أراك اللّه سـوءاً، ألسـنـا عـلي الحـق)؟ قـال:(بـلي، والذي إليـه مـرجـع العـبـاد)


قـال: (يـا أبـتِ، إذن لا نـبـالي نـموت محقّين) فقال له: (جزاك اللّه من وَلَدٍ خير ما جزي وَلَداً عن والده) [4] .

قـال أبـوالفـرج [5] وغـيـره: وكـان أوّل مـن قتل بالطف من بني هاشم بعد أنصار الحسين عليه السلام علي بن الحسين عليه السلام، فإنّه لمّا نظر إلي وحدة أبـيـه تـقـدّم إليه وهو علي فرس له يدعي ذا الجناح، فاستأذنه للبراز ـ وكان من أصبح النـاس وجـهـاً، وأحـسـنـهـم خـلقـاً ـ فـأرخـي عـيـنـيـه بـالدمـوع وأطـرق ثـم قـال: (أللهـمّ إشـهـد أنـّه قـد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك، وكـنـّا إذا اشـتـقـنـا إلي نبيّك نظرنا إليه، ثمّ صاح: (يابن سعد، قطع اللّه رحمك كما قطعت رحـمـي ولم تـحـفـظـني في رسول اللّه صلي الله عليه وآله، فلمّا فهم علي الإذن من أبيه شدّ علي القوم وهو يقول:



أنا علي بن الحسين بن علي

نحن وبيت اللّه أولي بالنبي



واللّه لا يحكم فينا ابن الدعي

فـقـاتـل قـتـالاً شـديـداً، ثـمّ عـاد إلي أبـيـه وهـو يـقـول: يـا أبـت، العـطـش قـد قـتـلنـي، وثـقـل الحـديـد قـد أجـهـدنـي، فـبـكـي الحـسـيـن عليه السلام وقـال: (واغـوثـاه أنـّي لي المـاء، قـاتـل يـا بـنيّ قليلاً واصبر، فما أسرع الملتقي بجدّك محمّد صلي الله عليه وآله فيسقيك بكأسه الأوفي شربة لا تظمؤ بعدها أبداً). فكرّ عليهم يفعل فعل أبيه وجدّه. فرماه مرّة بن منقذ العبدي بسهم في حلقه [6] .



وقـال أبـو الفـرج: قـال حميد بن مسلم الأزدي: كنت واقفاً وبجنبي مرّة بن منقذ، وعلي بن الحسين يـشـدّ عـلي القـوم يمنة ويسرة فيهزمهم، فقال مرّة عليّ آثام العرب


إن مرّ بي هذا الغلام لا ثكلنّ بـه أبـاه، فـقـلت: لا تـقـل، يـكـفـيـك هـؤلاء الذيـن احـتـوشـوه. فـقـال: لأفـعـلنّ، ومـرّ بـنـا عليّ وهو يطرد كتيبة فطعنه برمحه فانقلب علي قربوس فرسه فـاعـتـنـق فـرسـه فـكـرّ بـه عـلي الأعـداء فاحتووه بسيوفهم فقطّعوه [7] فصاح قبل أن يفارق الدنيا: السلام عليك يا أبتي، هذا جدّي المصطفي قد سقاني بكأسه الأوفي وهو يـنـتـظـرك الليـلة، فـشـدّ الحـسـيـن عليه السلام حـتـّي وقـف عـليـه وهـو مـقـطـّع فـقـال: (قـتـل اللّه قـومـاً قـتـلوك يـا بـنـيّ، فـمـا أجـرأهـم عـلي اللّه وعـلي إنـتـهـاك حـرمـة الرسول)، ثمّ استهلت عيناه بالدموع، وقال: (علي الدنيا بعدك العفا) [8] .

وروي أبـو مـخـنـف، وأبـو الفـرج عـن حـمـيـد بـن مـسـلم الأزدي أنـّه قـال: وكـأنـّي أنـظـر إلي امـرأة قـد خـرجـت مـن الفـسطاط وهي تنادي: يا حبيباه يابن أُخيّاه، فسألت عنها، فقالوا: هذه زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام، فجاءت حتّي انكبّت عليه، فجأ الحـسـيـن عليه السلام إليـهـا وأخـذ بـيـدهـا إلي الفـسـطـاط، ورجـع فـقـال لفـتـيـانـه: (إحـمـلوا أخـاكـم) فـحـمـلوه من مصرعه، ثمّ جاءوا به فوضعه بين يدي فسطاطه [9] وقتل ولا عقب له.

وفيه أقول:



بأبي أشبه الوري برسول

اللّه نطقاً وخلقة وخليقه



قطعته أعداؤه بسيوف

هي أولي بهم وفيهم خليقه



ليت شعري ما يحمل الرهط منه

جسداً أم عظام خير الخليقه




(ضبط الغريب)

ممّا وقع في هذه الترجمة:

(الخلق): بضم الخأ الطبع وبفتحها التصوير.

(يغلي): أي يفير.

(النهي ء): كأمير اللحم الني ء.

(يغلي): الثاني ضدير خص.

(الشرف): الموضع العالي وهو علي زنة جبل.

وقال الشاعر:



آتي النديَّ فلا يقرّب مجلسي

وأقود للشرف الرفيع حماري



(القابل): المقبل عليك ومنه عام قابل.

(السدي): ندي أول الليل والندي ندي آخر الليل ويكنّي بكلّ منها وبهما عن الكرم.

(قطع اللّه رحمك): يعني قطع نسلك من ولدك كما قطعت نسلي من ولدي فإنّه لا عقب له.

(الأوفـي): وصـف الكأس وهي مؤنثة بالأوفي، وهو مذكر غير صحيح علي القواعد العربيّة، فإن صحّت روايته فمحمول علي أنّ المراد بالكأس الإناء والظرف وأمثالهما.

(إحـتـووه): أي حـازوه إليـهـم واشـتـمـلوا عـليـه، يـقـال: احـتـويت علي الصيد إذا حزته إليك واشتملت عليه.

(قربوس): السرج بفتح القاف و الرأ ولا تسكن الرأ إلاّ في الضرورة بمعني حنوه.

(الخليقة): الأولي بمعني الطبيعة، والثانية بمعني الجديرة، والثالثة بمعني المخلوقات.



پاورقي

[1] السرائر: 1: 655، و فيه: (في أمارة عثمان).

[2] الإرشاد: 2: 137.

[3] راجع مقاتل الطالبيين: 86.

[4] تاريخ الطبري: 3: 309، بتفاوت في بعض العبارات.

[5] مقاتل الطالبيين: 115.

[6] راجع اللهوف: 166.

[7] مقاتل الطالبيين: 115.

[8] راجع مقاتل الطالبيين: 115، واللهوف: 167.

[9] تاريخ الطبري: 3: 331 بتفاوت في بعض الکلمات.