بازگشت

رسالة الدم



رسالة الدم

لقد كتب الحسين (عليه السلام) في صحراء كربلاء رسالة لجميع المسلمين والأحرار بدمه الأحمر القاني ليبقي مخلدا في تاريخ المجد والفضيلة، فان اللون الأحمر له خصوصية معينة وميزة خاصة فيرمز إلي العشق الإلهي والحب والفناء في الله سبحانه وتعالي ويدل هذا اللون علي الشهادة والتضحية والفداء ويعتبر هذا اللون أكثر الألوان ثباتا علي صفحات التاريخ الذي يشهد بان الخطب والأقوال التي تكتب وتسجل بالدم لا يمكن أن تمحي من ذاكرة التاريخ وصفحة الوجود أبداً لأنها تعبر عن إخلاص وصدق نية وعمق إرادة وصفاء فكر. فنري أن رسالة الشهيد الإمام الحسين التي كتبت علي صفحات الهواء المهتزة بقيت مخلدة في قلوب الإنسانية المقدسة وأصحاب الضمائر الحية، قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): (إن للحسين محبة مكنونة في قلوب المؤمنين) وقال تعالي (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)[سورة مريم: الآية 96].

رسالة الإمام كانت تعبيرا حيا وواقعيا عن القلب البصير وحديثا مع الله ومناجاة مع رب العالمين ونابعا عن الفطرة السلمية وبعيدة عن حب الذات والأنانية.

عندما أحس الحسين (عليه السلام) بالمسؤولية الكبري تجاه المجتمع الإسلامي والوضع المأساوي الذي كان يعيش فيه المسلمون، صمم علي الشهادة والجهاد في سبيل الله ليبقي دين جده رسول الله مستمرا في التاريخ إلي الأبد ويكون حلال محمد حلالا إلي يوم القيامة وحرامه حراما إلي يوم القيامة، وقد عرف المسلمون إن ذلك يكلفه حياته وكل ما يملكه من جاه ومقام ووضع اجتماعي وثقل في الأمة الإسلامية، فعزم علي السير إلي العراق وهو عالم بأنه يقتل ويراق دمه في أرض كربلاء حتي لا يطفأ نور الله جل جلاله وتطمس معالم الدين وتشوه سمعة الإسلام وتنشر مفاهيم الجاهلية. قال الإمام الحسين (عليه السلام):



تركت الخلق طرا في هواكا

وايتمت العيال لكي أراكـا



فلو قطعتنـــــــي بالحب إرباً

لما مال الفؤاد إلي سواكا



قال الإمام الشهيد محمد باقر الصدر (يجب علينا جميعا أن نكون مستعدين للحظة ينادينا فيها الإسلام إلي الموت وقد لبي الإمام الشهيد نداء الإسلام وروي بدمه الطاهر الزكي شجرة الإسلام التي كادت أن تذبل وتصبح يابسة).

إن الدم المبارك للحسين وأصحابه وأولاده الذي أريق ظلما وعدوانا بقي مخلدا في سماء البطولات والملاحم والشجاعة والعز والكرامة ولا يزال هذا الدم الأحمر القاني يغلي ويطلب منا جميعا الثأر من الذين يحاربون المسلمين ويقتلون أطفالهم وشبابهم ويهدمون منازلهم ويحتلون أراضيهم.

إن هذا الدم يريد منا أن نجعل قضيتنا الأولي القدس الشريف وان نقف بجانب أطفال الحجارة وشباب المقاومة الفلسطينية والدفاع عنهم وتصعيد معنوياتهم وتشجيعهم علي الاستمرار في الجهاد ضد الصهاينة المجرمين.

الإمام الحسين يطلب منا أن نحافظ علي الإسلام المحمدي الأصيل وعلي القرآن الكريم وان نطبق شرع الله في جميع بقاع الأرض ليكون الدين كله لله وان لا نستسلم لأعداء الإسلام الذين لا يزالون يحاربون المفاهيم الإسلامية الأصيلة ويريدون إذلال الأمة الإسلامية وإخضاعهم للمستعمر الكافر والتشكيك في عقائدنا وأمور ديننا وجهاد إبطالنا وعملياتهم الاستشهادية التي هي امتداد للعملية الاستشهادية لسيد الشهداء فقد ضحي الحسين بهذه الكيفية المأساوية ليعطي لنا الشرعية للقيام بالجهاد والعمليات الاستشهادية البطولية ضد الصهاينة القتلة.

فنم يا أبا عبد الله قرير العين باسم الثغر فنحن علي دربك سائرون ونحيي في كل سنة ذكراك العطرة ونأخذ الدروس والعبر منها.

السيد محمد باقر الموسوي المهري، جريدة الوطن الكويتية ليوم 24/ 3 / 2002


السيد محمد باقر الموسوي المهري