بازگشت

ثورة الحسين.. أهدافها و دوافعها



ثورة الحسين.. أهدافها و دوافعها

قام الإمام الحسين (عليه السلام) سبط رسول الله و سيد شباب اهل الجنة و أحد اصحاب الكساء بثورة عملاقة جبارة و ملحمة بطولية مأساوية جسد فيها الامام جميع ابعاد الاسلام، فاصبحت هذه الثورة الحسينية عامة و شاملة لكل انسان يعيش علي هذه الارض و بقيت ثورة رسالية مثالية رائدة الي هذا اليوم بلا منازع، و اصبح الحسين رمزا للاسلام و لتعاليم السماء و مجسدا حقيقيا لجده رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) و اصبح يوم عاشوراء محطة الهام للاحرار و الشرفاء و اصحاب الافكار السامية و الضمائر الحرة لانهم وجدوا في سيرة الحسين ذخرا اخلاقيا و نبلا و عظمة و مجدا و كرامة و شموخا و اباء.

ان يوم كربلاء ليس واقعة تاريخية انتهت في يوم العاشر من محرم سنة 61 هـ. بل كانت هذه الحادثة العظيمة بداية و منطلقا للقيام ضد الظلم و الطغاة و الوقوف امام اعداء الاسلام و الدفاع عن القيم و المثل و الحرية فكم قامت ثورات ضد المستكبرين و المتحكمين علي رقاب الناس بالقوة و السيف و الحديد و النار ببركة الحسين و الهاما من يوم عاشوراء.

و اذا اردنا ان نحلل ثورة الحسين لندري السبب الحقيقي لها فيمكن ان نجد التفسير الصحيح المطابق للواقع فنذكر بايجاز بعض هذه النظريات.

الاولي: ان الحسين قام بهذه التضحيات و اعطي دمه الزكي مع اصحابه الطاهرين علي اساس القبلية و العشائرية حيث كان صراع بين بني هاشم و بني امية قبل الاسلام و بعده و هذه النظرية نظرية المستشرقين و بعض اعداء الله و اعداء الاسلام، فان الحقائق التاريخية و الارقام و الشواهد تدل علي خلاف ذلك لان الحسين عليه السلام وحد بين جميع القوميات و وحد بين العبد الاسود و بين سيد العشيرة العربي في واقعة عاشوراء و كان يحتضن الشهيد العبد و السيد الكبير في قومه حينما كانوا يسقطون في ارض المعركة و كان الحسين (عليه السلام) مبدأ المساواة كاملا.

بالاضافة الي تأييد الرأي العام الاسلامي للحسين (عليه السلام) و ان كان مغلوبا علي امره فلو كانت حركة الحسين عشائرية او قبلية لما حصل علي هذه التأييد، و هناك شاهد آخر و هو ان بعض اصحاب الحسين كزهيربن القين كانت في البداية عثماني المذهب التحق بالحسين حتي يقاتل في سبيل الله في سبيل القبلية.

النظرية الثانية: ان الحسين قام بهذه الثورة العملاقة لاجل الوصول الي الحكم و الاطاحة بالسلطة الحاكمة آنذاك، و هذه النظرية ايضا خلاف الحقيقة فان الوصول الي الحكم لاقامة مجتمع يسوده العدل و تحكمه الحرية و الديموقراطية و ان كان امرا صحيحا ولكن الحسين (عليه السلام) كان يعلم بانه سوف يقتل و يستشهد و من غير المعقول ان نقول ان ابن عباس و بقية كبار الصحابة كانوا يعلمون عدم امكانية اقامة الحكومة العادلة و الحسين لا يعلم بان اهل العراق متخاذلون لا يقفون معه و قد جربهم ايام خلافة والده الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)، فالامام كان رجلا سياسيا محنكا يعرف عواقب الامور و يعلم انه لا يمكن لاثنين و سبعين نفرا ان ينتصروا علي عشرين الف عسكري في الطرف المقابل و قد اخبر الحسين (عليه السلام) بقتله من خلال خطبة كقوله (عليه السلام) «خط الموت علي ولد آدم مخط القلادة علي جيد الفتاة» و قوله «و كأني يا وصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس و كربلاء» و كذلك حينما اخبر بمقتل رسوله و سفيره في الكوفة مسلم بن عقيل اصر علي مواصلة الطريق الي كربلاء.

النظرية الثالثة: هي ان ثورة الحسين (عليه السلام) لاجل بعث روح جديدة ولهز الضمائر الميتة حيث احس الامام (عليه السلام) ان مجتمع الكوفة و الامة الاسلاميد اصيبا بمرض فقدان الارادة و موت الضمير بحيث كانت الامة كلها تعرف الحق و الباطل و تعرف اهل الحق و اهل الباطل ولكنها كانت متقاعسة و متخاذلة و خائفة من نصرة اهل الحق لفقدآنهاالضمير الحي و الارادة القوية و الصلبة بالرغم من معرفة الامة الحقائق و ان الحسين (عليه السلام) علي حق و يريد ان يصلح الاوضاع الفاسدة و يقضي علي العادات الجاهلية.

ان المسلمين في عصر الحسين اتجهوا الي حياة الدعة و الرفاهية ولم يفكروا بالاسلام و مصالحه العليا بل كانوا يفكرون بحياتهم الشخصية و اوضاعهم الخاصة.

و قد عرف الحسين (عليه السلام) ان تغير الاوضاع الفاسدة و القضاء علي العادات الجاهلية و ايقاظ الضمائر و ارجاع الثقة و الارادة و بعث روح جديدة في الامة لا يمكن من خلال الخطب الحماسية. يقول الامام الشهيد محمدباقر الصدر الذي اعدمه طاغية بغداد لو خطب الحسين الف خطبة لما تمكن ان يعالج هذا المرض الذي اصيب به مجتمع العراق آنذاك و هو مرض الركون الي الدنيا و فقدان الارادة القوية و موت الضمير، بل انحصر العلاج و الشفاء من خلال هذه التضحية العظيمة في يوم عاشوراء و الحسين (عليه السلام) استعد للموت و للفداء في سبيل الله من اجل تصحيح الاوضاع الفاسدة و تقوية ارادة المسلمين و ايقاظ ضمائرهم و فعلا بعد شهادة الامام الحسين (عليه السلام) استعادت الامة ثقتها بنفسها و نهضت معلنة صرخة الرفض لكل اشكال الحكم المنحرف و حدثت ثورة التواريين بقيادة المختار الثقفي و ثورة زيدبن علي و عشرات الثورات ضد الظلم و الفساد و الطغيان و رغم انتكاسد بعض هذه الثورات الا انها كانت تعبر عن مدي التأثير الذي احدثته شهادة الامام الحسين في نفوس ابناء الامة و كانت تدل في الوقت نفسه علي دخول الامة في عهد جديد من ابرز ملامحه المعارضة و الثورة و العصيان ضد الظلم و هذا مالم يحدث من قبل شهادة الامام الحسين.

فانتصر الدم علي السيف و انتصر الحسين علي اعدائه و انتصر الحق علي الباطل، و انتصرت الارادة و الحرية و الكرامة و الديموقراطية علي الظلم و الارهاب و تكبيل الايدي و تقييد ارادة الناس.

ان الحسين لا يخص فئة من المسلمين بل الحسين الذي ضحي بدمه الشريف في سبيل تحقيق الحرية لجميع اصحاب الضمائر الحية فحري بنا نحن في الكويت ان نعلن يوم عاشوراء الحسين (عليه السلام) يوم حزن وحداد عام و نطالب الحكومة الكويتية الموقرة احتراما لسبط رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) سيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام) و بان تعطل الدوائر الرسمية و الوزارات تأسيا بجده رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)و امه فاطمة الزهراء (عليها السلام).

و ختاما اشيد بقرار وزير التربية المحترم الدكتور مساعد الهارون حفظه الله تعاليو وفقه لخدمة الوطن، حيث اجل موعد الامتحانات في يوم عاشوراء احتراما لمشاعر و احاسيس المسلمين و حزنا و حدادا علي الحسين الشهيد فجزاه الله خير الجزاء.

فسلام عليك يا ابا عبدالله يوم ولدت و يوم قتلت مظلوما في معركة الطف و يوم علمت العالم كيف يعيش عزيزا و كيف يموت في سبيل الدفاع عن المباديء و القيم.

و سلام علي شهداء كربلاء و شهداء الكويت الذين قتلوا ظلما و عدوانا في سبيل الدفاع عن الوطن و عن الحريات.

اللهم فك قيد اسرانا و احفظ بلدنا من كل سوء و مكروه بحق محمد و آله الطيبين الطاهرين المعصومين الميامين. آمين رب العالمين.