بازگشت

لماذا التأكيد لمفهوم الوارث في زيارة الحسين ؟


لقد ورد في هذا المفهوم في اكثر من زيارة ، وكان ّ هناك عناية خاصة لدي اهل البيت (ع) في إبراز هذا المفهوم في حياة الحسين (ع)؛ ذلك لان ّ معركة الطف من اصدق مشاهد صراع الحضارات في التاريخ ، لقد جسّدالحسين (ع) الصراع بين الحق و الباطل في كربلاء، فكانت معركة الطف تبلوراً حقيقياً لهذا الصراع التاريخي بين الحق و الباطل ، ولذلك نجد في هذه المعركة انبل القيم و المفاهيم الربّانية في طرف ، واخس ّ الرذائل والاهواء الشيطانية في طرف آخر، وياتي تاكيد الوراثة في زيارة الحسين (ع):

اوّلاً ـ للتنبيه علي عراقة واصالة الجهاد الحسيني ، وانه ليس ظاهرة فردية في حياة الإمام الحسين (ع)، و إنّما هي خاصية عريقة للمسيرة الإلهية علي وجه الارض ، ورثها الحسين (ع) عمّن كان قبله من الانبياء و الائمة الدعاة إلي الله، و هذا هو سرّ قوة وصلابة الموقف الحسيني في كربلاء رغم عدم التكافؤ الواضح بين معسكر الحسين ومعسكر بني اُمية في كربلاء.

و ثانياً ـ إذا كانت هذه الحركة بهذه الدرجة من الاصالة و العراقة و العمق و القوة و المتانة التاريخية فلابدّ ان تنتصر علي الجبهة المناوئة التي كان يتزعمها الحاكم الاُموي يزيد بن معاوية .

و ليس الانتصار هنا بمعني الانتصار العسكري في ساحة القتال ، فقد كان الجيش الاُموي هو المنتصر في ساحة القتال إذا فسّرنا الانتصار بهذا المعني الظاهري .

و إنّما الانتصار هنا بمعناه الرسالي و انتصار خط علي خط ، و لاشك ان ّ المعكسر الحسيني هو المعسكر المنتصر بهذا المعني من النصر، فإن ّالعمق التاريخي و الاصالة و العراقة و المتانة التي يملكها هذا الخط لابدّوان يؤهله لنصر الله تعالي .

إن ّ المعركة بين هاتين الجبهتين في كربلاء كانت معركة ميدانية و حضارية بالمعني العميق لهذه الكلمة ، و الفئة التي تنتصر هي التي تثبت امام الزوابع و الاعاصير، وهي الفئة التي تستمد دوافعها من العقيدة و الإيمان ، و تمتد جذورها إلي اعماق التاريخ في حياة الانبياء و المرسلين و جهادهم و دعوتهم ، و هذا هو سرّ انتصار الثورة الحسينية .

ثالثاً ـ لا تتوقف هذه المعركة عند وقعة الطف ، فهي حلقة واحدة من سلسلة من المواقف الجهادية و التضحيات و البذل و العطاء في سبيل الله،تبدا منذ ايام نوح (ع) و قبله ، وتمتد إلي ان ياذن الله تعالي بالاضمحلال الكامل للجاهلية علي وجه الارض .

و سرّ دوام واستمرار هذه الحركة هو اصالتها و عراقتها و امتدادها العميق في الحضارة الإنسانية الصالحة ، وليست هذه الحركة نبتة اجتثّت من فوق الارض مالها من قرار، و إنّما هي شجرة طيّبة ممتدة الجذوروالاُصول إلي اعماق تاريخ الإسلام والإيمان .

وكما ورث الحسين (ع) هذا الميراث من ابيه المرتضي (ع) و جدّه المصطفي (ص) واسلافه الطاهرين من الانبياء المرسلين ؛ فإن اجيال المؤمنين و المجاهدين و الدعاة إلي الله تعالي سوف يرثون من الحسين هذا الميراث ، و يتحركون علي خطاه (ع)، ويرثون منه الخصائص والمواريث التي تجلّت يوم عاشوراء في كربلاء.

وهذا هو سر استمرارية الثورة الحسينية في كربلاء.