بازگشت

المواريث الحضارية بين الاسلام و الجاهلية


هناك مجموعتان من المواريث الحضارية يتوارثهما الناس جيلاً بعد جيل في جهتين متقابلتين : المواريث الحضارية الإلهية و المواريث الحضارية الجاهلية .

ومواريث الحضارة الربّانية في حياة الإنسان هي التي تلقاها الإنسان جيلاً بعد جيل من الانبياء والمرسلين والصدّيقين ، وترسّخت وتاصّلت خلال هذه المسافة الزمنية الطويلة في حياة الإنسان .

إن ّ الإيمان بالله تعالي والتسليم المطلق له تعالي و تعبيد الناس لله عزّوجل ّ و تحكيم شريعته في حياة الإنسان ، و رفض الطاغوت و التمرّد عليه و كسر شوكته و سلطانه و مجابهته بالنفس والمال وافلاذ الاكباد ليس ظاهرة جديدة في حياة الإنسان ، و لا تخص ّ مرحلة من مراحل حياة هذاالإنسان ، وإنّما هو ميراث اجتماعي ضخم يتوارثه الإنسان جيلاً بعد جيل في تاريخه ، و يتصل هذا الميراث الحضاري بانبياء الله، و يمتد في حياة الإنسان عبر جهاد الانبياء و دعوتهم و تبليغهم له .

وفي حياة كل نبي من الانبياء والمرسلين يزداد هذا الميراث الحضاري عمقاً واصالة و نضجاً عبر الصراع المستمر القائم بين هاتين الحضارتين ، وعبر الجهود التي يتحملها الانبياء و انصارهم في حمل الدعوه وتبليغها إلي الناس ؛ فتتبلور عبر هذه المسيرة الحضارية المفاهيم الرسالية اكثر من ذي قبل ، ويتاصّل الجهاد و الدعوة إلي الله واُصولها و اساليبها في حياة الإنسان في خط ّ تصاعدي .

كما يصح ّ العكس ايضاً فتتصاعد الذنوب و المعاصي و الإسراف و التكبّر والاستكبار في الطرف الآخر، و يتعمق هذا الحقد في نفوسهم ،و تتطور اساليبهم في مواجهة الدعاة إلي الله كلّما تتسع الحضارة الجاهلية ،و تنمو و تتطور بصورة تصاعدية مستمرة .