بازگشت

الشهادة


والشهادة هي طرح الثقة والإيمان بمحور الولاية ، ولابدّ ان تنضم ّ هذه الثقة المطلقة إلي جنب التسليم المطلق .

و الشهادة تأتي ضمن ثلاث فقرات :

1 - الشهادة برسالة الحسين (ع) و قضيّته وعمله .

(أشهد أنك قد أقمت الصلاة و آتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ،و نهيت عن المنكر، واطعت الله ورسوله حتّي أتاك اليقين ).

و (اقمت الصلاة ) هنا غير اداء الصلاة ، فإن ّ اداء الصلاة تكليف شخصي و فريضة شخصية ، وإقامة الصلاة رسالة و قضية في حياة الإنسان المؤمن .

إن ّ إقامة الصلاة هي تثبيت الصلاة و الارتباط بالله في حياة الناس ،و دعوة البشرية لمقاطعة محاور الطاغوت ، وإقامة الصلاة لله علي وجه الارض ، و إقامة الصلاة إعلان الصلاة و إعطاؤها دوراً فاعلاً و مؤثراً في حياة الإنسان ، ثم ّ (و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر) فلم يكن الحسين (ع) يبتغي في خروجه علي يزيد مُلكاً او سلطاناً او جاهاً، و إنّما كان يعمل لتثبيت دعائم المعروف وهدم اُسس المنكر، و إقامة محور الولاية لله، وهدم محور الطاغوت .

وقد خطب الحسين (ع) يوم عاشوراء فقال : «الا ترون إلي الحق لا يُعمل به ، و إلي الباطل لا يُتناهي عنه ؟ ليرغب المؤمن في لقاء الله، و إنّي لا أري الموت إلاّسعادة ، و الحياة مع الظالمين إلاّ برما».

و في منزل (البيضة ) خطب الحسين (ع) في أصحاب الحُرّ فقال :(ياايّها الناس إن ّ رسول الله قال : مَن رأي سلطاناً جائراً، مستحلاّ لحرام الله، ناكثاً لعهده مخالفاً لسنّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يُغيّر عليه بفعل و لا قول ، كان حقاً علي الله ان يُدخله مدخله .

الا وإن ّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان و تركوا طاعة الرحمان ،و اظهروا الفساد و عطّلوا الحدود، و استأثروا بالفي ، واحلّوا حرام الله و حرّموا حلاله )

فلم يكن الحسين (ع) يطلب سلطاناً او مالاً و هو يري انّه يستقبل الموت في سفره هذا، و إنّما كان يري حاكماً جائراً، يُفسد في الارض و يهلك الحرث و النسل ، و يحلّل حرام الله، و يتجاوز حدود الله.

فنهض الحسين (ع) بالعصبة المؤمنة التي احتفت به في كربلاء لفضح الطاغية و كسره و التشهير به ، وتوعية الرأي العام الإسلامي المضلَّل بحقيقته وإفساده في الارض ، و تسقيطه امامه وانتزاع الاُمّة من محورالطاغوت و إعادتها إلي محور الولاية الإلهية .

2 - الشهادة بالطهر والنزاهة للحسين (ع)، النزاهة من كل ّ إثم و ذنب ،والعصمة من كل ّ خطأ وزلل وعصيان ، والشهادة بطهارة نفسه و سلوكه (ع)؛ تلك الطهارة التي اهّلت اهل هذا البيت الطاهر لاستلام مسؤولية الإمامة و الولاية من الله تعالي في عباده .

(إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويُطهّركم تطهيراً)

والشهادة بأن ّ هذه النزاهة و هذا الطهر طهر موروث خلفاً عن سلف .و قد شاء الله تعالي ان يحتفظ بهذا الطهر في هذه السلالة الطيّبة عبر تأريخ طويل من الحضارات الجاهلية التي سادت حياة الإنسان ، ورغم تلك الظلمات (الحضارات الجاهلية ) فإن ّ الدور الإلهي استمر في حياة الإنسان ، واستمر هذا الطهر رغم انجاس الجاهلية ودون ان يتلوث و يلبس شيئاً من مدلهمّات ثيابها.

وقد اصطفي الله تعالي هذه السلالة المباركة للإمامة في حياة الإنسان عبر العصور المختلفة .

(إن ّ الله اصطفي آدم و نوحاً و آل إبراهيم وآل عمران علي العالمين ذُريّة بعضها من بعض و الله سميع عليم )

ولنقرأ هذه الفقرة من الشهادة في زيارة وارث :

«أشهد انّك كنت نوراً في الاصلاب الشامخة و الارحام المطهرة ، لم تنجّسك الجاهلية بأنجاسها، ولم تلبسك من مدلهمّات ثيابها».

و لا استطيع تجاوز هذه الفقرة دون ان أشير إلي جمال التعبير في هذه الفقرة ؛ فإن ّ الطهر في هذا البيت الطاهر حصيلة اللقاح بين اصلاب شامخة و ارحام مطهرة . اصلاب شمخت و ترفّعت عما يتساقط حوله الناس من متاع الحياة الدنيا و زخرفها، و أرحام طهرت وسلمت من اوضار و اوساخ و أدناس الحضارات الجاهلية التي تناوبت علي حياة الإنسان .

3 - الشهادة بموقع الحسين (ع) من حياة الاُمّة و مركزه القيادي الذي وضعه الله فيه ، وما آتاه الله تعالي من الإمامة والولاية علي المسلمين و الشهادة ، و بموضعه في قيادة الاُمّة و هدايتها، وصلته بالله تعالي ،و موضوع ذريته الطاهرة أيضاً في قيادة الاُمّة و إمامتها و هدايتها إلي الله تعالي .

«أشهد انّك من دعائم الدين و أركان المؤمنين ، و أشهد انّك الإمام البرّ التقي ،الرضي ، الزكي ، الهادي المهدي ، واشهد ان ّ الائمة من ولدك كلمة التقوي ، و اعلام الهدي و العروة الوثقي و الحجّة علي اهل الدنيا»