معني البراءة
وليس ثمة شك ّ في ان ّ الطاغوت سوف يعمل بكل ّ جهده لعرقلة مسيرة هذا الدين وتطويقه وتلغيم دربه ، وسوف يستنفذ كل ّ إمكاناته في الدس في هذا الدين و الدس في هذه الاُمة ، لكي تفقد الاُمة اصالتها و صلابتها و مناعتها الفكرية وتتحوّل من اُمة رسالية تريد ان تؤدي رسالتها، إلي اُمّة تريد ان تعيش حياة هادئة وديعة بعيدة عن هموم الرسالة و متاعب الدعوة إليها.
ولكي تستطيع الاُمّة ان تحفظ مناعتها و اصالتها في مواجهة المحاولات التي يبذلها اعداؤها لتمييع اصالتها وحرفها عن مسيرتها القويمة و مصادرة اهدافها ورسالاتها؛ لابدّ وان تتمتع بمناعة قويّة ضدّاي عنصر دخيل او فكر غير اصيل .
وهذه المناعة هي الضمان الوحيد الذي يحمي الاُمّة من الانصهار و الميوعة والانحراف .
ولا تتحقّق هذه المناعة ابداً، ما لم تكن المفاصلة بين المسلمين و الكفار كاملة ، وما لم يكن الابتعاد عن ائمة الشرك ومنطقة نفوذه و تأثيره ابتعاداً تاماً.
إذ ان هذه المفاصلة كفيلة بمصادرة كل ّ فرص التأثير السلبي علي هذه الاُمّة ، وتجعل الاُمة في حصانة كاملة من كل ّ التأثيرات الانحرافية التي يريدها اعداء الإسلام بها، وتحمي اصالة الاُمة وعقيدتها من الانهيار،و تمنع رشدها الفكري و رسالتها المتينة من الانصهار والذوبان .
و هذه المفاصلة بين المسلمين وبين المشركين و ائمة الكفر هي التي يصطلح عليها القرآن الكريم بـ «البراءة ».
(براءة ٌ من الله و رسوله إلي الذين عاهدتم من المشركين ).
(واذان من الله و رسوله إلي الناس يوم الحج الاكبر ان ّ الله بري من المشركين و رسولُه ).
ومن الطبيعي ان البراءة تجب في حالة مواجهة نوايا عدوانية من الطرف الآخر، وفي حالة تحصين الاُمّة ضد التأثيرات السلبية .
ولكي تستطيع الاُمة ان تواجه العدوان و التحديات من قبل اعدائها،و تتمكّن من اجتياز العقبات ، لابدّ لها من التماسك والترابط ، ولابدّ لها من ان تكون كتلة متراصّة و صفّاً مرصوصاً كما يقول القرآن الكريم .