بازگشت

الشعائر الحسينية العامة


1ـ اقامة مجالس العزاء طيلة شهري الاحزان محرم وصفر، فهذه المجالس المباركة وإن كانت بالنظرة العابرة تتكّون من عناصر ثلاثة :المكان الذي يعقد فيه المجلس ، والخطيب والراثي الذي يحيي المجلس بحديثه ، و الجمهور الذّين يعظم المجلس بحضورهم ، لكنّها في واقع الامرتنتج منافع نذكرمنها فائدتين :

الف ـ بما ان هذه المجالس الحسينية شعيرة من شعائر الدين ، فجمع المشاركين في إحيائها يقصدون نيل الثواب وكسب الاجر من اقدامهم لها. لاسيّما وان ّ النصوص الروائية لاهل البيت (ع) تثبت حضور ارواح الائمة و خصوصاً السيدة فاطمة الزهراء في هذه المجالس . كمؤيد لذلك هو سؤال الإمام الصادق (ع) من فضيل بن يسار حين سأله : اتَجْلُسُون َ وَ تَتَحدّثُون َ؟ قال : نعم ، قال الإمام (ع): اما والله إني ّ لاحُب َّ تلْك َ المجَالِس َفَاَحْيُوا امْرنا.

ب ـ هذه المجالس وإن كانت كثيرة كما اسلفنا، ولكن اهمّها ما يجب ان تكون مدرسة تربوية ، تقدّم خلالها الحلول البنّاءة لما يمرّ علي عالمنا الإسلامي من مشاكل و محن . و هذا هو مضمون كلام الإمام الصادق (ع) لفضيل : إن َّ حَدِيثَنا يُحْي القُلُوب ، بل و هناك الكثير من الوقائع تدل ّ علي إحياء قلوب حتّي غير المسلمين بتأثير الشعائر الحسينية و لاسيما مجالس عزائه سلام الله عليه .

2ـ المشاركة في المسيرات العزائية الحاشدة ؛ فهي وان كانت التقاليد المرسومة فيها تختلف باختلاف البلدان الشيعيّة و توجّهات ساكنيها و مدي تعاطفهم مع أهل البيت (ع)، لكنها جميعاً سواء التي يجيزها الفقهاء أو التي ينظرون اليها بنظرة الاحتياط يمكن تفسير فوائدها و اهدافها إلي تفسيرين :

الف ـ إنّها استجابة علنية لصرخات الحسين (ع) و استغاثاته المتكرّرة منذ ان خرج من مكة وحتي ان التحقق بالرفيق الاعلي . فإقامة الشيعة و علي مرّ العهود لهذه المسيرات العزائية يثبت ولإهم للإمام الحسين (ع) الذي كلّما استنصر الناس في زمانه لم يجيبوه ، امّا المتأخرون عنه فأجابوه بهذه التقاليد و المراسيم الولائية والعاطفية .

يقول امامنا الصادق (ع): رَحِم َ الله شِيعَتِنا شَيعَتنا وَاللهِ هُم ُ المُؤمِنُون َ.فَقَدْ وَ اللهِ شَرَكُونا في المُصيبة بطُول الحُزْن والحَسْرَة .

ب ـ إنها إعلان استعداد صريح لاستقبال إمام زمانهم الموعود، و الذي هو من اجل تكوين حكمه الإسلامي العادل بحاجة إلي جند أوفياء. فهذه المسيرات العزائية تعتبر بيعة وانقياداً رسمياً منهم لإمام زمانهم الحي بعدان حرموا من تقديم بيعتهم للإمام الحسين (ع) الشهيد بكربلاء.

ولذلك لا يغالي الكثير منهم حين يخاطب الحسين (ع) قائلاً: ياليتناكنا معك .

فالشيعي المشارك في هذه المراسيم لو وضع هذين الهدفين ، اي إجابة صرخات الحسين (ع) الماضية و المبايعة لحكومة الإمام المنتظر المستقبلية نصب عينه ؛ لعرف كيفية التعامل مع الاحداث السياسية و الاجتماعية التي تمرّ عليه بين الفترتين الماضية والمستقبلية . وما اتخاذالطغاة الاساليب القمعية لاستئصال هذه الظاهرة الجماهيرية علي مرّ الدهور إلاّ مصداقاً بارزاً لخطورتها وبسالة روادها. وهو ما اكده الإمام الخميني بعد تكوينه للحكومة الإسلامية في إيران بقوله مراراً: احيوا عاشوراء فأن كل ّ مالدينا هو من محرم وصفر.

3ـ إطعام المؤمنين و سقيهم و لا سيّما اصحاب العزاء منهم في مثل هذه المناسبات وذلك :

أوّلاً، بسبب الجهد والعناء اللذين يبذلهما المعزّون في مثل هذه المناسبات والايّام ؛ حيث بالضرورة الوجدانية و الاخلاقية يستلزم علي الآخرين الترفيه عنهم و تسلية فؤادهم المفجوع بشتي الطرق ؛ منها:اشباعهم وإرواؤهم وهم بتلك الحالة .

كما في كتاب المحاسن للبرقي لمّا رجعت نساء الحسين (ع) للمدينة اقمن حرائر الرسالة المأتم علي سيّد الشهداء. ولبسن المسوح والسواد،نائحات الليل و النهار والإمام السجاد يعمل لهن الطعام .

وثانياً، للنصوص الواردة في فضل الإنفاق علي الآخرين . فما افضل من ان ينفق الإنسان الشيعي علي ابناء مذهبه الذّين يسعون من أجل تعظيم شعائر الله بكل ّ ما اوتوا من قوة مشاعر.



افديكم آل النبي بمهجتي

وابي وابذل فيكم الاموالا



ارجوكم لي في المعاد ذريعة ً

وبكم افوز وابلغ الآمالا



ففي هذا المجال الدال علي حب ّ الإنسان المؤمن لسادته أئمة أهل البيت (ع) لابأس لاستشهاد بموقف النبي (ص) مع صديقات زوجته خديجة بعد رحيلها؛ فالمعروف أن ّ النبّي كلّما ذبح شاة قطعها ثم ّ بعث باوصالها إلي صديقات خديجة وذلك حبّاً وكرامة منه لها.

فما اعظم من محبوبنا الحسين (ع) إذا قدّمنا من اجله شيئاً من اموالنا،و ذلك بالإنفاق علي شيعته ومحبيه وزواره !

وهذا الامر هو الذي دفع إمامنا الصادق (ع) بالدعاء والترّحم علي شيعته الباذلين و المنفقين قائلاً: اللّهُم ّ اغْفر لي ولاِخْواني وزوّار قَبْر جدّي الحُسَين الذيِن َ انْفقوا امْوالهُم و اشخصوا ابْدانهُم رغبة في بّرنا.

4ـ تعزية المؤمن اخاه المؤمن ، والذي يعتبر اسهل ممّا ذكر حتي الآن ، بل حتي اسهل من الممارسات الفردية التي سنذكرها فيما بعد.

فهذا العمل مضافاً إلي كونه مقوياً لاواصر الاخوّة فيما بين شيعة الحسين (ع)، كذلك ينبي ء عن معايشتهم الروحيّة مع الحسين (ع) وثورته .

وامّا كيفية تعزية المؤمنين بعضهم بعضاً، فماللمذكور في رواية عقبة عن الإمام الباقر (ع) حين سأله : كيف يعزي بعضنا بعضاً؟ قال : تقولون :اعظم الله اجورنا بمصابنا بالحسين (ع) وجعلنا وإياكم من الطالبين بثاره مع وليّه الإمام المهدي من آل محمّد، كما ولا يغفل تقديم التعازي إلي النبي (ع) وعلي (ع) و فاطمة (س) والحسن (ع) والمهدي (ع).

5 ـ إبكاء المؤمنين في مصاب الحسين (ع) الجلل . سواء كان ذلك بتلاوة مصرعه المشجي او قراءة الاشعار المناسبة في المقام . فإذا صارتالي المصرع و قاري ء الشعر سبباً لذرف دموع المؤمنين ، فحينئذ يكون لهما و بنص روايات أهل البيت (ع) ثوابهما الخاص .

كما اكّد علي ذلك الإمام الرضا (ع) في حديث له مع الشاعر دعبل الخزاعي و هو يرغّبه لرثاء الحسين (ع) فقال : يا دعبل ، إرث الحُسَيْن َ فَأنْت َ ناصرنا و مادحنا مادمت حيّاً فلا تقصر في نصرتنا ما استطعت .

ننوّه إلي أن ّ هذه الشعيرة الحسينية هي من الممارسات التي سبق و أن أكّد فقهاؤنا العظام علي ضرورة تنزيهها من المشهوات والمبالغات .