بازگشت

الشفاء والتبرك عند المسلمين


كان المسلمون ولا يزالون يتبرّكون بتراب قبور الانبياء و الائمة و الاولياء الصالحين والشهداء، وهذا الامر ليس محصوراً لدي المسلمين دون غيرهم .

فلا يزال محل ّ قدم إبراهيم الخليل النبي (ع) في مقامه ببيت الله الحرام موضع تقديس المسلمين كافّة .

والحجر الاسود في ركن الكعبة المشرَّفة يتزاحم عليه الحُجّاج لتقبيله و شمّه ، بل وتتعلّق أيادي الحجّاج بأستار الكعبة و يتمسّح الآخرون بحجر البيت الحرام رغبة ً بالرحمة الإلهية والاستشفاء، وكيف لا وهو بيت اللهالحرام ، و بما خصّه الله بالكرامة والقدسية ؟

أمّا ماء زمزم فليس هناك من زائرٍ للبيت العتيق إلاّ ويأخذ منه شيئاً يشربه او يغتسل ليستشفي ويتبرّك به رغم أنّه ماء لا يختلف في خواصّه الكيمياوية عن المياه الاُخري ، إلاّ أن الله جل ّ شأنه أودع فيه البركة والخير و الاستشفاء.

ولا يغرب عن بالنا البصاق الطاهر لرسول الله (ص)، وكيف أن ّ الله ـ عظمت قدرته ـ قد جعل فيه الشفاء والبركة ، فبصاقه (ص) عولج فيه كثيرمن المسلمين ، و أوَّلهم إمام المتقين علي بن أبي طالب (ع) حينما كان أرمد في معركة فتح خيبر، و أمر الله سبحانه وتعالي نبيه الكريم (ص) بأن يعطي الراية في اليوم التالي لعلي ٍّ (ع) بعد أن نكس بعض الصحابة عن تقدمهم ، وأدركوا أنّهم غير قادرين علي الفتح .

فاستدعي علياً (ع) فجاءه أرمد العينين ، فبصق في عينيه فشُفي بإذن الله سبحانه و تعالي كأن لم يكن فيهما شي ء، وسلّمه الراية وفتح الله ـ جل ّشأنه ـ علي يديه ، و هذه الحادثة مثبّتة في أغلب كتب الحديث والسيرة والتاريخ ؛ فقد ورد في صحيح البخاري في باب مناقب علي ٍّ (ع) عدّة أحاديث بشأنها وبأسانيد مختلفة ٍ، مع اختلاف ٍ يسيرٍ بالالفاظ نقتطف بعضاً منها:

سأل رسول الله (ص) قائلاً: «أين علي ٌّ؟ فقيل : يشتكي عينيه ، فبصق في عينيه ، ودَعَا لَه ُ فَبَرأ كأن لم يكن به وَجَع ».

وحديث آخر: «... فقال : أين علي ٌّ بن أبي طالب ؟ فقالوا: يَشْتَكي عَينيه يا رسول الله، قال : (فأرسلوا إليه فاتوني به ) فَلَمّا جاء بصق في عينيه ودعا له فبري حتي كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الرّاية ..».

«وعن علي ٍّ (ع) أنّه قال : قال رسول الله (ص) بعد فتح خيبر: لولا أن ْ تقول فيك طوائف من أُمّتي ما قالت النصاري في عيسي بن مريم لقلت ُ اليوم فيك مقالاً لاتمرّ علي ملاٍ من المسلمين إلاّ أخذوا من تراب رجليك و فضل طَهورك يستشفون به ،ولكن حسبك أنَّك منّي وأنا منك ».

و عن إسماعيل : أن ابن المنكدر يصيبه الصمَّات ، فكان يقوم و يضع خَدَّه ُ علي قبر النبي (ص) فعُوتب َ في ذلك ، فقال : يستشفي بقبرالنبي ّ (ص) و الاستشفاء اعظم من التبرك ».

ناهيك عما يقوم به المسلمون من التبرك والاستشفاء بما يفضل من وضوء النبي المتساقط من وجهه الكريم ويديه المباركتين .

بل الاقوي من هذا وذاك فإن لباس النبي وجسده الشريف يحفظان من الآفات و الاهوال ، فقد لف ّ جسد فاطمة بنت أسد (اُم ّ الإمام علي (ع)) حينما توفّيت بقميصه حماية ً لها من أهوال ما بعد الموت ، و وفاءً لها لِماقامت به من تربيته في طفولته ، بل أكثر من ذلك نزل في قبرها حتي يوَسَّع عليها و لا تضغط في لحدها.

و تبرَّك المسلمون بتراب قبر حمزة سيد الشهداء (ع) عم ِّ النبي (ص) فقد قال ابن جبير في رحلته (ص 153): «و حول الشهداء بجبل اُحدٍ تربة حمراء، وهي التربة التي تنسب إلي حمزة ، و يتبرّك الناس بها».

أردت من هذا العرض المختصر أن اُوضّح منزلة و عظمة النبي ّ وآله الاطهار صلوات الله عليهم ، وحجم الكرامات التي خصّهم الله سبحانه و تعالي بها كمقدّمة ٍ بسيطة ٍ للحديث عن التربة الحسينية و قُدسيّتها و اهمّيتها في شفاء المؤمنين .